الغرب يخصص ميزانيات للإطاحة بالحكومات المعارضة له عن طريق معارضة مصطنعة المنظمات الدولية وسيلة للسيطرة على الدول لتغريبها السياسة المُفرقة المُخربة هي السبيل الوحيد للغرب في التعامل مع دول العالم جائزة نوبل تمنح لغير الغربيين الذين ينفذون بدقة سياسات الغرب في بلادهم الغرب يفرض أجهزته العسكرية مستخدماً قنوات مختلفة علي الدول التي تقبل نهج "التغريب" وتودع الفكر عملياً محمد البرادعي حصل علي جائزة نوبل للسلام في ليلة وضحاها نظراً لتنفيذه أوامر الغرب هذه قراءة متأنية في استراتيجيات الغرب في التغريب بصفة عامة وسياساته تجاه إيران بصفة خاصة، ويذكر حميد رضا يوسفي مؤلف كتاب: شرح سياسات الغرب تجاه إيران في الفصل الأول أن كلمة الغرب المستخدمة في كتابه المقصود بها محور: الولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا وفرنسا، وهو المحور الذي يتمتع بسلطات سياسية واقتصادية وعسكرية كبيرة، كما يتمتع بنفوذ كبير في الدول الأوروبية وغير الأوروبية، وهو المحور الذي يتخذ من دول مثل: ألمانيا - إيطاليا - هولندا - كندا - إسرائيل - المملكة العربية السعودية - مصر - الأردن، حلفاءً وجسوراً سياسية، وهو المحور الذي يتصدر المشهد السياسي تحت عنوان: المجتمع الدولي. ويؤكد المؤلف علي أن الغرب يعلن في صراحة أنه من أجل الإطاحة بالحكومات المعارضة له، يخصص ميزانيات، ويصنع المعارضات، ويساند معارضي الدول المعارضة في الداخل ضد النظام الحاكم، ويطلق علي حكام هذه الدول في أدبياته السياسية وفي أجهزته الإعلامية والدبلوماسية اسم: "الديكتاتور" و"المستبد"، حتى تكون هذه الدول خطراً علي السلام العالمي، وقامت هذه الدول الثلاث بتشكيل منظمات وآليات ضخمة تديرها بنفسها، من أجل تنفيذ أيديولوجياتها التي تهدف إلي تغريب وتبعية الدول غير الأوروبية تبعية مطلقة. وهذه المنظمات وهذه الآليات هي: منظمة الأممالمتحدة - منظمة التجارة العالمية - صندوق النقد الدولي - البنك الدولي ومجلس الأمن مع حق الفيتو (الاعتراض)، وهي وسائل الضغط التي تسيء هذه الدول الثلاث استخدامها للسيطرة والهيمنة المباشرة وغير المباشرة علي العالم. أما الذراع العسكري لهذه المنظمات فهو: حلف شمال الأطلنطي (الناتو)، الذي أسسته وتديره هذه الدول. وعلي سبيل المثال، فإن القوات الأمريكية حاصرت إيران حصاراً كاملاً بإقامة أكثر من ثلاث عشرة قاعدة عسكرية في الدول المجاورة لإيران، ففضلاً عن أوزبكستان - كازاخستان - تاجيكستان - قيرغيزيا، والأساطيل الأمريكية الموجودة في الخليج العربي، يمكن ذكر أسماء دول مثل: أفغانستان - باكستان - أذربيجان - أرمينيا - جورجيا - تركمنستان - المملكة العربية السعودية - العراق - تركيا. ونظراً لأن الغرب يحكم سيطرته علي المنظمات سالفة الذكر، فإنه لا يهتم بالبروتوكولات الدولية التي يضعها بنفسه، وذلك من أجل تحقيق أهدافه وخططه السياسية، ونظراً لأن مقر منظمة الأممالمتحدة موجود في أمريكا، فإن هذه الدولة مكلفة بإصدار تأشيرات