أكد خبراء اقتصاديون أن غموض البرامج الإقتصادية للقوى السياسية فى مصر يهدد التدفقات الاستثمارية الأجنبية فى مرحلة ما بعد "ثورة يناير" رغم التزام تلك القوى بسياسات السوق الحرة، موضحين أن مصر تقف حاليا فى مفترق طرق من الناحيتين السياسية والاقتصادية. وقال الدكتور أحمد صقر أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة خلال ورشة عمل بعنوان "أحدث مستجدات القطاع المصرفى والمالى فى مصر نظمها المعهد المصرفى المصرى بالعين السخنة، أن مصر تواجه تحديات اقتصادية حاليا تتمثل فى ارتفاع معدلات البطالة والتضخم وتدنى معدل نمو الناتج المحلى الإجمالى وهبوط احتياطى النقد الأجنبى من 36 مليار دولار قبل ثورة يناير إلى 15.3 مليار دولار فى نهاية مايو الماضى. وأضاف صقر العضو السابق بمجلس إدارة البنك المركزى المصرى، أن معدلات النمو الاقتصادى المرتفعة التى تحققت قبل الثورة فى مصر لم تنعكس بشكل إيجابى على مستويات المعيشة، حيث تنامت معدلات الفقر والبطالة رغم زيادة عائدات السياحة والمعاملات الخارجية وإيرادات قناة السويس واستقرار أسعار الصرف مقابل الدولار. وأشار إلى أن المواطن المصرى لم يشعر بثمار التحسن الاقتصادى قبل ثورة يناير نتيجة عدد من العوامل من بينها الاعتماد على قطاعات موجهة للخارج كالسياحة والصادرات لتحقيق النمو مما جعلها عرضة للتقلبات الدولية وعدم استدامة التنمية الاقتصادية والاجتماعية واعتماد النمو الاقتصادى أيضا بشكل رئيسى على الاستهلاك الخاص بدرجة أكبر من من الاستثمار والصادرات. وأوضح أن نصيب الزراعة والصناعة التحويلية غير البترولية من الاستثمارات الكلية المنفذة مقارنة بالصناعات الاستخراجية تراجعت وسط تدنٍ ملحوظ لمعدلات الإدخار التى بلغت 14.3 فى المائة ومعدلات الاستثمار التى وصلت إلى 19.5 فى المائة عام 2010. وقال صقر إن الموازنة العامة للدولة عانت أيضا قبل ثورة يناير من الإختلالات الهيكلية والتى تمثلت فى تنامى عجز الإيرادات العامة والمصروفات الحكومية وزيادة الدين العام ومخصصاته ومزاحمة القطاع العام للقطاع الخاص فى الاقتراض من المصارف وزيادة حجم الأموال الساخنة والتى ركزت على الاستثمار فى أذون الخزانة للحصول على العائدات المرتفعة. وأضاف أن العجز الحكومى ارتفع إلى 98.8 مليار جنيه أو ما يعادل 8.2 فى المائة من الناتج المحلى الإجمالى خلال عام 2009/ 2010 فى الوقت الذى زاد فيه معدل العجز فى الميزان التجارى إلى 25 مليار دولار ومعدلات البطالة إلى 3 مليون عاطل فى مصر. وأشار إلى أن معدلات التضخم ارتفعت إلى حوالى 11 فى المائة سنويا عام 2010 بينما انزلق 22 فى المائة من السكان إلى خط الفقر عام 2008 رغم زيادة معدلات النمو الاقتصادى، منوها إلى أن مصر احتلت المرتبة 101 فى دليل التنمية البشرية من إجمالى 160 دولة والمرتبة 94 فى مؤشر التنافسية الدولية عام 2010. وأوضح أن مصر احتلت المرتبة 111 فى مؤشر الفساد الإدارى من إجمالى 180 دولة عام 2010 ، لافتا إلى أن التداعيات الاقتصادية السلبية التى واكبت ثورة يناير شملت تنامى الإضرابات العمالية والإحتجاجات الفئوية والانفلات الامنى والاشتباكات الطائفية والازمات السلعية وأعمال العنف والبلطجة وتدنى معدلات النمو الاقتصادى الى 1.8 فى المائة فى نهاية عام 2011 مقابل سبعة فى المائة عام 2008 . وقال إن ثلاثة أنشطة حققت نتائج إيجابية عقب ثورة يناير وهى قناة السويس والصادرات غير النفطية وتحويلات العاملين المصريين بالخارج مقترحا ثلاثة سيناريوهات لمواجهة التحديات الاقتصادية الحالية يتمثل الاول فى استمرار الوضع الاقتصادى الراهن والثانى فى التحسن التدريجى للأوضاع الاقتصادية والثالث فى التحسن السريع والهيكلى للاقتصاد. ودعا إلى تنشيط الطلب المحلى عن طريق قروض الجهاز المصرفى والصندوق الاجتماعى للتنمية وهيئة التمويل العقارى ودعم قطاع المقاولات ورفع كفاءة منافذ التوزيع السلعى وإقرار قوانين حماية المنافسة ومنع الاحتكار ودعم استيراد السلع التى تحتاجها السوق المحلية لكسر الممارسات الإحتكارية ورفع كفاءة الأسواق وتعزيز دور التعاونيات. وأشار إلى أن أولويات النشاط الاقتصادى فى مصر، يجب أن تركز على دعم الأمن لتشجيع السياحة والاستثمار وكبح الفساد ودعم قوانين المنافسة وحماية المستهلك والأسواق، مشددا على أن تجاوز التحديات الاقتصادية رهن بإدارة المرحلة الانتقالية بفاعلية وإعداد الدستور.