«التحديات النفسية والاجتماعية لظاهرة التنمر في ظل الرقمنة».. ندوة بآداب بنها    ارتفاع البورصة بمستهل التعاملات بتداولات تتجاوز 700 مليون جنيه خلال نصف ساعة    زيادة العملات التذكارية للمتحف المصري الكبير بعد تزايد الإقبال عليها    13 نوفمبر 2025.. أسعار الخضروات والفاكهة بسوق العبور للجملة اليوم    بنك قناة السويس يحقق 5 مليارات جنيه أرباحًا بزيادة 62% بنهاية سبتمبر 2025    وزير قطاع الأعمال خلال جولته بشركة الغزل والنسيج بالمحلة: ماضون بثبات نحو صناعة نسيج وطنية تنافس عالميا    الكهرباء: مستمرون في التنسيق مع البيئة لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للطاقة والتحول نحو الطاقات المتجددة    نزع ملكية أراضي وعقارات لتطوير محور المحمودية بمحافظة الإسكندرية    الهلال الأحمر المصري: استجابتنا لغزة الأكبر في التاريخ.. وقدمنا أكثر من 665 ألف طن من المساعدات    السيسى يهنئ محمود عباس بذكرى العيد الوطنى لفلسطين    وزيرا خارجية مصر وتركيا يؤكدان تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والتعاون الصناعي    بالصور| تأدية صلاة الاستسقاء في السعودية    رئيس بلدية خان يونس: دمار شامل وممنهج طال كل مقومات الحياة في غزة    القضاء العراقي يدعو الأحزاب الفائزة إلى سرعة إجراء حوارات تشكيل الحكومة الجديدة    شوبير: بتروجت يتمسك بتغيير شروط صفقة حامد حمدان مع الزمالك    آخر تطورات المباراة الودية بين الأهلي وبطل السعودية    شوقي غريب: قرارات اتحاد الكرة منطقية.. وتوروب أحدث نقلة نوعية في أداء الأهلي    بشير التابعي: شكوى الزمالك ضد زيزو "شخصية".. وطاهر لا يستحق الانضمام للمنتخب    إيطاليا تواجه مولدوفا في اختبار سهل بتصفيات كأس العالم 2026    إحالة عاطل للمحاكمة بتهمة سرقة المواطنين في الزيتون    تعليم الأقصر تبحث الاستعدادات لامتحانات الفصل الدراسى الأول.. صور    زوج يقتل زوجته بعد شهرين من الزواج بكفر الشيخ    منخفض جوى يضرب لبنان اليوم والذروة غداً    الإبداع من رحم المعاناة.. قراءة في حياة فان جوخ    الأعلى للثقافة: مدونة السلوك خطوة مهمة لضمان احترام الآثار المصرية وتعزيز الوعي الحضاري    وزير الصحة يُطلق الاستراتيجية الوطنية للأمراض النادرة    كامل الوزير يبحث مع وزير الصحة والكيماويات الهندي تعزيز التعاون في مجالي الصناعة والنقل    مخاطر وأضرار مشروبات الطاقة على طلبة المدارس.. استشاري تغذية توضح    المشدد 6 سنوات ل«عامل» بتهمة الاتجار في المواد المخدرة بالشرقية    اعتراف إسرائيلى نادر.. هرتسوج: عنف المستوطنين فى الضفة الغربية يجب أن ينتهى    كل ما تريد معرفته عن جولة الإعادة في انتخابات النواب    الاستعانة ب 12 سيارة من الشركة القابضة بالإسماعيلية ومدن القناة لسرعة شفط مياه الأمطار ببورسعيد    عاجل- توقف حركة الملاحة والصيد بميناء البرلس بسبب سوء الأحوال الجوية وتحذيرات للمواطنين    التعليم تعلن شروط التقدم والفئات المسموح لها أداء امتحانات الطلاب المصريين بالخارج    اعتماد نادي اليونسكو للتنمية المستدامة بجامعة القاهرة ضمن الشبكة العالمية    سعر الدينار الكويتى اليوم الخميس 13 نوفمبر 2025 أمام الجنيه    