دخول رؤساء دول العالم ومرافقيهم بسرعة وبدون أي تقصير أو تذرع. لكن المسئولين الأمريكيين يمنحون التأشيرات لرؤساء الدول التي تعارض سياساتهم في اللحظات الأخيرة، وبعد ضغوط شتي لأسباب واهية ومختلفة. ثم يتحدث المؤلف عن أن تبعية وتغريب الدول غير الغربية هي أحد استراتيجيات الغرب التي لها جذور استعمارية عميقة. ويقول إن اصطلاح "التغريب" يضم تحت جناحيه سياسات دول أوروبا الوسطي والولاياتالمتحدةالأمريكية، وإن دول هذا المحور تهدف إلي أمركة وأوربة العالم كله. فالغرب يري في نفسه أنه نقطة ارتكاز العلاقات الدولية، وأن معاييره هي الأصل بوصفها: المعايير الدولية، وأن تغريب الدول غير الغربية هو أحد أهم أهدافه، وأن عملية التغريب تشتمل علي العديد من أبعاد الحياة الجماعية والتنظيمات السياسية والاقتصادية والعلمية التي توجد علي رأسها الأفكار والمقاييس الغربية، ففي المجالات السياسية يحدد الغرب "ألف باء" العلاقات، وفي المجالات الاقتصادية تقول مجموعات الشركات والدول الغربية الكلمة الأخيرة، وفي مجالات التكنولوجيا الغرب هو الذي ينتج، والدول غير الغربية هي التي تستهلك، وهي التي تصدر المواد الخام بثمن زهيد، وتستورد السلع النفطية بثمن مرتفع. ثم يتحدث المؤلف عن إيران، ويقول إن إيران واحدة من الدول التي حررت نفسها في السنوات الثلاثين الماضية من التبعية للغرب، وتحملت صدمات شديدة طوال مسيرة استقلالها، وذلك لأنها لم تكن بعد الثورة الإسلامية علي استعداد للانصياع لأهداف الغرب وتوصياته المطلقة، وذلك علي الرغم من إنه يجب الاعتراف بحقيقة أن ظلال الأفكار الغربية في مجتمعنا غير قابلة للإنكار. وعلي الرغم من ذلك، فإن الضربة التي وجهها الغرب مستخدماً جماعات الضغط في المائة عام الماضية إلي عملية صياغة الأحداث التقدمية في إيران ضربة موجعة للغاية، وكانت اللعبة السياسية التي لعبتها بريطانيا وروسيا لمواجهة الثورة الدستورية (1906 - 1909م)، والقضاء علي بدايات الفكر ومضامين الديمقراطية في إيران، جزءاً من ملف السياسة المزدوجة للغرب وروسيا تجاه إيران.
والغرب اليوم يتحرك في اتجاه نفس السياسة المُفرقة المُخربة، وعزلت الولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا محمد مصدق بعد تأميم صناعة النفط في إيران بمساعدتهما نظام الشاه الغربي، وهكذا تمت التضحية - للمرة الثانية - بعملية الديمقراطية في إيران في خمسينيات القرن الماضي. وبعد أن استيقظ الشعب الإيراني مرة أخري أثناء تيار الثورة الإسلامية والإطاحة بنظام الشاه التابع للغرب، دخلت الظروف الإقليمية وعلاقات الغرب بإيران مرحلة جديدة، وثار الشعب ضد التبعية المطلقة، ولخص شعاره المحوري في عبارة: (لا شرقية ولا غربية، جمهورية إسلامية). ونظراً لأن الإمام الخميني (1979 - 1989م) لم يكن مستعداً لارتداء عباءة التبعية والإذعان للسياسات المهيمنة علي العالم، اتخذ الغرب إستراتيجية جديدة لتركيع إيران وشعبها، وفرض علي إيران في عام (1980م) حرباً استمرت ثماني