تباينت آراء الخبراء المصرفيين حول الصكوك الإسلامية بعد موافقة مجلس الوزراء المبدئية علي مشروع القانون الخاص بها, وطرحه علي المجموعة الوزارية التشريعية تمهيدا لعرضه علي السلطة التشريعية. فالبعض أكد أنها ستكون بديلا للاقتراض الخارجي وأذون الخزانة, بينما رأي البعض الآخر أن مشروعها غير واضح المعالم من حيث شروطها وعوائدها, وكيفية استخدامها وغيرها من النواحي المصرفية. وقال أحمد قورة رئيس البنك الوطني المصري السابق: إن الموافقة التي أقرها مجلس الوزراء جاءت علي النواحي القانونية والإدارية للصكوك الإسلامية, لكنه لم يتم نشر تفاصيل كيفية تطبيق الصكوك والعائد عليها, وفترة الاستحقاق, وطرق استرداد أموالها. وأضاف أنه لم يتم أيضا الإعلان عن كيفية صرف الحصيلة الخاصة بها, وعلي أي أنشطة سيتم ذلك, وهل ستوجه لسد عجز الموازنة فقط, أم ستكون لها استخدامات أخري, وبالتالي فلا يمكن الإقرار بجدوي الصكوك من عدمه, خاصة أن العبرة تكمن في مضمون الصكوك وماهيتها. وطالب بضرورة الإعلان عن تفاصيل الصكوك الإسلامية وشروطها والبنود الخاصة بها للرأي العام حتي يستطيع أهل الخبرة من المصرفيين والمتخصصين الحكم عليها, وإبداء الرأي فيها, ومعرفة جدواها الاقتصادية. في المقابل أكد الدكتور سلامة الخولي( خبير مصرفي) أن الصكوك الإسلامية هي أداة من أدوات التمويل الجيدة التي ستكون بديلا عن أذون الخزانة, والقروض الخارجية للدولة, كقرض صندوق النقد الدولي. وأوضح أنها ستوجه لسد عجز الموازنة العامة للدولة من خلال طرحها للمستثمرين واستثمار العرب والمصريين فيها, خاصة الموجودين في منطقة دول الخليج, متوقعا أن يكون هناك إقبالا جيدا عليها خلال الفترة المقبلة,خاصة أنها تتم وفقا للشرعية الإسلامية, ويكون عائدها متغير. وأشار إلي أن الموافقة الخاصة بمجلس الوزراء ما هي إلا موافقة مبدئية من الحكومة بشأن الصكوك الإسلامية التي سيتم وضع تفاصيلها من جانب الجهة التشريعية, سواء كان رئيس الجمهورية, أو مجلس الشعب بعد تشكيله الجديد خلال الفترة المقبلة. الغندور:المشروع مبهم وقال الدكتور حافظ الغندور( الخبير بالسياسة النقدية): إن مشروع قانون الصكوك الإسلامية مبهم, حيث إن الحكومة لم توضح ما إذا كانت سوف تمول من خلال هذه الصكوك الخطة الاستثمارية للدولة وتكون بديلة للاسثتمار, أم أنها ستمول عجز الموازنة, أم ستقوم الحكومة بإعطاء هذه الصكوك للبنوك. وأضاف: كان ينبغي أن يتم حوار مجتمعي حول هذا المشروع, وأخذ آراء المعنيين بالأمر, خصوصا أن هذا الوقت غير مناسب لأي قرارات سياسية أو اقتصادية تتخذها الحكومة, لأن هذه الفترة تحديدا هي مرحلة الاستفتاء علي الدستور, ومن ثم تتبعها سلطة تشريعية لسن القوانين, وإصدار التشريعات. بسنت:تمويله من اختصاص القطاع الخاص قالت الدكتورة بسنت فهمي( الخبيرة المصرفية): إن مشروع الصكوك الإسلامية الذي عرض علي مجلس الوزراء اقتصرت أغلب مواده علي تمويل مشروعات زراعية أو صناعية أو خدمية, أو لتمويل التجارة, وهي كلها من اختصاص القطاع الخاص وليس الحكومة, لذلك من الضرور إعادة النظر في تلك المواد مرة أخري. وأضافت أن المادة5 تم إقحام الحكومة فيها; مصدر للصكوك مقترض علي أن تستخدم الحصيلة في دعم الموازنة العامة للدولة, والمساهمة في تمويل وتطوير المشروعات التي يحددها مجلس الوزراء وغيرها من المصارف, لذلك يجب التمعن في إيجاد العلاقة المنعدمة بين الموازنة العامة للدولة بالمشروعات السابق ذكرها. وقالت: إن المادة7 من القانون أعطت الحق لرئيس الجمهورية في تحديد الأصول الثابتة المملوكة للدولة التي تصدر مقابلها الصكوك, كما فتحت المادة8 الأجل لمدة تأجير أو تقرير حق الانتفاع بالأصول الثابتة التي تصدر مقابلها الصكوك السيادية ل60 عاما. .. ومصرفيون