دوري المحترفين، 5 مباريات اليوم في الجولة ال 12    الرئيس يوافق على إصدار قانون الإجراءات الجنائية الجديد    طريقة عمل البطاطا بالكاسترد بمذاق لا يقاوم    من عثرات الملاخ وتمرد عادل إمام إلى عالمية حسين فهمي، قصة مهرجان القاهرة السينمائي    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 13نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا    استمرار امتحانات منتصف الفصل الدراسي الأول بهندسة جنوب الوادي الأهلية    إنهاء أطول إغلاق حكومى بتاريخ أمريكا بتوقيع ترامب على قانون تمويل الحكومة    الصحة: خلو مصر من التراخوما إنجاز عالمي جديد.. ورؤية الدولة هي الاستثمار في الإنسان    10 صيغ لطلب الرزق وصلاح الأحوال| فيديو    صاحب السيارة تنازل.. سعد الصغير يعلن انتهاء أزمة حادث إسماعيل الليثي (فيديو)    استخراج الشهادات بالمحافظات.. تسهيلات «التجنيد والتعبئة» تربط أصحاب الهمم بالوطن    الولايات المتحدة تُنهي سك عملة "السنت" رسميًا بعد أكثر من قرنين من التداول    «سحابة صيف».. مدحت شلبي يعلق على تصرف زيزو مع هشام نصر    حبس المتهمين بسرقة معدات تصوير من شركة في عابدين    احسب إجازاتك.. تعرف على موعد العطلات الدينية والرسمية في 2026    غضب واسع بعد إعلان فرقة إسرائيلية إقامة حفلات لأم كلثوم.. والأسرة تتحرك قانونيا    فيفي عبده تبارك ل مي عز الدين زواجها.. والأخيرة ترد: «الله يبارك فيكي يا ماما»    أبو ريدة: سنخوض مباريات قوية في مارس استعدادا لكأس العالم    محمود فوزي ل"من مصر": قانون الإجراءات الجنائية زوّد بدائل الحبس الاحتياطي    قصر صلاة الظهر مع الفجر أثناء السفر؟.. أمين الفتوى يجيب    رئيس الإدارة المركزية لمنطقة شمال سيناء يتفقد مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن الكريم بالعريش    انطلاق اختبارات «مدرسة التلاوة المصرية» بالأزهر لاكتشاف جيل جديد من قراء القرآن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عربدة البلدوزرات الاسرائيلية ليست وليدة اليوم، فرق الاغتيالات واقع صهيوني قديم ك
نشر في التغيير يوم 27 - 09 - 2004


\r\n
يذكرك بالشخصيات الاميركية الكارزمية، قيل لنا ان اسمه زيد زكي زيد وقدم للحديث على انه رئيس اللجنة المحلية في مخيم جباليا.سألته: ما هي مهمة اللجنة المحلية؟ فقال: انها تعالج المشكلات التي تنشأ بالمخيم. وخشيت ان يكون حضوري إلى هنا مريباً بحيث يوجد لهم مشكلة تحتاج إلى علاج، ولذلك افصحت عن هدفي من الحضور وانني لست متحيزاً ضد الفلسطينيين.
\r\n
\r\n
في مخيم جباليا
\r\n
\r\n
ان بودي ان ابدأ فصول هذا الكتاب بحديث عن مخيم جباليا واحداثه التي حولت مسار التاريخ. كان ذلك في 1971 عندما كان ارييل شارون قائداً للقيادة الجنوبية، وحينها ارسل بلدوزرات الجيش لتهشم بيوت المخيم.
\r\n
\r\n
لم يكن المراسلون الصحافيون الغربيون في ذلك الزمان يصلون إلى هذا المكان، وبالكاد يصلون إلى غزة في طريقهم إلى سيناء وقناة السويس ومصر، وكان الصراع منظوراً إليه على انه صراع بين الامم، مصر والاردن وسوريا واسرائيل، اما فلسطين فليست في الحسبان، ولذلك لم يجد حدث التخريب الذي اقترفه شارون من يقوم بتغطيته من الصحفيين.
