رغم أن ثورة 25 يناير كانت الأكثر تأثيراً من الذكرى الثانية للثورة والتي خرج فيها جموع الشعب المصري بمختلف أطيافه في كل الميادين والمحافظات إلا أنها بدأت سلمية وكان الجميع على قلب رجل واحد ضد الظلم والطغيان ونهب البلاد. اختلاف المعادلة حالياً وتحول السلمية إلى عنف مبرح مع الذكرى الثانية للثورة وبعدها أصاب الاقتصاد بالشلل التام وبدأ يعاني أزمة حقيقية توقف معها الأمل في تحقيق أية معدلات نمو في ظل استمرار هذا الفكر، كما تراجع على إثر ظاهرة العنف أيضاً احتياطي النقد الأجنبي وانهار الجنيه أمام الدولار وتراجعت الصادرات وزيادة عجز الموازنة, وهروب العديد من الاستثمارات وإصابة المستثمرين بالقلق الشديد من ضخ أي أموال في السوق المصري. ومما زاد من هذه الأزمة ظهور عدد من جماعات العنف والميلشيات المسلحة الذي لم يتم التوصل إلى مموليهم حتي الآن وهو ما انعكس بشكل أكبر على الاقتصاد بعد إلغاء عدد من الرحلات السياحية إلى مصر خاصةً بعد اعتداء البلطجية على فندق سميراميس أكثر من مرة وهو ما كان له بالغ الأثر على السياحة والاستثمار بشكل عام ، فضلاً عن تهديد جماعات العنف باقتحام وحرق العديد من المنشآت الحيوية . كان وزير الاستثمار أعلن في وقت سابق أن استمرار أحداث العنف قد يدفع عجز الموازنة العامة للارتفاع لنحو 200 مليار جنيه، بزيادة قدرها نحو 30 ملياراً عن معدلات العام المالي الماضي 2011-2012 , وبالفعل أعلنت المالية أول أمس عن تجاوز العجز لهذا الرقم. الصادرات على مستوي الصادرات بلغت قيمة الصادرات السلعية المصرية نحو 27 مليار دولار، منها نحو عشرة مليارات صادرات بترولية ، ويعول القطاع السلعي غير البترولي على زيادة صادراته، ويمثل انخفاض قيمة الجنيه المصري حاليًا فرصة كبيرة لقطاع التصدير المصري ، لكن هذه الميزة يهددها عدم انتظام حركة النقل وتعطيل الطرق، بل الأهم في حركة العنف التي يمارسها البعض أن تتجه هذه المحاولات لإغلاق الموانئ كما حدث في الإسكندرية وبورسعيد والسويس. وهناك تحد آخر يواجه الصادرات المصرية وهو انصراف مستوردي السلع المصرية إلى أسواق أخرى في حالة عدم انتظام الصادرات المصرية في المواعيد المحددة لها. ويعد الاعتماد على زيادة الصادرات المصرية من أهم أدوات تقليص العجز في الميزان التجاري، وبخاصة بعد الثورة المصرية، إذ زادت الواردات بمعدلات كبيرة. ميزان المدفوعات كما أن ميزان المدفوعات يعانى عجزاً شديداً نتيجة انخفاض الصادرات المصرية حيث أصبحت مصر تحتل أسوأ ثلاث دول تعانى من عجز الموازنة فى تقرير التنافسية ويوجد عجز فى ميزان المدفوعات السلعى يصل إلى 26 مليار دولار". خسائر البورصة وتعرضت البورصة أيضاً لموجة عالية من التراجع فى الذكرى الثانية لإغلاقها لمدة استمرت لنحو 39 جلسة متتالية أثناء أحداث ثورة 25 يناير 2011، مع تكرار ظروف وأحداث مشابهة بعد عامين من الثورة، خصوصا فى ظل الاشتباكات العنيفة فى مختلف محافظات الجمهورية خاصة محافظات قناة السويس التى تم إعلان حالة الطوارئ وفرض حظر التجوال بها بعد سقوط قرابة ال50 شهيدا ومئات الجرحى. وتسببت أحكام الإعدام الصادرة في القضية المعروفة إعلامياً ب "مذبحة بورسعيد" وتظاهرات إحياء ذكرى الثورة المصرية في تكبد البورصة خسائر قدرها 4.8 مليار جنيه من رأسمالها السوقي خلال أسبوع الأحداث ، بعد أن وصل إلى 376.9 مليار جنيه أمس، مقارنة ب 381.7 مليار جنيه نهاية الأسبوع السابق له (الأربعاء 23 يناير). زيادة عجز الموازنة وقالت وزارة المالية في بيان لها إن عجز الموازنة العامة في مصر زاد 5.1 بالمئة في النصف الأول من السنة المالية 2012-2013. وأضافت الوزارة إن عجز الموازنة بلغ 91.5 مليار جنيه(13.65 مليار دولار) في ستة أشهر حتى 31 ديسمبر 2012 مقابل 73.8 مليار جنيه قبل