\r\n وترفض الولاياتالمتحدة التوقيع على هذه المعاهدة, كما ان قيودها لن تلزمها بشيء, غير ان هذه المعاهدة, التي صادق عليها 120 بلدا في العالم, ستوضع موضع التنفيذ ان ضم مؤيدوها دولا تشكل 55 بالمئة, على الاقل, من اطلاق عوادم المحروقات في البلدان الصناعية في عام ,1990 وكانت الطريقة الوحيدة لعبور تلك العقبة تتمثل في مصادقة روسيا على البروتوكولات. \r\n \r\n ويذكر هنا ان العوادم الغازية في الولاياتالمتحدة كانت تشكل 36,1 بالمئة من العوادم في البلدان الصناعية, وفي روسيا 17,4 بالمئة, وقد نامت هذه البروتوكولات طيلة العامين الماضيين, بينما راحت روسيا تدرس ظروفها, وتسعى الى الحصول على تنازلات من الاتحاد الاوروبي, اكبر مناصري المعاهدة. \r\n \r\n وتعتبر هذه المعاهدة, على نطاق واسع, علامة بارزة في الدبلوماسية البيئية العالمية, فهي الاتفاقية الاولى التي تضع مجموعة من القيود الملزمة على الغازات العادمة المسببة في ارتفاع حرارة الجو, التي ما تزال حتى الان نتيجة لا يمكن تجنبها في كل مظهر تقريبا من مظاهر الحياة العصرية, بما في ذلك قيادة سيارة وادارة محطة لتوليد الطاقة, اما المصدر الرئيسي للغاز السائد »وهو ثاني اوكسيد الكربون« فهو احتراق الفحم والنفط. \r\n \r\n على ان العديد من الاختصاصيين يقولون ان هذه البروتوكولات لا تمثل في الوقت ذاته الا اصغر الخطوات الاولية باتجاه الحد من تأثير الانسان في المناخ, آخذين في ذلك بعين الاعتبار اهدافها المتواضعة, وان الولاياتالمتحدة لن تلتزم بشروطها, اما الصين, احدى الدول الرئيسية المسببة للتلوث, والتي وقعت على البروتوكولات فغير خاضعة لقيودها لانها تعتبر دولة نامية, ويذكر هنا ايضا ان المعاهدة تطالب 36 دولة من الدول الصناعية بتخفيض عوادمها الجماعية الناجمة عن غازات ست من بيوتها الزراعية الزجاجية بحلول عام 2012 باكثر من نسبة 5 بالمئة عن مستواها في عام ,1990 اضافة الى مفاوضات على اهداف اخرى تجرى مع دول معينة على نسب غيرها بصورة ثنائية. \r\n \r\n ووفقا لاحد الحسابات, فان ما يزيد على اكثر من 40 مرة من حجم العوادم المخفضة تقتضيه هذه المعاهدة, للحيلولة دون مضاعفة حجم ثاني اوكسيد الكربون المتركز في جو هذا البلد في فترة ما قبل التصنيع, ولهذا يظل قرار حكومة الرئيس بوتين بالمصادقة على المعاهدة »مدعاة للاحتفال« على حد قول كلاوس تويبر, المدير التنفيذي لبرنامج الاممالمتحدة حول البيئة. \r\n \r\n وقد اعترف تويبر بان اتفاق كيوتو ما هو »الا الخطوة الاولى في رحلة طويلة نحو فرض الاستقرار في انبعاث غازات البيوت الزجاجية«. مضيفا بان الخطوة التي اتخذتها روسيا بعثت اشارة حيوية الى البلدان النامية, التي اعربت عن تأييدها للمعاهدة ان اعفيت تلك البلدان من التخفيض, والى العدد القليل من البلدان الغنية التي ما تزال تعارض كبح انبعاث الغازات المسببة لارتفاع حرارة الجو, وفي مقدمتها الولاياتالمتحدة, وقال تويبر, »انني لآمل ان تنضم دول اخرى, بعضها كان ينظر اليها, مثل روسيا, على انها كانت راغبة عن المصادقة على المعاهدة في السابق, ستنضم الينا في هذا الجهد العالمي الصادق«. \r\n \r\n في واشنطن, قال هارلان واتسون, كبير المفاوضين في قضايا المناخ لدى وزارة الخارجية, ان قرار روسيا لن يغير الموقف الرافض من ادارة بوش للمعاهدة وان الولاياتالمتحدة ستواصل تركيزها على البحث طويل المدى لايجاد مصادر غير ملوثة للطاقة, او طرائق للحد من تراكم ثاني اوكسيد الكربون, \r\n \r\n وبسرعة, اغتنم الفرصة المتحدث باسم المرشح الديمقراطي للرئاسة, جون كيري, الذي انتقد موقف ادارة بوش من ارتفاع حرارة الجو, للافادة من قرار روسيا, ليقول »لقد اخطأ جورج بوش خطأ فادحا عندما