\r\n
\r\n
قبل ان يقوم شارون بفعلته تلك كانت مخيمات اللاجئين خارج قبضة الجيش الاسرائيلي، فقد كانت تعامل وكأنها تحت ادارة الامم المتحدة التي كانت وكالاتها تعتني بالمشردين الفلسطينيين في حرب 1948. ولكن ها هو شارون الآن يعلن بحد جرافاته ان المخيمات تقع تحت سلطة اسرائيل واعلن ما سمعته يوم ذاك من ان الاسرائيليين سيبقون هنا إلى الابد.
\r\n
\r\n
وعندما تجولت في اسرائيل، سألت الكثيرين عن تلك الحادثة، وجمعت معلومات متنوعة. الحاكم العسكري القديم لغزة، الجنرال ينداك قال لي ان ما فعله شارون يومها كان جزءاً صغيراً من مشروعه الذي لا يزال ينفذه حتى الآن، وانه يريد ان يدمر كل المخيمات لسببين الاول انساني فهو يريد للفلسطينيين ان يخرجوا منها ليعيشوا عيشاً كريماً في مكان بعيد جداً من هنا، والسبب الثاني انه استراتيجي حيث ان اغتراب اللاجئين عن هذا المكان يحرمهم من حق العودة اليه.
\r\n
\r\n
وسألت المؤرخ الاسرائيلي مائير بيل الذي يعرف خفايا الجيش الاسرائيلي كما يعرف ظاهر خططه ونشاطاته فقال ان شارون لم يكن يعلن سياسة جديدة بذلك التصرف وإنما كانت تلك السياسة ماضية من قبل فالاراضي العربية المحتلة في عام 1967م سترجع إلى العرب يوم توقع اتفاقيات سلام شاملة اما قبل ذلك فهي اراض اسرائيلية. كان موشى دايان الذي احتل تلك الاراضي يقول بذلك وكان يجيب على من يسأله عن شرعية احتلال تلك الاراضي بعبارة مختصرة: اننا في انتظار مكالمة هاتفية منهم.
\r\n
\r\n
عربدة البلدوزرات
\r\n
\r\n
الآن بعد خمسة وثلاثين عاماً من حرب يونيو 1967 وبعد ثلاثين عاماً من الحركة الاولى لبلدوزرات شارون لا تزال غزة وجباليا تحت السيطرة الاسرائيلية. سألت زيد زكي زيد ماذا حدث ذلك اليوم؟ فبدأ حديثه: لقد جاءوا في الليل وكأنه ليل امس وانذروا الناس لكي يجلوا عن بيوتهم في ظرف اربع وعشرين ساعة، وختموا عليها بحروف ٍّ ثم جاءت البلدوزرات في صباح اليوم التالي فجرفت البيوت من الاساس. ومن يوم ذاك لم تتوقف البلدوزرات عن جرف بيوت الفلسطينيين.
\r\n
\r\n
فهاهم قد جرفوا حديثاً نصف مخيم في جنين احتجاجاً على بعض تفجيرات الاستشهاديين.. ومن يومها ازداد المشردون الفلسطينيون تشرداً وعذاباً. هكذا مضى زيد زكي زيد في سرد خطوط القصة بما ذكرني تماماً بتفاصيل قصص بني اسرائيل وعذاباتهم التي كانت تروى لنا ونحن اطفال في مدارس الاحد بنويورك.
\r\n
\r\n
كثير من الناس لم يرتضوا ذلك الضيم، وقاتلوا مسلحين بإمكاناتهم القليلة، ولكن احيط بهم، وحملوا في سيارات الجيش، وقذف بهم بعيداً في صحراء سيناء، حيث اقاموا حتى اذا عقد السادات صلحه مع الاسرائيليين رفض ان يقبل هؤلاء القوم في ارضه، فحملوا مرة ثانية على سيارات الجيش، وقذف بهم في ارضهم، ارض فلسطين.
