جلال السىد كانت مفاجأة حرب 6 أكتوبر زلزالا هز إسرائيل هزة نفسية وأدي إلي انهيار نظرية الأمن الإسرائيلية حرصت علي أن أقدم لشباب الثورة حدثا تاريخيا لم يعاصره معظمهم.. هذا الحدث هو انتصار الجيش المصري علي إسرائيل واسترداد الكرامة والأرض المصرية وحرصت أكثر علي ان أكشف لهؤلاء الشباب عن جهود رجل استطاع بخبرته وذكائه ودهائه ان يضع الخطة الاستراتيجية لخداع إسرائيل ومخابرات إسرائيل وأمريكا.. والذي جعل قادة إسرائيل يعلنون »لقد أذلنا هذا الرجل«- انه الدكتور عبدالقادر حاتم أطال الله في عمره.. والذي منحني بكل حب جزءا من مذكراته.. يقول العالم الكبير عبدالقادر حاتم لقد دعاني الرئيس أنور السادات في أوائل عام 3791 لمقابلته وجاء في حديثه معي »إنني افكر في اتخاذ قرار الحرب لاسترداد الأرض المغتصبة وقال ان الكثيرين سيشككون في هذا الأمر إلا إنني جاد فيه وهذا قدري«. وقال السادات انه سيتفرغ لمباشرة مهام قيادة القوات المسلحة والإعداد العسكري وأبلغني باختياره لي لأكون بجانب منصبي كوزير للاعلام رئيسا لمجلس الوزراء بالنيابة عن سيادته وان اتولي رئاسة الحكومة المكلفة بإعداد الدولة للحرب.. وعدت للرئيس بعد فترة ومعي خطة إعداد الدولة للحرب وفيها المفاجأة الاستراتيجية التي سأواجه بها إسرائيل وتتضمن عملية واسعة من الخداع والتضليل المعلوماتي لإسرائيل. وبالدراسة اكتشفنا ان الجيش الإسرائيلي يعاني من خلل عددي حاد لا يستطيع معه الدفاع عن الحدود ومن ثم عليه ان يتبني منطقا هجوميا ومفاجئا في حروبه أي أنه جيش الهجوم والمفاجأة لهذا لم تكن لديه خبرة بالحروب الدفاعية فإن أي بندقية علي الحدود تصل إلي قلب اسرائيل.. لهذه الحقيقة كان علينا ان نعمل علي الاستفادة من هذه الحالة وان تكون المبادأة بالهجوم من جانبنا ووضع الجيش الإسرائيلي في موضع الدفاع.. وكانت الخلاصة التي عرضتها علي الرئيس السادات انه يجب ان نتبني المفاجأة الاستراتيجية وتنفيذها من خلال خطة اعلامية متكاملة.. الغرور والغطرسة الاثنين: ويقول د. عبدالقادر حاتم قمنا بجمع التصريحات والتعليقات التي صدرت عن القيادات الإسرائيلية خاصة العسكرية منها منذ يونيو 76 وحتي عام 3791 ومتابعة كل الكتب الإسرائيلية التاريخية والعسكرية وكل الأنشطة التي يشارك فيها المسئولون العسكريون الإسرائيليون وجمعنا مجموعات مهمة وأشارت هذه المعلومات إلي ان الغرور والغطرسة قتلت تفكير القادة وأولهم موشيه ديان وبعد حرب يونيو 76 أخذ الجيش الاسرائيلي بحب حياة ملؤها الغرور بسبب نشوة النصر بخلاف سيل المديح من كل جانب للجيش الاسرائيلي بأنه الجيش الذي لا يقهر وكان علي رأس من نالوا المديح والتقدير كبار قادة الجيش الاسرائيلي وتصدرت صورهم ألبومات الصور التي طبعتها إسرائيل وغمرت بها العالم أجمع ووصفتهم الصحف الإسرائيلية في هالة ضوئية هائلة كانت أقرب إلي التقديس منها إلي التقدير والإعجاب. - وصرح الجنرال آريل شارون في 62 يوليو 3791- بأن إسرائيل أصبحت في موقف التفوق