اعلن عن تحديد 10 سنوات من العمل مع 160 دولة غير منظورة, بدلا من العمل مع حلفائنا لاقرار المعاهدة, وقيادة الجهود ضد ارتفاع حرارة الجو«, واضاف ديفيد ويد, »اننا ما نزال ندفع ثمنا باهظا لموقفه الاحادي«. \r\n \r\n وهناك خطوة اخرى مطلوبة من روسيا لوضع المعاهدة موضع التنفيذ, الا وهي مصادقة البرلمان عليها, صحيح ان »الدوما« يهيمن عليه مؤيدو بوتين, وبالتالي فان هذه المصادقة واردة, حتى وان تنبأ رئيس الحكومة, ميخائيل فرادكوف, »حوارا صعبا« فيه حول هذه المسألة, لكن تطبيقها سيسري بعد 90 يوما من هذه المصادقة. \r\n \r\n لم يُدل الرئيس بوتين بأي تصريح في هذا الشأن, غير ان كبير مستشاريه للشؤون الاقتصادية, اندريه الاريونوف المعارض للمعاهدة, قال ان القرار بالمصادقة عليها جاء لاسباب سياسية, وان المهمة الان تتمثل في محاولة تقليص العواقب السلبية للمعاهدة الى حدها الادنى بالنسبة لروسيا. \r\n \r\n وقال ايضا ان التواطؤ في هذه القضية سيؤخر معدلات النمو الاقتصادي في روسيا, ويجعل من المستحيل تحقيق هدف بوتين المعلن بمضاعفة اجمالي الناتج المحلي خلال عقد من الزمان, وذكرت وكالة انترفاكس عن الاريونوف قوله » اننا لم نتخذ هذا القرار باريحية وسعادة« \r\n \r\n وكان الاتحاد الاوروبي قد ضغط على روسيا, منذ سنة للقبول بالمعاهدة, وصرح رئيس المفوضية الاوروبية, رومانو برودي, »لقد بعث الرئيس بوتين بهذا القرار اشارة قوية عن التزامه وشعوره بالمسؤولية« وكان الاريونوف قد صرح قبل ذلك بان المعاهدة استندت الى افتراضات زائفة, وحتى معطيات علمية مخادعة ومضللة. \r\n \r\n غير ان وجهة نظر الاريونوف تتعارض مع الاجماع الدولي الواسع, القائل بان تراكم الغازات منذ وقت طويل, وتعمل مثل قطع الزجاج في اعلى البيت الزجاجي, من شأنه ان يضعضع انماط الطقس والموارد المائية, ويهدد السواحل برفع منسوب المياه. وقد وصف جيرمان غريف, وزير التنمية الاقتصادية الروسي هذه المعارضة بانها »خطوة تقدمية« لكنه اضاف »بانه من الصعب عليها ان تكون امرا حاسما في تحسين الوضع البيئي تحسنا جذريا« وبالتعارض مع الاريونوف, قال غريف انه من غير المرجح لهذه المعاهدة ان تقوض معدلات النمو الاقتصادي في روسيا. \r\n \r\n وفي واشنطن, المح بعض الناشطين في قوى الضغط لصالح الصناعات الامريكية, المعارضين للمعاهدة بان هناك املا بان بوتين ما يزال معارضا لها, وانه كان يخطط لرفضها في البرلمان, كدليل على انه لم يعزز سلطته بعد. لكن الانطباع في موسكو بين نشطاء الحفاظ على البيئة يبدو متفائلا بحذر. \r\n \r\n اما فلاديمير ازخاروف, مدير مركز السياسة البيئية, الذي يعتبر احد قوى الضعط, فقال انه من »المحتمل جدا جدا« ان يصادق البرلمان على المعاهدة, هذا على الرغم »من عدم وجود اية ضمانة لذلك«. \r\n \r\n في عام ,2001 رفض الرئيس بوش هذه المعاهدة, وقال انها ستلقي باعباء على الاقتصاد بتقييدها لاستعمال المحروقات الحفرية, وتستبعد دون وجه حق, بلادا نامية من كبح الغازات العادمة, ومنذ فترة طويلة, ومجلس الشيوخ يعبر عن معارضته للمعاهدة للاسباب ذاتها, ومن ناحية الصين ودول نامية اخرى موقعة على المعاهدة, فلم تمهر ذلك التوقيع على المعاهدة الا لانها تجبر البلدان الصناعية المترسخة بالالتزام بالمعاهدة اولا. \r\n \r\n وصرخ الاريونوف في شهر كانون الاول الماضي, فيما يبدو رفضا مطلقا للمعاهدة, قائلا ان روسيا لن توقع على المعاهدة. ومع هذا, وعد الرئيس بوتين في ايار الماضي, بان يسرع في عملية المصادقة عليها, في اشارة فسرت على نطاق واسع بانها تنازل من اجل نيل دعم الاتحاد الاوروبي لروسيا في مشروعها لدخول منظمة التجارة العالمية. \r\n \r\n وقد تلقت المجموعات البيئية العالمية