حزب الوعي يعقد ندوة حول توعية المرأة بالمشاركة الانتخابية    أسعار الذهب في مصر تتراجع بقيمة 10 جنيهات    74 شهيدًا بنيران جيش الاحتلال في غزة منذ فجر اليوم    احتفالًا ب«يوم الرياضة».. ماراثون مشي وفعاليات ترفيهية في بورسعيد    ضبط 1307 حالات إشغالات خلال حملات مكبرة بمطروح    مصدر ل«المصري اليوم»: لا إصابات في حادث اصطدام «قطار 923» ب مصدات محطة مصر (صور)    اعتماد نتائج جوائز الدولة التشجيعية لعام 2025 في مختلف المجالات    المشروع X في المركز الثالث.. تعرف على إيرادات أحدث أفلام كريم عبدالعزيز الإثنين    المياه أغرقت الشوارع.. كسر في خط مياه رئيسي بالدقهلية    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الثلاثاء 29 يوليو 2025    شعبة المصدرين: أوروبا تتجه للاعتماد على مصر في تلبية احتياجاتها الغذائية والصناعية بسبب توتر الأوضاع الدولية    الطب البيطري بسوهاج يتفقد مجزر البلينا للتأكد من سلامة وجودة اللحوم المذبوحة    كسر فى خط مياه بمدينة المنصورة يغرق الشوارع وفصل الكهرباء عن المنطقة.. صور    جامعة مصر للمعلوماتية تتعاون مع شركة اديبون لتدريب طلبة الهندسة بإسبانيا    الهلال الأحمر الفلسطينى يثمن جهود مصر فى دعم غزة منذ بداية العدوان    حلمي عبد الباقي وسعد الصغير وطارق عبد الحليم في انتخابات التجديد النصفى لمجلس عضوية نقابة الموسيقيين    أكرم القصاص: جهود مصر لإغاثة غزة تواجه حملة تشويه رغم نجاحاتها الدولية    هيئة الإسعاف: نقل 30368 طفلا مبتسرا بشكل آمن النصف الأول من العام الحالي    رئيس هيئة الرقابة الصحية يستقبل ممثلى "منظمة دعم أداء النظم الصحية والابتكار    مقتل وإصابة خمسة أشخاص في إطلاق نار بولاية نيفادا الأمريكية    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات في باكستان إلى 281 قتيلًا    بالفيديو.. الأرصاد تكشف موعد انكسار موجة الطقس الحارة    حبس 3 أشخاص في واقعة العثور علي جثه طفل داخل شرفه عقار بالإسكندرية    وسائل إعلام فلسطينية: مقتل 20 شخصا من طالبي المساعدات في قطاع غزة منذ فجر اليوم    منال عوض: تمويل 16 مشروعا للتنمية بمصر ب500 مليون دولار    «يا عم حرام عليك».. شوبير يدافع عن محمد صلاح بعد زيارة المعبد البوذي    حقيقة مفاوضات النصر مع كوكوريلا    «أحط فلوسي في البنك ولا لأ؟».. الفوائد تشعل الجدل بين حلال وحرام والأزهر يحسم    وزير العمل يشيد بإنشاء 38 محكمة عمالية ومكاتب قانونية مجانية    بمشاركة وزير السياحة.. البابا تواضروس يفتتح معرض لوجوس للمؤسسات الخدمية والثقافية    وزير الصحة: إصدار 28 ألف قرار علاج على نفقة الدولة ل مرضى «التصلب المتعدد» سنويًا    ليلة استثنائية مع الهضبة في العلمين والتذاكر متاحة على 5 فئات    موسوي: إسرائيل كشفت عن وجهها الوحشي بانتهاكها كافة الأعراف الدولية    تدريبات خاصة ل"فتوح والجفالي" بفرمان من مدرب الزمالك    معلومات الوزراء يستعرض أبرز التقارير الدولية حول سوق المعادن الحرجة    وزير الدفاع يلتقي رئيس هيئة الأركان المشتركة الباكستانية    6 مشروبات تناولها قبل النوم لإنقاص الوزن بسرعة    تجديد الشراكة العلمية بين مصر والصين في مجال مكافحة الأمراض المتوطنة    رئيس الوزراء: الحرف اليدوية أولوية وطنية.. واستراتيجية جديدة لتحقيق طفرة حتى 2030    وزير البترول يبحث مع نظيره الإماراتي تعزيز التعاون المشترك لتأمين مصادر الطاقة    «التضامن» توافق على إشهار جمعيتين في محافظة البحيرة    نتنياهو يقترح خطة عمل جديدة لغزة.. ماذا تتضمن؟    