* 55% من المسجلين يعودون إلى عملهم.. وارتفاع أعدادهم إلى 92 ألفا و680 * 20 ألف بلطجى ب«الهجانة» و«الجيشة».. و2000 ب«وادى حوف».. و10 آلاف بالدويقة * العمرانية أخطر بؤر الجيزة ويقودها «القط» شيخ بلطجية الهرم وفيصل * مثلث الرعب بالقليوبية لتجارة المخدرات وأوكار السيارات والسلاح المسروق * «بحيرة المنزلة» أهملها النظام البائد فتحولت «غابة» لأحداث القتل اليومية * «نخنوخ» يقود 200 ألف مسجل بالإسكندرية.. ويملك مكاتب لتوريد البلطجية * 10 ملايين قضية بلطجة ومليون و300 ألف حكم خلال 10 سنوات * «شرطة العادلى» جندتهم تحت مسمى «مرشدين» لدسهم بين المواطنين لا يختلف اثنان على أن حالة الانفلات الأمنى التى تشهدها البلاد هى المشكلة الأولى والأخطر الذى تهدد اكتمال نجاح ثورة 25 يناير والبدء فى مرحلة جادة من بناء المؤسسات، ومن أجل ذلك يجب أن تقوم الدولة بإعادة هيبتها وسلطتها وإعمال القانون لتحقيق الاستقرار السياسى والاقتصادى والاجتماعى. تواجه مصر تنظيما سريا ومعقدا من دولة البلطجة والميليشيات الخارجة عن القانون والمسجلين خطرا وبعض العناصر الأمنية التى كانت تعمل بتوجيهات من وزارة الداخلية فى عهد حبيب العادلى والحزب الوطنى مباشرة، وما يزيد من حالة الخوف والقلق لدى الجميع أن انتشار ظاهرة البلطجية فى السنوات الأخيرة قد أثمرت عن 10 ملايين قضية منظورة أمام القضاء المصرى، بالإضافة إلى تراكم مليون و300 ألف حكم قضائى أمام شرطة تنفيذ الأحكام التابعة لوزارة الداخلية. بداية تنظيم البلطجة ويعد نشأة دولة البلطجة فى مصر ليس وليد هذه اللحظة، لكنها نشأت منذ سنوات وامتد تأثريها فى فترة ما بعد الثورة، وهو ما كشفت عنه الوثائق التى عثر عليها فى جهاز أمن الدولة عقب الثورة، فمع بداية تولى اللواء حبيب العادلى وزير الداخلية المحبوس حاليا فى تهمة قتل الثوار المسئولية عام 1997 اتجهت إدارتا مباحث أمن الدولة والمباحث العامة بوزارة الداخلية إلى اتباع سياسة تجنيد فئة من البلطجية والمسجلين خطرا فى نقل المعلومات عن حركة بيع المخدرات والأسلحة وكذلك أماكن الفارين من الأحكام القضائية وهم ما أطلق عليهم فيما بعد "المرشدون". تحول هؤلاء المرشدون فيما بعد إلى شركات خاصة يديرها رجال المباحث من داخل مكاتبهم، من خلال توريد بلطجية للضرب، أو هتيفة بالساعة فى موسم الانتخابات لصالح الحزب الوطنى، أو كومبارس لحضور المؤتمرات الانتخابية، أو منفذين للمظاهرات الوهمية، أو تمثيل دور المعتصمين من أجل الاندساس وسط المضربين والمعتصمين ونقل أخبارهم إلى المباحث وإجهاضها، أو فى وقت آخر تلجأ إليهم قوات الأمن لافتعال المشاجرات وقلب الاعتصام أو المظاهرات إلى معركة طاحنة بين أطراف يلعب فيها البلطجية دورا فى إحداث الزعزعة وغياب الاستقرار. جبهة الإنقاذ واستمر الدور الذى تلعبه دولة البلطجية لصالح النظام السابق حتى بعد تنحى الرئيس السابق حسنى مبارك، بقتل المتظاهرين فى الأحداث التالية للثورة، خاصة فى أحداث محمد محمود ومجلس الوزراء والعباسية. بعدها تكررت مشاهد العنف فى بورسعيد والقاهرة والمحلة والشرقية وفى أماكن مختلفة، وكان آخرها أمام مقرات الإخوان والتى كان آخرها حادث المقطم المشين، والذى قدمت له ما تسمى قوى علمانية تقودها ما يسمى ب"جبهة الإنقاذ" غطاء سياسيا لهدف واحد فقط هو إسقاط الشرعية. ولم تتوقف علاقات دولة البلطجية عند حدود النظام السياسى، بل تعدته إلى العديد من مؤسسات وفئات المجتمع الأخرى، حيث بدأت تظهر العلاقات التى تربطها بنخبة الفن والإعلام، ثم تظهر أيضا فى العلاقة التى ربطت بين رئيس حزب القوات اللبنانية المسيحية سمير جعجع وبعض السياسيين المصريين وفى مقدمتهم محمد أبو