تشغيل مركز العلاج الطبيعي والتأهيل بجامعة قناة السويس    مدبولي يستعرض استجابات منظومة الشكاوى الحكومية لعدد من الحالات بقطاعات مختلفة    انطلاق اللقاء التنشيطي للمجلس القومي لحقوق الإنسان بالإسكندرية (صور)    محافظ أسيوط يتفقد مبادرة إعادة تدوير رواكد الأخشاب إلى مقاعد دراسية    محافظ الدقهلية يتابع الحالة العامة للميادين والشوارع من خلال الشبكة الوطنية للطوائ..صور    "عجيبة للبترول" تنجح في وضع البئر "Arcadia-28" على الإنتاج    الخارجية الإيرانية: زيارة مرتقبة لوفد من الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى إيران في غضون أسبوعين    العراق: سقوط طائرة مسيّرة مفخخة بمحافظة أربيل دون تسجيل إصابات    مقتل 4 أشخاص جراء أمطار غزيرة وفيضانات في شمال الصين    20 نادي يشارك في القسم الثالث لكرة القدم النسائية في الموسم الجديد    النصر ورونالدو.. بوابة جواو فيليكس نحو كأس العالم    كشف ملابسات حقيقة ادعاء شخص تواطؤ رجال الشرطة مع زوجته بسبب محضر    "في حوار خاص منار غانم تكشف: لماذا ترتفع الحرارة في مصر بهذا الشكل الغير مسبوق؟ ومتى تنكسر الموجة الحارة؟"    جامعة جنوب الوادي تستعد لاستقبال طلاب المرحلة الأولى بمعامل التنسيق الإلكتروني وفقًا للحدود الدنيا    بالصور.. إيهاب توفيق يخطف الأنظار بدويتو "عامل عاملة" مع كنزي تركي فى إفتتاح المهرجان الصيفي للأوبرا    بخصم 25%.. 150 عنوانا ل «القومي للترجمة» في معرض الإسكندرية العاشر للكتاب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 28-7-2025 في محافظة قنا    السّم في العسل.. أمين الفتوى يحذر من "تطبيقات المواعدة" ولو بهدف الحصول على زواج    حكم استمرار الورثة في دفع ثمن شقة بالتقسيط بعد وفاة صاحبها.. المفتي يوضح    مصر الأولى عالميًا في القضاء على فيروس C.. إنجاز ذهبي تاريخي يشهد به العالم    تمرين ينظم نسبة السكر في الدم لدى مصابي السكري.. احرص عليه    "بطاقة لكل عبوة".. مصدر يكشف موعد تطبيق منظومة "التتبع الدوائي"    الصفاقسي: معلول سيتولى منصبا إداريا في النادي بعد الاعتزال وهذا موقف المثلوثي    البنك الأهلي يبدأ استعداداته الخميس المقبل لمواجهة غزل المحلة فى الدوري    رئيس جامعة القاهرة يشهد تخريج الدفعة 97 من الطلاب الوافدين بكلية طب الأسنان    نشاط مكثف لتحالف الأحزاب في انتخابات الشيوخ 2025    في مستهل زيارته لنيويورك.. وزير الخارجية يلتقي بالجالية المصرية    الداخلية تكشف حقيقة فيديو الاعتداء بمادة حارقة: واقعة قديمة أُعيد نشرها    رئيس الوزراء البريطاني سيحث ترامب على الضغط على إسرائيل لوقف الحرب فى غزة    وكيل الأمم المتحدة: الأزمة الإنسانية في غزة مدمرة    متحدثة الهلال الأحمر الفلسطيني: 133 ضحية للمجاعة فى غزة بينهم 87 طفلًا    لبنان يودع عبقرى الموسيقى والسياسة.. جنازة زياد الرحبانى اليوم فى بكفيا    الشرطة الألمانية: انهيار أرضي يُحتمل أن يكون السبب في حادث القطار المميت    رئيس وزراء السودان يصدر قرارا بتعيين 5 وزراء جدد    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة ورأس المال يربح 4,5 مليار جنيه    أمين الفتوى: الصلاة بالبنطلون أو "الفانلة الداخلية" صحيحة بشرط ستر العورة    أحمد الرخ: تغييب العقل بالمخدرات والمسكرات جريمة شرعية ومفتاح لكل الشرور    انخفاض أرباح أودي بأكثر من الثلث في النصف الأول من 2025    المصري يستنكر بشدة ما حدث من تجاوزات في مباراة الترجي الودية    شوبير يدافع عن طلب بيراميدز بتعديل موعد مباراته أمام وادي دجلة في الدوري    الصحة العالمية : مصر أول بلد بالعالم يحقق المستوى الذهبي للتخلص من فيروس C    طلاب الأزهر يؤدون امتحانات الدور الثاني في مواد الفرنساوي والجغرافيا والتاريخ    