نائب ترامب: انتقادات خطة التسوية في أوكرانيا تتجاهل الواقع ويجب أن تكون مقبولة للطرفين    فانس: أي سلام بأوكرانيا يجب أن يرضي الطرفين... والرهان على السلاح والعقوبات "وهم"    جريمة ذات طابع سياسي، اغتيال بلوجر ليبية شهيرة على يد مسلحين في طرابلس (صور)    سارة الشامي بفستان كلاسيكي أنيق في ختام مهرجان القاهرة السينمائي    الكشف الطبي على 5 أطفال في واقعة التعدي عليهم داخل مدرسة دولية بالسلام    ضباب وشبورة كثيفة.. «الأرصاد» تحذر من الساعات المقبلة    قرار قضائي جديد بشأن المتهم بسرقة سيدة بالعجوزة    الاتحاد الأوروبى يدعو طرفى القتال فى السودان لاستئناف المفاوضات    بعد تصديق الرئيس.. تعديلات قانون الإجراءات الجنائية نقلة حقيقية في ملف حقوق الإنسان    جدول مباريات اليوم حول العالم: مواجهات قوية في أوروبا وإفريقيا    البث المباشر لمباراة ليفربول ونوتنجهام فورست في الدوري الإنجليزي    أسعار الدواجن والكتاكيت والبيض في السوق المصرية    «يوميات ونيس».. العمل الذي صنع ذاكرة جيل ورسّخ قيم الأسرة في الدراما المصرية    رئيس المدينة اكتشفه بالصدفة، هبوط أرضي مفاجئ أمام مستشفى ميت سلسيل بالدقهلية (صور)    برنامج «دولة التلاوة» يعيد لمة العيلة المصرية على شاشة واحدة    فلسطين.. جيش الاحتلال يقتحم حي الضاحية في نابلس شمال الضفة الغربية    بيسكوف: مستوى اتصالات التسوية بين موسكو وواشنطن لم يحدد بعد    المرأة العاملة| اختيارها يحمي الأسرة أم يرهقها؟.. استشاري أسري يوضح    أبرزها وظائف بالمترو براتب 8000 جنيه.. «العمل» توفر 100 فرصة للشباب    محمد موسى يهاجم الجولاني: سيطرتك بلا دور.. والسيادة السورية تنهار    محمد التاجي: لولا تدخل السيسي ل"طبل" الجميع للانتخابات وينتهي الأمر دون كشف التجاوزات    صافي الأرباح يقفز 33%| بنك البركة – مصر يثبت قوته المالية    حدد الموعد، رئيس الاتحاد الفرنسي يتحدث عن اقتراب زيدان لتدريب منتخب الديوك    من 18 إلى 54 ألفًا.. زيادة تعجيزية تهدد مصدر رزق مزارعي بهادة بالقليوبية    «دولة التلاوة» تعيد الحياة لصوت أول قارئة للقرآن بالإذاعة المصرية    تطورات مثيرة في قضية سرقة عصام صاصا للحن أغنية شيرين    التوقعات السامة| خبيرة أسرية توضح كيف تحول الزواج لعبء على المرأة    استشارية: خروج المرأة للعمل لا يعفي الرجل من مسؤولية الإنفاق أبدًا    عضو "الشؤون الإسلامية" يوضح حكم التعامل مع الدجالين والمشعوذين    مداهمة مفاجئة تكشف الإهمال.. جمعية زراعية مغلقة وقرارات حاسمة من وكيل الوزارة    شيكو بانزا يوضح سبب تأخر عودته للزمالك    محلل سياسي عن لقاء السيسي ورئيس كوريا: مصر مركز جذب جديد للاستثمارات    الصورة الأولى لعروس المنوفية التي لقيت مصرعها داخل سيارة سيارة الزفاف    مارسيليا يتصدر الدوري الفرنسي مؤقتا بفوز ساحق على نيس    مصطفى حجاج يكشف حقيقة الخلاف بينه وبين هاني محروس    ترامب: نعمل مع لبنان لتحقيق السلام في الشرق الأوسط ونمارس ضغوطًا لنزع سلاح