أكد د. محمد البلتاجي رئيس جمعية التمويل الإسلامي وخبير الصيرفة الإسلامية أن هناك حملة من الشائعات منتشرة بشكل كبير وتحاول النيل من الصكوك والوقوف ضد إصدارها ، مشيراً إلى أنه يتوقع طلباً متزايداً على إصدار الصكوك في مصر نظراً لجاذبية هذه الأداة التمويلية بالنسبة للمستثمر الذي يبحث عن تمويل مربح ويتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية وهو ما جعل الإقبال عليها كبيراً في الكثير من دول العالم ، فهناك توقعات بوصول حجم إصدارات الصكوك عالمياً إلى 420 مليار دولار بحلول 2016. وأضاف في حواره ل"التغيير" أن الصكوك لا تقتصر على كبار المستثمرين والمشروعات الكبيرة فقط بل إنه يمكن لصغار المدخرين الاستثمار فيها أيضاً ، وهو ما يحدث في ماليزيا رائدة هذه الصناعة، حيث أطلقت نوعا جديدا من الصكوك الاسمية تتميز بالمرونة وسهولة التداول مع إتاحة الفرصة لذوى الدخل المحدود للتعامل بها والحصول على أرباح بنسبة معينة ؛ حيث خصصت أحد الإصدارات لتمويل مشروع خط قطار جديد فى العاصمة الماليزية كوالالمبور تبلغ قيمته نحو 5،1 مليار دولار، خُصِّص منها نحو 300 مليون دولار للمواطنين ذوى الدخل المحدود وصغار المستثمرين، وإلى نص الحوار: *هل الصكوك المزمع إصدارها تقتصر على المشروعات الكبيرة فقط أم أنه يمكن لصغار المدخرين الاستثمار فيها؟ الصكوك لا تقتصر على كبار المستثمرين والمشروعات الكبيرة فقط بل إنه يمكن لصغار المدخرين الاستثمار فيها أيضاً، كل بقدر حاجته وإمكانياته؛ ولذلك نستعرض مثالا واقعيًّا من ماليزيا رائدة هذه الصناعة، حيث أطلقت ماليزيا نوعا جديدا من الصكوك الإسمية تتميز بالمرونة وسهولة التداول مع إتاحة الفرصة لذوى الدخل المحدود للتعامل بها والحصول على أرباح بنسبة معينة؛ حيث خصصت أحد الإصدارات لتمويل مشروع خط قطار جديد فى العاصمة الماليزية كوالالمبور تبلغ قيمته نحو 5،1 مليار دولار، خُصِّص منها نحو 300 مليون دولار للمواطنين ذوى الدخل المحدود وصغار المستثمرين، ويستطيع المواطن أن يستثمر مبالغ قليلة لشراء هذه الصكوك؛ إذ يحتاج المواطنون إلى رأسمال يبلغ حده الأدنى نحو 300 دولار للبدء في الاستثمار بمرحلة الطرح العام الأولى. كما توفر الحكومة ميزة أخرى لهذا النوع من الاستثمارات، وهى أنها هى التى تضمن بنفسها رؤوس أموال المواطنين والمستثمرين الصغار. كما تتميز الصكوك الجديدة بأنها معفاة من الضرائب، وأن عوائدها محددة مسبقا -على اعتبار أنها صكوك مرابحة- وتُقدَّم على قسائم "كوبونات"، وتُدفَع على مدى فترات منتظمة. وهو ما يُؤكِّد على حق المواطنين فى المشاركة فى كل برامج التنمية والازدهار فى البداية ، كما أنه يمثل فرصة لإشراك المواطنين فى تمويل مشاريع البنية التحتية للبلاد بما يعود على البلاد والمواطنين بالمنفعة العامة. *انتشرت بعض الشائعات التي تقول أن الصكوك ستعيد شركات توظيف الأموال مجدداً؟ هذا الكلام لا أساس له من الصحة وهي ضمن المحاولات المستمرة والمتعمدة لتشويه الصكوك، فلا يوجد أدنى علاقة بين توظيف الأموال بالشكل المعروف وبين الصكوك. *هناك أقوال منتشرة بأنه يمكن للصكوك أن تبيع قناة السويس وأصول الدولة للأجانب، فما تعليقكم؟ لا صحة لهذا الكلام وقد أفردت المادة الخامسة من القانون تفصيلا دقيقا لما يجوز طرح الصكوك فى مقابله؛ حيث أكدت المادة على عدم جواز استخدام الأصول الثابتة المملوكة للدولة ملكية عامة أو منافعها لإصدار صكوك حكومية فى مقابلها، وهى بذلك تشمل كل الأصول الثابتة المملوكة ملكية عامة للدولة نهر النيل،الأهرامات، قناة السويس وغيرها. أما الأصول المملوكة للدولة ملكية خاصة مثل: شركات القطاع العام، فقد سمح القانون بإصدار صكوك فى مقابل حق الانتفاع فقط دون ملكية الرقبة، وهو ما يعنى عدم إمكانية التصرف بحال من الأحوال فيها بتصرف يرتبط بملكية الرقبة مثل الحجز، الرهن، الوصية، الهبة، الإرث ، حيث استقر قضاء المحكمة الإدارية العليا على أن الترخيص بالانتفاع بالمال العام هو بطبيعته تصرف إداري مؤقت لا يُرتِّب حقًّا ثابتا نهائيا لحق الملكية، بل يُعطى للمرخص مجرد ميزة الانتفاع بالمرخَّص به وأنه يسقط بالحالات الآتية: تخلف شرط صلاحية استمرار الانتفاع بالمال، أو انقضاء الأجل المحدد، أو توافر مصلحة عامة من إلغاء الترخيص. وهذا يعطى سلطة تقديرية واسعة للدولة في تقرير مدى ملائمة أي مشروع تم طرحه بنظام حق الانتفاع بحيث تقرر استمرار الترخيص أو إنهاءه ، فما يثار حول إمكانية رهن أو بيع قناة السويس ليس له أى أساس من الصحة. *هل الصكوك تبيع الدولة والشركات المحلية للأجانب كما أشيع ؟ نعتقد أن هناك قناعة تامة لدى معظم الاقتصاديين والخبراء بأن زيادة الاستثمار الأجنبي فى مصر هدف مهم لأى حكومة؛ لأن زيادة هذه الاستثمارات يعنى زيادة معدل الاستثمار والنمو الاقتصادي، وبالتالي زيادة دخول الأفراد، كما أنه يسمح باستخدام أساليب الإدارة الحديثة والسماح بدخول التكنولوجيات الحديثة، والمساعدة فى تنمية وتدريب الموارد البشرية وتحفيز الاستثمار في البحوث والتطوير، خاصة فى حال توجه هذه الاستثمارات إلى القطاعات الإنتاجية ذات القيمة المضافة ، إضافة لتوفير فرص عمل جديدة . كما أن هناك حقيقة لابد من الإشارة إليها وهى أن الأجانب بالفعل يستثمرون فى الاقتصاد المصري ومتاح لهم شراء جزء من أسهم الشركات الحكومية والخاصة المقيدة فى البورصة وشراء أذون وسندات الخزانة بدون أدنى حظر، كما أن جميع هذه العمليات خاضعة لإشراف ورقابة هيئة الرقابة المالية والبنك المركزي المصري. كما أن هناك استثمارات قائمة بالفعل فى موانئ ومطارات لشركات أجنبية، وليس بها أدنى مساس لسيادة الدولة؛ فميناء العين السخنة والأدبيةبالسويس تحت إدارة شركة موانئ دبى العالمية، كما أن مطار، مرسى علم أنشأته وتديره شركة الخرافي الكويتية بنظام ال B.O.T ولن تسمح الحكومة أى حكومة ببيع أو مساس الأجانب بأي أصول فى أماكن ذات طبيعة خاصة. *إذاً فما هو الفرق بين الصكوك الحالية وفكرة الصكوك الشعبية التي تم طرحها في العهد السابق؟ هناك خلط غير مبرر بين فكرة الصكوك التى يتم طرحها حاليا، وبين التي طرحتها حكومة نظيف؛ ففكرة حكومة نظيف كان غرضها توزيع ملكية القطاع العام على المشاع لأفراد الشعب فكان الاتجاه للخصخصة بشكل جديد ، بينما فكرة الصكوك التى تُطرَح حاليا هى لتمويل بعض المشروعات الجديدة والمحددة لفترة محددة والتي تساهم في تحقيق تنمية للمجتمع، ثم تعود الملكية للدولة في حالة الصكوك الحكومية ..بمعنى أن الاتجاه أى إن الفكرتين تسيران فى اتجاهين مختلفين تماما. *ما هي الحاجة الحقيقية لمثل هذه الأداة التمويليلة؟ تعانى الموازنة العامة للدولة من مشكلات مزمنة، أبرزها دَين عام داخلي يتجاوز التريليون جنيه وإذا ما أضفنا عليه الدين الخارجى سيصل لحوالى 1.3 ترليون جنيه قابلا للزيادة خال السنوات القادمة إذ لم تُتخذ الإجراءات والإصلاحات الهيكلية اللازمة، وهو ما يتزايد معه أعباء خدمة هذا الدَّين والذى يلتهم ربع المصروفات العامة، وبالتالى تستمر إشكالية تدبير موارد مالية للقيام بالاستثمارات العامة اللازمة لعملية التنمية فى ظل العجز المتفاقم فى الموازنة العامة للدولة. ويؤدى اصدار الصكوك الي تخفيف العبئ علي الموازنة من خلال البحث عن مصادر لتمويل المشروعات ، وتبرز هنا أهمية الصكوك كأداة تمويلية تصلح للاستعمال من قبل الحكومة والشركات الاستثمارية والبنوك فى تعبئة الموارد المالية لتنميتها بالطريقة التي تتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية. *هل يمكن تداول الصكوك بالبورصة؟ نعم يمكن بيعها بالسوق الثانوية؛ فهناك نوعان من الصكوك قابلة للتداول؛ وهى التى تكون قائمة على موجودات مثل: المشاركة والإجارة؛ ولابد من إيجاد آلية تخارج منها، وهذا ما يبحث عنه المستثمر الذي لابد أن يجد سوقًا له يتم التخارج فيه من الصكوك، ويسمح القانون المصري للصكوك بذلك. وهناك صكوك أخرى قائمة على الديون مثل:المرابحة والسلم والاستصناع لا يتم تداولها بالسوق لعدم جواز ذلك وَفقًا للقواعد الشرعية. * كم يبلغ حجم الصكوك المدرجة حول العالم؟ بلغت قيمة إصدارات الصكوك حتى نهاية عام 2012 نحو 140 ملياراً لترتفع بذلك عن العام الماضي بنسبة 64% ومثلت إصدارات دول الشرق الأوسط مقدار من 17% إلى 53% من إجمالى إصدارات الصكوك حول العالم، وكانت قد بلغت إصدارات الربع الأخير من العام 2012 مقدار 29 مليارا و 474 مليون دولار مثَّلت فيها الإصدارات الحكومية 78% من إجمالي قيمة إصدارات الربع الأخير. ولازالت ماليزيا تتربع على عرش إصدارات الصكوك؛ حيث بلغت نسبة الإصدارات بالعملة الماليزية من الربع الأخير 78% بما يُمثل 22 مليارا و 849 مليون دولار. وعلى غير المتوقع كان سوق لندن أكثر الأسواق من حيث الجاذبية؛ حيث بلغت نسبة قيمة الصكوك العالمية المصدرَة بواسطة السوق اللندني 37% من إجمالي إصدارات الصكوك المصدرَة بواسطة الأسواق المالية حول العالم. *ما هي التوقعات لسوق الصكوك فى المستقبل؟ توقعت مؤسسة تومسون رويترز زيادة الطلب العالمي على الصكوك الإسلامية من 140 مليار دولار فى عام 2012 إلى 420 مليار دولار بحلول 2016 . و أشارت توقعات وآفاق الصكوك فى دراسة حديثة صادرة عنها إلى أن معروض الصكوك الإسلامية بالأسواق العالمية سيشهد نموًّا مطردًا، متوقِّعة أن تزيد الفجوة بين الطلب والعرض إلى أكثر من 280 مليار دولار في السنوات الأربع المقبلة. وتوقعت الدراسة أن يُخصص المستثمرون 50% من محافظهم لاستثمارات التمويل الإسلامي، حيث سيذهب ما بين 35 و40% من هذه المخصصات للصكوك. وبناءً على ذلك فإن الصكوك الإسلامية التي سيتم طرحها في مصر ستلقي زيادة كبيرة من الطلب عليها سواء من الداخل أو الخارج لما تتميز به هذه الأداة التمويلية من جاذبية في الاستثمار بها . *هل هناك تجارب عالمية ناجحة للصكوك فى أي من دول العالم؟ هناك العديد من التجارب العالمية الناجحة فى مجال إصدار الصكوك تُؤكِّد قدرتها على تمويل المشروعات التنموية الكبرى فى مختلف دول العالم، حيث سعت عدة دول لوجود إطار قانونى منظم لإصدارات الصكوك بحيث توفر غطاء لازمًا ومشجعًا للمؤسسات المستثمِرة فى الصكوك، وأيضا للجهات المستفيدة منها، وهو ما أدى إلى تحقيق معدلات نمو غير مسبوقة للصكوك كأحد أهم الأدوات المالية التى تشهد معدلاتِ نمو متسارعة، ونجاحًا فى عدة مناطق على المستوى العالمي، سواء على مستوى البلدان الإسلامية فى منطقة شرق آسيا مثل: ماليزيا وإندونيسيا، وكذلك منطقة الخليج العربى والشرق الأوسط مثل: الإمارات والسودان والسعودية وقطر وتركيا، أو حتى على مستوى الدول الغربية مثل: ألمانيا وإنجلترا والولايات المتحدة، إضافة الى دول فى مناطق أخرى من العالم.