سؤال برلمانى بشأن انتشار العنف بين طلاب المدارس    وكيل وزارة التعليم بالدقهلية يتابع الانضباط وتفعيل الأنشطة الطلابية في 6 مدارس    حماة الوطن يعقد اجتماعا مع أعضاء مجلس الشيوخ عن الحزب قبيل بداية الفصل التشريعي الثاني    «الاستثمار» تحقق في الاجراءات الوقائية على واردات مسطحات الصلب    البورصة المصرية تربح 21.3 مليار جنيه في ختام تعاملات الثلاثاء    خلال زيارته للمنوفية، رئيس الوزراء يطلع على الموقف التنفيذي للخطة الاستثمارية للمحافظة    سعر طن الأرز الأبيض والشعير اليوم الثلاثاء 30 سبتمبر فى المنيا    المبعوث الرئاسي لكوريا: حجم التبادل التجاري مع مصر يتجاوز 3 مليارات دولار سنويا    محافظ أسيوط: إزالة 9 حالات تعدٍ واسترداد 300 فدان أراضي أملاك الدولة بالقوصية    السيسي يؤكد حرص مصر على تعزيز الشراكة الاقتصادية مع كوريا الجنوبية    وزير الخارجية يلتقي الشباب المشاركين في برنامج زمالة "شفيق جبر" من مصر والولايات المتحدة    انهارت خلال أداة صلاة العصر.. البحث عن مفقودي حادث المدرسة في إندونيسيا    تأكد غياب كفاراتسخيليا أمام برشلونة.. وجاهزية الثنائي البرتغالي    جدول مباريات الجولة الثانية من دوري أبطال أوروبا 2025-2026    تشافي يرد على عرض اتحاد جدة السعودي    قناة مجانية تنقل مباراة منتخب الشباب ضد نيوزيلندا في المونديال    صلاح أساسيا في تشكيل ليفربول المتوقع أمام جالاتا سراي    محافظ قنا يكرم أبطال الجمهورية في كرة القدم واللياقة البدنية والفائزين ببرامج الموهوبين    بدء نظر دعوى مطالبة شركة أوبر بدفع 100 مليون جنيه لأسرة حبيبة الشماع    ضبط عامل تحرش بسيدة وتعدى عليها بالسب في الجيزة    خطوة بخطوة.. طريقة الاستعلام عن المخالفات المرورية    ضبط 5 ملايين جنيه في قضايا اتجار بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    مصرع 7 عناصر إجرامية شديدة الخطورة في تبادل لإطلاق النار مع الشرطة بالبحيرة    التحقيق مع شخصين حاولا غسل 200 مليون جنيه حصيلة قرصنة القنوات الفضائية    بينهم 3 أطفال، إصابة 10 عمال في انقلاب سيارة ربع نقل بالوادي الجديد    الرئيس السيسي يبحث تعزيز التعاون مع شبكة الآغا خان للتنمية    عاجل مدبولي خلال جولته بالمنوفية: المكتبات المتنقلة تجسد العدالة الثقافية وتفتح آفاق المعرفة للأطفال    الجمسي.. فيلم يوثق سيرة مهندس النصر في حرب أكتوبر    تعرف على موعد عرض أولى حلقات "ولد بنت شايب"    افتتاح الدورة الثامنة لمهرجان القاهرة للمونودراما بالأوبرا الخميس المقبل    أسباب الكحة الجافة عند الأطفال فى فترة تغيير الفصول    رئيس هيئة الرعاية الصحية: 80% من أمراض القلب يمكن الوقاية منها    الصحة تواصل التقييم الميداني للمنشآت الصحية بالمنيا استعدادا لتطبيق التأمين الصحي الشامل    انقطاع كهربائي جزئي بمستشفى قفط.. وصحة قنا تؤكد: لا مضاعفات والوضع تحت السيطرة    سفير الصين بالقاهرة: العلاقات مع مصر تمر بأفضل مراحلها فى التاريخ    من الانكماش للانطلاق.. الصناعات التحويلية تقود النمو الاقتصادي في 2024/2025    الأهلى يستعيد جهود زيزو فى مباراة كهرباء الإسماعيلية بدورى نايل    الرئيس السيسى يستقبل الأمير "رحيم" رئيس شبكة الآغا خان للتنمية ويهنئه بمنصبه ويشيد بإسهامات والده فى دعم التنمية وحفظ التراث الإسلامى.. الرئيس: حياة كريمة و100 مليون صحة تجسد رؤية مصر 2030 للاستثمار فى الإنسان    أم 44.. رضوى الشربينى تحتفل بعيد ميلادها وتتمنى 5 أمنيات    الملتقى الفقهى بالجامع الأزهر: "الترند" ظاهرة خطيرة تهدد أمن المجتمع    ما حكم ما يسمى بزواج النفحة.. الإفتاء توضح    ما حكم قتل الكلاب الضالة المؤذية؟ دار الإفتاء تجيب    مهن المستقبل.. جدارات متجددة    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى بولاق الدكرور دون إصابات    المؤتمر: تقدير ترامب للسيسى يؤكد مكانة مصر القيادية دوليا وإقليميا    مبعوث رئيس كوريا: مصر تلعب دورا محوريا فى تعزيز سلام واستقرار المنطقة    رئيس برلمانية الشعب الجمهوري: زيارة رئيس الإمارات لمصر ترسيخا لعمق العلاقات الأخوية بين البلدين    إجازة مدفوعة الأجر.. موعد آخر عطلة رسمية خلال عام 2025    استمرار تدفق المساعدات إلى غزة وسط تحديات ميدانية ووعود بإعادة الإعمار    مجلس الشيوخ ينعقد الخميس 2 أكتوبر و17 أكتوبر نهاية الفصل التشريعي    وزيرة التضامن الاجتماعي تترأس اجتماع اللجنة الدائمة للإشراف على منظومة عمل الرائدات الاجتماعيات    رئيس جامعة جنوب الوادي يشهد حفل تكريم أحد العاملين لبلوغه السن القانونية    الضغط الخفي لمرض السكري على قلبك وكيفية الوقاية منه    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30-9-2025 في محافظة قنا    شراقي: استمرار الفيضان الكبير من سد النهضة لليوم الخامس على التوالي    «لاعب مختلف.. ومبيلعبش عندهم!».. شيكابالا يتغنى بنجم الأهلي    في مواجهة مع أفكار الأسرة التقليدية.. حظك اليوم برج الدلو 30 سبتمبر    عضو مركز الأزهر: الزكاة طهارة للنفس والمال وعقوبة مانعها شديدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حلال عليهم حرام علينا!
نشر في الشعب يوم 30 - 12 - 2007


