\r\n ولكن هناك فرق رغم كل شيء: قضاة محكمة لاهاي كانوا سيكتفون بتفكيك الجدار الذي بني على اراضي الفلسطينيين، أما دعاة التفكيك من الاسرائيليين فلن يكتفوا بذلك لأنهم لا يريدون الجدار بالمرة، لأن منطقهم يقول إن وجوده على الاراضي الاسرائيلية سيبقيه نقطة جذب وإغراء للارهاب. \r\n \r\n من الصعب فهم الادعاءات المناهضة للجدار. لنفترض أن هذا الجدار يمنع العملية المقبلة «فقط»، أفلا يكفي ذلك لتبريره؟ وهل انقاذ حياة العشرات أو المئات الذين نجوا منذ نصب الجدار ليس أمرا هاما في نظرهم؟ يبدو أن المشاهد الفظيعة التي جرت في السنوات 2002 2003 قد نُسيت وهكذا يسمح إلغاء ضرورة الجدار بحركة يد رافضة. \r\n \r\n صحيح ان الجدار ليس كابحاً مطلقاً للارهاب، من الممكن الالتفاف عليه من الأعلى أو التآمر عليه، ولكن هل يعتبر ذلك سببا للتنازل عنه؟ ما الذي سيأتي في مكانه لافتة تحذيرية بالعربية «قف الحدود أمامك»؟ أم منظومة لا متناهية من المواقع العسكرية والأبراج والدوريات التي تتجول في المكان ليل نهار على امتداد الخط الاخضر؟ (هذه الوسائل قابلة للتجاوز والالتفاف أيضاً). \r\n \r\n بعد كل ما قيل يتوجب علينا أن ندرك أن التعليل الأمني ليس الوحيد من وراء إقامة الجدار. من المهم أكثر النظر للتعليل الديمغرافي إذا سمح لنا استخدام هذا المصطلح الذي دخل في قاموس الاختلال القومي. الحاجة الأمنية للجدار ستتقلص. (من المشكوك فيه أن تختفي كلياً) إذا تم التوصل الى تسوية مع صلاحيات ومرجعية فلسطينية تكون قادرة على السيطرة على الأوضاع في مناطقها. ولكن الحاجة الديمغرافية للجدار ستبقى هامة وسارية المفعول بل وستزداد مع الوقت. \r\n \r\n لا يعرف أحد بالضبط كيف ستكون الصورة الديمغرافية في الدولة الفلسطينية إذا شكلت بعد 15 سنة. يجب أن نفترض أن عدد سكان هذه الدولة سيساوي عدد سكان دولة اسرائيل مع نسبة التكاثر السكاني العالية في الضفة وغزة، إذا سمح بعودة اللاجئين للدولة الفلسطينية فسيكون عدد سكانها أكبر من عدد سكان اسرائيل. \r\n \r\n كيف سيكون مستوى المعيشة وظروفها في هذه الدولة؟ في حالة تخلف دائمة. حتى إذا قدمت لها مساعدات دولية سخية فسيرتفع مستوى المعيشة ببطء بسبب التكاثر الطبيعي المرتفع وستكون النتيجة ضغطاً على المصادر المحدودة والخوف الدائم من التدهور البيئي. \r\n \r\n وعلى مسافة غير بعيدة عن دولة العالم الثالث هذه ستكون دولة اسرائيل ذات الرفاه الاجتماعي الحديثة والغربية الطابع بصناعاتها التي توفر لمواطنيها مستوى معيشة ومداخيل عالية. الثراء في اسرائيل سيكون مصدر جذب لا يتوقف لتسلل الفلسطينيين اليها. قضايا سرقة الاجهزة الزراعية في الخمسينيات والسيارات بعد عام 1967 وتسلل 150 ألف مقيم غير قانوني منذئذ لن تكون إلا نقطة بالنسبة للظاهرة الواسعة التي سنشهدها لاحقا كلما تعمقت الفجوة بين المجتمعين الاسرائيلي والفلسطيني خلال العقود المقبلة. \r\n \r\n إذا لم يفصل بين الدولتين جدار فعال فلن تصبح الحياة في اسرائيل حياة، وستبدأ عملية هجرة سريعة. من يدعي بعدم وجود حاجة أو جدوى للجدار انما يُسلم في واقع الحال بانتحار اسرائيل كدولة يهودية غربية على طريق اقامة دولة شرق اوسطية ثنائية القومية. \r\n \r\n \r\n هارتس