لماذا ينبغي أن نتابع خطاب حالة الاتحاد الذي سيلقيه أوباما يوم الثلاثاء؟ يوضح الإجابة على هذا السؤال البيت الأبيض في فيديو نشره لكبير موظفيه دنيس ماكدونوف يقول فيه «إنها لحظة مهمة عندما تتبلور السياسات التي تؤثر على تشكيل التجربة الأميركية». وبغض النظر عن ذلك، سيطرح أوباما كثيراً من بنود أجندة العام الماضي نفسها، والأفكار التي أعاقها الكونجرس أو تجاهلها. ولكن دعوني أستعرض بعض الأساطير بشأن الخطاب وأهميته فيما يلي: أولاً: يجب أن يقدم خطاب حالة الاتحاد شفهياً أمام الكونجرس في كل عام، وينص الدستور على «أن يطرح الرئيس على الكونجرس من حين لآخر معلومات عن حالة الاتحاد، ويوصي ببعض الإجراءات التي يعتبرها ضرورية ومناسبة كي يأخذها الأعضاء في اعتبارهم». وكان جورج واشنطن هو من وضع سابقة إلقاء الخطاب سنوياً عندما أدلى بأول رسالة سنوية أمام الكونجرس عن حالة الاتحاد في الثامن من يناير عام 1790. وعلى رغم أن جورج واشنطن قدم رسالته شخصياً، إلا أن هذا التقليد سرعان ما انتهى على يد توماس جيفرسون الذي لم يكن يألف الحديث العام وبرر ذلك بأن «إلقاء الخطاب شفهياً» يبدو تقليداً ملكياً. وكان جيفرسون يرسل تقارير سنوية مكتوبة إلى الكونجرس بواسطة مبعوث، وكذلك فعل الرؤساء ال 24 اللاحقون، إلى أن استعاد وودرو ويلسون تقليد إلقاء الخطاب في عام 1913. وعلى رغم أن الرسائل الشفهية باتت الآن أكثر شيوعاً، إلا أن كالفين كوليدج وهربرت هوفر وفرانكلين روزفلت وهاري ترومان ودوايت آيزنهاور وريتشارد نيكسون وجيمي كارتر جميعهم قدموا رسالة واحدة مكتوبة على الأقل. ثانياً: الرئيس وكاتب خطاباته يكتبان خطاب حالة الاتحاد، ولكن كانت آخر مرة يحدث فيها ذلك أثناء إدارة كينيدي، عندما تشاور تيد سورينسين مع الرئيس قبل كتابة الخطاب بخط يده. وأصبح من المعتاد أن يشارك الآن جحافل من الأشخاص في كتابة الخطاب، وعندما كنت أحد كتاب الخطابات في البيت الأبيض في إدارة فورد، التقى الكاتب الموكل بكتابة الخطاب مع الرئيس، وصاغ المسودة المبدئية، ثم عمل مع فريق من الباحثين لإضافة الحقائق اللازمة، وبعد ذلك تم تقديم الخطاب إلى المسؤولين المعنيين في الوزارة للإدلاء بدلوهم. وفي بعض الأحيان يقترح البيروقراطيون بعض التغييرات في الأسلوب على أجزاء من الخطاب، وهو ما لا يتناسب ومجال خبرتهم. ثالثاً: يبدو الخطاب بالضرورة مثل قائمة غسيل ملابس مطولة! وبالطبع، يرغب الجميع من أعضاء الإدارة والكونجرس وجماعات الضغط والنشطاء، أن تُذكر برامجهم وقضاياهم، ومن ثم يمكن أن يستمر الخطاب إلى الأبد كي يشمل جميع بنود أجندة الرئيس ولاسترضاء كل الأفراد المهتمين، وقد حاول بيل كلينتون تغطية 74 موضوعاً في 74 دقيقة. لكن ينبغي ألا يكون الأمر بهذه الطريقة، وكان رونالد ريغان أكثر انضباطاً، حيث رتب خطاباته عن حالة الاتحاد حسب الموضوع بداية بالحرية في العالم، وتنشيط الاقتصاد من