أنهت وزارة المالية مشروع قانون الصكوك الإسلامية بعد فترة من الجدال حول هذا القانون، وتنتظر الوزارة حالياً صدور قرار جمهوري بقانون يسمح بإصدار صكوك إسلامية، وهو القرار الذي يأتي في ظل غياب مجلس الشعب، ونقل سلطة التشريع إلى رئيس الجمهورية. القانون الذي أعدته المالية ينظم ولأول مرة تنويع الأدوات المالية في السوق المصرية بما فيها أدوات التمويل الإسلامية لتخفيف الضغوط الخاصة بأعباء خدمة الدين المحلي وإمكانية طرح أدوات دين حكومية متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية وتتميز الصكوك بانخفاض العوائد المستحقة عليها وعدم تحديد قيمتها مسبقاً. سرعة الإصدار في الوقت نفسه تسعى الحكومة لسرعة إصدار القانون خاصة بعد فقدان الأمل في تغطية عجز الموازنة السابق ودخولها في دائرة عجز جديد والذي أعلن عنه وزير المالية خلال الشهر الماضي حيث بلغ العجز في الموازنة الجديدة نحو 50 مليار جنيه . ومن المقرر أن تكون قيمة أول عملية طرح للصكوك الإسلامية في بداية العام القادم 6 مليارات جنيه كبداية لقياس السوق المصري ومدي استيعابه لهذه الأدوات التمويلية الجديدة، لذلك قد تقتصر عملية الاكتتاب في أول طرح على البنوك المحلية التي تتصدرها عدة بنوك إسلامية عاملة في السوق هي الوطني للتنمية، وبنك البركة مصر، وبنك فيصل الإسلامي، والمصرف المتحد. تخفيف الضغط وحول دور هذه الصكوك في مسار الاقتصاد المصري قال محمود حجازي الخبير المصرفي :"إن هذه الصكوك ستعمل على تخفيف الضغط على الموازنة العامة للدولة، فبدلاً من أن تلجأ مصر للاستدانة تطرح صكوك لتنفيذ مشروعاتها وفي المقابل يحصل حامل الصك على عائد ويصبح مالك للمشروع بنسبة الصك، خاصة وأن هذه الصكوك أثبتت نجاحها في الأسواق العربية والعالمية في السنوات الأخيرة. وأضاف حجازي ل"التغيير" أن مميزات قانون الصكوك الجديد الذي تقدمت به المالية أنه سوف يسمح للبنوك الإسلامية أن تستثمر ولأول مرة فائض السيولة المتاحة لديها في أدوات الدين الحكومية، وهي خطوة من شأنها أن تفيد الطرفين سواء البنوك أو الخزانة العامة للدولة. وأشار إلى أن صدور قانون الصكوك لن يمنع من استفادة القطاع الخاص بل والأشخاص العاديين وليس البنوك فحسب منه، لافتاً إلى أن بعض المشاريع سوف تفضل الحصول على التمويل اللازم لها عبر آلية الصكوك نظراً لما توفره هذه الآلية من مزايا في مقدمتها التوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، إلى جانب انخفاض تكلفة هذا النوع من التمويل والتجارب الناجحة التي يستند عليها في عدد من أسواق المنطقة خاصة أسواق الخليج العربي. نمط جديد على نفس الصعيد تراهن الحكومة على نجاح عمليات الطرح المرتقبة لصكوك التمويل الإسلامية على تأسيس نمط جديد ومواز للصيرفة الإسلامية في السوق المصرية يعمل جنباً إلى جنب مع النظام المصرفي التقليدي الذي يزيد عمره على 150 عاماً في البلاد، وهو الأمر الذي كشف عنه الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء خلال الكلمة التي وجهها للمستثمرين العرب والأجانب الذين شاركوا في مؤتمر اليورومني. أما الدكتور صلاح جودة مدير مركز الدراسات الاقتصادية فيرى أن آلية طرح الصكوك الإسلامية من شأنها إنقاذ الاقتصاد، دون تحميله مخاطر الاقتراض، ذلك في الوقت الذي يزيد فيه حجم أصول البنوك الإسلامية على تريليون دولار، وهو ما يعني وجود فوائض مالية كثيرة قد ترغب في استثمارها من خلال تلك الآلية. ويرى جودة أنه من الأفضل أن يكون الطرح من خلال بنك إسلامي خالص، وهو ما يساعد في ترويج هذه الصكوك بشكل أكبر، حيث تقوم فكرة الصكوك الإسلامية على مبدأ المشاركة وليس الاستدانة، وهو ما يعني أن المستثمرين المقبلين على تلك السندات سيكونون مستعدين لتحمل مخاطر السوق المصرية، فإذا لم يدر المشروع الذي يمول من خلال تلك الصكوك دخلاً فإن المستثمر سيتحمل خسارة هذا المشروع.