ما يحدث فى سيناء الآن شديد الخطورة .. وإن كان بالقطع ليس منفصلا عما حدث في سيناء فى العامين الماضيين أو العقدين الماضيين .. وهو ما كان يكشف دائما غياب الدولة وعورات الحكم .. أما خطورة ما يحدث الآن أنه يحدث وليس هناك من ذرائع تُقبل لا لغياب الدولة ولا لغيبوبة الحكم. عَرَض المرض في سيناء هو أنها أرض مستباحة بلا قانون .. عَرَض المرض انفلات أمنى .. ولكن أصل المرض أنها أرض فى وطن مستباح بلا صاحب .. أصل المرض إنفلات وطني! الأزمة فى سيناء بين اختيارين للقائم على الأمر وهو الرئاسة «المسئول الأول» ومؤسسات الأمن معها .. إما أنه لا يعرف حلا للأزمة .. أو أنه لا يريد حلا للأزمة .. و ليس ثمة اختيار ثالث. فإن كان لا «يعرف» فعليه أن يُعلٍن ذلك وأن يبحث فى رحم الوطن الأوسع فى مؤسساته وخبرات أبنائه عمن يعين على حل وطني .. فكري .. نفسي .. تنموي .. ثم أمني. وهنا يتوجب على الجميع أن يتكاتف لإنقاذ الوطن من جراء ظلم وقع عليه على مدار عقود ثلاثة. أهالينا فى سيناء هم أبناء وطن .. شاء قدرهم أن تكثف كل أزمات الوطن فى جغرافيا يحيونها .. هم قطعا ليسوا مجموعة من المارقين أو الخارجين عن القانون أو من فاقدي الأهلية الوطنية. الأمن هو أحد قوائم الحل ولكنه ليس كله .. ناهينا عن أن الأمن ذاته مأزوم أزمة الوطن كله. أما إن كان القائم على الأمر .. لا «يريد» حلا .. بإصراره على ترتيب أولويات حكمه على غير النحو الواجب الآن وطنيا .. أو بالكبر عن إعلان قصور إدارته .. أو لأن هيمنته على مصر ممزقة مستباحة - أولى عنده - من مواطنته فى مصر عزيزة ذات سيادة .. أو أن يموت وطن على طريقته أولى من أن يحيى على طريقة غيره .. فليكتف بالتسويف والمماطلة بغية تحقيق مراد تمكينه كما فعل سلفه .. وسيكون حينها الكل خاسرا .. و هو أول الخاسرين .. و الوطن - قبل الجميع – أخسر. التاريخ والمنطق يقولان أن كل حكم يفقد شرعيته حين يعجز عن الدفاع عن أمن وطنه وعرض أبنائه .. ويصير خائنا إذا صار طرفا في الاعتداء عليهم ولو بتواطئ الصمت أو العجز .. جرح سيناء بعمق الوطن .. سطحه فى سيناء و قاعه فى القاهرة. الجرح غائر .. و الوقت فارق .. و آخر الدواء الكىّ .. و قد يصبح واجبا!