«فيتو الرئيس».. ورسائل جولة الإعادة    الجامعات تستعد لامتحانات نصف العام الدراسي.. العاصمة: تكليف إدارة التكافل الاجتماعي بتقديم الدعم اللازم للطلاب.. القاهرة تحدد مواصفات الاختبارات.. ومحظورات على الممتحنين داخل اللجان    تنفيذ الصرف الصحى بأبو الريش بأسوان بتكلفة 975 مليون جنيه    دمياط تشهد حركة ملاحية وتجارية حيوية    جامعة قناة السويس ترسخ دورها المجتمعي بتدريب نوعي لمعلمي الكبار بالإسماعيلية    أردوغان يعرب عن أمله في مناقشة خطة السلام بين أوكرانيا وروسيا مع ترامب بعد لقائه بوتين    «القاهرة الإخبارية»: منخفض جوي يٌغرق غزة.. تدمير 27 ألف خيمة وتضرر ربع مليون نازح    مصدر بالزمالك: صفقة حامد حمدان في طريقها للحسم بدعم رجل أعمال    فليك يعلن قائمة برشلونة للقاء أوساسونا بالدوري الإسباني    أزمة منتخب طولان فرصة لإعادة البناء    زوج يتهم زوجته بالاستيلاء على ثروته بعد تركها مسكن الزوجية في الهرم    تجديد حبس المتهم بالتعدي على مدرس بالإسماعيلية 15 يوما    الحكم على 6 متهمين بخلية المرج الإرهابية 9 فبراير    مأساة في قرية الدير شرق أسنا جنوب الأقصر.. انهيار منزل يؤدي إلى وفاة أم وطفليها وإصابة آخرين    وزير السياحة: استرداد 30 ألف قطعة أثرية خلال ال 10 سنوات الماضية    حين تصبح المرأة رمزًا وقيادة:    محافظ الغربية يهنئ أبناء المحافظة الفائزين فى الدورة 32 للمسابقة العالمية للقرآن    رئيس الوزراء يتفقد مشروع إنشاء مستشفى التأمين الصحي الشامل بالعاصمة الجديدة    محافظ أسيوط يفتتح المؤتمر السنوي الثالث لمستشفى الإيمان العام بنادي الاطباء    الأمين العام للأمم المتحدة: نقدر التزام الحكومة العراقية بالمضي قدمًا في خطط التنمية    الصحف العالمية اليوم: مطاردة من القبر.. صور جديدة من تركة ابستين تقلق الكبار وأولهم ترامب.. ستارمر يستعد لاختيار سفير جديد لواشنطن وسط توتر العلاقات مع ترامب.. والإنفلونزا والإضرابات تهددان قطاع الصحة البريطانى    فيديو.. الأرصاد: عودة لسقوط الأمطار بشكل مؤثر على المناطق الساحلية غدا    ضبط 121 ألف مخالفة متنوعة في حملات لتحقيق الانضباط المروري خلال 24 ساعة    تموين الفيوم يضبط محطتين تموين سيارات يتلاعبان في المعيار الخاص بطلمبة سولار    أسعار الفاكهة والخضراوات اليوم السبت 13-12-2025 بأسواق أسيوط    رئيس التعاون الإفريقى: زيارة الوفد المصرى لأنجولا خطوة لتعميق الشراكات الصناعية    غدا.. إزاحة الستار عن تمثال الملك أمنحتب الثالث في كوم الحيتان بعد 3 آلاف عام من الدفن    النقابة العامة للأطباء تعقد اجتماعًا موسعًا لمناقشة تطبيق قانون المسؤولية الطبية الجديد    إخلاء سبيل والدة المتهم بالاعتداء على معلم ب"مقص" في الإسماعيلية    طلعات جوية أميركية مكثفة فوق ساحل فنزويلا    روتين صباحي صحي يعزز المناعة مع برودة الطقس    العرجاوي: الغرفة التجارية بالإسكندرية تبحث مع الجمارك و"إم تي إس" ميكنة التصدير    إبراهيم حسن يشيد بإمكانات مركز المنتخبات الوطنية.. ومعسكر مثالي للاعبين    صحة دمياط تضرب بقوة في الريف، قافلة طبية شاملة تخدم 1100 مواطن بكفور الغاب مجانا    التنمية المحلية: انطلاق الأسبوع التدريسي ال 19 بمركز سقارة غدًا    الأهلي يواجه الجيش الرواندي في نصف نهائي بطولة إفريقيا لكرة السلة للسيدات    الأعلى للثقافة: الكشف الأثرى الأخير يفتح ملف عبادة الشمس ويعزز القيمة العالمية لجبانة منف    قبل انطلاقه.. النعماني