مقتل 16 شخصا وإصابة 35 في غارات روسية جنوب شرق أوكرانيا    نقيب المهندسين ل طلاب الثانوية العامة: احذروا من الالتحاق بمعاهد غير معتمدة.. لن نقيد خريجيها    معيط: دمج مراجعتي صندوق النقد يمنح مصر وقتًا أوسع لتنفيذ الإصلاحات    القبض على رمضان صبحى فى مطار القاهرة أثناء العودة من تركيا    سميرة صدقي: والدي قام بتربيتي كأنني رجل.. وجلست في مراكز عرفية لحل المشاكل (فيديو)    "بقميص الزمالك".. 15 صورة لرقص شيكابالا في حفل زفاف شقيقته    يوسف معاطي: سعاد حسني لم تمت موتة عادية.. وهنيدي أخف دم كوميديان    رئيس الإسماعيلي يعلق على أزمات النادي المتكررة    الاَن.. الحدود الدنيا وأماكن معامل التنسيق الإلكتروني للمرحلة الأولى 2025 في جميع المحافظات    ياسر الشهراني يعود إلى القادسية بعد نهاية رحلته مع الهلال    محافظ سوهاج يوجه بتوفير فرصة عمل لسيدة كفيفة بقرية الصلعا تحفظ القرآن بأحكامه    5 أبراج «معاهم مفاتيح النجاح».. موهوبون تُفتح لهم الأبواب ويصعدون بثبات نحو القمة    16 ميدالية، حصاد البعثة المصرية في اليوم الثاني من دورة الألعاب الأفريقية للمدارس    ما الوقت المناسب بين الأذان والإقامة؟.. أمين الفتوى يجيب    هل "الماكياج" عذر يبيح التيمم للنساء؟.. أمينة الفتوى تُجيب    إلقاء بقايا الطعام في القمامة.. هل يجوز شرعًا؟ دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأجيال الجديدة.. وقيمة الذاكرة
نشر في التغيير يوم 13 - 03 - 2014

من المتعارف عليه أن الجيل الشاب يفتقر إلى المعرفة التاريخية. لكنّ تجربتي تفيد بأن شباناً كثيرين حوّلوا الماضي إلى كتلة أحداث غير متميزة، وهو ما دعاني مؤخراً إلى إسداء نصيحة لحفيدي المراهق، في رسالة مفتوحة نشرتها في صحيفة «ليسبريسو»، مناشداً إياه بتمرين ذاكرته، عبر حفظه قصيدة شعرية طويلة عن ظهر قلب.
وأخشى أن تكون الأجيال الشابة مهددة بخسارة النفوذ الذي تمنحه الذاكرة الفردية والجماعية. وقد ساهمَت استطلاعات في كشف المفاهيم الخاطئة التي تسود في أوساط شبان متعلمين ظاهرياً، فعلى سبيل المثال، قرأتُ أن طلاّباً جامعيين كثيرين يعتقدون أن «ألدو مورو» كان قائد منظمة «الألوية الحمراء»، في حين كان في الواقع رئيس مجلس وزراء إيطاليا، وكانت منظمة «الألوية الحمراء» مسؤولة عن اغتياله في عام 1978.
وكنتُ كتبتُ الرسالة إلى حفيدي في ديسمبر، خلال فترة انتشر فيها على شبكة الإنترنت فيديو على موقع «يوتيوب»، هو عبارة عن حلقة من برنامج المسابقات التلفزيونية الإيطالية «ليريديتا». وقد تم اختيار المشاركين فيه، على ما يبدو، بالاستناد إلى حسن مظهرهم وجاذبيتهم الطبيعية، إلى جانب تحليهم بما تيسّر من معلومات عامّة. (وأفترض أنها طريقة تجنّب القيّمين على البرنامج استقبال أشخاص حسني المظهر، إنما جاهلين تماماً، يكتفون بالإجابة على أسئلة متعدّدة الإجابات، على غرار: هل كان «جيوزيبي غاريبالدي» سائق دراجة، أو مستكشفاً أو قائداً عسكرياً أو مخترع المياه الساخنة؟)
وفي إحدى الحلقات، طلب مقدّم البرنامج «كارلو كونتي» من المتسابقين تحديد السنة التي عُيّن فيها هتلر في منصب المستشار الألماني. وورد في خيارات الأجوبة 1933، 1948، 1964، أو 1979، علماً بأنّ المشتركين الذين تسنّى لهم الظهور في البرنامج والإجابة كانوا كالتالي: إيلاريا، وهي امرأة شابة وجميلة نسبياً، وماتيو، وهو رجل قويّ البنية في سن الثلاثين تقريباً، كان حليق الرأس وعلّق سلسلة حول رقبته، وتيزيانا، وهي امرأة شابة جذّابة في عمر الثلاثين تقريباً، إلى جانب صبيّة اسمها كاترينا، وضعت نظارات وبدا عليها أنها تعرف كلّ شيء.
