إن المحاولات الحثيثة الخبيثة الجارية الآن لإيقاع الفتنة بين أبناء الشعب المصري، جريمة أكبر من كل جرائم القتل والبطش والقهر. إن نقل المواجهة بين الشعب والنظام إلى مواجهة بين أبناء الشعب جريمة يريدون أن يجروا الشعب إليها، ببث خطاب الكراهية وحملة الإقصاء الممنهجة. ما يحدث الآن ليس مجرد فسادا إعلاميا، أو نزوة سياسية للاستيلاء على السلطة، وإنما خطة محكمة لتدمير هذا البلد بأيدي أبنائه. إن طبيعة الشعب المصري خالية من الطائفية والعرقية والعصبية القبلية ولله الحمد، ومع ذلك نرى "نجاح" الخطة الشيطانية في شق الشعب وزرع الكراهية بين أبنائه. بدأت هذه الخطة المحكمة منذ أكثر من عام عندما بث الإعلام وصف "الخرفان" على مؤيدي مرسي وحكومته. هذا الوصف كان جديدا على الخطاب السياسي الذي عادة ما يناقش السياسات ويحترم المخالفين، وهو أمر متعارف عليه في العالم كله. هذا الوصف المستفز، دفع بعض هؤلاء المؤيدين لأوصاف مشابهة على المعارضين، وتدحرجت كرة الثلج لتكبر، وينتفش فيها خطاب الكراهية، حتى وصل إلى هذه الدعوات الاستئصالية وإلى مطالبة الأزواج بتطليق الزوجة الإخوانية!. هذا الخطاب العنصري الأسود لم ينشأ في يوم وليلة، ولكنها خطة يسهل على أي متتبع أن يرى كيف نشأت حتى وصلت إلى ما نحن فيه. إن الخطاب العقلاني في تفنيد آراء الخصم مع الاحترام والأدب، كفيل بأن يهدئ هذه النار المشتعلة، ولقد رايت أمثلة رائعة في هذا الصدد، أذكر بعضها هنا للتوضيح: - يقوم بعض النشطاء بمناقشة آراء وقرارات حزب النور بدقة واحترام، وقد وصلتني رسائل عديدة تعكس تغيير كثير من الشباب لقناعاتهم بهذا الطرح المنضبط. - بعض الكتاب ممن شاركوا في حملة 30 يونيو، بدأوا يفيقون مما شاركوا فيه، وتأتي الآن كتاباتهم قوية ومقنعة وكاشفة لمؤيدي الانقلاب، حتى لو لم يعترفوا بأخطائهم (انظر مثلا ما يكتيه الآن بلال فضل وجمال سلطان وغيرهما). - تابع الإنتاج الفني للشباب أمثال ألش خانة وباكوس، لترى صداه ناجحا على قناعات المخالفين، دون تسفيه أو تخوين. أعرف أن الأمر صعب وشاق مع انتشار لغة الكراهية والسخرية وتطاير الشتائم والبذاءات، لكن لا بديل لهذا. أنقذوا سفينة الوطن من الغرق، ولا تكونوا جزءا من خطة جر البلاد إلى اقتتال داخلي، مهما كانت المعوقات. هاجم ما شئت من السياسات والإجراءات، لكن ابتعد عن خطاب الكراهية لجزء من الشعب، مهما كانوا مغيبين أو مشجعين، لأنك لو فعلت فإنما تدفعهم أكثر وأكثر إلى هذا التطرف العنصري. اللهم احفظ بلادنا من كيد الكائدين ومكر الماكرين.