بعد فترة من الجدال واختلاف الرأي بين الاقتصاديين والخبراء نجحت الصكوك الإسلامية في إقناع المسؤلين بأنها الحل المناسب لتغطية العجز الحالي للموازنة العامة للدولة بالإضافة إلى إحداث طفرة في الاقتصاد المصري من خلال استثمار وتنمية حقيقية. كانت المالية طرحت في وقت سابق أول مليار جنيه صكوكاً إسلامية بدلاً من أذون الخزانة وذلك من خلال البنك المركزي ، حيث شهد هذا الإصدار إقبالاً غير متوقع علي تغطيتة سواء من جانب البنوك او المستثمرين ، حيث تمت التغطية بنسبة 250% وهو ماجعل الحكومة تفكر مرة ثانية في إعادة هذا الطرح سواء داخلياص أوخارجيا. الحكومة تخطط لإصدار 6 مليارات دولار وتخطط الحكومة حالياً لطرح صكوك إسلامية في السوق الخارجي بقيمة تتراوح بين 4 إلى 6 مليارات دولار، وذلك خلال الربع الثالث من العام المالي الحالي 2012-2013 والذي يبدأ في يناير المقبل. وذكر مصدر مسؤول بوزارة المالية ، أنه يجرى حاليا إعداد مشروع قانون للصكوك السيادية الإسلامية ومتوقع أن ينتهى فى ديسمبر القادم، مشيراً إلى مشاركة عدد من علماء الصرافة الإسلامية فى لجنة إعداد المشروع أبرزهم الدكتور حسين حامد والشيخ نظمى يعقوب. وأضاف أن الحكومة ستقوم قبل انتهاء عام 2012 بدعوة عدد من بنوك الاستثمار العالمية للترويج لعملية طرح الصكوك فى الأسواق الخارجية بدءاً من يناير القادم، وستصل مدة الصكوك التى تعتزم مصر طرحها إلى 5 سنوات تماشيا مع اتجاهات المستثمرين الدوليين، حيث تتراوح مدة الصكوك مابين 5 إلى 7 سنوات. وأشار إلى وجود خطط أولية كانت الحكومة المصرية قد أعدتها فى ديسمبر 2010 لطرح صكوك وسندات بقيمة 10مليارات دولار للسوق الخارجى لسد العجز فى الموازنة، ولكن هذا الخطط توقفت مع قيام ثورة 25 يناير التى أطاحت بنظام الرئيس السابق مبارك. بداية يقول الدكتور محمد البلتاجى، رئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية للتمويل الإسلامي، أن تمويل رأس المال العامل يعد أهم أسباب لجوء الشركات الصناعية والتجارية للبنوك التجارية للحصول على تمويل لسداد المصروفات التشغيلية. وأضاف البلتاجي ل"التغيير" أن الشريعة الإسلامية تضمنت العديد من الضوابط الشرعية والمعايير التي تكفل حسن استثمار المال وتنميته والمستمدة من "فقه المعاملات"، كما توجد ضوابط أخرى منها المحافظة على المال وعدم اكتنازه وأداء الزكاة والالتزام بالتسجيل المحاسبى والالتزام بالأولويات الإسلامية. فشل التمويل التقليدي ولفت إلى أن الشريعة تتضمن نظام مالي مستقل وكامل، مشيرًا إلى أن المنهج التقليدي في التمويل يقوم بصفة رئيسية على سعر الفائدة وقد أثبت هذا النظام فشله بصورة كبيرة نتيجة للأزمات المالية التي اجتاحت العالم وبصفة خاصة الأزمة الأخيرة في 2007 بعكس النظام الإسلامي القائم على الشريعة والذي يتميز بكونه نظام مستقل لا يقوم على سعر الفائدة ويعالج جميع مشكلات الأنظمة الاقتصادية الأخرى باختلاف أنواعها سواء الاشتراكية أم الرأسمالية، ويرجع ذلك إلى أن النظام الإسلامي يمول المشروع من العائد من إخلال إصدار صكوك إسلامية تمثل حقوق ملكية لحامليها، بالإضافة إلى حصة من الربح يحصل عليها بعد دراسات الجدوى وهي أرباح متوقعة تعطي حصيلة إصدار الصكوك إلى الحكومة ويوزع 10-20% من الربح على أصحاب المشروع وباقي الربح يعطى للحكومة، هناك مشروعات تم تمويلها تصل إلى مليار دولار قامت الحكومة باستخدام نصيبها من الربح في إدارة المشروعات. وأوضح أن هناك العديد من الصيغ الشرعية لتمويل رأس المال العامل كبديل للحساب الجاري المدين، وقد تم تطبيق تلك الصيغ في العديد من المصارف الإسلامية وثبت نجاحها وهى المشاركة المتغيرة، بيع السلم، المضاربة، التأجير، مرابحة ومشاركة الاعتمادات المستندية. أما الدكتور أحمد النجار،خبير التمويل الإسلامي ، فيشير إلى أن الصكوك تعد أحد الأدوات المهمة حاليا لتمويل مشروعات البنية الأساسية وتمويل الموازنة العامة للدولة، إضافة إلى تمويلها مجموعة كبيرة من المشروعات العملاقة التى يقوم عليها القطاع الخاص، حيث شهدت السوق العالمية للصكوك الإسلامية تطوراً وانتشاراً ملحوظا فى العشر سنوات السابقة، وحققت أنواعا عديدة من الصكوك الإسلامية معدلات نمو متسارعة فى معظم الأسواق المالية العالمية. وأكد أن الصكوك الإسلامية تمثل أهمية كبيرة فى علاج الأزمات الاقتصادية التى تعانى منها مصر حاليا، حيث إنها تعد أداة تمويلية نجحت عالميا ويمكن الاستفادة منها من قبل الحكومة والشركات الاستثمارية والبنوك بهدف تعبئة الموارد المالية فى مصر. وأوضح أن الصكوك الإسلامية بدأ إصدارها في 2001 بمليار دولار ووصل المُصدر منها حتي الآن إلي 68 مليار دولار وهو مايؤكد نجاح هذه الصكوك عالمياً ويدعوا إلي الاهتمام بها في مصر كأحد الأدوات الاستثمارية الهامة , خاصة وأن هناك علاقة قوية بين معدلات النمو والاستثمار. شروط نجاح وأشار إلى أن هناك شروط هامة لنجاح الصيرفة الإسلامية في مصر منها الالتزام بالضوابط الشرعية بدءً من المراحل الأولي في اختيار الهيكلة المناسبة للإصدار وصيغة التمويل الإسلامي مروراً بإجراءات الترويج والطرح. وألمح أن الشرط الثاني يتمثل في وضع الإطار القانوني اللازم لعملية الإصدار والاستفادة من التجارب الدولية المتعدده في هذا الإطار وهو ماسيضبط اتباع السوق مستقبلا كما يحميه من أي تجاوزات محتملة ومرتبطه بحداثة إصدار الصكوك في السوق المصري. وأكد أنه لابد أيضا من الدراسة الجيدة لإصدارات الصكوك من كافة الجوانب المالية والاقتصادية لما لهذه الدراسة من تأثير كبير علي نجاح الإصدار واستمراره مستقبلاً , لذلك فإنني أري أن يكون أول إصدارات للصكوك لدينا في مصر بقيم صغيرة ومدروسة جيداً.