الحربي- وقال: »إن كل جيوش الدول الأوروبية أضعف منا.. فإسرائيل يمكنها في غضون أسبوع واحد، ان تخضع المنطقة الممتدة من الخرطوم حتي بغداد والجزائر. - كما يقول مؤلفو كتاب »التقصير« ص 661: ان الجنرالات الذين أحبوا مشاهدة صورهم تنشر في الألبومات والصحف، لم يفوتوا أية مناسبة عامة دون الظهور فيها أمام الجمهور، لقد أصبحوا نجوما اجتماعية لامعة. ولم يكن هذا الوضع قائما داخل إسرائيل فقط بل خارجها أيضا، فقد كانت المعلومات المتوافرة لدينا توضح أنه عندما يسافر أحد كبار الضباط الاسرائيليين إلي الخارج كان يحظي باهتمام كبير، سواء من اليهود الموجودين خارج إسرائيل أو من وسائل الاعلام الأجنبية. وكان وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه ديان قد نجح في خلق صورة عن نفسه سواء داخل إسرائيل أو خارجها تشير ملامحها إلي أن »موشيه ديان عبقري لا يمكن خداعه أو هزيمته«. الظلام المعلوماتي الثلاثاء: واعتمدت الاستراتيجية المصرية علي السرية في الإعداد لهذه الحرب من ناحية واقناع إسرائيل بعدم قدرتنا علي الحرب من ناحية أخري وكان الهدف الخادع هنا هو اقناع اسرائيل والعالم بأننا سلمنا بأنه لا سبيل أمامنا سوي التسوية السلمية واشعنا ان مصر تريد تحرير الأرض المحتلة وليس العدوان علي إسرائيل ونجحنا في التحكم المركزي في السرية التامة أو نشر أي خبر أو مقال إلا بموافقة الرقابة عليها وكانت في يد شخص واحد وهو المسئول عن تنفيذ خطة المفاجأة الاستراتيجية وكان الدكتور حاتم هو الرقيب العام علي كل البرقيات الصادرة من مصر وعلي ما تنشره الصحافة وعلي كل ما يذاع في الإذاعة والتليفزيون.. وعملنا علي ايجاد منطقة من الظلام المعلوماتي لدي إسرائيل واستخدمنا أساليب الخداع والتمويه الاعلامي فكنا نركز علي معلومات بعينها ونضخمها وفي المقابل نهون من معلومات أخري وأحيانا نقدم معلومات متناقضة وندفع إسرائيل للانشغال بتفسيرها وكنا نصدر معلومات عن مصر من القاهرة ومن عواصم بعض الدول العربية بل والأوروبية ومن خلال مسئولين في بعض الدول الذين يتظاهرون بالصداقة لنا في حين انهم يبغون التعرف علي نوايانا لإبلاغ إسرائيل كما استخدمنا أساليب الحرب النفسية وذلك عن طريق الإذاعة العبرية التي استهدفت الشعب الاسرائيلي خاصة الشباب منهم. ويقول الدكتور عبدالقادر حاتم لقد آمنت إسرائيل بأن عقول العرب تفتقد القدرة علي التفكير السليم أو المبادرة والابتكار وهو نقص ملازم لها وما حدث في عام 7691 كان نتائج طبيعية لاسرائيل في مواجهة مثل هذه العقول الصدئة العاجزة عن التفكير السليم. الزلزال الأربعاء: تعال نسترجع ما قالوه بأنفسهم حول أسباب هزيمتهم لقد »كانت مفاجأة حرب أكتوبر زلزالا هز إسرائيل هزة نفسية عميقة وأدي إلي انهيار الدعامات الأساسية لنظرية الأمن الاسرائيلية«. جاءت هذه العبارة في مقدمة كتاب »حرب يوم الغفران«: أسطورة في مواجهة واقع، الذي كتبه اللواء إيلي زعيرا الذي كان يشغل منصب رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية في عام 3791. وكانت قد تشكلت في إسرائيل في أعقاب حرب أكتوبر لجنة سميت لجنة أجرانات نسبة إلي رئيسها شمعون أجرانات، وكانت مهمة هذه اللجنة التحقيق في أسباب ما حدث في أكتوبر 3791 وقد أصدرت هذه اللجنة تقريرها المبدئي في أبريل 4791 وجاء في البند العاشر من هذا التقرير: ان قيام مصر بشن الحرب في يوم الغفران »6/01/3791« في الساعة »00.41« فاجأ جيش الدفاع الاسرائيلي لأنه حتي ساعات الصباح الأولي من ذلك اليوم لم تقدر القيادة العليا لجيش الدفاع والزعامة السياسية ان هناك حربا شاملة علي وشك ان تبدأ.. والمسئولية عن هذه الأخطاء في التقدير يجب ان تلقي أولا وقبل أي فرد آخر علي عاتق رئيس الاستخبارات العسكرية ومساعده الكبير الذي يرأس قسم البحوث في الاستخبارات العسكرية. وقد أوصت لجنة أجرانات في نهاية تقريرها بإبعاد رئيس الاستخبارات العسكرية عن منصبه، هذا الرجل هو اللواء إيلي زعيرا ومعه رئيس قسم البحوث في الاستخبارات العسكرية العميد آرييه شاليف وكذلك إبعاد رئيس هيئة الأركان الفريق ديفيد اليعازر وقائد القيادة الجنوبية شموئيل جونين ومساعده. وتمكن اللواء إيلي زعيرا في التسعينيات من نشر كتابه »حرب يوم الغفران.. أسطورة في مواجهة واقع« الذي قال في مقدمته: »إن ما اتخذته لجنة أجرانات من توصيات وقرارات مثلت ركنا أساسيا في الأسطورة القومية التي تكونت في إسرائيل حول حرب يوم الغفران، والتي تقوم علي أن ما حدث في الحرب من خسائر اسرائيلية وانتصارات مصرية إنما يعود إلي تقدير خاطئ بإمكانية وقوع الحرب، أو ببساطة لو أن رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية قال ان احتمال الحرب هو احتمال كبير لكان كل شيء علي مايرام. وليس إيلي زعيرا وحده هو الذي اعترف بالانجازات المصرية في عام 3791، بل هناك الكثير من السياسيين والعسكريين والصحفيين الاسرائيليين ممن اعترفوا بالانجازات المصرية. وهكذا كان الانتصارا المصري.. انتصارا في وضع استراتيجية المفاجأة.. وانتصارا للتخطيط العسكري الفذ الذي وضعه القادة وانتصارا لجنود وضباط قدموا الغالي والنفيس من أجل رد الكرامة واسترداد الأرض. نبض الجماهير لو أن أي مجموعة من الجماهير لم يعجبها تصرف مسئول تقوم بمظاهرة لخلع هذا المسئول عن منصبه لدبت الفوضي في أنحاء مصر.. ولاختفت دولة القانون.. كفانا فوضي. المستشار رجائي عطية اختفي من شاشة التليفزيون بعد أن كان يملأ الدنيا بآرائه ومشاركاته السياسية التي كانت تحظي باحترام الجميع.. وحشتنا يا أستاذ رجائي وعد إلينا ليعود معك صوت الحق. في سباق برامج التوك شو وصلت المذيعة المتألقة لميس الحديدي إلي قمة أصحاب هذه البرامج بصدقها وشجاعتها وشفافيتها اتمني ان يكون لدينا ولو خمسة لميس يارب مع الأستاذ إبراهيم عيسي. حاجة مؤسفة أن يحدث هذا الخلاف الكبير والانقسام الشامل بين الشعب حول مواد الدستور الجديد.. مع أن في مصر جهابذة القانون الدستوري الذين شاركوا في وضع دساتير كثير من الدول المتقدمة!!