\r\n
\r\n
والآن اخذ الرجل الاصلع مع بقايا شعر وخطه الشيب يتدخل في الحديث ليقول: هذه في الواقع هي التجربة الثانية لنا مع التشريع والتهجير بعد تجربة ,1948. هذا التعليق العميق ذو المغزى بدا لي جيداً.
\r\n
\r\n
ان زيداً هو من قبيل السياسيين المهرة ذوي الوزن الثقيل الذين عرفتهم في ميرلاند بأميركا ان لهم مستشارين ذوي حصافة ويتدخلون في الوقت المناسب ليدلوا بالقول الفصل. هذا الرجل الذي تدخل اخيراً في الحديث له صوت هاديء رزين وجبينه تلعوه «زبيبة» الصلاة مما يعطيه مكانة رفيعة في نفوس المسلمين. وظل يتحدث بكلمات موجزة هدفها اعادة تأكيد كلام زيد بامثلة وادلة جديدة.
\r\n
\r\n
مضت خمس وخمسون سنة ونماذج العدوان الاسرائيلي علينا هي عندما كان شارون قائداً للقيادة الجنوبية ارسل جنوده يوماً إلى السجن، ليخرجوا احد ابناء المخيم، واحضروه إلى مقربة من المخيم واطلقوا عليه الرصاص على رؤوس الاشهاد ليكون عبرة للناس.
\r\n
\r\n
وتدخل شخص آخر من مستشاري زيد يسمى محمد عبدالرحمن ابوركبة ليمضي بالخط إلى شوط اطول إلى الوراء فقال اننا نعرف شارون منذ زمن بعيد. وقاطعه زيد فقال منذ عام 1951 عندما دمر بيوت الناس في قبيه وهم بداخلها، واستأنف ابوركبة حديثه فقال ومنذ ذلك اليوم انشأ فرق الاغتيال التابعة له والتي تنفذ سياسات الاغتيال من قديم وهي سياسات لم يبدأها بعد ان اصبح رئيساً للوزراء، كما يظن بعض الناس.
\r\n
\r\n
لقد دخل القوم في شعاب شتى بقصص ارهاب شارون حتى اني فقدت القدرة على تتبع تلك القصص. وانتبهت من طريقة الحكايات إلى شيء واحد: ان هؤلاء الناس لا يعرفون شارون كما اعرفه، انه حصان اهوج فقد مساره ولا يملك ادنى مؤشر يقوده إلى الطريق الصحيح وزاد سوءه سوءاً انه بلغ من العمر عتياً، وفقد القدرة على توليد الافكار، او احترام الافكار. انه لا يستطيع ان يفكر في شيء غير ضرب العرب وايذائهم، ويزداد توتره وتخبطه كلما حدث متغير جديد في الامور.
\r\n
\r\n
مضى ذهني يستعيد شريط ايامي في بيروت وشارون يحكم عليها الحصار والقصف، يا لها من ايام مرعبة فظيعة. لا ماء نظيف ولا طعام طازج ولا كهرباء ولا جازولين لشهور وشهور. وكنت كمراسل صحافي اسعى ما بين تجمعات مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية في جنوب بيروت.
\r\n
\r\n
وتمكنت حينها من التعرف عليهم جيداً كنا نجلس وسط اكياس الرمل والذباب والحشرات، ندخن السجاير، ونشرب الشاي في اكواب قذرة وكانوا يصرون على ذلك وكأنهم على ابواب القدس!
\r\n
\r\n
حدث ذلك بينما كنت في قرارة نفسي اظن ان هؤلاء سيكونون محظوظين لو اتيح لهم ان يخرجوا من بيروت سالمين. وكانوا احياناً يتحدثون إلى بما يغيظ: لماذا تساعدون ايها الاميركيون هؤلاء الصهاينة؟ وكنت ارد عليهم بما يغيظ: لأن هؤلاء القوم اصدقاؤنا. ويوم تجدون صديقاً قوياً يخلصكم الصدق فستتمكنون حينها من تحرير فلسطين.