حامد الذى تلقى منه تمويلا كبيرا للقيام بالدعوة إلى تظاهرات مليونية لإسقاط النظام الجديد الذى أتت به الثورة بقيادة جماعة الإخوان المسلمين. أعداد المسجلين كشف تقرير حديث للمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، عن ارتفاع نسبة عودة المسجلين خطرا إلى الجريمة والبلطجة مرة أخرى، إلى ما يزيد على 55% من إجمالى المسجلين البالغ عددهم رسميا 92 ألفا و680 شخصا خطيرا على المجتمع، وذلك وفق البيانات الصادرة عن الأمن العام بوزارة الداخلية بشأن حركة الأنشطة الإجرامية بجميع مديريات الأمن بمختلف المحافظات، خلال السنوات العشر الماضية، بخلاف غير المسجلين فى الأوراق الرسمية، والمرتبطين بجرائم عنف متكررة ما بين القتل العمد أو الشروع فى القتل والاغتصاب والبلطجة وجرائم الخطف والحرق والتبديد والضرب المسبب لعاهات مستديمة والضرب المفضى إلى الموت. والمتتبع للخريطة الإجرامية فى مصر منذ فترة ما قبل الثورة يجد أن أماكن الخارجين على القانون معلومة للجميع، ويتخذ هؤلاء البلطجية الأماكن العشوائية وغير المؤهلة لتكون مرتعا لهم بعيدا عن أعين الأجهزة الأمنية، ورصد مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية، أبرز الأماكن التى يتجمع فيها المسجلين والقائمين بأعمال الشعب والعنف فى مصر على النحو التالى: زعيم البلطجية ووفقا للمركز، فإن هناك مناطق عديدة بالقاهرة ممتلئة بالبلطجية أهمها "عزبة أم القرن" التابعة لمنطقة أحمد حلمى، حيث يوجد بها عدد مهول من البلطجية كان النظام البائد على علاقة مباشرة بقياداتهم الإجرامية، وكان يستخدمهم جمال مبارك ووزير داخليته المخلوع حبيب العادلى فى الانتخابات خاصة فى القاهرة الكبرى، كما كان زعيم بلطجية مصر الذى قبض عليه مؤخرا المدعو "صبرى نخنوخ" على علاقة وثيقة بهم. أما عزبة "الهجانة" ومنطقة "الجيشة" بالمقطم فيوجد بها العديد من الهاربين من أحكام قضائية وتجار المخدرات والسلاح، كما يوجد بها حوالى 20 ألف بلطجى، وكذلك "وادى حوف" بحلوان بها حوالى 2000 مسجل خطرا، فضلا عن منطقة الدويقة ومدينة السلام حيث يوجد بها 10 آلاف بلطجى وفى الدرب الأحمر وبولاق أبو العلا 5 آلاف بلطجى ومنطقة دربالة والعوايد. ويوجد عزبة "أبو حشيش" الكائنة بجوار منطقة العباسية ويختص ساكنها من البلطجية، خاصة العنصر النسائى، بتجارة المخدرات، أما عن أخطر المناطق إجرامًا فى القاهرة هى "الزعماء" بالسيدة زينب والتى يوجد بها العديد من البلطجية الكبار والذين استعان بهم فتحى سرور فى الانتخابات البرلمانية وموقعة الجمل، وزعيمهم يدعى "كرشة". أرباب سوابق أما فى الجيزة هناك العديد من البؤر الإجرامية مثل (القصبجى) وشارع (10)، وصفط اللبن وبولاق الدكرور وأهمها منطقة "الكُنيسة" التى يقطن بها ما يزيد عن 1000 من البلطجية والمجرمين وأرباب السوابق، وهذه المنطقة الآن يفرض بها البلطجية والإتاوات على المحال التجارية نظيرعدم التعرض لهم. فى منطقة "بولاق الدكرور" تحتوى على 5 آلاف مسجل خطر مخدرات وسلاح وبلطجة. وما زلنا فى الجيزة حيث توجد منطقة "العمرانية" وبالأخص شار ال"30"، وقد أجرى مركز البحوث الجنائية والاجتماعية دراسة تؤكد أن أخطر البؤر الإجرامية بالجيزة هى العمرانية حيث بلغ عدد قضايا البلطجة بها حوالى 20 ألف قضية كما يوجد بها العديد من مسجلين الخطر وقيادات البلطجة أمثال (ياسر سنجة) و(القط) الذى يعتبر شيخ البلطجية بالهرم وفيصل. أمير المسجلين وفى مدينة الإسكندرية تقع منطقة "أبو سليمان" حيث يوجد بها حوالى 30 ألف بلطجى، كما يوجد أخطر بلطجى فى مصر وأمير المسجلين المدعو "صبرى نخنوخ" الذى قبض ومعه ترسانة من الأسلحة، وكان بصحبته عدد كبير من الخارجين