يستقبل نجوم لجنة تحكيم "تياترو الجامعة" سامح حسين ولقاء سويدان    مهرجان القاهرة للفيلم القصير يعلن قائمة محكمي مسابقات دورته السابعة    لخدمة الشباب والنشء.. رئيس الوزراء يؤكد دعم الدولة للمشروعات الثقافية وتنمية الوعي بالمحافظات    أمانة المراكز الطبية المتخصصة تكرّم إدارة الصيدلة بمستشفى الشيخ زايد التخصصي    القضاء الإداري يؤجل نظر طعن هدير عبد الرازق على نص «القيم الأسرية»    "عربية النواب": اتصال السيسي وماكرون يعكس التوافق حول حتمية حل الدولتين    «أسرتي قوتي».. المجلس القومي لذوي الإعاقة يطلق برامج شاملة لدعم الأسر    استشهاد فلسطيني برصاص الاحتلال الإسرائيلي في جباليا    مواعيد مباريات السبت 13 ديسمبر - بيراميدز ضد فلامنجو.. وليفربول يواجه برايتون    وزيرة التضامن الاجتماعي تلتقي رئيس الطائفة الإنجيلية ووفد من التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي    البيت الأبيض بعد نشر صور جديدة من تركة إبستين: خدعة من الديمقراطيين    إدراج معهد بحوث الإلكترونيات ضمن لائحة منظمة الألكسو لمراكز التميز العربية    وزير الرياضة يطلق نصف ماراثون الأهرامات 2025    الخدمة هنا كويسة؟.. رئيس الوزراء يسأل سيدة عن خدمات مركز طحانوب الطبى    تشويه الأجنة وضعف العظام.. 5 مخاطر كارثية تسببها مشروبات الدايت الغازية    اسعار الذهب اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى محال الصاغه بالمنيا    مواقيت الصلاه اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا.....اعرف مواعيد صلاتك بدقه    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ولازالت مصطبة عم السيد شاهدة ?!    بيراميدز يتحدى فلامنجو البرازيلي على كأس التحدي    "يا ولاد صلّوا على النبي".. عم صلاح يوزّع البلّيلة مجانًا كل جمعة أمام الشجرة الباكية بمقام الشيخ نصر الدين بقنا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 13-12-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هكذا رأت لجنة أجرانات النور، سقوط مدو لحكومة مائير وإقالة رئيس الاركان والمخابرا
نشر في التغيير يوم 03 - 12 - 2004


\r\n
يقول المؤلف أبراهام رابينوفيتش ان غضب اشكنازي من عدم توقع نشوب الحرب تزايد مع عدم الاستعداد للتعامل مع الحرب نفسها. والآن وبعد يومين من تسريحه، شرع في شن حملة ضد حكومة مائير، انضم اليها فيما بعد فرد من وحدات الاحتياطي، وبمرور الايام زاد المشاركون في هذه المظاهرات التي اصبحت شبه يومية.
\r\n
\r\n
وقال وزيران، وهما يتابعان من احدى نوافذ المبنى المظاهرات واللافتات الكثيرة التي يحملها المتظاهرون الغاضبون، انهم يطالبون برأس ديان. فرد عليها وزير ثالث قائلاً: انهم يريدون رؤوسنا جميعاً».
\r\n
\r\n
كان معظم الجنود العائدين من الجبهة يحملون ذكريات مريرة عن رفاقهم الذين لم يعودوا. وكان كبار الضباط يشعرون بالسخط خاصة امنون ريشيف الذي عانى اللواء الذي يقوده من معدل قتلى يفوق أي لواء آخر، فقد قتل من أفراد اللواء اكثر من 300 فرد خلال بداية العبور المصري للقناة في يوم عيد الغفران وخلال معركة المزرعة الصينية.
\r\n
\r\n
ميلاد لجنة أجرانات
\r\n
\r\n
يشير المؤلف الى ان وسيلة العلاج الاساسية لمواجهة هذا الغضب المتزايد كانت تشكيل لجنة تحقيق للرد على كل الاسئلة التي يطرحها المتظاهرون. وكان واضحاً لديان ومائير حتى قبل ان تنتهي الحرب أن رؤوساً سوف تطير من دون استثناء رأسيهما .