\r\n
\r\n
لم يكن ما قلته يعبر عما في صدري ولا يعبر عن الحقيقة الموضوعية. ولكني اردت أن يفكر هؤلاء في امر تعلقهم العاطفي الذي لا معنى له بالسوفيت الذين لا يريدون لاسرائيل ان تعطي الفلسطينيين حقوقهم. ولكني دهشت عندما رأيت اعجابهم باديا بقولي هذا مع انهم لم يوجهوه الوجهة التي اردت. وأصبحت تلك الكلمة التي فهمت بها وفهمت خطأ تغذى على مدى شهور علاقتي بهؤلاء المقاتلين. لقد منحتهم تلك الكلمة احساساً بأنهم يدافعون عن الحق والشرف وانهم يواجهون في سبيل ذلك كل القوى العظمى. وعندما تصبح للحق والشرف قيمة في هذا الوجود فإنهم حينها ولا ريب سينتصرون.
\r\n
\r\n
سألتهم فأجابوا
\r\n
\r\n
سألتهم عدة اسئلة اجابوا غنها ثم سألتهم عن الهجمات الاستشهادية التي يقوم بها ابناؤهم الصغار، وهل صحيح انهم يفعلونها لان المنظمات الخيرية تمنح اسرهم بعض المال، وهل صحيح ان هؤلاء الاستشهاديين معقدون نفسياً بسبب المشكلات الاسرية؟
\r\n
\r\n
جاءت الاجابة عن هذه الاسئلة الاخيرة من رجل كان يجلس بيميني لم يتحدث في المجلس من قبل قط. ويبدو ان زيداً اتى به ليكون خبيره السوسيولوجي وهو ذو اسم جميل: حسن احمد عبدالعزيز عزيز. ويناديه البعض بأبي رمزي، عمره في فوق الستين ويعمل مستشاراً للناس في مشكلاتهم الاجتماعية، ويعقد اجتماعات الصلح لفض المنازعات.
\r\n
\r\n
وهذه المنازعات هي من قبل ان يرمى الجار القمامة في الطريق العام او قرب مسكن آخر، او ان تمتد شجرة من حديقة لي لحديقة اخرى وتمنع نمو النباتات هناك، او ان تخرج زوجة من بيت زوجها، إلى اهلها اثر مشادة بين الطرفين او ان يعصى الابن أوامر ابيه. وهنا يحتاج الناس إلى الصلح وهذا ا لمصلح عزيز، فيجتمعون لديه ويسمعونه شكاواهم ويرونه مستنداتهم فيسمع ويرى بأناة شديدة ويعمل على تقريب شقة الخلاف بصبر وحكمة وينتهي إلى تقسيم الحقوق والواجبات بما يرضي عادة الطرفين المتنازعين فيخرجان من داره وهما مصطلحان.
\r\n
\r\n
سألت أبا رمزي عن ابناء اليوم فقال: ان الاباء يسيطرون عليهم ماداموا صغاراً فإن شبوا قليلاً ينالون من التعليم الحديث بعض المعلومات الجديدة ونالوا من التلفزيون افكاراً اخرى غريبة وينتهون بذلك إلى تكوين افكارهم الخاصة بعيداً عن المهن الأسرية ويكفون عن السماع لاوامر ونصائح الآباء.
\r\n
\r\n
وهؤلاء الاستشهاديون لا يخرجون عن هذه القاعدة. اصبحت افكارهم عن قضية فلسطين تتكون من المصادر التي حدثتك عنها وغيرها ولم تعد تتكون من حكايات وقصص الاباء. بل ان هؤلاء الابناء التواقين للشهادة والفداء كثيراً ما ينحون باللوم على آبائهم لانهم لم يقاتلوا اليهود بما يكفي واسترخوا كثيراً واستسلموا احياناً ولو فعلوا ما كان واجباً عليهم ان يفعلوه لما عاش الابناء في هذا الهوان. ولما كان كل ذلك كذلك يقول الابناء لابائهم فلا يحق لكم ان تمنعونا ان نفعل ما نشاء لنتحرر.
