بالذكاء الاصطناعي.. جامعة الجلالة تطلق برنامجًا فريدًا لإعداد الصيادلة (صور)    الغرف التجارية تكشف تفاصيل مبادرة خفض أسعار السلع    القسام: استهدفنا دبابة ميركافا جنوب حي الزيتون    "الأعلى تاريخيا".. مباراة مصر وإسبانيا تسجل رقما تاريخيا في الحضور الجماهيري بمونديال الشباب لليد    رسميًا.. الزمالك يعلن إنهاء أزمة مستحقات جوزيه جوميز    هيئة الدواء: ضبط أكثر من 5 آلاف مخالفة في صيدليات مصر    بعد ظهور سحب رعدية.. محافظ أسوان يوجه برفع درجة الاستعداد تحسبًا لسقوط أمطار    على أنغام "هتدلعني".. فيفي عبده ترقص على البحر والجمهور يعلق (صور وفيديو)    الثنائي الملكي يتألق.. حضور أنيق للأمير الحسين والأميرة رجوى    جرس إنذار والملابس لا تبرر.. أزهري يعلق على حادث طريق الواحات    الاحتلال الإسرائيلي يشن غارتين على منطقة جزين جنوب لبنان    تأجيل الانتخابات على مقعد رئيس اتحاد شركات التأمين ل 24 أغسطس    الإدارية العليا تنظر غدا طعون نتيجة انتخابات مجلس الشيوخ 2025    كليكس إيجيبت تكشف تفاصيل تطبيق "مصر قرآن كريم" بالتعاون مع الشركة المتحدة    راغب علامة بعد أزمة حفل الساحل: خلي المعجبات ينبسطوا وهنفضل نحضنهم ونبوسهم (فيديو)    آخرها «ما تراه ليس كما يبدو».. مسلسلات الحكايات المنفصلة تزين أحداث الدراما    ليفربول يبدأ حملة الدفاع عن سجله التاريخى فى المباريات الافتتاحية    لأول مرة بمجمع الإسماعيلية الطبي.. إجراء عملية "ويبل" بالمنظار الجراحي لسيدة مسنة    الأوقاف: تجارة الأعضاء جريمة شرعية وأخلاقية.. والتبرع جائز بشروط صارمة    «طاجن الصيادية بجزل السمك والبصل».. حضريه على سفرة يوم الجمعة (الطريقة والخطوات)    السيسي يصدق على قانون قواعد تصرف واضعى اليد فى أملاك الدولة    لقاء فكرى مع الفنان ميدو عادل وحوار عن حرفية الممثل ب"الأعلى للثقافة"    رئيس جامعة المنوفية يعلن إجراء عملية زراعة كبد ناجحة لطفل 7 سنوات    استشارية نفسية: تصرف الأهلي زعزع انتماء عبدالقادر.. ويجب حمايته من شوبير (خاص)    نهاية الجولة 13 والتوقف الدولي.. متى يقام السوبر المصري بعد إعلان رابطة الأندية؟    