\r\n
\r\n
وان تحقيقاً تجريه هيئة تتمتع بسمعة طيبة يمكن ان يكون الحل الوحيد لاستعادة ثقة الاسرائيليين في الحكومة والجيش وفي غضون ثلاثة اسابيع من وقف اطلاق النار، عهد الى القاضي شيمون اجرانات الاميركي المولد ورئيس المحكمة الاسرائيلية العليا برئاسة لجنة مكونة من خمسة اعضاء، للتحقيق في الاحداث التي سبقت الحرب والانتكاسات التي مني بها الجيش الاسرائيلي خاصة خلال الايام الاولى.
\r\n
\r\n
وتم تأجيل انتخابات الكنيست في اكتوبر بسبب الحرب الى 31 ديسمبر. وعلى الرغم من فوز حزب العمل بزعامة جولدا مائير إلا ان عدد مقاعد الحزب في الكنيست تراجع. طلبت مائير من ديان البقاء كوزير للدفاع في الحكومة الجديدة، إلا انه قال لها انه اذا وجدت لجنة اجرانات انه مسئول عن الفشل في الحرب فإنه سيستقيل، وكان الرأي العام الاسرائيلي قد صب جام غضبه على ديان، حتى قبل ان يصدر تقرير اللجنة. وخلال الجنازات العسكرية هتف اقارب القتلى في وجه ديان قائلين: «أيها القاتل!».
\r\n
\r\n
وفي 2 ابريل 1974، نشرت لجنة أجرانات ما توصلت اليه من نتائج أولية. وطالبت اللجنة بستة رؤوس على رأسها رأس الجنرال اليعازر، وقالت اللجنة في حيثياتها: لقد توصلنا الى نتيجة مفادها ان رئيس هيئة الاركان ديفيد اليعازر يتحمل المسئولية المباشرة عما حدث قبل الحرب، سواء بالنسبة لتقويم الوضع أو بالنسبة لاستعدادات الجيش الاسرائيلي.
\r\n
\r\n
كما اوصت اللجنة بطرد زيرا من منصبه كرئيس للمخابرات العسكرية، وذلك لفشله الذريع وكذلك طرد نائبه البريجادير جنرال شاليف من منصبه. كما اوصت اللجنة بنقل ضابطين آخرين من المخابرات العسكرية، هما اللفتنانت كولونيل باندمان رئيس القسم المصري في جهاز المخابرات العسكرية «امان» واللفتنانت كولونيل جيداليا ضابط المخابرات الرئيسي بالقيادة الجنوبية. وقالت اللجنة انه يجب وقف الجنرال جونين حتى تستكمل تحقيقاتها.
\r\n
\r\n
اما بالنسبة لمائير وديان فلم تحملهما اللجنة أية مسئولية. وقالت اللجنة ان ديان لم تكن لديه اية وسيلة مستقلة لتقويم احتمال الحرب، وليس من المفروض على وزير الدفاع ان يقوم بدور «رئيس أركان سوبر» يوجه رئيس الاركان في احد مجالات مسئوليته. ووجدت اللجنة ان مائير قد استخدمت صلاحيات منصبها على نحو صحيح وحكيم، عندما امرت بتعبئة الاحتياطي في صباح عيد الغفران على الرغم من الضغوط السياسية الهائلة.
\r\n
\r\n
أثارت هذه النتائج غضباً واسع النطاق لعدم شمولها ديان ومائير، وطالب الرأي العام الاسرائيلي باستقالتهما، خاصة باستقالة ديان. وكانت مائير قد رفضت مرتين خلال الحرب العرض الذي تقدم به ديان للاستقالة، كما دافعت عنه بعد ذلك في مواجهة وزراء آخرين طالبوا باستقالته.
\r\n
\r\n
وبعد تقرير اللجنة، سألها ديان مرة اخرى عما اذا كانت تريد ان يقدم استقالته. وفي هذه المرة قالت مائير انه يتعين على زعامة حزب العمل ان تقرر ذلك. ولكن بعد اسبوع واحد من صدور التقرير أعلنت استقالتها، قائلة انها لا تستطيع تجاهل غضب الرأي العام. واجبرت هذه الخطوة مجلس الوزراء بكامله على الاستقالة، وتم تنفيذ استقالة الحكومة في شهر يونيو بعد الاشتباك مع القوات على الجبهة السورية. وتولى رئاسة الحكومة الجديدة اسحق رابين، بينما تولى شيمون بيريز منصب وزير الدفاع.
