في الوقت الذي يتسابق فيه العالم للحصول علي أكبر حصة من رءوس الأموال والتمويل الإسلامي, بتطوير آليات العمل المصرفي لتصبح متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية.. مازالت هذه الآليات يشوبها العجز والتقصير في العديد من البنوك والمؤسسات المصرفية المصرية, لأسباب عدة منها ضعف الخبرة من جانب العاملين بهذه المؤسسات بآليات التمويل الإسلامي, وعدم وجود تشريعات تنظم العمل بهذه الآلية. ويري عدد من الخبراء وعلماء الدين أن الصكوك الإسلامية وأتباع نظم التمويل الإسلامي هما طوق النجاة لتوفير السيولة المالية اللازمة لإقامة المشروعات الاستثمارية والتنموية, وأنها البديل الوحيد والمتاح للاستغناء عن الاقتراض من الخارج, خاصة في ظل توافقها مع الشريعة الإسلامية التي تحرم الربا. وأكد الدكتور محمد البلتاجي, القيادي بحزب الحرية والعدالة, ورئيس الجمعية المصرية للتمويل الإسلامي, أن الصكوك الإسلامية أثبتت جدارتها في تحقيق السيولة المالية اللازمة لإنشاء المشروعات الاستثمارية, فالصك الإسلامي هو آلية مالية للتنمية تتوافق مع أحكام الشريعة, وطبقت بنجاح في العديد من الدول مثل ماليزيا وتركيا وفرنسا وإنجلترا, كما حققت الصكوك الإسلامية نجاحا كبيرا في العديد من الدول العربية مثل البحرين والإمارات, حيث أصدرت دبي خلال السنوات الخمس الأخيرة ما يقرب من200 مليار دولار في السوق الإسلامية والتي أصبحت السوق الواعدة خاصة بعد الأزمة المالية العالمية. ويضيف البلتاجي قائلا ان الصكوك الإسلامية في مصر مازالت في حاجة الي العديد من التشريعات والقوانين اللازمة لنشرها والتوسع في استخدامها من قبل البنوك المصرية فهي تحتاج الي تشريع خاص بها, وتكوين هيئة شرعية لاعتماد الضوابط والآليات ومجالات الاستخدام إلي جانب الإلمام من جهة مصدري الصكوك بسبل العمل بها, وتهيئة الأجواء العامة في مصر للتحفيز علي استخدام الصكوك الإسلامية والتوسع فيها. ويطالب الدكتور البلتاجي الإعلام الاقتصادي في مصر بتهيئة الأجواء, لنشر تلك الثقافة, موضحا أن الجمعية المصرية للتمويل الإسلامي بدأت في تنظيم ورش عمل للإعلاميين والمحررين الاقتصاديين بهدف تعريفهم بالمصطلحات والمفاهيم المتعلقة بالصناعة المصرفية حتي يتسني للإعلام القيام بالدور المنوط به في تهيئة الأجواء اللازمة للتوسع في استخدام الصكوك الإسلامية. وأرجع البلتاجي قلة أدوات التمويل الإسلامي في العديد من البنوك الإسلامية المصرية مقارنة بالعديد من الدول العربية إلي عدم الإلمام بأنواع وآليات التمويل الإسلامي لدي العاملين في العديد من البنوك الإسلامية الي جانب التخوف من ضعف الإقبال عليها من قبل المتعاملين. وأعرب عن أمله في الإسراع بإصدار تشريع لإصدار الصكوك الإسلامية بتوسع البنوك في إصدار الصكوك نتيجة لما ستوفره الصكوك من السيولة المالية اللازمة للتوسع في المشروعات الاستثمارية خاصة بعد ازدياد عجز الموازنة المصرية. بديل إسلامي متوافق مع الشريعة وفي ظل تضارب الفتاوي حول فوائد البنوك والاقتراض من الخارج, أكد علماء الدين أن السندات والصكوك الاسلامية هي البديل الشرعي لانقاذ الاقتصاد المصري, وقال الدكتور عبد الفتاح إدريس, أستاذ ورئيس قسم الفقه المقارن بكلية الشريعة بجامعة الأزهر, إن السندات التي تصدرها البنوك والمؤسسات ونحوها تمثل دائما لحاملها دينا أو جزءا من الدين علي هذه الشركات أو المؤسسات أو غيرها, وهي قروض ربوية وفقا للنظام المعروف عن هذه السندات وما تمنحه لحاملها من حقوق وامتيازات علي الجهة التي أصدرتها. ولأن النظام الإسلامي يبغي دائما البديل المشروع فقد توصل خبراء الاقتصاد الإسلامي إلي بديل مشروع, وهو الصكوك الإسلامية, وهذه الصكوك تكون صكوك إجارة أو سلم أو صكوك المرابحة أو المزراعة أو الاستصناع وغير ذلك من أنواع الصكوك المشروعة في الفقه الإسلامي, وهذه الصكوك هي البديل للسندات الربوية, وذلك لأنها لا تفضي إلي الربا, وبدأ إصدارها بالفعل والتعامل بها في كثير من الجهات, حتي أصبح يضارب عليها في بورصة الأوراق المالية. وأوضح الدكتور إدريس أن الصكوك الإسلامية رفعت الحرج عن الناس فيما يتعلق بالمضاربة بالسندات باعتبارها سندات إسلامية ليست كالسندات التقليدية الربوية التي تفضي إلي الربا بشرط ان تصدرها جهة أو شركة تمارس نشاطا مشروعا, وإذا كانت غير ذلك فإنه لا يجوز التعامل فيها ولا إصدارها لأن التعامل معها فيه اعانه علي الإثم والعدوان وهذا منهي عنه شرعا. وإذا كانت هذه الصكوك تصدرها الشركات المختلطة والتي تعد بعض معاملتها مشروعا والبعض الآخر ليس كذلك فإن الراجح في رأي العلماء جواز إصدارها والتعامل فيها بيعا وشراء قياسا علي جواز مشاركة المسلم لمن في ماله جزءا محرم من المال وهذا هو حال الكثير من الشركات والمؤسسات الآن, فإن كانت معاملتها كلها مشروعة فإنها قد تودع جزءا من مالها في بنوك دولية ربوية, وإذا افتقرت إلي سيولة مالية فإنها قد تقترض من هذه البنوك الربوية, ايضا فهذه البنوك والشركات يكون نشاطها مختلطا والراجح عدم مقاطعة هذه الشركات أو المؤسسات ذات المشاريع المختلطة أو النشاط المختلط وذلك لرفع الحرج عن المسلمين في التعامل مع هذه الشركات أو المؤسسات. وطالب الدكتور عبد الفتاح إدريس بإلغاء السندات التقليدية الربوية وأن تحل محلها الصكوك الإسلامية بكل أنواعها من أجل توفير السيولة المالية اللازمة لإنشاء المشروعات الاستثمارية في كل المجالات الزراعية والصناعية والخدمية, خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها مصر حاليا.