ولن يتغير أعضاء المجتمع الاستخباراتي انصياعاً لتعليمات مدير لوكالة الاستخبارات المركزية قد لا تدوم خدمته لأكثر من ثلاثة أشهر؛ فهم ببساطة سيتوقفون عن العمل إذا لم يوافقوا على المسار الذي يرسمه مدير الوكالة. وها أنا أتحدث هنا من منطلق خبرتي: هؤلاء فعلوا ذلك بي في الأشهر السبعة الأخيرة من خدمتي كمدير ل\"سي آي إيه\"، على رغم أنهم انتظروا ليروا إن كان سيتم انتخاب الرئيس \"جيمي كارتر\" لولاية رئاسية ثانية. \r\n \r\n وحتى إذا كانت لدى الشخص الذي يتم تعيينه مديراً القدرة على الفوز بتأييد الوكالة، فسيكون من أسباب الفوضى الشديدة في ال\"سي آي إيه\" أن تخضع لتغيير في قيادتها الآن ولتغيير آخر في الخريف إذا فاز \"جون كيري\" في الانتخابات. ويصح قول هذا على وجه الخصوص إذا نفّذ \"كيري\" خطته المعنية بإعادة تنظيم المجتمع الاستخباراتي باستحداث منصب جديد، وهو منصب مدير الاستخبارات القومية. (وأنا أخدم في حملة \"كيري\" كمستشار في المسائل الاستخباراتية). \r\n \r\n بالطبع، سيكون \"كيري\" حراً في إبقاء المدير الجديد للوكالة في منصبه، على غرار ما فعله الرئيس \"بوش\" مع جورج \"تينيت\". لكن من المستبعد أن يلقى القبولَ لدى \"كيري\" أيٌ من المرشحين للمنصب الذين تحكي الشائعات عنهم- وكلهم جمهوريون باستثناء قلة منهم مثل السيناتور \"سام نان\". لقد أصبحت مديراً لوكالة \"سي آي إيه\"، لأن سلفي \"جورج بوش\" الأب اعتُبر آنذاك مفرطاً في حزبيته. \r\n \r\n وفي الرهانات، هناك ما هو أكثر من السياسة. فإذا كان مقدّراً أن يتم تصديق تقرير لجنة الاستخبارات التابعة لمجلس الشيوخ، فإن التغييرات الرئيسية في جهاز الموظفين لدى \"سي آي إيه\" ستكون ملحّة وضرورية من وجهة نظر مهنية بحتة. ومن ذلك مثلاً أن التقرير يقول عن المدير المشرف على محلّل نبّه إلى أن المصدر الوحيد للتقرير، الذي أفاد بأن لدى العراقيين مختبرات متنقلة خاصة بالأسلحة البيولوجية والكيميائية، هو مصدر غير جدير بالثقة. وقد صرف هذا المدير النظر عن هذه المعلومات على أساس أنها لا تشكل أية أهمية؛ ذلك أن قرار الذهاب إلى الحرب كان قد تم اتخاذه سلفاً. \r\n \r\n ويشكل هذا الموقف سبباً لتآكل المبدأ الأساسي الأشد أهمية في أوساط الاستخبارات، وهو يقتضي قول الأمور كما هي في واقع الحال؛ ولذا لابد من إخبار هذا المدير أو المديرة بأنه ليس هناك مكان له أو لها في وكالة الاستخبارات المركزية. فالتقرير الذي أعدّته لجنة الاستخبارات فيه اتهامات أخرى مماثلة مفادها أن هناك عملية تطهير شاملة وكاملة للبيت الداخلي تجري بالتتابع وعلى نحو منظم. \r\n \r\n ومدير وكالة الاستخبارات المركزية هو المسؤول الوحيد بين مسؤولي السلطة التنفيذية الذي يمكنه أن يصرف من الخدمة موظفين وهو مطمئن لأنه يعلم أنهم لا ملاذ يلجأون إليه لكي يتحدوا القرار المتخذ بفصلهم. ولذا ينبغي أن يقوم بممارسة هذه السلطة \"جون ماكلافلين\" النائب السابق ل\"جورج تينيت\" والمكلف مؤقتاً بإدارة وكالة الاستخبارات المركزية اعتباراً من يوم الأحد. ذلك أن \"ماكلافلين\" يعرف الأشخاص ويعرف النظام. وفي خارج نطاق ذلك، ينبغي ألاّ يتم إرهاق كاهل المدير الجديد ل\"سي آي إيه\" بعبء قرارات انضباطية بغيضة كتلك فور توليه لمنصبه الجديد. فالسيد \"ماكلافلين\" ضابط مخضرم وعتيق في وكالة الاستخبارات المركزية، وهو ذو مؤهلات جيدة تخوّله العمل كمدير للوكالة إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية، كما أنه مؤهل جيداً للتعامل مع أية عملية تطهير داخلي تكون هناك حاجة إلى تنفيذها. \r\n \r\n ومن الجائز أن بعض مستشاري الرئيس يعتقدون أن هناك فائدة ومصلحة سياسية في تعيين مدير جديد لوكالة الاستخبارات المركزية على وجه السرعة. غير أن اعتبارات كهذه ينبغي ألاّ تقرر كيف نحل الأزمة الاستخباراتية التي ألمّت بأمتنا. \r\n \r\n ستانفيلد تيرنر \r\n \r\n المدير الأسبق لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية \r\n \r\n (1977-1981)، وحالياً أستاذ في كلّية السياسة العامة في جامعة \"ميريلاند\". \r\n \r\n يُنشر بترتيب خاص مع خدمة \"نيويورك تايمز\" \r\n \r\n \r\n