\r\n
\r\n
واصلت حرب اكتوبر سحق ضحاياها حتى بعد مرور وقت طويل على وقف اطلاق النار. وترك الجنرال اليعازر الجيش، وهو يشعر بحزن عميق لان لجنة اجرانات حملته مسئولية الفشل، بينما اعفت ديان.
\r\n
\r\n
وهنا يقول المؤلف انه على الرغم من الجهد الكبير الذي بذله اليعازر إلا انه يتحمل، بوصفه رئيساً للاركان، مسئولية الفشل في اعادة تنظيم التشوهات التي كان عليها الوضع العسكري الاسرائيلي قبل الحرب. لقد كان هناك ثمن يجب دفعه مقابل ما حدث في حرب أكتوبر، ولابد من ان يكون اليعازر جزءاً من ذلك الثمن حتى لو كان قد بذل جهداً كبيراً خلال سير المعارك.
\r\n
\r\n
ويسجل كاتب سيرته هاندش بارتوف انه بعد وقت قصير من وقف اطلاق النار، وكان لايزال رئيساً للاركان، دخل اليعازر غرفة بمقر الجيش، حيث كان طاقم السكرتارية يعملون على وثيقة طلبها منهم. وكان الراديو يبث أغنية مؤثرة تلمح إلى آلام الحرب. كانت هذه المرة الأولى التي يستمع فيها اليعازر لهذه الاغنية التي كانت منتشرة، ويحفظها معظم الاسرائيليين.
\r\n
\r\n
تجمد اليعازر في مكانه، وعندما انتهت هرول إلى مكتبه من دون ان يأخذ الوثيقة. هرعت سكرتيرته خلفه، وعندما فتحت الباب وجدت الرجل الذي وصفته مائير وآخرون ب «الصخرة» جالساً أمام مكتبه يمسك رأسه بين يديه وقد انخرط في البكاء تراجعت السكرتيرة من دون ان تجعله يشعر بها. وبعد عامين من الحرب توفي اليعازر، متأثراً بأزمة قلبية عن عمر بلغ 51 عاماً فقط.
\r\n
\r\n
ويقول المؤلف انه على الرغم من ان ديان كان يرمز بالنسبة لمتظاهرين إلى العجرفة التي قادت اسرائيل الى حافة الكارثة، فإنه كان اكثر القيادات الاسرائيلية تمتعاً ببعد النظر. فقدرته على تحقيق التناغم بين الاعتبارات السياسية والعسكرية وعلى التفكير الابداعي تجعله في مرتبة واحدة مع تفكير السادات. لقد كان اقتراحه في 1970 بانسحاب اسرائيلي من منطقة القناة واقامة منطقة عازلة بين الجيشين.
\r\n
\r\n
وهو الاقتراح الذي رفضته مائير، سيجنب اسرائيل ذلك النوع من الهجوم الذي شنته مصر في عيد الغفران، على الرغم من انه قد لا يجنبها الحرب نفسا. وقد خرج ديان من حرب أكتوبر وقد صمم على استكشاف طريق السلام. ولتحقيق ذلك غيّر انتماءه الحزبي وانضم الى حكومة الليكود بزعامة مناحيم بيجين، التي جاءت الى السلطة في 1977، كوزير للخارجية، ولعب دوراً رئيسياً في احراز التقدم على طريق السلام مع مصر.
\r\n
\r\n
اما الجنرال زيرا الذي أجبر على التقاعد من الجيش فقد ذكر في كتاب نشره بعد عشرين عاما من الحرب أنه ربما يكون المصدر الذي مرر لاسرائيل خطة الحرب المصرية عميلاً مزدوجاً، وهو افتراض رفضه النقاد وكبار محللي جهاز المخابرات الاسرائيلية.
\r\n
\r\n
جونين يتصدر الضحايا
\r\n
\r\n
كان الجنرال شموئيل جونين أحد اكبر ضحايا حرب اكتوبر. فبعد شبه تنحيته كقائد للجبهة الجنوبية خلال الحرب وقيام بارليف بمهامه، فان تقرير اجرانات النهائي اجبره على ترك الجيش. وعلى الرغم من ان المؤسسة الاسرائيلية عادة ما تجد وظائف مناسبة للجنرالات المتقاعدين، فإنها لم تعرض عليه أية وظيفة. واعتقد جونين ان ديان هو المسئول عن العار الذي لحق به، وقال بعد ذلك للصحافيين انه فكر ان يقتحم مكتب ديان ويطلق عليه الرصاص.
