فان المشورة التي تقدمت بها المحكمة لا تبشر باحداث هزة حقيقية فيما يخص الصراع الاسرائىلي- الفلسطيني, فهي تتحدث عن عدم شرعية الجدار. ولكن الحكومة الاسرائىلية على اتم الاستعداد لاستغلال موضوع اسر ضحايا الارهاب, من اجل الاثبات بان الجدار انما يمثل ضرورة مطلقة في الحرب على الارهاب. وفي الوقت الذي تتابع فيه المناظرات القانونية المختلفة, فان المنطقة مستمرة بالاغتسال بحمام من الدم. فقد اصبح جدار الكراهية يمثل وجه احتلال قبيح, لا حدود له, من غير ان يلقى الصد الدولي المناسب. اما بالنسبة لادارة بوش, المنشغلة بحرب اجرامية اخرى, فهي مستمرة في دعم سياسة اسرائيلية لا تؤدي سوى الى تفاقم الاوضاع. وتلوذ اوروبا بالصمت الا من اصدار بعض المؤشرات المتواضعة الدالة في احسن الاحوال على عدم الرضا والاعتراض, من غير النزوع الى انتهاج سياسة حادة, واعية, ترمي الى الحصول على نتائج حقيقية ويستمر كل من بلير وبيرلوسكوني في خدمة السيد الكبير, معرضان عن الاعتراف بالنتائج الكارثية الناجمة عن السياسة التي تنتهجها الولاياتالمتحدةالامريكية. \r\n \r\n ويعمل روتين الاحتلال على تحييد الغالبية العظمى من وسائل الاعلام العالمية فلا يحدث ما هو مأساوي في الاراضي المحتلة. ولا يعدو كونه مجرد عمليات اعتيادية ضد الارهاب. فتعمد القوات الاسرائىلية الى التدفق كل يوم على مخيمات اللاجئىن والقرى, والمدن الفلسطينية, زارعين الرعب بقلوب ثلاثة ملايين من سجناء الاحتلال. فيسقط البعض والقنابل بأيديهم, او نتيجة تمنطقهم بالاحزمة الناسفة. ويموت اخرون وهم في سن الثامنة وقتت ان ترسلهم الامهات لايتباع حاجة من السوق, او نتيجة لتواجدهم بالاماكن الخطرة. وتقول الحقيقة بان مجمل المنطقة قد باتت مكان خطر. اما الطريقة الوحيدة التي ستؤدي الى تجنب الخطر انما تتمثل في وضع نهاية للاحتلال. \r\n \r\n وتتحدث المحكمة الدولية بشكل صريح عن عدم شرعية الجدار, مطالبة بان يصار الى تدميره وازالته, ودفع التعويضات لاولئك الذين تضرروا نتيجة عملية تشييده. وعلى العكس من ذلك تماماً, فان المحكمة العليا الاسرائىلية كانت قد قررت. قبل بضعة ايام, وجوب اعادة النظر بما طوله 30 كيلومتراً من مساره, مبدية في الوقت نفسه موافقتها على بناء الحاجز, وذلك بحجة الدواعي الامنية. \r\n \r\n هذا, ولم يتم بناء الجدار على امتداد الخط الاخضر الذي يمثل »حدود عام 1967«, وذلك لكونه لا يمثل سوى عائق ناجع, مقدر له العمل على حماية المستوطنات الاسرائيلية المقامة فوق اراضي الضفة الغربيةالمحتلة. ولهذا فانه يؤدي الى عزل القرى, تقسيم الاراضي, تدمير المزروعات, اعاقة التوجه الى المدارس, ومراجعة الطبيب, وتقطيع اواصر العلاقات الاسرية. وتتلخص هذه »المشلكة الصغيرة« في حقيقة الامر, ان كافة المستوطنات الاسرائىلية هي غير شرعية, او انها تستمد شرعيتها, في احسن الحالات, من خلال التذرع بالدواعي الامنية علماً بان الاتفاقات الدولية تنكر صراحة على المحتل الحق في اقامة المستوطنات في الاراضي المحتلة, الا في حالة ان يكون ذلك ضرورياً من الناحية الامنية. ولقد اقدمت محكمة العدل العليا للدولة العبرية, على التذرع بهذا الوهم. ويعلم من هو اكثر غباء اليوم بانها مجرد حكاية خرافية, يصار الى نسيانها وقت ان يتحدث شارون واعضاء حكومته عن الانسحاب من قطاع غزة. \r\n \r\n وكافة المستوطنات غير قانونية او شرعية.. ولا دخل لها من قريب او بعيد بموضوع امن اسرائيل; بل انها تمثل العائق الانجع في وجه اية محاولة للتوصل الى اتفاقية سلام. ويقف من خلف الجدار نفس المبرر الذي قاد الى بناء المستوطنات: الا وهو العمل على استحالة العودة الى حدود ,1967 والحيلولة دون احلال سلام يفضي الى اقامة دولة فلسطينية. وليست هذه هي المرة الاولى في التاريخ, التي يتحول فيها الحكام ليصبحوا بمثابة العدو الاكبر لشعوبهم. وها هي غالبية الاسرائىليين تدعم حكومات طالما قادتهم الى حروب جديدة, ومزيد من اراقة الدماء, وتصاعداً بمنسوب الكراهية وحب الانتقام والامن الوحيد هو ما سيتحقق نتيجة وضع حد للاحتلال, والتوصل الى سلام حقيقي ولكن تستمر النخبة في بناء الاوهام, وترديد الخرافات, وطرح بعض الامكانيات من اجل اجراء الحوار. اما الغالبية العظمى, فانها تفضل الاختباء خلف الجدار نتيجة لما يعتريهم من خوف. \r\n \r\n وبتناقض جلي, فان الجدار بالذات كان قد مثل في الاشهر الاخيرة, الذريعة من اجل انطلاق الحوار من جديد اما بين بعض المجموعات الاسرائيلية , ومثيلاتها الفلسطينية. اما بالنسبة لبعض القريبين من القرى الفلسطينية الواقعة على الجهة الاخرى من الخط الاخضر الشهير, فكانوا قد استوعبوا بان من شأن الجدار الحيلولة دون استمرار العلاقات الحسنة التي كانت قائمة في الماضي, ولن يخدم سوى في اثارة الكراهية وزرع الخوف. وعليه, فقد عمدوا الى تنظيم انفسهم, وقادوا عمليات الاحتجاج الاكثر فاعلية في اسرائىل, ضد تشييد الجدار. \r\n \r\n بوش وشارون. شارون وبوش. ان لمن الصعب الفهم من منهما المعلم ومن هو التلميذ. فارهاب الدول يحل في مكان اية امكانية للانفتاح باتجاه مستقبل مختلف.. اما الشعوب فتدفع الثمن الاكبر باستمرار, نتيجة العته السياسي الذي يحيق بزعمائها. \r\n \r\n ولا شك في ان فتوى محكمة العدل الدلية هي في غاية الاهمية. ولكن المشكلة الحقيقية تتمثل فيما اذا كان ذلك كافياً لفتح فصل الجديد, والذي يتطلب ما هو اكثر من الرفض البسيط لجدار الكراهية: اي وضع حد حقيقي لعنف الاحتلال, وخلق الاوضاع السياسية المناسبة, التي تقود الى الانطلاق بحوار جادٍ يفضي الى مفاوضات سلام, من غير املاءات المحتل او اسياده الامريكان.0 \r\n \r\n عن: المانيفيستو الايطالية \r\n