عن القانون، إضافة إلى خمسة أسود، وقالت الأجهزة الأمنية إنه يعمل تحت إمرته أكثر من 200 ألف بلطجى. وكان نخنوخ على علاقة وثيقة بوزير داخلية المخلوع حبيب العادلى، فى انتخابات برلمان 2000، وكان يملك مكاتب لتوريد البلطجية، بمناطق البساتين والمهندسين والهرم وفيصل، وبدأ يستخدمهم العادلى فى تأمين صناديق الانتخابات، وتسويد البطاقات لصالح أعضاء الحزب الوطنى المنحل. المثلث الذهبى يوجد ما يعرف بمثلث الرعب أو المثلث الذهبى بالقليوبية، وهى يتكون من ثلاث قرى هى "كوم السمن، الجعافرة، القشيشة" التابعين لمركز ومدينة شبين القناطر إلى جانب قرية أبو الغيط حيث تكثر تجارة المخدرات وأوكار العديد من البلطجية المتخصصين فى سرقة السيارات وتجارة السلاح. وبعد أحداث رفح واستشهاد 16 مجندًا من قوات حرس الحدود فى شهر رمضان الماضى، أبرزت تلك الأحداث عن عدد من البؤر الإجرامية فى سيناء ومنها منطقة "جبل الحلال"، "المهدية وكذلك الشيخ زويد ورفح الحدودية، وتعهدت قوات الجيش بمداهمتها والقضاء على العناصر الإجرامية التى وصلت إلى حد الإرهاب بها. بحيرة المنزلة أما عن بحيرة المنزلة التى أصبحت بسبب الإهمال الأمنى فى عهد النظام البائد ومن بعده المجلس العسكرى خلال إدارته للمرحلة الانتقالية، أصبحت البحيرة من أشهر بؤر البلطجة فى مصر حتى أطلق عليها البعض مسمى "الغابة" نظرا للخطورة البالغة وأحداث القتل التى تحدث يوميا فيها، وبتولى الرئيس مرسى المسئولية أمر قوات الأمن بسرعة تطهير بحيرة المنزلة، وهو ما فعله وزير الداخلية وقاد الحملة الأمنية بنفسه، والتى تضم 10 آلاف من قوات الشرطة لعودة الأمن إلى البحيرة، والذى كشف عن القبض على عدد كبير من المسجلين وكميات أسلحة رهيبة وثقيلة جعلت الجميع يتساءل وقتها كيف دخلت تلك الأسلحة البلاد؟ ومن هى الجهة التى تسببت فى ذلك؟. الصعيد أيضا ما يؤكد خطورة الوضع الأمنى فى مصر، أن ظاهرة البلطجة لم تعد مقصورة فقط على القاهرةوالإسكندرية وغيرهما من المدن الكبرى، ولكنها امتدت إلى كافة أرجاء مصر وفى القرى والنجوع حتى الصعيد، ففى محافظة قنا توجد (السمطا) وهى منطقة خطرة جدا بها مجموعة من الخارجين عن القانون، وهى قرية صغيرة لا يتعدى سكانها ثلاثين ألف نسمة قريبة من الجبل ويحدها من الشرق النيل ومعظم سكانها يعيشون على تجارة المخدرات وزراعتها، كما يشتهرون بتجارة الأسلحة على نطاق واسع لجميع أنحاء المحافظة والمحافظات المجاورة. وفى محافظة أسيوط فيوجد رجل يسمى (الخُط) بمنطقة ساحل سليم الذى كون تشكيلا عصابيا متخصصا فى قطع الطرق وترويع المواطنين والسرقة بالإكراه، إلا أنه أصبح من كبار رجال الأعمال ولديه مكتب لتوريد البلطجية تحت مسمى البودى جاردات، وبلغ عدد عمليات القتل التى كُلف بها مقابل مبالغ مالية كبيرة حوالى ثمانى حالات قتل و10 حالات خطف و400 قضية بلطجة واستيلاء على المال العام. غطاء إعلامى وجه الرئيس محمد مرسى ضربة قاضية لدولة البلطجة من خلال القبض على رئيسها المدعو صبرى نخنوخ، وفور القبض على رئيس دولة البلطجية بدأت تتكشف الكثير من خفاياها وعلاقاتها المتشعبة بأركان النظام السابق واستخدامهم لمواجهة الشعب المصرى خلال ثورة يناير، وكانوا مسئولين عن قتل الشهداء وعن اقتحام السجون وإطلاق سراح المجرمين لإشاعة الفوضى فى البلاد وإجبار الثوار على التراجع أمام النظام. حيث كان من المفترض أن تلعب دولة البلطجة بقيادة نخنوخ دورا مهما من خلال نشر أكثر من أربعة آلاف بلطجى فى المدن الكبرى، خاصة فى القاهرةوالإسكندرية، من أجل القيام بأعمال القتل والسرقة لإشاعة الفوضى وإظهار الرئيس مرسى وكأنه غير قادر على التحكم بالأمور، فيكون ذلك مقدمة لانقلاب عسكرى.