\r\n
\r\n
إلا أنه بدلاً من ذلك قضى 13 عاما في ادغال جمهورية افريقيا الوسطى، بحثا عن الماس حتى يصبح رجلاً ثرياً بما يسمح له باستخدام افضل المحامين في اسرائيل لاثبات خطأ نتائج أجرانات وتبرئة ساحته. لكنه لم ينجح في تحقيق ذلك، وتوفي متأثرا هو الآخر بأزمة قلبية في عام 1991 خلال احدى رحلات العمل المتكررة التي قام بها لأوروبا. ومن بين مقتنياته القليلة التي عادت إلى أسرته، خرائط لسيناء التي يبدو انه كان قد أعد عليها خططاً للحرب خلال فترة منفاه الاختياري في الادغال.
\r\n
\r\n
السادات أكبر المنتصرين
\r\n
\r\n
يرى أبراهام رابينوفيتش مؤلف الكتاب ان اكبر المنتصرين في حرب 6 أكتوبر كان الرئيس المصري أنور السادات، فقد تصرف بجرأة على حد تعبير جولدا مائير واقدم على خطوة عسكرية جسورة اعادت لمصر كرامتها، واقدم على عملية دبلوماسية جريئة أعادت لمصر سيناء بكاملها. وفي 9 نوفمبر 1977 ألقى خطاباً امام البرلمان المصري، قال فيه «انني على استعداد للذهاب الى اقصى الارض، وسوف تندهش اسرائيل وأنا اقول ذلك، انني على استعداد للذهاب اليهم، واتحدث أمام الكنيست نفسه».
\r\n
\r\n
وبعد عشرة أيام من خطابه هذا، اطلق عنان العملية الدبلوماسية في هجوم مفاجيء لا يقل عن مفاجأة عبور قناة السويس. وكان وصول السادات الى مطار بن غوريون الدولي بدعوة من رئيس الوزراء مناحم بيغن واحداً من الاحداث الاكثر اثارة في تاريخ الشرق الأوسط الحديث. من فوق منصة الكنيست اعلن السادات أن «لا حرب بعد الآن».
\r\n
\r\n
وقبل أشهر قليلة من زيارته، نظر السادات الى السلام مع اسرائيل في شكل معاهدة تقضي بعدم شن حروب. وقال ان التطبيع والعلاقات الدبلوماسية سوف نتركها لأجيال قادمة في ظل الدموية التي شهدها الماضي القريب. ومع ذلك فإنه قرر في نهاية المطاف السعي لتحقيق اختراق نفسي مع اسرائيل بالمضي لآخر الطريق الدبلوماسي.
\r\n
\r\n
وقال انه من الحتمي بالنسبة لمصر ان تبعد نفسها عن دائرة الحرب مع اسرائيل، فالاوضاع الاقتصادية والاجتماعية لا تتحمل مواجهة الى ما لا نهاية، بل لا تتحمل حرباً قصيرة تستنفد نفقات هائلة. وبعد أربع سنوات من زيارته للقدس، اغتاله متشددون وهو يتابع العرض العسكري في ذكرى حرب اكتوبر.
\r\n
\r\n
كيسنجر المنتصر الآخر
\r\n
\r\n
أما ثاني اكبر المنتصرين في حرب أكتوبر فهو رجل كان على بعد ستة آلاف ميل من ساحة المعارك وهو وزير الخارجية الاميركي هنري كيسنجر الذي نجح باقتدار، على حد قول المؤلف، في ادارة سيناريو الاحداث حتى تمكن من ايصالها الى الحل السلمي، وتمكن خلالها من تنحية الاتحاد السوفييتي وادخال اكبر دولة في العالم العربي تحت المظلة الاميركية.
\r\n
\r\n
كما كان للحرب تأثير كبير على جيوش العالم، فقد أثار النجاح الهائل لصواريخ «ساجر» وقذائف الآر بي جي» الكثير من الجدل حول أهمية الدبابات. وتوصل الخبراء بعد دراسات مستفيضة إلى أنه مع تحسين التدريع واستخدام تكتيكات مختلفة، يمكن ان تواصل الدبابات دورها المهيمن في ساحات المعارك.