الخريطة الزمنية للعام الدراسي الجديد 2025 - 2026 «أيام الدراسة والإجازات»    الأرز والعدس.. أسعار البقوليات في أسواق الشرقية اليوم الإثنين 28 يوليو 2025    سعر الدولار مقابل الجنيه المصري الإثنين 28-7-2025 بعد ارتفاعه الأخير في 5 بنوك    بالصور.. اصطدام قطار بجرار أثناء عبوره شريط السكة الحديد بالبحيرة    هدي المفتي تكشف علاقتها ب ويجز لأول مرة: "مش مقربين"    هدى المفتي تحسم الجدل وترد على أنباء ارتباطها ب أحمد مالك    «اقعد على الدكة احتياطي؟».. رد حاسم من حسين الشحات    بداية فوضى أم عرض لأزمة أعمق؟ .. لماذا لم يقيل السيسي محافظ الجيزة ورؤساء الأحياء كما فعل مع قيادات الداخلية ؟    بالأسماء.. 5 مصابين في انقلاب سيارة سرفيس بالبحيرة    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الاثنين 28 يوليو    «مكنتش بتاعتها».. بسمة بوسيل تفجر مفاجأة بشأن أغنية «مشاعر» ل شيرين عبدالوهاب.. ما القصة؟    السيطرة على حريق بشقة سكنية في البلينا وإصابة 3 بحالات اختناق    الاحتلال يقصف حَيَّيْ التفاح والشجاعية في مدينة غزة    إدريس يشيد بالبداية المبهرة.. ثلاث ميداليات للبعثة المصرية فى أول أيام دورة الألعاب الإفريقية للمدارس    أم وابنها يهزمان الزمن ويصنعان معجزة فى الثانوية العامة.. الأم تحصل على 89% والابن 86%.. محمد: ليست فقط أمى بل زميلتي بالدراسة.. والأم: التعليم لا يعرف عمرا وحلمنا ندرس صيدلة.. ونائب محافظ سوهاج يكرمهما.. فيديو    الباذنجان مهم لمرضى السكر والكوليسترول ويحمي من الزهايمر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المكالمة المهلكة!
نشر في التغيير يوم 20 - 10 - 2013

هل تفيد الحاكم أحلامه العظيمة وآماله العريضة عندما يكون مهووسا بالتسلط والبطش؟، وهل يكون عظيما حقا من ينشغل بإخراس أى صوت معارض له حتى لو كان صوتا خافتا ضئيل التأثير؟، سأترك هذه الواقعة الغريبة تجيبك بنفسها.
بطل الواقعة واحد من أعظم محققى التراث العربى الإسلامى والمنافحين عنه وهو الأستاذ محمد محمود شاكر الشهير بين محبيه بلقب «الشيخ شاكر»، والذى أتمنى أن تعفينى من طلب أى تعريف موجز لأنه حتما سيخل بعظمته وقدره، دونك «جوجل» لتستزيد منه بمعلومات أتمنى أن تدفعك إلى قراءة كتبه والاستفادة من علمه وأسلوبه ولغته البديعة، ولتبدأ مثلا بصفحة الويكيبديا العربية الخاصة به والتى أحسن محبوه تحريرها فجاءت دقيقة ومتميزة على غير العادة.
ستقرأ فى أى سيرة موجزة عن حياة الشيخ شاكر أنه تعرض للاعتقال مرتين فى عهد عبدالناصر أولاهما فى عام 1959، حيث لبث فى السجن تسعة أشهر، أما الثانية فكانت فى أغسطس 1965 واستمرت حتى نهاية ديسمبر 1967، وربما ستظن حينها أن الرجل بحكم لقبه وتخصصه وتاريخ اعتقاله تعرض للاعتقال لأنه كان من قادة جماعة الإخوان، لكن الحقيقة أنه لم يكن له صلة بالإخوان ولا بغيرهم من التنظيمات السياسية، فما تسبب فى حبسته الأولى لم يكن سوى مكالمة تليفونية جمعته بأديبنا الكبير يحيى حقى، يروى تفاصيلها الشيخ أحمد حسن الباقورى فى مذكراته بوصفه شاهدا عليها، حيث يقول إن حقى أخذ يشكو فى التليفون لشاكر من نقله إلى موقع لا يناسبه فى وزارة الثقافة التى كان يعمل بها، فقام شاكر تضامنا مع صديقه بإطلاق شتيمة قبيحة فى حق عبدالناصر وضباط يوليو، يروى الباقورى أنه كان وقتها يصلى وأنه بعد أن فرغ من الصلاة أنكر الشتيمة على شاكر، دون أن يدرك الاثنان أن المكالمة تم تسجيلها، وأنها ستلقى بشاكر فى السجن دون محاكمة عادلة، بل ستكون سببا فى أن يستدعى عبدالناصر الباقورى بعدها بأيام ليقول له: «بلغنى أنك تحضر مجالس تنتقد الثورة التى أنت علم من أعلامها»، ثم يسمعه تسجيلا للمكالمة التى كانت سببا فى استقالة الباقورى فى الصباح التالى من منصبه كوزير للأوقاف.