خلال الأسواق الحرة، وتعزيز المجتمع المدني. وإذا كان هناك أي بند لا يلائم هذه الموضوعات كان ريغان ينحيه جانباً، ونجح أيضاً في الحفاظ على تحديد وقت خطاباته في حدود أربعين دقيقة. رابعاً: تكون حالة الاتحاد دائماً «قوية»! ولطالما كانت «قوية» و«أقوى» و«الأقوى» هي الصفات المفضلة للرؤساء الخمسة السابقين في وصف حالة الاتحاد، وقد أوضح ديفيد كوسنيت، كاتب خطابات كلينتون، أن وصف «قوية» يبدو مغرياً. كما دافع ماثيو لاتيمر، كاتب خطابات بوش الابن، عن استخدام الكلمة قائلاً: «إذا قال الرئيس السابق إن حالة الاتحاد قوية، يجب على الرئيس الحالي أن يؤكد أنها قوية، وإلا سيتساءل البعض لماذا لم يقل إن حالة الدولة لا تزال قوية؟». وعلى رغم ذلك، لم يكن هذا الجزء من الخطاب دائماً بصيغة نموذجية، فقد وصف ليندون جونسون الاتحاد بأنه «حر ومنيع ومتنامٍ ومفعم بالأمل». وأعلن جون كيندي أن الحالة «قديمة» لكن الاتحاد «شاب» في العام ال175 من عمره. وفي حين من المفهوم أن شاغل البيت الأبيض يحاول إضفاء الوجه الأفضل على الوضع، لكن خطاب حالة الاتحاد لم يكن دائماً يدعو للتفاؤل بشكل أعمى، إذ أعلن جيمس بوتشنان في ديسمبر عام 1860 قبل أربعة أشهر من اندلاع الحرب الأهلية أن «اتحاد الولايات» مهدد بالتدمير. وقال أندرو جونسون في ديسمبر 1865 قبل عام من اغتيال أبراهام لينكولن: «إن الصدق يجبرني على أن أعلن أنه في هذا الوقت لا يوجد اتحاد بالمعنى الذي فهمه آباؤنا كما قصدوا أن نفهمه نحن». وجاء التقييم الأكثر تشاؤماً في الأزمنة الحديثة من الرئيس «فورد»، الذي قال في خضم الركود عام 1975: «يجب أن أعترف لكم بأن حالة الاتحاد ليست جيدة، فملايين الأميركيين بلا عمل، والركود والتضخم يلتهمان أموال ملايين آخرين، والأسعار مرتفعة والمبيعات بطيئة». خامساً: يكون خطاب حالة الاتحاد عادة هو الأكثر متابعة بعد خطاب تولي المنصب الذي يلقيه الرئيس. ويجذب خطاب حالة الاتحاد عشرات الملايين من المتابعين عبر التلفزيون، ويحتوي على كثير من نقاط الجذب، غير أن هذه الخطابات تكون ذات تأثير طفيف بشكل ملحوظ. وقليل من التشريعات المقترحة في خطاب حالة الاتحاد يتم تمريره، فعلى سبيل المثال لم يتم تنفيذ دعوة بوش لخصخصة الضمان الاجتماعي أو دفع أوباما للسيطرة على الأسلحة بعد حادث مدرسة «ساندي هوك». وبدلاً من أن يقتنع أعضاء الكونجرس، يشعرون في بعض الأحيان بالضيق من أن الرئيس يعزز رصيده عن طريق إنجازات هم في الواقع من حققوها. وعلاوة على ذلك، لا تكون خطابات حالة الاتحاد مقنعة بدرجة كبيرة للجمهور، وقلما أثرت على نسب تأييد الرئيس. وقليل من هذه الخطابات يمكن تذكرها بسبب لغتها النثرية، ولكن في بعض المناسبات تبقى عبارات في الذاكرة كعبارة كلينتون «لقد ولى عصر الحكومات الكبيرة»، ومصطلح بوش «محور الشر». أستاذ الإعلام في «جامعة كالفورنيا» نوع المقال: الولاياتالمتحدة الامريكية