عام. ومن أهم أسباب زيادة عجز الموازنة في مصر الدعم الحكومي للمواد البترولية والذي يصل أغلبه وفقا لتصريحات الحكومة إلى غير المستهدفين به من محدودي الدخل. كذلك فإستمرار زيادة العجز يؤدي إلى زيادة المديونية، وزيادة المديونية تؤدي إلى زيادة العجز وهكذا، وهو ما يشل يد صانع السياسة المالية في تحسين الخدمات العامة في قطاع الصحة أو التعليم أو الخدمات العام، أو الجانب الأهم في الجانب الاجتماعي، من القدرة على مواجهة الفقر والبطالة، بل من المؤكد أن زيادة العجز من شأنها أن تؤدي إلى زيادة الفقر الذي وصلت معدلاته إلى 25% من عدد السكان، والبطالة التي تجاوزت حاجز 14%. السياحة وفيما يتعلق بطاع السياحة وهو من أكثر القطاعات التي تتأثر سلباً بمثل هذه الأحداث فإنه بعد أن وصل في مصر إلى معدلات قريبة جدًا من عام 2010، أتت أحداث العنف لتضفي أجواء سلبية من شأنها أن تؤدي إلى تراجع المؤشرات السياحية لمصر بشكل كبير. وحدث الاعتداء على فندف سميراميس ذو دلالات سلبية سيئة، إذ تنقل وسائل الإعلام العالمية هذه الأخبار، فتقوم الأسواق الخارجية في قطاع السياحة وغيره برسم صورة قاتمة عن مستقبل الاقتصاد المصري، الذي يعول على قدوم استثمارات أجنبية مباشرة بصورة كبيرة خلال المرحلة القادمة. وحسب بيانات معلنة من وزارة السياحة بلغ عدد السياح خلال عام 2012 نحو 11 مليون سائح، وحققت الإيرادات السياحية نحو 13 مليار دولار خلال نفس العام. إلا أن أحداث العنف أدت إلى انخفاض حالة الإشغالات بفنادق القاهرة بشكل ملحوظ بلغ ما بين 10% و20%. وامتد هذا التأثير السلبي إلى فندق المناطق السياحية. ففي الغردقة بلغت نسبة الإشغال نحو 58%، وفي شرم الشيخ بلغت 57%, على الرغم من وجود عطلة نصف العام الدراسي في مصر وفي الدول العربية، وهو الموسم الذي كانت فيه فنادق ومنتجعات المناطق السياحية تحظى بنسبة إشغال عالية تصل إلى 100%. الاستثمار والنمو وتوقع أسامة صالح، وزير الاستثمار، ألا تستطيع الحكومة تحقيق معدلات النمو المستهدفة خلال العام المالي الجاري 2012-2013 بسبب أحداث العنف التى تشهدها البلاد حاليًا. وتستهدف الحكومة رفع معدل النمو الاقتصادي من 2.2% عام 2011/2012 إلى 3.5% عام 2012/2013، ثم 4.5% عام 2013/2014، والوصول إلى مستويات 7% في المتوسط حتى عام 2022. وقال وزير الاستثمار، إنه من المتوقع ألا يقل معدل النمو الاقتصادي عن 2% وهو أدنى معدل مقبول، مشيرًا إلى أنه فى حال حدوث هذا المعدل فإن هذا يعنى أن الاقتصاد المصري ينمو بمعدل سلبى. وأضاف أنه من المقدر أن يكون معدل النمو فى حدود 3.1% خاصة مع تلقى وعود من مستثمرين أجانب قبل الأحداث الحالية بضخ استثمارات فى السوق المصرية فى النصف الثانى من العام المالي المنتهى فى يونيه القادم، لكن فى حال استمرار الوضع الحالي على ما هو عليه بعض الوقت فإن ذلك قد يؤثر سلبًا على معدل النمو المحقق. قرض الصندوق كذلك لم تفلت المباحثات مع صندوق النقد من هذه الأحداث والتي من المتوقع أن تجعل الصندوق أكثر ترددًا في منح مصر القرض الذي ينتظره الاقتصاد المصري ليمثل ضخ دماء جديدة في شرايين السيولة من العملة الصعبة، والمقدر له أن يبلغ 4.8 مليارات دولار. وتحتاج مصر لقرض الصندوق لأسباب أخرى غير الحصول على السيولة، وهي تحسين وضعها على مؤشر التصنيف الائتماني الدولي، الذي تراجع أكثر من مرة على مدار العامين السابقين، وانعكس هذا التقييم السلبي على تصنيف البنوك المصرية كذلك، التي انخفض تصنيفها الائتماني بالتبعية. وكذلك يعتبر التوقيع على قرض الصندوق بمثابة شهادة لجهات أخرى قررت تقديم قروض ومنح للاقتصاد المصري شريطة التوقيع على اتفاق صندوق النقد الدولي. وكلما تأخر قرض الصندوق عن الاقتصاد المصري، تعثرت خطوات الإصلاح الاقتصادي والمالي لمصر.