من المفترض، في هذا السياق، أنّ العالم أجمع يعرف أنّ هتلر مات في نهاية الحرب العالمية الثانية، وبالتالي، لا يمكن إلاّ لسنة 1933 أن تشكّل الجواب الصحيح – لأنّ جميع التواريخ الأخرى جاءت بعد وفاته. ولكنّ إيلاريا قالت 1948، وماتيو أجاب 1964، وتيزيانا ذكرت العام 1979. وعندما حان الوقت لتجيب كاترينا، اضطرت لاختيار العام 1933، مع أنّها بدت غير متأكّدة من إجابتها، ولعلّها كانت ساخرة أو مندهشة.
وسأل «كونتي» المشتركين أيضاً في أي سنة التقى رئيس الوزراء السابق «بينيتو موسوليني» ب«إزرا باوند؟» وهنا أيضاً، ورد في الخيارات 1933، 1948، 1964، أو 1979. وليس من المفترض طبعاً أن يعرف أيّ كان من هو إزرا باوند (وهنا، أشير إلى أنه كان شاعراً وناقداً أميركياً). ولولا الإجابات المتعددة، لما كان بوسعي أن أحدد سنة لقاء الشخصيّتين. ولكن بالنظر إلى تعرّض موسوليني للاغتيال في عام 1945، كانت الإجابة المحتملة الصحيحة تتمثل بسنة 1933. (وأعترف أنني تفاجأت عندما عرفت إلى أيّ مدى واكب الديكتاتور مستجدات الشعر الأميركي). وأشير إلى أن «إيلاريا» العزيزة، التي راحت تستجدي تعاطفاً بابتسامتها الناعمة، أجابت بسنة 1964.
لم يسع «كونتي» إخفاء دهشته، والأمر سيان بالنسبة إلى أناس كثيرين شاهدوا البرنامج وعلّقوا على الفيديو الصادر عبر «يوتيوب». إلاّ أنّ مشكلة أكبر حجماً برزت في تلك اللحظة، وهي أن المشتركين الأربعة، الذين تراوحت أعمارهم بين العشرين والثلاثين عاماً، يمثّلون إلى حدّ ما، على ما أظنّ، شريحة العمر التي ينتمون إليها. وهم نظروا إلى التواريخ الأربعة المعروضة عليهم على أنها جزء من أحداث تاريخيّة عامّة سبقت ولادتهم. وبالتالي، من كان ليؤكد أنهم لن يقعوا في الفخ عينه، حتى إن كانت خيارات الأجوبة تشمل سنة 1492.
ليس عصرنا أول حقبة تختبر هذا النوع من المجانسة لأحداث الماضي. ويكفي في هذا السياق أن نذكر مثلاً لوحة «زواج العذراء» التي أنجزها رافائيل في عام 1504، إذ يظهر في اللوحة أشخاص يرتدون ثياباً من عصر النهضة، مع أن المشهد الذي تصوّره يسبق النهضة بوقت طويل. غير أنّ تفسير هذا النوع من الإبهام بات أصعب بكثير اليوم، بالنظر إلى مدى توافر المعلومات التاريخية وانتشارها على شبكة الإنترنت، وفي الأفلام، وعلى شاشات التلفزة. وبالتالي، هل يُعقَل أن يكون مشتركونا الأربعة عاجزين عن التفرقة بين الحقبة التي ظهر فيها هتلر، وتلك التي هبط فيها الإنسان على سطح القمر؟ هل يمكن لبعض شبّان اليوم (أو ربما الكثير منهم) النظر إلى التاريخ على أنّه مفهوم ذو بعد واحد ومتجانس؟
لم أفقد الأمل تماماً، لأنني علمت بأمر الفيديو على موقع «يوتيوب» من حفيدي البالغ عمره 13 عاماً ومن رفاقه في المدرسة، وكانوا يتبسّمون ساخرين عندما أخبروني بشأنه. وبالتالي، لعلّ بعضاً من الجيل الشاب يتعلّم قيمة الذاكرة في نهاية المطاف.
نوع المقال:
موضوعات فكرية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.