حماس    اتحاد الكرة يعلن حكام مباريات الأحد في الدوري الممتاز    الجيزة: تعريفة ثابتة للسيارة بديلة التوك توك ولون موحد لكل حى ومدينة    أحمد حسن يكشف أسباب عدم ضم حجازى والسعيد للمنتخب الثانى بكأس العرب    محلل أداء الأهلى السابق: الفريق استقبل أهدافا كثيرة بسبب طريقة لعب ريبيرو    إعدام كميات كبيرة من الأغذية والمشروبات غير الصالحة بالمنوفية    اكتشاف عجز 44 طن سكر داخل مضرب بكفر الشيخ.. وضبط أمين المخازن    محمد أبو سعدة ل العاشرة: تجميل الطريق الدائري يرتقى بجودة حياة السكان    صلاح بيصار ل العاشرة: أحمد مرسي علامة كبرى في الفن والأدب السريالي    رمضان صبحي أمام المحكمة في قضية التزوير| اليوم    أخبار × 24 ساعة.. السياحة: 1.5 مليون سائح ألمانى زاروا مصر منذ بداية 2025    مسئول إسرائيلى: سنحصل على الشرعية لنزع سلاح حماس إذا لم ينجح الأمريكيون    11727 مستفيدًا في أسبوع سلامة الدواء بالمنوفية    نصر عبده: إعادة الانتخابات تصحح الصورة الدولية.. ومصر تأتي ببرلمان يريده الشعب    رئيس جامعة المنيا يناقش إعداد الخطة الاستراتيجية للجامعة 2026–2030    جعجع: لبنان يعيش لحظة خطيرة والبلاد تقف على مفترق طرق    عالم بالأوقاف: الإمام الحسين هو النور المكتمل بين الإمامة والنبوة    البابا تواضروس الثاني يلتقي مقرري اللجان المجمعية    شوقي علام حول التعاملات البنكية: الفتوى الصحيحة تبدأ بفهم الواقع قبل الحكم    كيف يؤثر تناول السكر على مرضى السكري وما الكمية المسموح بها؟    «الزراعة» تواصل حملاتها لحماية الثروة الداجنة    جامعة بنها ومؤسسة حياة كريمة ينظمان قافلة بيطرية بمنشاة القناطر    الجالية المصرية بالأردن تدلي بأصواتها في المرحلة الثانية لانتخابات النواب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مفاوضات بعثة صندوق النقد الدولى بين المشروطية واحترام حقوق الإنسان

عانى الاقتصاد المصرى من مشكلات متعددة عقب اندلاع ثورة 25 يناير 2011 وما تبعها من انفلات امنى وحوادث ارهابية مازلنا نلمس تداعياتها السلبية على الاقتصاد والمجتمع حتى الان. اذ تشير المؤشرات الرسمية المعلنة من اجهزة الاحصاء والمعلومات فى مصر الى ارتفاع معدل البطالة الى اكثر من 12.6% من قوة العمل فى مصر وان معظم البطالة توجد لدى المتعلمين خريجى الجامعات والمعاهد العليا والثانوية الفنية التجارية والصناعية والزراعية، كما ان البطالة المرتفعة توجد لدى الشباب من سن 15 35 عاما كما توضح التقارير الدولية لمنظمة العمل الدولية ان معدل البطالة لا يقل عن 24% وهى معدلات لا يخفى ارتفاعها، كما ارتفع معدل التضخم وغلاء الاسعار بشكل واضح لا يقل عن 11.7% طبقا للاحصاءات الرسمية بينما يتجاوز ذلك فى المؤشرات الدولية خاصة بالنسبة للسلع الغذائية والسلع التموينية، وقد ترتب على سوء الاحوال الامنية تراجع معدلات نمو اعداد وايرادات السياحة وصافى تدفقات الاستثمار الاجنبى المباشر وكذلك الاستثمار الاجنبى غير المباشر المتعلق بمعاملات سوق المال.

