ان النظام الحاكم في طهران في موقع يؤهله لتقديم المساعدة في العراق المجاور او عكس ذلك باذكاء الفوضى وتسعيرها عبر الموالين من الشيعة في ذلك البلد‚ الى الشرق فإن هذا النظام الديني مؤهل لتقديم المساعدة في احدى أهم المهام التي تسعى أميركا لانجازها وهي نشر الهدوء في أفغانستان وفي نفس الوقت فإن بامكان هذا النظام تقويض تلك العملية من أساسها من خلال تقديم الدعم لأمراء الحرب المحليين‚ في الصراع الفلسطيني الاسرائيلي فإن تأييد ايران لحزب الله في لبنان وتدريب المقاتلين الفلسطينيين يشكل احد العوامل الرئيسية في هذا الصراع‚ ان حدوث اي تغيير في السياسة الايرانية ستكون له تأثيرات وتداعيات لا حصر لها‚ في الداخل تحتجز ايران عددا من أفراد «القاعدة» على قدر كبير من الأهمية ولا يعرف عددهم او شخصياتهم ولكنهم على قدر كبير من الأهمية بالنسبة للولايات المتحدة نظرا لما يمكن ان يقدموا من معلومات حيوية‚ \r\n \r\n وفي الوقت الذي اصبح فيه البرنامج النووي لا وجود له فإن الطموحات النووية الايرانية حقيقية وجوهرية وإذا كانت ايران حقيقة تسعى لانتاج اسلحة دمار شامل فإن العين الأميركية كانت مصوبة بعيدا عنها مئات الكيلومترات مما مكنها من البدء بانجاز ما تريد وبصمت‚ \r\n \r\n وتدرك ايران ان كل تلك العوامل التي ذكرناها تعطيها نوعا من التفوق على الولاياتالمتحدة‚ فدورها في العراق يمكن ان يكون حاسما‚ وقد أظهرت ايران نوعين من الاشارات المتناقضة: الاشارات التصالحية وتلك التي تتسم بالتحدي والمواجهة‚ \r\n \r\n يدرك الزعيم الروحي الايراني آية الله خامنئي ان الولاياتالمتحدة تمتلك قوات عسكرية متناثرة هنا وهناك وليس بمقدورها تجميع المزيد من القوات كون العراق قد استنفد كل ما لديه من قوات أساسية وغير أساسية‚ وبالتالي فإن التخلص من عضو آخر في «محور الشر» الذي أسماه بوش في عام 2002 ليس بالشيء المستطاع‚ \r\n \r\n في نفس الوقت فإن ايران لا ترغب في ان تصبح دولة منبوذة عالميا‚ فالحمى الثورية التي اجتاحت العالم قبل ربع قرن انحسرت وظهر لدى الجميع قدر أكبر من الواقعية‚ والطموحات التجارية لايران تواجهها الولاياتالمتحدة بالصد وتحول بين ايران والدخول الى منظمة التجارة العالمية ومعظم الايرانيين يفضلون نوعا من التواصل مع أميركا‚ \r\n \r\n ان كلا البلدين بحاجة الى بعضهما البعض وكان بينهما نوع من الغزل في السنوات الماضية ومع ذلك فإن كلا البلدين غارقان في الشكوك‚ في هذه الأثناء فإن كل المؤشرات تشير الى ان ايران تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق طموحها لتكون قوة نووية وهو امر يرى فيه رجال الدين في طهران ضمانة للأمن ومصدرا محتملا للفخر القومي‚ \r\n \r\n يقول روبرت اينهورن مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق لشؤون الانتشار النووي «ان الولاياتالمتحدة وأوروبا وروسيا بحاجة ماسة للاتفاق على استراتيجية توقف ايران وتجعلها تغير حساباتها فيما يتعلق بالربح والخسارة فالأوروبيون متساهلون للغاية والأميركيون مشتتو الفكر والنتيجة ان الايرانيين يرون انفسهم في موقف قوي»‚ \r\n \r\n في هذا الشهر اعطت الوكالة الدولية للطاقة الذرية ايران مهلة حتى 25 نوفمبر لوقف جميع برامجها المتعلقة بتخصيب اليورانيوم وتلبية جميع الطلبات المقدمة إليها لتوضيح طموحاتها النووية‚ وكان هذا هو العامل المشترك في حده الأدنى للاتفاق بين الأوروبيين والولاياتالمتحدة‚ \r\n \r\n وأميركا ترغب في احالة الملف النووي الايراني الى مجلس الأمن على أمل ان يؤدي ذلك الى فرض عقوبات عليها‚ \r\n \r\n والأوروبيون من جانبهم قلقون من تبني أي مفهوم يقوم على المواجهة كون ايران بامكانها المجادلة ان بامكانها بموجب اتفاقية منع انتشار الاسلحة النووية القيام بتخصيب اليورانيوم لاستخدامه في محطات توليد الطاقة الكهربائية وهو ما تصر عليه رسميا‚ ولا يخفي الأوروبيون امتعاضهم من الانتقادات المريرة التي يوجهها اليهم جون بولتون وكيل وزارة الخارجية الأميركي لشؤون الانتشار النووي والتي يصف الأوروبيين فيها بأنهم صنائع ايرانية‚ \r\n \r\n وتدرك ايران وجود هذه الشقوق في الجدار الغربي والتي بدأت تتوسع لتتحول الى وديان مما دفعها للمضي قدما في برنامجها النووي غير عابئة بأحد‚ \r\n \r\n لقد صرح بولتون قائلا «نحن مصممون على عدم تمكين ايران من الوصول الى قدرات تسليح نووية» ولكن غير الواضح في الموضوع هو كيف؟ \r\n \r\n لقد تحركت اميركا واستقرت في جوار ايران‚ ولكن المشكلة هنا ان أحدا لا يعرف هذا الجوار أكثر من القادة الايرانيين أنفسهم القادرين أكثر من غيرهم على تحريك الخيوط بالطريقة التي يريدونها ولصالحهم‚ \r\n