أعلن الجيش المصري اليوم الخميس التبرع بمليار جنيه (141 مليون دولار) لصندوق دعا لإنشائه الرئيس عبد الفتاح السيسي لدعم اقتصاد مصر المنهار وتحسين الموازنة التي تعاني من عجز يعادل 2 تريليون جنيه (280 مليار دولار أمريكي) . وهذه هي المرة الخامسة منذ ثورة 25 يناير التي يتبرع فيها الجيش المصري للدولة بأموال من عائد مشروعاته الاقتصادية ، واقتصاده الخاص الذي سبق أن رفض رقابة برلمان 2012 الذي سيطر عليه الإسلاميون عليه ، حيث إجمالي إسهامات الجيش في دعم الاقتصاد المصري في خمس مرات علي مدار ثلاث سنوات نحو 8.6 مليار جنيه . وكان وزير الدفاع والإنتاج الحربي الفريق أول صدقي صبحي صدق على وضع مبلغ مليار جنيه من أرصدة شركات جهاز مشروعات الخدمة الوطنية (بالقوات المسلحة) تحت تصرف صندوق تحيا مصر الذي أنشاه السيسي قائد الجيش السابق . والتبرع الأخير للقوات المسلحة لم يكن الوحيد، بل سبقته أربعة تبرعات منذ ثورة 25 يناير ، كان أوله في عهد المجلس العسكري ، عندما كشف برنامجي «بكرة أحلى» للدكتور عمرو خالد، و«واحد من الناس» للإعلامي عمرو الليثي في يونيه 2011 عن دعم الجيش لمبادرة الممثل محمد صبحي لتطوير العشوائيات ب50 مليون جنيه، وتولي الجيش تطوير هذه العشوائيات . وقبل نهاية عام 2011، كشف اللواء محمود نصر، مساعد وزير الدفاع للشؤون المالية، عن التبرع الثاني عندما أعلن أن مصر رفضت مساعدات مالية من دول أجنبية وخليجية لأنها ترتبط بشروط سياسية، وقال: «إن القوات المسلحة ضخت للبنك المركزي مبلغ مليار دولار من عائد مشروعاتها الإنتاجية». وبعد تسلم الرئيس مرسي حكم مصر ثم انقلاب الجيش عليه أعلن الجيش – للمرة الثالثة - تبرعه بمبلغ 300 مليون جنيه لصندوق «دعم مصر»، وقت تولى عبد الفتاح السيسي مسؤولية وزارة الدفاع آنذاك . وعقب أحداث رابعة العدوية وقتل المتظاهرين وتدهور الاقتصاد قال الدكتور أشرف مكاوي، عضو مجلس نقابة الصيادلة بالقاهرة، إن القوات المسلحة قررت التبرع – للمرة الرابعة - بربع مليون جنيه للمساعدة في إعادة إعمار الصيدليات الطبية التي أضيرت في تلك الفترة. وجاءت المرة الخامسة والأخيرة عقب تولى السيسي رئاسة مصر، وإعلانه فتح باب التبرع لمصر وتأكيده أن عجز هذا العام يبلغ 2 تريليون جنيه (280 مليار دولار أمريكي) ، وأنه لن يوافق على الميزانية العامة للدولة، طالما يزداد فيها نسبة العجز، وأنه لن يوافق أو يستجيب لأي مطالب فئوية ، رغم تأكيد المستشار وليد شرابي أن القضاة حصلوا علي 60 مليون جنية لإشرافهم علي انتخابات السيسي . موازنة الجيش السرية وفي يونيه الجاري قالت مصادر اقتصادية مطلعة أن موازنة الجيش للعام الجديد 2014 – 2015 زادت بنسبة 18 مليار جنية (بنسبة 28% تقريبا) بالرغم من دعوة السيسي للتقشف دون معرفة أين ستنفق هذه الأموال . وقالت ل "الشرق .تي في" إن حكومة محلب قدمت موازنة سرية بالكامل للرئيس المؤقت عدلي منصور الذي أجازها سرا أيضا وجاء فيها بند تحت اسم "مصروفات أخرى" بقيمة 48.9 مليار جنيه ، في إشارة لموازنة الجيش والأجهزة السيادية بدون أي تفصيل . وقالت المصادر أن هذا التعتيم مقصود بعدما غير الانقلاب الدستور ولم يعد يناقش موازنة الجيش أو الأجهزة الأمنية ، في حين كان الدستور الشرعي الذي تم إقراره في ديسمبر 2012 ينص على مناقشة موازنة وزارة الدفاع ضمن الموازنة العامة للبلاد . وكانت مخصصات قطاع الدفاع والأمن القومي في موازنة العام