يضاف الى ما سبق ارتفاع معدلات افلاس الشركات التى يقدر عددها بحوالى 2000 مصنع اضطرت الى الاستغناء عن العمالة والعجز عن سداد الديون المستحقة عليها للبنوك والموردين وقد حاولت الحكومات المتعاقبة بعد الثورة اقالة هذه الشركات المتعثرة من عثراتها الا ان جهودها لم تحقق نجاحا يذكر حتى الان. وقد ترتب على تراجع تدفقات النقد الاجنبى مع زيادة المدفوعات للواردات ان هبط الاحتياطى النقدى لدى البنك المركزى من 36.1 مليار دولار فى يناير 2011 حتى وصل الى 15.1 مليار دولار فى اغسطس 2012 بعد اضافة الوديعة القطرية الى احتياطى البنك المركزى وهى 500 مليون دولار من اجمالى 2 مليار دولار اعلنت عنها قطر لدعم الاقتصاد المصرى، ولا يخفى ضآلة قيمة تلك الاحتياطيات بالمقارنة بالاحتياطيات اللازمة لمصر فى ظل زيادة العجز التجارى فى ميزان المدفوعات الى حوالى 12 مليار دولار و135 مليار جنيه عجزا فى الموازنة العامة للدولة تعادل حوالى 22 مليار دولار فى اغسطس 2012 وقد اضطرت الدولة الى التوسع فى الاقتراض المحلى والخارجى لمواجهة هذا العجز من خلال طرح اذون وسندات خزانة باسعار فائدة مرتفعة، واصدار سندات اجنبية بالدولار الامريكى ثم باليورو فى اغسطس 2012 والحصول على ودائع فى البنك المركزى المصرى لحساب وزارة المالية مقدمة من بعض الدول العربية الشقيقة مثل السعودية وقطر وغيرها. وقد تبين عدم كفاية هذه التدفقات بالنسبة لاحتياجات تمويل التنمية الاقتصادية فى المرحلة الراهنة مما جعل حكومة الدكتور هشام قنديل تتجه الى الاقتراض من صندوق النقد الدولى على عكس ما كان الحال فى ظل حكومة الدكتور الجنزورى حيث كانت تيارات الاسلام السياسى ترفض القرض خاصة من جانب اعضاء مجلس الشعب السابق الممثلين لحزب الحرية والعدالة وحزب النور السلفى وغيرهم بدعوى ان سعر الفائدة على القرض حرام شرعا وان الاعتماد على الموارد الذاتية هو الافضل وعدم وضوح تفاصيل شروط القرض من جانب صندوق النقد الدولى وعدم بيان اوجه استخدام القرض..الخ. وفى هذه الورقة نوضح ابعاد واهداف القرض وتداعياته على الاقتصاد المصرى وعلى حقوق الانسان من الناحية الاقتصادية.
اولا: أبعاد القرض:
تعتبر مصر عضوا فى الصندوق ولها حصة فى رأسماله قدرها 1.6 مليار دولار وبناء على نظام عمل الصندوق يحق للدولة العضو الحصول على 200% من حصتها فى رأس المال أى أن مصر تستطيع الحصول على قرض قيمته 3.2 مليار دولار مقومة بوحدات حقوق السحب الخاصة ˜وهى سلة عملات دولية قابلة للتحويل عالميا وهى الدولار الامريكى واليورو الاوروبى والجنيه الاسترلينى والين اليابنى وكل عملة فى السلة مرجحة بوزن الدولة المصدرة لها فى التجارة الدولية بحيث يتحقق استقرار القرض وقيمة الاقساط والفوائد مهما حدث من تغيرات فى قيمة بعض العملات الدولية مقابل العملات الاخرى وبذلك لا تضار اى دولة مدينة او دائنةŒ. ورغم وجود حالة رفض عام للحصول على قرض الصندوق قبل انتخابات الرئاسة