بقلم: د. فيصل القاسم

تشن الدوائر الغربية منذ سنوات بالتحالف مع "الليبرالجيين والعلمانجيين" العرب حملة شعواء لإبعاد الدين الإسلامي عن السياسة بحجة فصل الدين عن الدولة. ولا ضير أبداً في إبقاء الدين بعيداً عن المجال السياسي القذر قدر المستطاع احتراماً للدين، شرقاً وغرباً، لكن بشرط أن ينسحب الأمر على كل الديانات والعقائد، وأن لا يكون محصوراً في دين بعينه. إلا أن الواضح الآن أن المستهدف الأول والأخير من هذه الحملة المسعورة هو الإسلام دون غيره.

كم تمنيت أن أسمع "ليبرالجياً" أو "علمانجياً" عربياً واحداً يهاجم اختلاط الدين بالسياسة،لا بل تسييرها، في بلدان مسيحية، كالولايات المتحدة أو شبه مسيحية كلبنان مثلاً. لا أدري لماذا تصبح حركات الإسلام السياسي رجساً من عمل الشيطان في أقانيم "العلمانجيين" العرب، في الوقت الذي لا يُقدم الساسة المسيحيون "الحداثيون" في لبنان مثلاً على أي خطوة دون التبرك بزيارة البطرك الماروني والخشوع بين يديه وتقبيل رأسه.

وقد لاحظنا أثناء أزمة اختيار رئيس جمهورية جديد للبنان كيف كان يتقاطر رؤساء الأحزاب والساسة المسيحيون وحتى المسلمون والدروز على "بكركي"، مقر إقامة البطريرك مارون نصر الله صفير لأخذ مشورته وتوجيهاته وتعليماته ومباركته. ولم يتم الإعلان عن قائمة مرشحي الرئاسة اللبنانية إلا بعد أن باركها البطرك، ومن ثم سلّمها إلى رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري كي يعلنها للجماهير المسيحية والإسلامية والدرزية.

وحتى خُطب البطرك الماروني ليست أكثر من بيانات صارخة في سياسيتها. و لا أبالغ إذا قلت إن الشعب اللبناني بطوائفه كافة يصغي إليها، ويسير على هديها أكثر مما يصغي ويلتزم بتوجيهات السياسيين اللبنانيين.

صحيح أن خطباء المساجد يتدخلون في السياسة في خطبهم، لكنهم لا يفعلون ذلك بوصفهم مؤسسات دينية -سياسية كهنوتية معتمدة، بل بدوافع دعوية عاطفية. وحتى تلك الدوافع تم تكميمها، بعدما أصبحت وزارات الداخلية العربية توزع خطب الجمعة على الخطباء، والويل كل الويل لمن يحيد عنها قيد أنملة، ناهيك عن أن المؤسسة الدينية في عموم العالم الإسلامي ليست سوى تابع ذليل للمؤسسة السياسية، فبينما تنفذ وزارات الأوقاف العربية فرمانات الحكومة عن ظهر قلب، نجد أن كلمة البطرك المسيحي في لبنان مقدسة ومهابة. ويحدثونك عن فصل الدين عن الدولة!