هذا الخبر بعين الرضا والاطمئنان, وقال في هذا الخصوص, ستيف سوير, احد دعائيي حملة المناخ لدى جماعة غرين بيس الدولية, »في الوقت الذي تتعرض الارض فيه لعواصف متزايدة, ولفيضانات ومواسم جفاف كبيرة, يأتي بنا الرئيس بوتين الى نقطة حيوية ومحورية في تاريخ البشرية, بهذا تضع ادارة بوش نفسها في البرد القارس, بينما تستطيع بقية دول العالم التقدم الى الامام«. \r\n \r\n في مقابلة على الهاتف, قال مزيد كروب, رئيس وكالة الدفاع البيئي, »ان الامر الهام في هذه المسألة هو ان تلك ستكون اشارة تنتشر في السوق في جميع انحاء العالم, وهي اشارة الى اننا نسير نحو مستقبل مفعم بثاني اوكسيد الكربون«. \r\n \r\n وتعتبر هذه المعاهدة التي اسميت باسم المدينة اليابانية -كيوتو- حيث جرت المفاوضات بشأنها عام 1997 احدى ثمرات اتفاق عام 1992 لمؤتمر الاممالمتحدة حول تغير المناخ, الذي وقع عليه والد بوش, والذي بموجبه اتفقت بلدان العالم على بذل الجهد لتقليص غازاتها العادمة بمستوى عام 1990 بحلول عام ,2000 ومع ذلك, اتضح منذ اواسط التسعينات ان تلك الاهداف لن تتحقق, الامر الذي ادى الى عقد جولة اخرى من المباحثات بغاية الزام البروتوكولات باهداف وعقوبات محددة. \r\n \r\n وهكذا جرى تسرع في تعميم صياغتها وتحديد اهدافها في شهر كانون الاول 1997 في كيوتو, لكن زخما اخر لها تم اهداره برفض الرئيس بوش لها بعد وقوع هجمات 11 ايلول 2001. \r\n \r\n على ان ابرز نقاط ضعف هذه المعاهدة ينطلق من التأجيل الطويل لابرامها, فقد ادت النشاطات الاقتصادية التالية, وارتفاع نسبةانبعاث الغازات العادمة الى خطر عدم انصياع اوروبا واليابان, مؤيديها الرئيسيين, الى نصوصها. \r\n \r\n وفي الحقيقة, تقدم المعاهدة استرتيجيات متنوعة, تمكن البلدان في العالم من تحقيق غاياتها دون تقليص انبعاث العوادم في اراضيها, وذلك ان بامكان الاستثمارات ان تقوم ببرامجها في البلدان الفقيرة لانقاذ الغابات التي تمتص ثاني اوكسيد الكربون, او ان تدخل تكنولوجيا كفؤة تستخدم وقودا اقل. \r\n \r\n كما ان هذه المعاهدة تبيح التجارة بالعوادم, حيث يستطيع بلد ما شراء حق بعث الغاز من بلد اخر تجاوز فعلا اهدافه بتقليص الانبعاث, ولديه رصيد زائد منه. \r\n \r\n وقال البروفسور ديفيد فيكتور, استاذ العلوم السياسية بجامعة ستانفورد, والمتابع للبروتوكولات منذ وقت طويل, انه ما من شيء تخسره روسيا ان هي مضت قدما في هذا الاتجاه, طالما انها تجاوزت الاهداف التي حددتها كيوتو حتى قبل ان توضع. \r\n \r\n فبعد انهيار الاقتصاد الروسي في اعقاب سقوط النظام الشيوعي, هبطت مستويات انبعاث الغازات من البيوت الزجاجية الى ما دون مستوى عام ,1990 الامر الذي يضعها في حالة من الفرصة المواتية للمتاجرة برصيدها الذي ادخرته مذ هي تجاوزت اهدافها لتقليص الانبعاثات, ويقول البروفسور فيكتور ان هذه الحزمة من الارصدة تشكل الان نعمة مختلطة. \r\n \r\n في الفترة الاخيرة, اصدر الاتحاد الاوروبي تشريعا يقضي باقامة سوق للمتاجرة الداخلية وفق شروط البروتوكولات, الامر الذي يمكن الدول الاعضاء الاكثر غنى, مثل بريطانيا, الحصول على رصيد يحقق الاهداف المطلوبة, وذلك عن طريق الاستثمار في مشاريع تقليص انبعاث الغازات في دول اكثر فقرا وتلوثا كاسبانيا مثلا. \r\n \r\n لكنه وفقا لشروط المعاهدة, تستطيع بلدان مثل دول اوروبا واليابان, وغيرها من الدول المشاركة شراء هذه الارصدة من روسيا ايضا, فان بدأت روسيا تبيع ارصدتها من ذلك الان الى اوروبا, فستقل الحوافز, بالنسبة للشركات داخل الاتحاد الاوروبي, للسير الى الامام ببرامج الانبعاث التي ستكون كلفتها اكبر, على حد قول البروفيسور فيكتور.0 \r\n \r\n عن صحيفة نيويورك تايمز