وقبل تكليف الحكومة الحالية فإننا فوجئنا باعلان الحكومة زيادة قيمة القرض المطلوب الى 4.8 مليار دولار تعادل 300% من حصة مصر فى رأس مال الصندوق وذلك على اساس ان هناك بعض الدول النامية الاعضاء فى الصندوق استطاعت تجاوز النسبة المحددة ب 200% من الحصة فى رأس المال بناء على التفاوض بين الدولة وبعثة الصندوق طالما ان هناك ظروفا اقتصادية صعبة وتعانى من خلل جوهرى فى ميزان المدفوعات وهو ما ينطبق على حالة مصر حاليا، ويحرص صندوق النقد الدولى على التأكد ان حصول الدولة على القرض المطلوب سوف يؤدى الى نتائج ايجابية تجعل الدولة قادرة على سداد القرض وفوائده فى المواعيد او التوقيتات المتفق عليها بين الدولة والصندوق. وبناء على ما سبق غالبا ما تكون المفاوضات للحصول على القرض المطلوب تنطوى على سياسات او برامج للاصلاح الاقتصادى للعمل على تخفيض عجز الموازنة العامة وعجز ميزان المدفوعات وتشمل سياسات الانفاق العام والايرادات العامة وسعر الصرف وتحرير القطاع العام ˜شركات وبنوك عامةŒ وزيادة دور القطاع الخاص فى التنمية والاستثمار فى البنية الاساسية وتقليل استثمارات الحكومة فى هذا المجال وفى حالة اقرار الصندوق للبرنامج يكون ذلك بمثابة شهادة ثقة فى الاقتصاد القومى ومن ثم التشجيع على الاستثمار الاجنبى فى الدولة. وذلك بالاضافة الى الاتفاق على سعر الفائدة وآجال السداد للقرض وتوقيتات الحصول على دفعات متعددة على مراحل من القرض وليس دفعة واحدة حتى يتمكن الصندوق من مراجعة ومتابعة مدى التزام الدولة بالاتفاق المبرم بين الطرفين فى كل مرحلة والموافقة او عدم الموافقة على تقديم بقية دفعات القرض الى الدولة وطبقا لما تم الاعلان عنه بالنسبة لقرض الصندوق فان سعر الفائدة يبلغ 1.1% والحصول على القرض على ست دفعات ويكون السداد بعد فترة سماح قدرها 39 شهرا اى ثلاث سنوات وثلاثة شهور.
ثانيا: أهداف القرض:
يمكن بيان اهداف القرض على النحو التالى:
1 تعويض الانخفاض الذى حدث فى الاحتياطى النقدى لدى البنك المركزى الذى انخفض حاليا الى 15.1 مليار دولار بعد اضافة الوديعة القطرية كما سبق القول وذلك مقابل 36.1 مليار دولار فى يناير 2011.
2 مواجهة العجز فى الميزان التجارى الذى بلغ 12 مليار دولار فى الوقت الحاضر والناتج عن زيادة الواردات بمعدلات كبيرة عن معدلات زيادة الصادرات خاصة ان نسبة تغطية حصيلة الصادرات السلعية للواردات السلعية فى المتوسط تبلغ 54.3% خلال السنوات الاخيرة.
3 المساهمة فى تمويل عجز الموازنة العامة للدولة بتكلفة اقل من تكلفة التمويل المحلى التى تصل الى 15 16% فى المتوسط على عطاءات اذون وسندات الخزانة العامة بينما تكلفة قرض الصندوق تبلغ 1.1% كما سبق القول.
4 الحصول على شهادة ثقة من الصندوق الدولى مما يؤدى الى زيادة تدفقات الاستثمار العربى والاجنبى الى مصر بعد اطمئنان الصندوق الى جدية مصر فى تطبيق برنامج الاصلاح الاقتصادى الذى يقره الصندوق ويوافق على دعمه.