يضعون شروطا لنجاحها وصف خبراء المال قرار مجلس الوزراء بإصدار الصكوك الإسلامية الذي ينفذ لأول مرة في مصر لسد عجز الموازنة العامة للدولة, لما له من أهمية كبيرة في علاج الأزمات الاقتصادية, وتحسن الناتج السنوي للدولة, وأكدوا أن السوق العالمية للصكوك الإسلامية تطورت وانتشرت انتشارا ملحوظا في السنوات العشر السابقة. قال عبدالرحمن بركة الأمين العام لاتحاد البنوك ومدير بنك مصر رومانيا سابقا: إن الغرض من طرح الصكوك الإسلامية إنقاذ الاقتصاد دون تحميله مخاطر الاقتراض, في الوقت الذي يزيد فيه حجم أصول البنوك الإسلامية علي تريليون دولار, وهو ما يعني وجود فوائض مالية كثيرة ترغب في استثمارها من خلال تلك الآلية. وأكد أن الصكوك الإسلامية تمثل أهمية كبيرة في علاج الأزمات الاقتصادية التي تعانيها مصر حاليا, حيث إنها تعد أداة تمويلية نجحت عالميا, ويمكن الاستفادة منها من قبل الحكومة والشركات الاستثمارية والبنوك, بهدف تعبئة الموارد المالية في مصر. وأوضح أن الصكوك تعد إحدي الأدوات المهمة حاليا لتمويل مشروعات البنية الأساسية, وتمويل الموازنة العامة للدولة, بالإضافة إلي تمويلها مجموعة كبيرة من المشروعات العملاقة التي يقوم عليها القطاع الخاص, وشهدت السوق العالمية للصكوك الإسلامية تطورا ملحوظا في السنوات العشر السابقة, وحققت أنواعا عديدة من الصكوك الإسلامية معدلات نمو متسارعة في معظم الأسواق المالية العالمية. وأوضح أن الصكوك الإسلامية بدأ إصدارها في2011 بمليار دولار, ووصلت الآن إلي68 مليار دولار, وهو ما يؤكد نجاح هذه الصكوك عالميا, ويدعو إلي الاهتمام بها في مصر كإحدي الأدوات الاستثمارية المهمة, خاصة أن هناك علاقة قوية بين معدلات النمو والاستثمار. ومن جانبه قال فؤاد شاكر الأمين العام للاتحاد المصرفي: لابد من دراسة جيدة لإصدار الصكوك من كل الجوانب المالية والاقتصادية, لما لها من تأثير كبير علي نجاح الإصدار في المستقبل, لذل فإنني أري أن يكون أول إصدارات للصكوك لدينا في مصر بقيم صغيرة. وأضاف أن الصكوك الإسلامية تتسم بمرونة عالية, حيث يمكن إصدارها بآجال متعددة, وبعملات مختلفة, ولابد من استخدامها من قبل البنوك المركزية كأداة من أدوات السوق النقدية لتقليل التضخم, مشيرا إلي أن تمويله يكون من موارد داخلية موجودة لإصلاح الاقتصاد المصري. وأكد أن فائدة الصكوك قابلة للتداول, وأن هناك استقطابا مفتوحا من رأس المال, وأن السندات غير مرتبطة بمشروعات محددة, بينما الصكوك مرتبطة بمشروعات محدد, وأن السندات قد تؤدي إلي إفلاس الدولة لأنه لا يجد حد تقف عنده المديونية, بينما الصكوك الإسلامية تعزز من الناتج السنوي للدول, وطالب بإلغاء السندات التقليدية, وأن تحل محلها الصكوك الإسلامية بكل أنواعها من أجل توفير السيولة المالية اللازمة لإنشاء المشروعات الاستثمارية في كل المجالات الزراعية والصناعية والخدمية, خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها مصر حاليا. وأوضح شروط لنجاح الصكوك الإسلامية في مصر, منها الالتزام بالضوابط الشرعية, وهي اختيار الهيكلة المنامسبة للإصدار, وصيغة التمويل الإسلامي, مرورا بإجراءات الترويج والطرح, ووضع الإطار القانوني اللازم لعملية الإصدار, والاستفادة من التجارب الدولية المتعددة في هذا الإطار, وهو ما سيضبط اتباع السوق مستقبلا, كما يحميها من أي تجاوزات محتملة ومرتبطة بحداثة إصدار الصكوك في السوق المصرية. وأشار إلي أن فكرة الصكوك الإسلامية تقوم علي مبدأ المشاركة, وليس الاستدانة, وهو ما يعني أن المستثمرين المقبلين علي تلك السندات سيكونوا مستعدين لتحمل مخاطر السوق المصرية, فإذا لم يدر المشروع الذي يمول من خلال تلك الصكوك دخلا, فإن المستثمر سيتحمل خسارة هذا المشروع.