\r\n
\r\n
وقد وصل جنرالان اميركيان كبيران الى اسرائيل في أعقاب الحرب، وتفقدا ساحات القتال، وتناقشا مع عدد من الجنرالات الاسرائيليين وكانت الولايات المتحدة قد تورطت لعقد من الزمان في مستنقع فيتنام. وخلال تلك الفترة حقق السوفييت تقدماً على صعيد الاسلحة الجديدة. وعندما تم توقيع اتفاق وقف اطلاق النار في فيتنام عام1973، أراد الاميركيون الاستفادة من درس حرب اكتوبر وجعله رصيداً يستخدم في الحروب المقبلة.
\r\n
\r\n
ووجد الجنرالات ان معارك الدبابات خلال حرب اكتوبر شهدت كثافة لم يسبق لها مثيل. فقد شاركت في المعارك التي جرت في سيناء وعلى هضبة الجولان اعداد من الدبابات تفوق تلك التي شاركت في اية معركة من معارك الحرب العالمية الثانية. كما ان الكثافة لاتنبع من مجرد الاعداد الهائلة للدبابات، بل ايضا من الاسلحة المميتة للدبابات ومداها ودقتها. لقد علم الجنرالات ان كتائب دبابات قد دمرت بكاملها في ساحة القتال في غضون ساعات.
\r\n
\r\n
وقد لعب ما عرفه الجنرالات دوراً مهماً في اعادة تشكيل سلاح المدرعات الاميركي نفسه. وقالا في تقريرهما لدى عودتهما الى واشنطن ان ساحة القتال المستقبلية ستحتشد بالدبابات وبالاسلحة المضادة لها بصورة أكبر بكثير مما نعرف الآن.
\r\n
\r\n
واشار الى ان خسائر الدبابات المجمعة على الجانبين الاسرائيلي والعربي خلال الاسبوع الاول من الحرب «تجاوزت كل مخزون الجيش الاميركي من الدبابات في اوروبا. وقال احدهما وهو الميجور جنرال دون ستاري انه: نظراً لأعداد الاسلحة الحديثة وقوتها المميتة، فان ساحات القتال المستقبلية يمكن ان تتوقع خسائر كثيقة وهائلة بالمعدات في غضون فترة قصيرة من الوقت».
\r\n
\r\n
وبيما كانت الدبابات في الحرب العالمية الثانية تطلق قذائفها من مسافات تبلغ في المتوسط 750 ياردة، كانت الدبابات في حرب السادس من اكتوبر تطلق قذائفها من مسافات تتراوح بين الفي ياردة وثلاثة آلاف ياردة أو اكثر. وهذا يعني عدداً أكبر من القتلى. كما ادى تطوير صواريخ «ساجر» الى زيادة اعداد القتلى في ساحة المعارك، وكذلك الامر بالنسبة لقذائف «الآر. بي. جي».
\r\n
\r\n
واختتم الجنرال ستاري تقريره قائلاً: «ان المعارك الحديثة تقرر النتيجة بعوامل اخرى بالاضافة الى نطاق القوات، فالجانب الذي يمتلك عنصر المبادرة ويواصل الاحتفاظ بها حتى النهاية هو الجانب الذي سينتصر، كما تحسم المعارك من خلال بسالة الجنود وشخصية القيادات والقدرات القتالية للوحدات ذات التدريب الجيد». وبالنسبة للجنود فقد تركت المعارك ندوباً نفسية استمرت طويلاً قبل التئامها. ويقول المؤلف ان احد الامثلة على ذلك كان اللفتنانت شيمون مالياش، الذي قاتل في معركة المزرعة الصينية، فقد ظل لشهور تطارده ذكرى الليفتنانت رابينوفيتش ووعده الذي لم يف به لانقاذ حياته.
\r\n
\r\n
نقطة تحول
\r\n
\r\n
لا يرى المؤلف الكتاب ان حرب أكتوبر حققت نقطة تحول مهمة في الصراع العربي الاسرائيلي. فباستعادة مصر لكرامتها فتحت الطريق أمام اتفاق كامب ديفيد للسلام في 1979. وبعد ذلك بخمسة عشر عاماً وقعت اسرائيل اتفاقية سلام مع الأردن.ويقول انه مع ذلك فإن احتمال نشوب حرب جديدة في الشرق الاوسط يظل احتمالاً قائماً، خاصة في ظل عدم حل القضية الفلسطينية.