5 زيادة قدرة البنك المركزى المصرى على تحقيق الاستقرار فى سعر صرف الجنيه المصرى مقابل العملات الاجنبية ومن ثم استقرار الاسعار المحلية والسيطرة على التضخم السعرى فى مصر خلال المرحلة القادمة. ثالثا: تداعيات القرض على الاقتصاد المصرى: يرى بعض الاقتصاديين ان القرض سوف تكون له تداعيات أو آثار سلبية على الاقتصاد المصرى بيما يرى فريق آخر أن للقرض تداعيات ايجابية ويتعين عدم رفضه بينما يرى البعض الاخر انه لا يمكن الحكم على حقيقة تلك التداعيات الا بعد معرف كافة التفاصيل الخاصة بشروط صندوق النقد الدولى للحصول على هذا القرض.1 التداعيات الإيجابية:
وتتمثل هذه التداعيات فيما يلى:
ا تقوية مركز الاحتياطى النقدى فى البنك المركزى بالعملات الاجنبية مما يؤدى الى زيادة قدرة مصر على سداد فاتورة وارداتها والتزاماتها تجاه العالم لمدة لا تقل عن ستة شهور.
ب اتجاه مؤسسات التقييم الدولية مثل استاندارد اند بور وميريل لينش الى رفع درجة الجدارة الائتمانية لمصر التى سبق لهذه المؤسسات تخفيضها خمس مرات منذ قيام الثورة فى يناير 2011 وذلك اعتمادا على الانخفاض السريع الذى حدث فى الاحتياطيات الدولية فى البنك المركزى المصرى.
ج تغطية جانب من عجز الموازنة العامة للدولة حيث يمكن لوزارة المالية تقديم طلب الى البنك المركزى للحصول على جانب من القرض سواء بالعملة الاجنبية لتمويل المكون الاجنبى للنفقات العامة الجارية والرأسمالية أو الحصول على عملة محلية بالجنيه المصرى لسداد جانب من النفقات العامة للوزارات والهيئات العامة ووحدات الادارة المحلية او بعبارة اخرى تعزيز بنود الموازنة العامة للدولة خلال السنوات القادمة والموازنة الحالية حيث ان القرض لن تحصل عليه مصر دفعة واحدة بل على ست دفعات خلال ثلاث سنوات. د تخفيض الطلب على الاقتراض بالعملة المحلية لتمويل عجز الموازنة العامة بعد ان تجاوز حجم الدين المحلى 976.2 مليار جنيه تمثل 62.2% من الناتج المحلى وهو ما يؤدى الى تخفيض سعر الفائدة على اذون وسندات الخزانة العامة التى بلغت معدلات عالية جدا عام 2012 مما يؤدى إلى تحمل الموازنة العامة لاعباء خدمة الدين المحلى التى تبلغ حوالى 105 مليارات جنيه فى الموازنة العامة الحالية 2013/2012 .
ه تحقيق الاستقرار فى سعر الصرف حيث يستطيع البنك المركزى المصرى التدخل فى سوق الصرف الاجنبى عند الضرورة لمنع قيمة الجنيه المصرى من الانخفاض بمعدلات غير عادية امام العملات الاجنبية مما ينعكس على الاسعار المحلية بشكل ايجابى وتقليل اعباء الواردات مقومة بالجنيه المصرى خاصة واردات الغذاء والدواء والخامات ومستلزمات الانتاج ومن ثم التأثير ايجابيا على عائد الاستثمار المحلى وزيادة قدرة المستثمرين على التوسع فى الانتاج والتشغيل والمنافسة فى الاسواق المحلية والعالمية. و استعادة ثقة المتعاملين الاجانب فى البورصة المصرية وعودة الاموال التى خرجت منها بالنقد الاجنبى عقب الثورة والتى بلغت 7.1 مليار دولار ناتجة عن بيع الاجانب لما بحوزتهم من اوراق مالية خاصة اذون الخزانة المصرية التى بلغت 6.1 مليار دولار وحوالى مليار دولار سندات حكومية مصرية بعد الثورة اذ تبين ان انخفاض الاحتياطى فى البنك المركزى يخلق حالة تشاؤمية لدى المستثمرين تدفعهم الى التخلص من الاوراق المالية والخروج من السوق المحلية بينما يحدث العكس كلما ارتفع الاحتياطى النقدى الاجنبى فى البنك المركزى حيث تسود حالة تفاؤلية لدى المستثمرين فيقبلون على التوسع فى شراء الاوراق المالية بصفة عامة والاوراق الحكومية بصفة خاصة.