لكى أقطع الطريق على من وصفهم عمنا محمود السعدنى ب«أرامل الزعيم الراحل»، لن أعتمد فقط على رواية الشيخ الباقورى، ولا على تأكيد صديقه الحميم الكاتب الكبير خالد محمد خالد لها، بل سأعتمد على تحقيق وافٍ لها نشره الكاتب الكبير رجاء النقاش فى كتابه (رجال من بلادى)، كان الأستاذ رجاء ممن أعلنوا محبتهم كثيرا لعبدالناصر، لكن ذلك لم يمنعه من استهجان هذه الواقعة وانتقاد موقف عبدالناصر من الحريات، وهو ما جلب له غضب بعض الناصريين الذين يحلو لهم أن يحملوا كل الرؤساء أى أخطاء تحدث فى عهدهم إلا عبدالناصر، فهو وحده الزعيم الذى لا يعتبرونه مسئولا عن أخطائه، لأنها إما وقعت بفعل مؤامرة دولية أو كانت تتم دون علمه، لدرجة أن بعض هؤلاء كتب لرجاء مفضلا الطعن فى ذمة الشيخ الباقورى دون دليل قاطع، على أن يعترف بخطأ عبدالناصر وهوسه بالتسلط حتى على مكالمات التليفونات.
أما البعض الآخر فقد لجأ للتشكيك أصلا فى حدوث ما رواه الباقورى، وهو ما رد عليه بشكل قاطع الدكتور ثروت عكاشة وزير الثقافة الأشهر فى تاريخ مصر وأحد رفاق عبدالناصر حين شهد لرجاء النقاش أن عبدالناصر استدعاه وأسمعه تسجيل المكالمة وطلب منه أن يفصل طرفها الثانى يحيى حقى، لكن ثروت عكاشة استغل علاقته القوية بعبدالناصر ليقنعه ببراءة يحيى الذى لا يجوز أن يتحمل ذنب غيره، ولو لم يكن ثروت عكاشة من العارفين بقدر يحيى حقى لكان قد شارك صديقه فى دفع ثمن تلك المكالمة المهلكة.
خرج الشيخ شاكر بعد تسعة أشهر من السجن بفضل وساطات محبيه المقربين لعبدالناصر وعلى رأسهم الزعيم السودانى محمد أحمد محجوب، لكنه عاد إليه فى عام 1965 بعد سلسلة مقالات قوية نشرت فى مجلة (الرسالة) شن فيها حملة على الدكتور لويس عوض ستجدها فى كتابه الشهير (أباطيل وأسمار) وحينها ربط «عبقرى» ما فى جهاز أمنى بين تلك المقالات المدافعة عن التراث الإسلامى وبين فكر جماعة الإخوان التى كانت تتعرض فى ذلك الوقت لحملة اعتقالات ومحاكمات أعدم فيها منظر الجماعة الجديد سيد قطب، والذى كان لسخرية القدر قد خاض فى طبعته القديمة معركة أدبية عنيفة مع الشيخ شاكر بعد هجوم سيد قطب على مصطفى صادق الرافعى أستاذ شاكر الأقرب إلى قلبه.
من سخريات القدر أيضا أن الشيخ شاكر الذى تم اعتقاله مع الإخوان لم يكن يطيق التعامل معهم بسبب ثقل ظلهم، وكان يفضل عليهم صحبة الشيوعيين الذين كان بينه وبينهم ما صنع الحداد لكنهم كانوا أخف على قلبه كثيرا، ومع ذلك فقد ظل مسجونا لأكثر من عامين، لأن الدفاتر الأمنية لا يمكن أن تخطئ أبدا، وحتى لو أخطأت فمن العار أن يتم إصلاح أخطائها أبدا، لأن ذلك الإصلاح ربما يهز ثقة المواطن بقيادته الحكيمة الملهمة التى يتغاضى عن ظلمها على أمل أنه سيحقق له العدل، ناسيا أن ما بُنى على باطل لا يقود إلا إلى باطل، وإن صفقت له الملايين ورقصت وغنت.
أصبحنا نحتاج للتذكير بوقائع دالة مثل هذه مجددا، بفضل جماعة الإخوان التى اضطرتنا بخيانتها للثورة وانتهازيتها إلى أن ننشغل عن مستقبلنا بماضينا، فأخذ بعضنا يدعى أنه كان ماضيا مشرقا مهيبا يجب أن نستلهمه ونحن نقمع الإخوان، واضطر بعضنا الآخر للتنبيه إلى أن ذلك الماضى كان فى أغلبه مظلما «مهببا» بدليل أن استبداده المتخفى تحت شعارات حماية الوطن أوقعنا فى حفرة الهزيمة التى قمنا منها لنقع فى دحديرة الفساد، ومازلنا للأسف نواصل القيام والوقوع من نقرة لدحديرة، لأننا لا نبدو راغبين فى التعلم من أخطاء ماضينا بقدر ما نفضل تكراره بحذافيره التى كان من بينها أن كثيرا من أبناء وطننا اختار اعتناق مذهب جحا فى تطنيش أى قمع أو ظلم أو تضييق على الحريات يحدث فى البلد، طالما كان بعيدا عن.. قفاه، مشيها قفاه.
رابط المقال:
http://shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=20102013&id=1df0a268-317b-41cd-a585-f49f5fe0f9d0


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.