المالي 2013 – 2014 في عهد الرئيس مرسي، قد زادت فقط بنحو 3.4 مليار جنيه، لتوفير وتأمين احتياجات القطاع العسكري في البلاد ، بطلب من الفريق السيسي حينئذ لتصبح نحو 30.9 مليار جنيه، مقابل 27.5 مليار جنيه في موازنة 2012 -2013 . ثم فاجأت حكومة محلب المصريين بموازنة لم تناقش في أي جهة تشريعية حددت فيها اختصاصات الجيش والأجهزة السيادية بمبلغ 48.9 مليار جنية ما يعني زيادة 18 مليار جنية ، دون توضيح أين ستنفق هذه الأموال ، بعكس ما جري في موازنة 2013 التي أدرجت فيها موازنة وزارة الدفاع بصورة واضحة في مخصصات الحكومة المالية، بينما قبل الثورة كان يتم مناقشتها في أجواء سرية ولا تظهر بصورة محددة في الموازنة بسبب ما كان يرجعه النظام السابق لدواعٍ أمنية، وهو ما عاد نظام السيسي إليه في الموازنة السرية الجديدة . اقتصاد الجيش ويدير الجيش المصري مشروعات اقتصادية كبرى ويرفض تدخل الدولة فيها ، تشمل مصانع للمكرونة والمياه والزيوت والثروة الحيوانية وغيرها ، كما بدأ يدير الطرق السريعة ويتولي تنفيذ المشروعات بالأمر المباشر ، وقدرت مصادر اقتصادية وأخري أجنبية حجم اقتصاد الجيش مقارنة بالدولة المصرية أنه يقدر ب 40% - 60% من اقتصاد مصر ، بيد أن السيسي أعلن أن اقتصاد الجيش لا يعادل 5% من اقتصاد مصر . وفي أبريل الماضي 2014 قال الكاتب البريطاني الشهير روبرت فيسك أن الجيش المصري بقيادة عبد الفتاح السيسي انقلب على الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي بزعم أن الرجل كان يسعى لإقامة دولة وخلافة إسلامية ، لكن الحقيقة هي أن الجيش انقلب ليعيد تأسيس إمبراطوريته المالية الضخمة البعيدة عن الرقابة المدنية وفقًا للدستور الجديد ويحافظ عليها . وقال "فيسك" – في مقال نشره 20 أبريل 2014 بجريدة الاندبندنت" البريطانية تحت عنوان (الشرق الأوسط في المستقبل .. دول المافيا التي تحكمها المال) The Middle East we must confront in the future will be a Mafiastan ruled by money: "ما حدث كانت "ثورة مضادة "، ولم يكن هدفها مجرد الإطاحة بالرئيس مرسي خوفا من تحول مصر إلى "مصرستان " إسلامية متطرفة ، ولكن ما تبع ذلك من استعادة الجيش السيطرة على مكتسباته المالية الضخمة ،المتمثلة بمراكز التسوق والعقارات والمعاملات البنكية ، التي كانت تأتي بالمليارات لنخبة العسكر في مصر ، كان هو الهدف الأساسي (للانقلاب) . وأشار للثروة الهائلة التي يتحكم بها الجيش والتي قال أنها أصبحت بأمان " دستوري" من أعين أي حكومة منتخبة ديمقراطيا في المستقبل ، وأنه بعد وصول السيسي للرئاسة أصبح الويل لمن يشير إلى إصلاح التكتلات الاقتصادية للجيش "الذي لا يزال يتلقى المليارات من الولاياتالمتحدةالأمريكية " . وفي مايو الماضي 2014 قالت صحيفة (دويتش فيله) الألمانية أن النسبة المئوية التي يسيطر الجيش عليها من الاقتصاد المصري تراوح بين 5 و 60 بالمائة ، وأن ميزانية الدفاع والأرقام الخاصة بالجيش تتم عادة بشكل سري لكن الواضح هو أن الجيش يشارك في كافة القطاعات المهمة بداية من تصنيع المكرونة وإنتاج الأثاث والتليفزيونات وحتى مجال النفط ومشروعات البنية التحتية ، وللجيش العديد من المستشفيات والمنشآت السياحية على البحر الأحمر كما يلعب دورا مهما في الزراعة ، ويترأس هذه المشروعات غالبا قيادات متقاعدة من الجيش تحقق دخلا كبيرا من هذا العمل الذي يحد من الطموحات السياسية لهذه الشخصيات العسكرية.