2 التداعيات السلبية:
تتمثل التداعيات أو الآثار السلبية للقرض فيما يلى:
أ زيادة قيمة الديون الخارجية لمصر بمقدار قيمة القرض المطلوب حيث ان هذه القروض تبلغ حاليا نحو 33 مليار دولار ˜حوالى 198 مليار جنيهŒ وتمثل 15% من الناتج المحلى الاجمالى لمصر وبالتالى فان أى قروض جديدة سوف تؤدى الى ارتفاع هذه النسبة فى المستقبل القريب.
ب زيادة اعباء خدمة الدين على الاجيال القادمة والحكومات القادمة بعد فترة السماح التى تبلغ ثلاث سنوات وربع السنة اى ان الحكومة الحالية تريد ترحيل المشاكل الحالية الى الاجيال والحكومات القادمة التى سو ف تضطر الى المزيد من الاقتراض لسداد القروض السابقة والتعرض لشروط صعبة من جانب الدائنين من ناحية ومن جانب صندوق النقد الدولى من ناحية أخرى.
ج التأثير السلبى على البعد الاجتماعى، وعلى مستوى معيشة محدودى الدخل اذ عادة ما يشترط الصندوق تطبيق إجراءات وسياسات مالية ونقدية وتجارية تهدف الى تخفيض عجز الموازنة العامة من خلال تطبيق سياسات لخفض الانفاق العام او الحكومى او ما يعرف ببرنامج للتقشف يترتب عليه زيادة الاسعار المحلية وارتفاع معدلات البطالة وارتفاع تكاليف الحصول على الخدمات الحكومية الصحية والتعليمية وزيادة اعباء النقل والمواصلات والمياه والصرف الصحى ورسوم النظافة والضرائب على الاستهلاك او المبيعات والضرائب والرسوم على الواردات من الخارج. وتوضح تجاربنا وتجارب الدول النامية ان نصائح الصندوق وآثارها السلبية على الاسعار والدخول الحقيقية تؤدى الى اضطرابات سياسية واجتماعية مثلما حدث فى مصر عام 1977 واندلاع المظاهرات والعنف والشغب فى جميع محافظات مصر وفى 18، 19 يناير 1977 مما اضطر الرئيس السادات إلى إلغاء قرارات رفع الاسعار والاعلان عن عدم المساس بدعم السلع الضرورية والتموينية ودعم الخدمات العامة وقد حدثت حالات مشابهة بعد ذلك فى الاردن، وتونس والسودان وبعض دول امريكا اللاتينية وغيرها، وقد شهدت مصر آثارا سلبية لبرنامج الاصلاح الاقتصادى فى التسعينيات وفقا لشروط الصندوق من اجل اسقاط نصف الديون الخارجية المستحقة على مصر عام 1991 وذلك على ثلاث مراحل بحيث لا يتم اسقاط الشريحة التالية من الديون وقدرها 15% إلا بعد التأكد من التزام الدولة بتنفيذ ما تعهدت به فى البرنامج مقابل اسقاط الشريحة الاولى بنسبة 15% من تلك الديون ونفس الشىء للشريحة الثالثة والاخيرة وقدرها 20% مقابل استكمال تطبيق السياسات المتفق عليها فى مجال خصخصة الشركات والبنوك العامة وتحرير سعر الصرف للجنيه المصرى وتخفيض عجز الموازنة العامة الى 1% من الناتج المحلى الاجمالى فى ذلك الوقت.
رابعا: تداعيات القرض على حقوق الانسان الاقتصادية:
يتوقف تأثير القرض على الحقوق الاقتصادية للانسان على محتويات الاصلاح الاقتصادى وشروط الصندوق المصاحبة للقرض ولعل من اهم الحقوق الاقتصادية للانسان حق العمل وحق التعليم وحق العلاج والحصول على الخدمات الصحية وحق الحصول على المسكن المناسب وحق الحصول على الاجر المناسب الذى يتفق مع الاسعار او معدل التضخم وحق التملك وحق الهجرة داخليا وخارجيا.