\r\n
\r\n
ماذا يمنع الصلح؟
\r\n
\r\n
سألت عن الامهات، وبخاصة عن ام شهيرة يتحدث عنها الاسرائيليون في كل مكان لانها استضيفت على شاشة التلفزيون وقالت انها فخورة بابنها الذي استشهد لانه قتل كثيراً من اليهود، ولانها سجلت شريط فيديو مع ابنها قبل استشهاده وكانت تعلم بما هو مقدم عليه قبل التنفيذ، وحثته وحرضته ملياً على المضي قدماً في درب الشهادة القويم.
\r\n
\r\n
اجاب زيد: نعم سمعنا بهذه المرأة ولا نذكر اسمها الآن. ولكنها تسكن غير بعيد من هذا المكان. انها تسكن في حي الشجاعية. وتحدثوا قليلاً بالعربية من غير ان يترجموا لي ما قالوه، ثم ذكروا انهم فشلوا جميعاً في استحضار الاسم ولم يتذكروا حتى اسم ابنها الذي استشهد. المشكلة كانت في ان المرأة وابنها ليس من انصار «فتح» وانما من انصار «حماس» ووعدوا بان يبحثوا عن اسم ام الشهيد.
\r\n
\r\n
في ذلك الوقت بدأ ابو رمزي ينحو منحى آخر في الحديث، فطرق سيرة الرئيس الاميركي جورج بوش، فقال ان هذا الرجل باستطاعته، ان كان منصفاً وجاداً، ان يعقد صلحاً بين اليهود واهل البلاد الفلسطينيين على غرار ما نعقد من اتفاقيات الصلح على النطاق المحلي. ان على بوش الا يكتفي بالسماع لصوت واحد.
\r\n
\r\n
عليه ان يجمع الطرفين معاً ويسمع لهما وبعد ان يجمع البينات جيداً يقوم بتمحيصها ووزنها، ثم يقوم باعادة تقسيم الحقوق والواجبات بين الطرفين. واذا فعل بوش ذلك فإننا نتوقع ان يعطينا قسماً فسيحاً من بلادنا نقيم عليه دولتنا، ثم نتوقع منه ذلك مساعدات جمة تعيننا على اكمال البناء.
\r\n
\r\n
قاطعت هذا الحديث لاستفسر عن صحة امر سمعته في اسرائيل مراراً وهو ان القرآن يمنع من عقد اي صلح بين العرب واليهود. قال ابو رمزي ان القرآن لا يقف في سبيل الصلح. وان الصلح عادة قديمة بين العرب لم يمنعها الاسلام لانها كانت موجودة قبل ان يظهر الاسلام فكان العرب يتحاربون ويتصالحون وكانوا يحاربون القبائل اليهودية التي تجوب صحراء العرب ويصالحونها.
\r\n
\r\n
ان القرآن لا يقف في هذا السبيل وانما يقف الاسرائيليون لسبب واحد هو انهم لا يؤمنون بقيمة اسمها الشرف، وما لم يؤمن اليهود بقيمة الشرف فلا امل في ان يعقدوا صلحاً مع قوم يؤمنون به حق الايمان. ان على اليهود ان يعتذروا لنا اولاً عن سرقة اراضينا وممتلكاتنا وتشريدنا وتقتيلنا، وبدون ذلك لا امل في صلح على الاطلاق.
\r\n
\r\n
عندما سمعت ذلك اومأت بالفهم والاستيعاب، وان كان لي رأي فيما قالوا لم استطع ان اعبر عنه، حتى لا أتهم بالجلافة وصلابة العاطفة. كان سبب سكوتي هو ان الحق في عالم السياسة يجب ان يتماشى مع الواقع المعاش لا مع القيم التي لا يؤمن بها الناس، ولو كانت قيما نبيلة كقيمة الشرف.
