قال الكاتب البريطاني الشهير روبرت فيسك أن الجيش المصري بقيادة عبد الفتاح السيسي انقلب على الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي بزعم أن الرجل كان يسعى لإقامة دولة وخلافة إسلامية ، لكن الحقيقة هي أن الجيش انقلب ليعيد تأسيس إمبراطوريته المالية الضخمة البعيدة عن الرقابة المدنية وفقًا للدستور الجديد ويحافظ عليها . وقال "فيسك" – في مقال نشر أمس الأحد 20 أبريل 2014 بجريدة الاندبندنت" البريطانية تحت عنوان (الشرق الأوسط في المستقبل .. دول المافيا التي تحكمها المال) The Middle East we must confront in the future will be a Mafiastan ruled by money: "ما حدث كانت "ثورة مضادة "، ولم يكن هدفها مجرد الإطاحة بالرئيس مرسي خوفا من تحول مصر إلى "مصرستان " إسلامية متطرفة ، ولكن ما تبع ذلك من استعادة الجيش السيطرة على مكتسباته المالية الضخمة ،المتمثلة بمراكز التسوق والعقارات والمعاملات البنكية ، التي كانت تأتي بالمليارات لنخبة العسكر في مصر ، كان هو الهدف الأساسي (للانقلاب) . وأشار للثروة الهائلة التي يتحكم بها الجيش والتي قال أنها أصبحت بأمان " دستوري" من أعين أي حكومة منتخبة ديمقراطيا في المستقبل ، وأنه بحالة وصول السيسي للرئاسة سيصبح الويل لمن يشير إلى إصلاح التكتلات الاقتصادية للجيش "الذي لا يزال يتلقى المليارات من الولاياتالمتحدةالأمريكية " . وسخر الكاتب البريطاني من الانقلابيين ومن يروج لهم في بريطانيا والغرب محذرا من "الإرهاب" قائلا : "من قاموا بالانقلاب يطلبون منا أن نصدق أن المؤسسة العسكرية المصرية أنقذت البلاد من سيطرة الإسلاميين ، وكيف أن الرئيس محمد مرسي كان سيقوم بتحويل مصر لدولة "خلافة إسلامية" لولا تدخل وزير دفاعه والذي أصبح فيما بعد مرشحاً للرئاسة "عبد الفتاح السيسي بأخر دقيقة ، ليضع البلاد بيد "حكومة انتقال نحو الديمقراطية " !. المال القذر لا الإرهاب هو العدو وأضاف موجها حديثة لقادة بريطانيا (كاميرون وهيج) : "إن ما حدث ويحدث في منطقة الشرق الأوسط من قتل بالجملة هو مسئوليتنا ، وما ننتظره بالمستقبل بالشرق الأوسط ليس دول خلافة إسلامية ، بل دول يتحكم فيها المافيا والفساد المالي وشراء "الضمائر" بالشرق الأوسط ما جعله "مافياستان" . مضيفاً بسخرية : "عدونا بالشرق الأوسط ليس ما يكرره قادتنا قائلين "الإرهاب الإرهاب الإرهاب" بل هو "المال المال المال القذر " ، ولن يكون الشرق الأوسط دولة خلافة بل دولة المافيا" . مافياستان .. لا مصرستان وركز فيسك علي دور المال السياسي في صناعة الولاءات بالشرق الأوسط والعالم الإسلامي خاصة بعد ثورات الربيع العربي وبروز دور إمارات الخليج العربي والمجلس العسكري المصري في المشهد ، مؤكدا أن الشرق الأوسط سيتحول في المستقبل إلى "مافياستان" يدار بالمال وليس إلى دويلات إسلامية أو خلافة إسلامية كما كان يحذر البعض في الداخل والخارج . وضرب مثالا بالمال السياسي الذي يلعب دور كبير في باكستانوأفغانستان والعراق وسوريا ومصر في إشارة إلى كسب الولاءات في تلك الدول عن طريق المال مما سيحول الشرق الأوسط إلى "مافياستان" وليس كما يخشى البعض من تحوله إلى "مصرستان" و"عراقستان" و"سورياستان". ووصف "فيسك" الدور الذي يلعبه المال بدول الشرق الأوسط ب "الدور المخرب" الذي يلعبه المال ، ملقيا الضوء على وجوده عنصراً أساسيا وأحيانا وحيداً "بكل " الصراعات الموجودة بالمنطقة ، وذلك تحت إشراف وتواطؤ دولي ، ما مكَن الفاسدين بكل بلد من السيطرة على مقاليد الأمور أو على الأقل لعب الدور الأكبر بالصراعات هنا أو هناك . شراء السياسات بالمال وأعطي أمثلة علي ذلك بقوله أن : "المملكة العربية السعودية دفعت مبلغ ثلاثة مليارات دولار للحكومة الباكستانية بعد زيارات متبادلة بين رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف ورئيس أركانه وبين مسئولون من السعودية ، بدأت بعدها الحكومة الباكستانية (التي ناصرت بشار الأسد) ، في التحدث عن "حكومة انتقالية " في سوريا ، بل وبدأ الحديث عن موافقة إسلام أباد إعطاء السعودية "ترسانة " من الصواريخ المضادة للدروع ، والمضادة للطيران ، ومن ثَم إعادة تهريبها للمقاتلين السلفيين بسوريا ، على الرغم من أن عقود شراءها تشير إلى أنه سيتم استخدامها "فقط " على الأراضي السعودية ، مشيراً إلى وقف الأمريكيين لإمداد المعارضة السورية بالسلاح نظراً لتغير نظرة الإدارة الأمريكية التي لم تعد ترى مصلحة لها في الإطاحة بالأسد . كما أشار إلى أن التمويل السخي الذي أغدقته الولاياتالمتحدة على أمراء الحرب الأفغان ، وقال أنه في طريقه للتوقف في ظل الانسحاب الوشيك للقوات الأمريكية وما أسماهم "مرتزقة" حلف شمال الأطلنطي من أفغانستان ، ما سيجعل أمراء الحرب الأفغان يتجهون مرة أخري الي تجارة الزراعة المخدرات وتبييض الأموال وتهريب السلاح على نطاق واسع " بمساعدة من باكستان " . http://www.independent.co.uk/voices/comment/the-middle-east-we-must-conf...