قد يقول البعض إن لبنان حالة شرقية خاصة لا يمكن تعميمها على بقية العالم المسيحي. لكن لو نظرنا إلى القوة المسيحية الأعظم في العالم، ألا وهي أمريكا لوجدنا أنها أقرب إلى "ولاية فقيه" مسيحية كما يورد خضر عواركه في كتابه الموثق "الصهيونية المسيحية من الداخل". هل يعلم "العلمانجيون" العرب أن في أمريكا ما يسمى ب"التحالف المسيحي" الذي يضم أكثر من خمسة وسبعين مليون أمريكي، أي ثلث الشعب الأمريكي وأكثره نشاطاً. وهذا التحالف يتغلغل في عموم الولايات الأمريكية، وله ممثلون في كل القطاعات والمؤسسات المدنية والسياسية. ولا يتردد في التدخل في كل شاردة وواردة، سياسية أو اجتماعية أو ثقافية أو عقدية.

وحدث ولا حرج عن مشاركة هذا التحالف في الانتخابات الأمريكية. فقد اعتاد القس الأمريكي الشهير "فولويل" الشخصية الأبرز في التحالف على إرسال أكثر من ثلاثين مليون رسالة الكترونية قبيل الانتخابات إلى أتباعه يأمرهم فيها بالتصويت لهذا المرشح أو ذاك. ويحدثونك عن الديموقراطية والاقتراع الحر!

هل يعلم "الليبراليجيون" العرب أن زعماء التنظيمات المسيحية في أمريكا يصدرون فتاوى سياسية شرعية، ويأمرون أتباعهم بتنفيذها بحذافيرها، وما على الرعية إلا الانصياع. فمثلاً تسمع أحد القساوسة السياسيين يكلف أتباعه شرعياً بأن يصوتوا للمرشح الفلاني تحت زعم أن الرب اتصل بالزعيم الروحي للجماعة، وطلب منه أن يصوت لمرشح بعينه. وهذا ما حدث مع الرئيس بوش الذي حصل على أصوات الملايين من "المؤمنين"، إلى حد أنه هو نفسه راح يصرح بأنه ينفذ أجندات إلهية، كغزوه العراق مثلاً. وهذا ما أبلغه للرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك ذات ليلة، حسبما أوردته مجلة "نوفيل أوبزرفاتور".

ويمتد تغلغل اللوبيات الدينية إلى مراكز الأبحاث الأمريكية الشهيرة التي توجه السياسة الأمريكية في العديد من المجالات. ناهيك عن عمليات تمويل الحملات الانتخابية، والضغط على مراكز صنع القرار لاتخاذ هذا القرار أو ذاك. فعندما قرر الرئيس بوش ذات يوم أن يأمر إسرائيل بإخراج الدبابات الإسرائيلية من "جنين" انهالت الرسائل الالكترونية على البيت الأبيض من المسيحيين الصهاينة لتثنيه عن قراره. وفعلاً انصاع الرئيس للوبي المسيحي، وعدل عن رأيه بسرعة البرق.

ولا يقتصر دور اللوبي الديني على الضغط السياسي على البيت الأبيض والكونغرس، بل ينسحب على أبسط القطاعات الأخرى، إذ يشارك أتباع التحالف المسيحي الصهيوني في اختيار حتى رؤساء أقسام الشرطة في بعض الولايات الأمريكية، أو حتى مخاتير القرى ورؤساء المجالس البلدية. وتشير الدراسات أيضاً إلى أن "التحالف المسيحي" الأمريكي فتح فروعاً له في أكثر من اثنتين وأربعين دولة في العالم، هذا في الوقت الذي يحرمون بعض الجمعيات الخيرية الإسلامية من مجرد القيام ببعض المهام الإنسانية في المناطق المعوزة من العالم.

ألم يكن المحامي الأمريكي الشهير ستانلي كوهين على حق عندما تساءل: "عجباً من دولة تؤمن بفصل الدين عن الدولة تسمح لرجال الدين بأن يديروا شؤونها ويبتزوها"؟ أين الفصل المزعوم بين الدين والدولة في أمريكا؟ ثم يأتيك بعض العلمانيين المزعومين العرب المغفلين أو المتغافلين ليتحدثوا عن البداوة السياسية الإسلامية.

لاشك أن أمريكا، كما قلت، في مقال سابق قد تفضل التعامل مع إسلاميين من نوع ما على العلمانيين العرب لأغراضها البراغماتية الخاصة، كأن تدعم الدول المتحالفة معها سياسياً والمعادية لها حضارياً، أو أن تحارب الدول المعادية لها سياسياً والمتصالحة معها حضارياً، كما يجادل جورج طرابيشي. لكن هذا التحالف المصلحي لا يعني أبداً أن الإسلام كدين وثقافة مفضل أو مدعوم أمريكياً، بدليل أنه ممنوع منعاً باتاً من مجاراة نظيره المسيحي الأمريكي على الأقل في قيادة المجتمعات وتوجيهها سياسياً، مع العلم أن الإسلام دين ودولة منذ أيامه الأولى.

لماذا إذن تداخل الديني بالسياسي حلال على المسيحيين وتفاح محرّم على المسلمين؟!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.