هل دفع مخالفة المرور يسقط الإثم الشرعي؟.. أمين الفتوى يجيب    رمضان عبد المعز يحذر من السرعات الجنونية وحوادث الطرق: "المتهور يقتل نفسه والآخرين"    الإعلام المصرى قوى    النيل «ماجاشى»    تعاون بين "الأوقاف" وجامعة بنها لتعزيز الوعي الديني ومواجهة التطرف (صور)    وزير الخارجية يلتقي وزير الاستثمار والتجارة الخارجية    السودان بين تصعيد الميدان وحراك السياسة... مجلس الأمن يرفض السلطة الموازية والجيش يجدد العهد في العيد المئوي    دمشق تشيد بتقرير لجنة التحقيق الأممية حول أحداث الساحل وتتعهد بدمج توصياته في مسار العدالة والإصلاح    رسميا انطلاق نظام البكالوريا المصرية الجديد بعد تصديق السيسي على قانون التعليم - التفاصيل كاملة    القائمة الشعبية تبدأ تلقى طلبات الترشح لانتخابات مجلس النواب 2025    تأهل 4 لاعبات لنهائي السيدات ببطولة العالم للخماسي الحديث تحت 15 عاما    خطة وزارة الاتصالات لتطوير بناء أبراج المحمول خلال النصف الثاني من 2025    رمضان عبد المعز: الإسلام جاء لرعاية مصالح الناس وحماية الأرواح    حكم مرور الطريق من أماكن غير مخصصة للمشاة؟| أمين الفتوى يجيب    تفاصيل التسهيلات المقدمة خلال أعمال التنسيق بجامعة الإسماعيلية الأهلية    شعبة مواد البناء: سعر طن الحديد أعلى من قيمته العادلة في مصر ب16 ألف جنيه    المشدد 3 سنوات لعاطل بتهمة حيازة سلاح في المنيا    كوريا الشمالية تحذر إسرائيل من احتلال غزة وتطالبها بالانسحاب فورا    وزارة الإسكان توافق على تشكيل مجلس أمناء مدينة أسوان الجديدة    رامي ربيعة يخطر منتخب مصر بموقفه من مباراتي إثيوبيا وبوركينا فاسو    وزير الإسكان: 18 و19 أغسطس الجاري..إجراء 3 قرعات علنية لتسكين المواطنين بأراضي توفيق الأوضاع بالعبور الجديدة    أسامة نبيه: حققنا مكاسب كثيرة من تجربة المغرب    السجن المؤبد لأفراد تشكيل عصابى تخصص فى الاتجار بالمخدرات بالقناطر الخيرية    ضبط سائق سيارة فارهة حاول الهرب بعد ارتكابه حادثا مروريا بكوبرى أكتوبر.. فيديو    عمر الشافعي سكرتيرًا عامًا وإيهاب مكاوي سكرتيرًا مساعدًا بجنوب سيناء    الليلة.. انطلاق فعاليات الدورة الثالثة من «مسرح الغرفة والفضاءات» بالإسكندرية    السيسي يوجّه بتحويل تراث الإذاعة والتلفزيون المصري إلى وسائط رقمية    ريبيرو يراجع خطة مواجهة فاركو في المران الختامي للأهلي    ب22 مليون جنيه.. الداخلية تضبط قضايا اتجار غير مشروع بالنقد الأجنبي    الداخلية تضبط عدة تشكيلات عصابية تخصصت في السرقات بالقاهرة    العراق تخصص 300 سيارة لمواجهة الحالات الطارئة خاصة الحرائق    100 منظمة دولية: إسرائيل رفضت طلباتنا لإدخال المساعدات إلى غزة    «100 يوم صحة» تُقدم 45 مليونًا و470 ألف خدمة طبية مجانية في 29 يومًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(ليبراليون) على ناس وناس!
نشر في الشعب يوم 03 - 11 - 2007