\r\n
\r\n
ويرى المؤلف الاسرائيلي ان حرب أكتوبر على الرغم من أبعادها الكارثية على اسرائيل فإنها عززت من ردعها العسكري، ولم تقض عليه، وإنه من الصعب تخيل حدوث ضربة مفاجئة أخرى بعد تلك الضربة التي وجهتها مصر وسوريا لاسرائيل في أكتوبر 1973، لتحققا معاً مفاجأة استراتيجية وتكتيكية في حرب على جبهتين، تم خوض معاركها وفقاً لخطط تم التدريب عليها لسنوات، ووقفت الى جانبها قوة عظمى.
\r\n
\r\n
وهنا يتجاهل الكاتب الحقيقة الواضحة لأي محلل سياسي وعسكري محايد، وهي نطاق الدعم الأميركي اللامحدود لاسرائيل، سواء على صعيد المعلومات الاستخبارية، أو على صعيد الدعم العسكري اللامحدود قبل الحرب وخلالها والجسر الجوي الأميركي لتزويد اسرائيل بكل ما طلبته من سلاح وطائرات الشحن الأميركية التي كانت تهبط كل نصف ساعة تقريباً في مطار بن غوريون لتفرغ شحناتها من الاسلحة والذخيرة لتعويض ما خسرته في المعارك وأكثر.
\r\n
\r\n
ويتناسى المؤلف الدور الذي لعبه هنري كسينجر وزير الخارجية الاميركي في تعزيز الموقف العسكري الاسرائيلي ومطالبته تل أبيب بأن تضرب بعنف وبقوة وتحقق أكبر قدر ممكن من المكاسب قبل تنفيذ وقف اطلاق النار، وتبليغ السفير الاسرائيلي الذي كان دائماً ينتظر بجوار مكتبه بتطورات الموقف سواء مع الرئيس نيكسون او مع القيادة السوفييتية .
\r\n
\r\n
ويقدم لاسرائيل النصيحة الغالية التي يتعين عليها العمل بها، ولذلك فقد كان أكثر من صديق للاسرائيليين في الوقت الذي كان يتشكك القادة السوفييت في نوايا القيادة العربية، خاصة بعد ان طرد السادات الخبراء السوفييت من مصر، وبعد توتر العلاقات ومع عدم تصديق السوفييت ان مصر وسوريا تحققان انتصارات متوالية على جبهات القتال، في الوقت الذي كانت الولايات المتحدة لا تصدق ان اسرائيل تمنى بهزائم متلاحقة.
\r\n
\r\n
بداية الهزيمة
\r\n
\r\n
يشدد المؤلف في خاتمة كتابه على انه بعد حرب يونيو 1967 أدركت مصر انها لن تستعيد كرامتها وأراضيها سوى بالدخول في حرب جديدة، بينما لم يرهب اسرائيل هذا الاحتلال، نظرا لتزايد ثقتها في نفسها بعد الحرب وتأكدها من أنها سوف تنتصر بسهولة في أي حرب تنشب مع العرب.
\r\n
\r\n
وكانت هذه هي بداية الهزيمة حتى قبل اطلاق الرصاصة الأولى. وبعد حرب أكتوبر 1973 خرج الجانبان وقد تزايدت رغبتهما في ان تكون هذه آخر الحروب بينهما.لقد بدأت حرب أكتوبر بهجوم مفاجيء لكنها انتهت بشروق شمس عصر جديد للسلام الذي لا يزال هشا حتى الآن.
\r\n
\r\n
ويرى المؤلف ان نتيجة الحرب كانت بالنسبة للعرب قمة الانجاز، بينما كانت بالنسبة لاسرائيل زلزالاً هدد وجودها نفسه. ويقول ان صدمة بداية الحرب لم تكن مجرد كابوس يمكن التخلص منه، ولكنها ستظل ذكرى سواء ستستمر لتذكر الاسرائيليين بعواقب التقصير والاهمال والعجرفة وحالة الفوضى والتخبط والقرارات الخاطئة والمتناقضة لقيادة الجيش والتقويم الخاطيء تماماً لجهاز المخابرات.
\r\n
\r\n
ويقول المؤلف انه على الرغم من مرور اكثر من ثلاثين عاماً على حرب اكتوبر ومع الكتابات الكثيرة التي تملأ المكتبات عن هذه الحرب التي غيرت خريطة الشرق الأوسط وسياسات المنطقة، فإنه وجد لزاماً عليه أن يروي القصة الحقيقية للحرب بعد ان خفت كثيراً قيود الرقابة على العديد من الوثائق.