\r\n
\r\n
حق العودة
\r\n
\r\n
يؤمن ياسر عرفات بحق عودة الفلسطينيين إلى ارضهم القديمة، ولذلك رفض في طابا في عام 2000م أن يوقع اتفاقاً مطيوعاً على اوراق البيت الابيض ومعداً لكي ترسل نسخة منه إلى لجنة جائزة نوبل.. الخ فقط لانه لم يحتو على نص يكفل للفلسطينيين حق العودة إلى ديارهم. واين هي تلك الديار؟
\r\n
\r\n
اكثرها مسح ان الارض وحول إلى حقول او إلى مستوطنات اليهود. أيريد لبني قومه ان يرجعوا ليعيشوا غرباء بين يهود؟ لا احد يعرف. وهكذا نهض عقل فلسطيني المعي وشجاع هو عقل خليل الشقاقي ليستطلع آراء اللاجئين وكان مدهشاً ان يجد ان عشرة بالمئة فقط منهم يرغب في العودة إلى دياره.
\r\n
\r\n
وعندما نشر نتيجة ذلك الاستطلاع قامت جمهرة من المتحمسين بالتظاهر قرب مكتبه واقتحموه ورشقوا صاحبه بالبيض. وكانوا في جملتهم من جماعة ابي عمار وجاء في دعاياتهم ان الشقاقي باع نفسه بالدولارات الاميركية، وصب سمومه على القضية الفلسطينية، ودعوا إلى محاكمته بتهمة الخيانة العظمى.
\r\n
\r\n
استغرق المسير ساعة واحدة حتى حططنا ارجلنا بدار ام الشهيد، وعرفنا ان اسمها مريم فرحات، وعرفنا انها ام الشهداء وليس ام الشهيد فقط لانها في الايام الماضية اعطت شهيداً آخر من ذريتها ونذرت ان تهب بقية ابنائها العشرة للجهاد.
\r\n
\r\n
قالت لي: انني لاازال أتألم لفقد الشهيدين وابكى كل يوم لفقدهما ولكن الغرض الذي استشهدا لاجله اعظم من تباريح ما اعاني من الآلام. انني لم افقدهما حقيقة فهما عند ربهما يرزقان وارجو ان يكون ذلك مدخلا لي إلى الفردوس الاعلى.. ولذلك فإنني لا اريد ولا اقبل فيهما عزاء وانما تهنئات.
\r\n
\r\n
احد ابنيها اقتحم مدرسة اسرائيلية وقتل فيها ستة طلاب في سن المراهقة وجرح آخرين قبل ان يأتي جندي اسرائيلي ويقتله ثم قامت حكومة شارون بغارة انتقامية تحدثت عنها صحيفة «هآرتس» الاسرائيلية كالتالي:
\r\n
\r\n
«قتل 42 فلسطينياً خلال عطلة الاسبوع الماضي في غارة للجيش الاسرائيلي شنت مباشرة بعد احداث مدرسة مستوطنة «اشرمونة». وهكذا يمضي شلال الدم هادراً من الطرفين. والابن الآخر شارك في تجميع اجزاء طائرة للهواة ليشن بها هجوماً على مستوطنة اسرائيلية وكادت خطته تنجح لولا ان الطائرة انفجرت فيه وفي رفاقه الخمسة الذين اعانوه على اكمال تلك التجربة.
\r\n
\r\n
كان لقاء مريراً لقائي مع تلك السيدة ام الشهداء وزاد من مرارته اني لم اتمكن من التعبير عن شعوري المكبوت حيث اكتفيت بأداء مهمتي الصحفية وهي تتلخص في القاء الاسئلة وتسجيل الاجابات. ولكني اقول الآن ان القتل والقتل المضاد لا يكفيان لاحقاق الحق. ومن الحق ان تعطي اسرائيل حقهم الآن، وتسمح لهم بانشاء دولتهم، وهذا هو السؤال الثاني الذي سقطت اسرائيل في محاولة اجابتها اياه.
\r\n
\r\n


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.