لقد حان الوقت كي نقوم بتخفيف درجة حرارة الجدل المحتدم حالياً، ونأخذ نفس عميقاً، ونقوم باستعادة التوازن والمعقولية لساحة ذلك الجدل. \r\n \r\n دعونا نبدأ أولا بتبديد وهم أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية تعاني من خلل وظيفي، وأنها قد أصبحت وكالة \"مارقة\". \r\n \r\n فمثلها مثل أية منظمة يعمل فيها بشر، فإن ال\"سي. آي، إيه\"، أبعد ما تكون عن الكمال. فهي معرضة لارتكاب الأخطاء، وقد ارتكبت أخطاء فعلا، واعترفت بها، وتعمل الآن على علاجها. \r\n \r\n وعلى ذلك يصبح وصف الوكالة بأنها تعاني من اختلال وظيفي مجافياً للصواب، وال\"سي. آي. إيه\"، وكالة قامت خلال فترة الستة شهور الماضية- التي بدت فيها المناقشة الدائرة حول الإصلاح وكأنها قد وصلت إلى طريق مسدود- بالتعاون مع مجتمع الاستخبارات الأميركي، ومع شركائها في الخارج من أجل الإيقاع بدستة من \"الإرهابيين\" المهمين الذين كانوا يتآمرون على بلدنا وعلى حلفائنا. وعلى الرغم من موجات النقد القاسي فإن الوكالة لم تفقد أبداً تركيزها، ولم تنس واجبها الأساسي . \r\n \r\n وهذه الوكالة هي نفسها التي قامت- من خلال عملائها ومحلليها- بتحقيق مجموعة من النجاحات والانتصارات على \"الإرهابيين\"، وعلى الدول والجماعات المسؤولة عن تكاثر الأسلحة النووية. ومنها نجاحها في اختراق وتحطيم شبكة العالم الباكستاني \"عبد القدير خان\" والتي كان سقوطها سبباً مباشراً دعا النظام الليبي للقيام بتسليم أسلحة الدمار الشامل الموجودة لديه، كما ساعد كذلك على القبض على الكثير من الأفراد الذين شاركوا في ارتكاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر. وال\"سي.آي. إيه\" هي الوكالة التي عملت من خلال التعاون الوثيق مع شركائها في مجتمع الاستخبارات الأميركي، على تجميع عناصر التحليل الذي لفتت الانتباه إلى طموحات إيران النووية، وكشف النقاب عن البرنامج الكوري المحظور لتخصيب \"اليورانيوم\". \r\n \r\n والتهمة الخاصة ب\"تجنب المخاطرة\" هي التهمة الجديدة التي يتم إلقاؤها جزافاً الآن على الوكالة بواسطة الجهابذة والمعلقين. ما أعجبها من تهمة! بالله عليكم هل هذه تهمة توجه إلى ال\"سي. آي. إيه\"، التي قام ضباطها بالنزول في أراضي أفغانستان المعادية بعد 16 يوماً من وقوع هجمات الحادي عشر من سبتمبر، وقبل وصول قوات الجيش الأميركي إليها، وقاموا بالارتباط بنقاط وعناصر الاتصال التي كان قد تم تكوينها في أفغانستان قبل ذلك التاريخ بسنوات؟. وهل يمكن أن تنطبق هذه التهمة على وكالة، تم إلحاق العشرات من ضباط العمليات والمحللين بها، بالقوات الأميركية في مختلف أنحاء العراق كي يواجهوا الخطر مثلها وجهاً لوجه؟. وهل تنطبق هذه التهمة على وكالة يقوم ضباطها بالعيش جنباً إلى جنب مع شركاء أجانب في أماكن نائية وخطرة في بلدان ومناطق أخرى، مصممين على حرمان \"الإرهابيين\" من فرصة الحصول على ملاذ آمن في تلك المناطق؟. وهل تنطبق تلك التهمة على وكالة يقوم محللوها يومياً بوضع سمعتهم على المحك، عندما يقومون بتقديم تقديرات صعبة بناء على معلومات منقوصة، بصدد بعض المسائل التي يمكن تصنيفها على أنها من أكثر المسائل في عصرنا خطورة وتوتراً. \r\n \r\n إن الأميركيين بحاجة إلى إعادة النظر في مواقفهم من وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، وإلى البدء في النظر إلى ضباطها ومحلليها على اعتبار أنهم جنود يرتدون الملابس المدنية. \r\n \r\n ولا يساوركم أي شك من الآن فصاعداً في أن ال\"سي. آي. إيه\" وكالة لا تتجنب المخاطر، لأن ذلك يتناقض مع جوهر وظيفتها، التي تقوم على تحمل المخاطر المادية والفكرية. وأوجه سؤالا إلى هؤلاء الذين يتهمون الوكالة بأنها تعمل دائماً على تجنب المخاطر: هل هم على استعداد لتفسير الشك لمصلحة الوكالة عندما يجانبها الصواب في عمل ما- وهو شيء وارد دائماً في أي مشروع يقوم على تحمل المخاطر- بدلا من المسارعة إلى توجيه الاتهامات إليها من قبيل وجود \"فشل استخباري\" أو حدوث \"قصور في أداء الوظيفة\" أو حتى القول إنها قد أصبحت وكالة \"مارقة\". \r\n \r\n الأنكى من كل ذلك، أن البعض قد وجه تهمة للوكالة بأنها قد قامت بتسريب معلومات معينة قبل الانتخابات لتدمير الرئيس. ليس قصدي من ذلك القول إنه لم تكن هناك تسريبات، لأن الحقيقة هي أنه كانت هناك تسريبات بالفعل، ولكنها تسريبات يعرف الذين قاموا بتسريبها والذين قاموا بالإبلاغ عنها، من أين أتت؟. \r\n \r\n إن اتهام الوكالة بالتآمر ضد الرئيس اتهام سخيف، لأن ضباط الوكالة ضباط محترفون وموظفون يعملون في خدمة الرئيس في الأساس ويعتبرون ذلك واجباً مقدساً بالنسبة لهم بصرف النظر عن الحزب الذي ينتمي إليه ذلك الرئيس. \r\n \r\n هل قام الجميع باستبعاد فرضية أن مجتمع الاستخبارات الأميركية كان يقوم بواجبه فحسب أثناء الانتخابات الأخيرة... وأن هناك أشخاصاً تحركهم طائفة واسعة من الدوافع قد وجدوا أنه قد يكون في مصلحتهم القيام بتسريب تلك المعلومات، عندما رأوا أن هناك خلافاً في وجهات النظر بين الوكالة وبين الإدارة بشأن مسائل بعينها؟ \r\n \r\n على النقيض من نقاد الاستخبارات فإنني لن أقوم بتوجيه أصابع الاتهام إلى أي جهة. كل ما هنالك هو أنني أريد أن أقول إنني اشعر بالأسى لأن الاستخبارات أصبح يتم استخدامها في وقتنا الراهن كسلاح - ليس ضد أعدائنا كما ينبغي ولكن ضد أنفسنا، وأننا يجب أن نتفق على أن الوقت قد حان لوضع حد لكل لذلك. \r\n \r\n \r\n جون ماكليغلين \r\n \r\n نائب مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست\"