بقلم: فيصل القاسم

لعل أكثر ما يثير الضحك والسخرية في الساحتين السياسية والإعلامية العربيتين أنه ما أن تستعر الحملة الأمريكية على بلد عربي بعينه حتى ينبري بعض الإعلاميين والسياسيين العرب في البلدان الأخرى غير المستهدفة أمريكياً بالانضمام إلى جوقة الضاغطين والمرشدين والواعظين، فيبدأون بتقديم النصائح والمواعظ "الديمقراطجية" بالجملة والمفرّق للدولة المستهدفة بطريقة تبعث على القرف والاشمئزاز، وأحياناً الفكاهة لشدة سخافتها ونفاقها. وكم أشعر بأنني أريد أن انفجر ضاحكاً عندما أقرأ لصحفي أو كاتب عربي من بلد يفوق البلد المستهدف فساداً وديكتاتورية وتخلفاً وقمعاً وهو يسدي إرشاداته "الليبرالجية" للقيادة السياسية التي تستهدفها الحملة الأمريكية، كما لو أنه من سلالة الديمقراطيين الاسكندنافيين الأقحاح.

أليس حرياً بالذين تفلسفوا على العراق في الماضي، ويتفلسفون على سوريا حالياً أن يتكرموا بمواعظهم "الليبرالية" السخيفة على أنظمة بلدانهم أو "أولياء نعمتهم"، حيث إن الأقربين أولى بالمعروف في ثقافتنا الإسلامية، وحيث إن المواطن العربي من المحيط إلى الخليج أذكى وأفطن بكثير من ثلة الإعلاميين المنافقين الذين يشحذون سكاكينهم الصحفية تحت الطلب في كل مرة يقع فيها بلد عربي تحت ساطور الجزار الأمريكي.

وبدلاً من تأثيم بعض الأنظمة دون غيرها نزولاً عند رغبة العم سام وأزلامه كان أولى بهم على الأقل، إما أن يخرسوا أو يوجهوا لكماتهم في كل الاتجاهات العربية وفي كل الأوقات، بدلاً من حصرها في أزمنة وزاوية واحدة، لأن المشاهد أو المستمع أو القارئ يعرف أن الأمر مجرد لعبة شيطنة إعلامية دنيئة، ممنهجة، ومبرمجة ضد الأنظمة المغضوب عليها، أو في أحسن الأحوال حق يراد به باطل لغايات مفضوحة. وقد شاهدنا كيف كان بعض الإعلاميين العرب يرجمون ليبيا ليل نهار، ثم صمتوا فجأة بعدما سوّت طرابلس الغرب أوضاعها مع أمريكا. ويتذكر الكثير منا كيف كان الإعلام الخليجي يؤله صدام حسين وأولاده، وكيف كانت صورة عُدي تتصدر أغلفة بعض المجلات العربية الصادرة في لندن في الثمانينيات من القرن الماضي، ثم راح يشيطنه بعد أن سقط في البراثن الأمريكية.

ولعل أكثر ما يثير الضحك أن هناك صحفاً ووسائل إعلام عربية تمتلكها أنظمة ما زالت تحكم بلدانها على طريقة القرون الوسطى سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، لكنها تريد أن تقنعنا بأنها قلعة للديمقراطية والليبرالية. ويظهر زعمها جلياً فيما تنشره وسائل إعلامها المقروءة والمرئية. فإذا تصفحت صحيفة تابعة لتلك الأنظمة القروسطية تجد أنها تغص بالكتابات "الليبرالية" التي تتفوق على كتابات عتاة الليبراليين الغربيين في تحررها وانفتاحها وتطرفها. ومن هذا المنطلق نجد الكتاب في تلك الصحف يوزعون نصائحهم الليبرالية والديمقراطية العتيدة للأنظمة المستهدفة أمريكياً دون غيرها كالنظام السوري مثلاً. وتراهم يغضون الطرف تماماً عن الأنظمة التي ترعى صحفهم ومواقعهم الالكترونية "الديمقراطجية" العتيدة، بالرغم من أنها تكاد تكون الأسوأ ديمقراطياً واجتماعياً في العالم العربي.

لا أدري لماذا لم يتكرم أصحاب تلك الرسائل بتوجيهاتهم ومواعظهم "الديمقراطية" لولاة أمورهم "الماليين" أو لأنظمة بلدانهم التي تحكم بالحديد والنار، ولا يستطيع فيها المعارضون فتح أفواههم إلا عند طبيب الأسنان؟ لماذا السخاء الديمقراطي الشديد مع سوريا التي مازالت في حالة حرب مع إسرائيل ومحاطة بالأعداء والمتآمرين من كل حدب وصوب وليس مع البلدان العربية الوادعة؟ هل هناك شمولية فظيعة في دمشق وجمهوريات افلاطونية في بقية البلدان العربية؟ أم إن هناك هياكل عظمية متفسخة في كل الخزائن العربية كما يقول المثل الانجليزي؟ من يصدقهم وهم يميزون بين نظام عربي وآخر في الشأن الديمقراطي؟ على من يضحك هؤلاء؟ لماذا هذا الاستغباء الفظيع لعقول الناس؟

ألا تشترك معظم الأنظمة العربية الحاكمة في خصائص مفضوحة كعين الشمس ألا وهي الاستبداد، والاستئثار بالسلطة، والفساد، وتكميم الأفواه، والانصياع الأعمى لإملاءات الخارج، والتفنن بتعذيب المعارضين، حتى لو اختلفت الأساليب. وقد رأينا على مر السنين كيف أن الاتفاق الوحيد الذي يحصل بين الأنظمة العربية يكون خلال اجتماعات وزراء الداخلية العرب المخضرمين في تونس الخضراء، مما يؤكد حقيقة التعاون على "الإثم والعدوان" والتحالف المفضوح ضد الشعوب وإبقائها تحت البساطير والنعال.