1 حق العمل: فى حالة اصرار الصندوق على خصخصة الشركات والبنوك العامة كما حدث فى اتفاقياته السابقة مع مصر يمكن ان يرتفع معدل البطالة نتيجة سياسة المعاش المبكر واتجاه المستثمرين الذين يشترون الشركات العامة الى تخفيض اعداد العاملين فيما يعرف باعادة الهيكلة ومن ثم الاخلال بحق اصيل من حقوق الانسان وهو حق العمل المناسب.
2 حق الحصول على الأجر المناسب: عادة ما يتجه المستثمرون الذين يشترون شركات الخصخصة الى تخفيض الاجور المتغيرة كنوع من الضغوط على العمال لترك وظائفهم خاصة أن الارتفاع الذى يحدث فى الاسعار المحلية يؤدى الى انخفاض الاجر الحقيقى للعامل.
3 حق الحصول على المسكن والتعليم والصحة بما يتفق مع الاعتبارات الآدمية فى حالة اصرار الصندوق على تخفيض الاستثمارات الحكومية بدعوى اتاحة الفرصة للقطاع الخاص للاستثمار فى البنية الاساسية والخدمات العامة فان الخدمات الصحية والتعليمية الحكومية لا تحصل من وزارة المالية على الاعتمادات الكافية مما يؤدى الى تدنى مستوى هذه الخدمات وضعف امكانياتها للتعامل مع الاعداد المتزايدة سنويا فى ظل الزيادة السكانية التى تصل الى 2% فى السنة اذ تعجز المدارس والجامعات والمستشفيات الحكومية على استيعاب الاعداد المتزايدة وعدم القدرة على الانفاق على الاحلال والتجديد للصيانة ومن ثم تدنى نوعية الخدمة الحكومية وذلك فى الوقت الذى يتجه فيه القطاع الخاص الى زيادة المقابل المادى اللازم للحصول على التعليم والصحة فى المدارس والمستشفيات الاستثمارية وهو ما لا يمكن لمحدودى الدخل والفقراء تحمل اعباءه ومن ثم الانتقاص من حق الانسان فى التعليم والعلاج بالمستوى المناسب للاعتبارات الآدمية. وينطبق ما سبق ايضا على حق الانسان فى الحصول على المسكن الصحى المناسب حيث لا تخصص الدولة اعتمادات كافية للاسكان الشعبى والاسكان الاقتصادى وإزالة وتطوير العشوائيات السكنية وذلك فى الوقت الذى يتجه فيه القطاع الخاص الى بناء المساكن الفاخرة والمرتفعة الثمن التى يعجز الفقراء ومحدودو الدخل عن تحمل اعباء الحصول عليها.
4 حق التملك: يتحيز الصندوق للقطاع الخاص والتأكيد على ضرورة اتاحة الفرصة الكاملة له لكى يحصل على ملكية الشركات العامة والاراضى بغرض الاستثمار اى انه لا يوافق على مزاحمة القطاع العام للقطاع الخاص فى ملكية المنشآت والاراضى وبذلك يكون للاتفاق مع الصندوق اثر إيجابى على حق الملكية للافراد أو القطاع الخاص الوطنى أو الاجنبى، وذلك بالاضافة الى المشاركة بين القطاع العام والخاص فى ملكية وادارة مشروعات البنية الاساسية بنظام المشاركة بين العام والخاص وبنظام حق الانتفاع دون الملكية وهو ما يمكن ان يكون متعارضا مع حق الملكية فى هذه الحالة فقط. ارى ان القرض يمكن قبوله فى حدود الحصة الاصلية 200% من حصة مصر فى رأس مال الصندوق اى 3.2% مليار دولار فقط وليس 4.8 مليار دولار حيث انه كلما ارتفعت قيمة القرض زادت الشروط التى يفرضها الصندوق والتى تكون ذات آثار سلبية على البعد الاجتماعى وعلى مستوى المعيشة للغالبية العظمى من المواطنين .
أستاذ الاقتصاد وعضو مجلس إدارة جمعيةالاقتصاد السياسى والإحصاء والتشريع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.