\r\n
\r\n
وبعد أن تم الكشف عن الكثير مما دار داخل قاعات الاجتماعات، التي ضمت القيادات العسكرية الاسرائيلية، وبعد ان كتب الكثير من شخصيات الحرب وأولئك الذين عاصروها وتورطوا فيها مذكراتهم الشخصية، التي كشفت النقاب عن العديد من النقاط التي كانت حتى وقت قريب غامضة وغير معروفة للكثيرين.
\r\n
\r\n
ويعترف المؤلف بأنه على الرغم من انه قام بتغطية تطورات الحرب قبل 31 عاماً، فإنه أدرك الآن انه لم يكن يعرف سوى القليل من هذه التطورات وخلفياتها. وقال ان أبحاثه ومتابعاته وقراراته طوال السنوات الماضية جعلته يزداد فهماً واستيعاباً لعمليات صنع القرار داخل القيادات العليا سواء العسكرية او السياسية الاسرائيلية.
\r\n
\r\n
بالاضافة الى تدفق الأحداث بشكل متسلسل على جبهة القتال نفسها. وقال الكاتب انه قضى السنوات الخمس الاخيرة وهو يحاول فهم القصة الكاملة للحرب، وقد ساعده في ذلك الكثير من الباحثين، بالاضافة الى استعانته بأرشيف الجيش الاسرائيلي ومكتبة هيئة الاركان العامة في تل أبيب.
\r\n
\r\n
ويضيف المؤلف «ان الذي ساعده في رواية القصة الكاملة للحرب هو قيامه باجراء سلسلة من اللقاءات مع عدد من كبار قادة الحرب، ومن بينهم الجنرال أمنون ريشيف الذي عانى اللواء الذي كان يقوده من خسائر عديدة في المعارك على جبهة سيناء.
\r\n
\r\n
كما يرى المؤلف ان الحرب كانت ضرورة ملحة بالنسبة لمصر لتغيير حالة اللاسلم واللاحرب، التي سادت بعد حرب 67. فعلى الرغم من المبادرات فقد رأت الحكومة الاسرائيلية ان العرب لا يملكون خياراً عسكرياً جدياً، وأن عليهم قبول الوضع الحالي، كما أعلنت غولدا مائير قبل الحرب رفضها الانسحاب الكامل الى حدود ما قبل حرب 1967 بل رفضت اقتراح وزير الدفاع الاسرائيلي موشي ديان من منطلق ان موقف اسرائيل الجيوبوليتيكي لن يكون افضل مما هو عليه بعد حرب 1967.
\r\n
\r\n
وكان ديان قد اقترح انسحاباً اسرائيلياً لمسافة 20 ميلاً من قناة السويس حتى تتمكن مصر من اعادة افتتاحها، وبالتالي يتراجع الحافز المصري لخوض غمار الحرب. كما كانت الرسالة التي حملها حافظ اسماعيل مستشار الرئيس المصري لشئون الامن القومي الى السادات بعد عودته من واشنطن في اعقاب محادثاته مع نظيره الاميركي كسينغر هي ان الولايات المتحدة لا تستطيع ان تفعل شيئاً لتغيير الموقف.
\r\n
\r\n
ووفقاً لتقرير قدمه حافظ اسماعيل، قال كسينغر: «نصيحتي للسادات هي ان يكون واقعيا.. والحقيقة هي أنكم تعرضتم للهزيمة في 1967، ولا يمكن ان تتقدموا بطلب لا يطلبه إلا المنتصر. إما ان تستطيعوا تغيير هذا الواقع، وبالتالي فإن رؤيتنا سوف تتغير، بطبيعة هذا الوضع، وفي هذه الحالة يمكننا طرح حلول غير تلك التي تطرحونها.. وآمل أن يكون ما قلته واضحاً لكم. إنني بالتأكيد لا أطالب السادات بتغيير الوضع عسكرياً. لأنه إذا حاول ذلك فسوف تنتصر اسرائيل مرة أخرى وسيكون انتصارها أكبر مما حققته في 1967. وفي ظل وضع كهذا سيكون من الصعب جداً علينا ان نفعل اي شيء».
\r\n
\r\n
إذن كان من الحتمي ان تنشب الحرب لتغيير الوضع، وأن تذهب مصر الى الحرب لاستعادة كرامتها ولاستعادة أراضيها، وكان الحافز كبيراً جداً، في الوقت الذي كانت اسرائيل غائبة تماماً عن الساحة، أو كما قال أفراد الاستطلاع المصريون عشية حرب السادس من أكتوبر «الاسرائيليون نائمون».
\r\n
\r\n


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.