إن أولئك الصحفيين والكتاب "الليبرالجيين" المزعومين الذين يوزعون نصائحهم "الليبرالجية" على جهة دون غيرها ليسوا أكثر من "أقلام بالأرطال"، حسب وصف قباني، أو أدوات تتحرك تماشياً مع الموقف الأمريكي من هذا النظام أو ذاك. ومعروف أن بعض الأنظمة العربية الحليفة لواشنطن تصبح ملكية أكثر من الملك عندما يُطلب منها التحرك سياسياً وإعلاميا ضد النظام المغضوب عليه أمريكياً.

فإذا كانت أمريكا راضية عن نظام عربي ما حتى لو شوى المساجين في السجون، فإن الإعلاميين أصحاب النصائح "الديمقراطية" لا ينبسون ببنت شفة، هذا إذا لم يبرروا انتهاكات حقوق الإنسان الرهيبة في تلك البلدان، أو يضعوا اللوم على "الشعوب المتخلفة" التي تريد لها أنظمتها الديمقراطية والحرية، لكنها تمانع بفعل تخلفها وعدم تقديرها "لفضائل الديمقراطية". من يصدق هؤلاء "الليبرالجيين" عندما يصل بهم الحد إلى تبرئة أنظمة غارقة في الشمولية والاستبداد والتخلف لمجرد أنها تفتح لهم بعض مواقع الانترنت أحياناً لشتم العرب والمسلمين والتملق للغزاة والمستعمرين الجدد؟

إذن بدلاً من الكذب على الشارع العربي لابد لهؤلاء الذين لا يستلون سيوفهم الإعلامية "الليبرالجية" الصدئة إلا لمقارعة الأنظمة التي تستهدفها واشنطن أن يبينوا للشعوب أن ليس هناك "حامض وحلو" في عالمنا العربي. كلنا في الهوى سوى. وفي اللحظة التي يقرر فيها البيت الأبيض سحب الغطاء عن أي نظام عربي لسبب أو لآخر حتى تبدأ الروائح الكريهة تخرج من العاصمة المستهدفة، فيكثر المنشقون ويخرج لنا معارضون كنا نعتقد أنهم من "عظام الرقبة"، وتُفضح جرائم حقوق الإنسان التي كان يمارسها النظام تحت مرأى وسمع العم سام؟ ويبدأ فتح الملفات النائمة، وكشف المستور، وتبدأ الشيطنة الإعلامية بحيث يصبح أحباب الأمس القريب فجأة وحوشاً مرعبة جديرة بالمطاردة والسلخ بسبب خطرها الداهم على "البشرية" والأمن الدولي. ولا شك أن لكل نظام عربي مئات الملفات المنوّمة حتى تحين الساعة ليفتح "Pandora s Box، صندوق الشرور والعجائب.

كلنا بحاجة ماسة للتحرر من نير الاستبداد وتحقيق الديمقراطية، وليس هناك نظام عربي جدير بالفضح والقدح وآخر جدير بالمدح. إن المشاهد أو القارئ العربي يعرف جيداً أن ليس هناك خيار وفقوس في أنظمة الحكم العربية، فكلنا في الهم شرق، أو بالأحرى كلنا أولاد حارة واحدة ونعرف بعضنا البعض جيداً و"ما حدا أحسن من حدا" إلا بدرجة السوء، وإن السكوت الأمريكي المشروط عن بعض الأنظمة لا يمنحها صكوك غفران ديمقراطية أو شهادات حسن سلوك إنسانية، وبالتالي عليها التوقف عن بيعنا بضاعة ليبرالية مغشوشة لا يشتريها أحد بقرش "مصدّي".

أما أنتم أيها "الليبرالجيون" المزعومون، فلا تكونوا "ليبراليين" على ناس وناس!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.