الأميركيون هم الأكثر اطلاعا في تاريخ العالم. ولكننا خبراء في ابعاد انفسنا عن كل ما يكدر المرء حقا. فمعظمنا نتصرف وكأننا لا نتحمل مسؤولية شخصية عن المعاناة الانسانية العميقة التي تجري حولنا، ولا نتعهد بالسعي الى تخفيفها. \r\n باريس، جاكو، وصدام. العالم يشبه عرضا اعلاميا كبيرا معدا لانتاج تلفزيوني مدهش. وبوسعنا تغيير القناة اذا ساءت الأمور وأصبحت قبيحة جدا. أو يمكننا أن نغلق التلفزيون. أما قضية الوعي الاجتماعي الحقيقي فهي للأشخاص التقليديين. \r\n على سبيل المثال: البلد في حالة حرب. هل هناك أي مبرر للمشاركة في التضحيات التي تتطلبها الحروب عادة؟ كلا. فالجنود المشاة يمكنهم القتال والموت. ويمكننا أن نضع التكاليف على بطاقة ائتمان. وستدفع أجيال المستقبل الثمن. \r\n وهنا في داخل البلاد ؟ العناوين الرئيسية تقول لنا ان الأمور على ما يرام. فالاقتصاد يتحسن وأرقام استطلاعات الرأي بشأن الرئيس ترتفع ايجابيا. لنتوجه الى الأسواق التجارية. المشكلة هي أنه اذا ابتعد المرء عن العناوين الرئيسية ونظر الى الواقع بعمق فإنه سيرى بعض الأشياء غير السارة. ففي مدينة نيويورك التي تنهض الآن من الركود الاقتصادي، هناك عدد من المشردين أكبر من أي وقت منذ أن بدأ اخفاء السجلات الدقيقة في أواخر السبعينات. ففي كل ليلة يبحث ما يزيد على 30 ألف شخص 17 ألفا بينهم من الأطفال عن مأوى في ملاجئ المدينة. وقال باتريك ماركي محلل السياسة في مؤسسة «تحالف من أجل المشردين» انه «أكبر رقم من المشردين منذ فترة الركود العظيم عام 1929». \r\n وتتغير وجوه المعدمين، اذ يجد المزيد من أفراد العوائل التي لديها أطفال في نيويورك وأنحاء البلاد الأخرى أنفسهم من دون المال الضروري لتوفير الطعام والملجأ. \r\n وقد نشر مؤتمر رؤساء البلديات في الولاياتالمتحدة الخميس الماضي تقريرا أظهر أنه خلال العام الماضي واصل الجزع والتشرد ارتفاعهما في المدن الأميركية الرئيسية. وبينت دراسة ل 25 مدينة زيادة بنسبة 17 في المائة في الطلبات على المساعدات الغذائية الطارئة وزيادة بنسبة 13 في المائة في الطلبات على الملاجئ الطارئة. ان الارتفاع في مؤشر داوجونز يعتبر من الأنباء الهامة. أما الارتفاع في مستوى الجوع والتشرد فليس على هذا النحو. \r\n ان نظرة أوسع الى مستويات القلق الخطر التي يواجهها عدد متزايد من الأميركيين، تأتي من آخر معلومات مؤشر الصحة الاجتماعية التي تنشر سنويا من قبل معهد ابتكار السياسة الاجتماعية في مركز خريجي جامعة فوردهام في تاريتاون بولاية نيويورك. \r\n ويحلل المعهد احصائيات الحكومة في طائفة واسعة من الميادين، بما في ذلك معدل وفيات الأطفال، وفقر الأطفال، وانتحار المراهقين، وتغطية الضمان الصحي، ومعدلات التعرض الى القتل، كوسيلة لمراقبة «الرفاه الاجتماعي للشعب». \r\n وكانت الفئات التي ساء وضعها في المؤشر الأخير هي الأطفال، الذين يعانون من الفقر، والأطفال الذين يعانون من سوء المعاملة، ومتوسط الايرادات الأسبوعية، وتوفر السكن، وتغطية الضمان الصحي، وتغطية كوبونات الغذاء، والفجوة بين الفقراء والأغنياء، والتكاليف الصحية للمعدمين الذين تزيد أعمارهم على 65 عاما. \r\n وقد وصل مؤشران إلى أسوأ مستوياتهما المسجلة، وهما تغطية كوبونات الغذاء «المرتبطة بزيادة مستوى الجوع» وتفاوت الدخل. \r\n ويقول مارينغوف ان «هذه الأرقام معروفة بالنسبة لنا عادة. فهي تروي لنا قصة غير محكية، ليس فقط حول الفقراء، وانما حول الفقراء العمال وأبناء الطبقة الوسطى أيضا. انه لأمر يسبب الصدمة أن نرى هذا الانحدار الحاد خلال فترة سنة واحدة فقط. انه يقول لنا ان شيئا ما يجري في ما يتعلق بالنسيج الأساسي لمجتمعنا». \r\n وقد نولي، في الواقع، اهتماما لمشاكل مثل الجوع والتشرد وتكاليف السكن والرعاية الصحية، اذا ما وجدنا وسيلة لجعلها مسلية. ومع ذلك فنحن نحارب..! \r\n \r\n * خدمة «نيويورك تايمز»