سنوات مما كبد إيران خسائر قُدرت بالمليارات، وحوالي مليون قتيل ومعوق، وهي الحرب التي حصل أحد مهندسيها وهو الرئيس الأمريكي "جيمي كارتر" علي جائزة نوبل للسلام، ومن استراتيجيات الغرب المثيرة للأزمات الأخرى: إيجاد قلاقل وإضرابات عن طريق أجهزة إعلامه، وإيجاد اختلافات بين الأحزاب المختلفة، وتسييس البرنامج النووي الإيراني، فالبرنامج النووي الإيراني ولعبة القط والفار التي يلعبها الغرب وروسيا يثبتان أن سياسة هذين القطبين تجاه إيران ليست ثابتة، ولم تكن ثابتة في أي وقت من الأوقات. ولا نكن مبالغين إذا قلنا إن صداقة الروس لإيران كانت دائماً صداقة الجاهل أو صداقة ضارة، وإن سياسة الغرب المزدوجة كانت دائماً تجلب لإيران مشكلات عديدة، فالغرب وروسيا استفادا لسنوات طويلة من ورقة إيران في اللعب مع بعضهما البعض، وبعد حصولهما علي الحد الأقصى من الامتيازات من بعضهما البعض كانا يصوتان ضد إيران. وقد أثبتت روسيا بتأخرها في تشغيل مفاعل "بوشهر" أنها لم ولن تكن حليفاً يمكن أن تعتمد عليه إيران وتثق به. ومن الممكن أن تكون سياسة روسيا تجاه إيران بعد التشغيل الوشيك لمفاعل " بوشهر" سياسة قابلة للتوقع ومطمئنة، وبناء علي هذا يجب ألا نضع بيضنا كله في سله واحدة. هذا ويوجد طريقان للنجاة وتجاوز هذه الأزمة الخطيرة والشديدة: إما الانصياع لرغبات الغرب والألاعيب والصراعات السياسية الروسية، أو التحرك صوب الاكتفاء الذاتي. ومن البديهي أن إيران اختارت الطريق الثاني، وهو طريق مشروع ومنطقي. الآلية التي يستخدمها الغرب لتكريس تبعية الدول غير الغربية له، وتأثير هذه الدول ثقافياً بالغرب: يتبع الغرب سياسة الإحلال الثقافي، ولعل أوضح مثال علي ذلك: ما فعلته بريطانيا في الهند عندما أرسلت سفينة محملة بمؤلفات كتاب الغرب البارزين وبخاصة الكُتاب البريطانيين إلي الهند، ونقلت المخطوطات الهندية القديمة إلي إنجلترا، وذلك لتفريغ الثقافة الهندية القديمة من الداخل، وكذلك قام المستشرقون في الغرب بترجمة ونقد المؤلفات المتعلقة بالتاريخ الإيراني القديم، وقاموا بعمل أبحاث ودراسات عن الآثار الإيرانية، وعرضوا علينا تاريخ إيران في مؤلفاتهم بالشكل الذي يريدونه هم، ولهذا السبب لم يرد أي ذكر للمؤرخين الإيرانيين في مؤلفاتهم، ولم ولن يهتموا بنتائج أبحاث هؤلاء المؤرخين ودراساتهم. ويمكن تقسيم إستراتيجية التغريب إلي خمس استراتيجيات متشابكة: 1- الاستراتيجية السياسية: وهدفها جمع وتنظيم الهيئات السياسية المختلفة من أجل التدخل السافر في السياسات الداخلية والخارجية للدول. والهدف الأساسي لهذه الاستراتيجيات هو: نشر الأفكار والمعايير الثقافية الغربية عن طريق روافد مختلفة. 2- الاستراتيجية الاجتماعية: حيث يحاول الغرب الترغيب في نوع الملابس وفي تغريب السلوك الاجتماعي وأسلوب التحدث، مع استخدام الاصطلاحات الغربية عن طريق القنوات المختلفة (الإذاعة والتليفزيون والإنترنت)، فقنوات الإنترنت وأجهزة الإعلام تستخدم الآن في تلويث السمعة وإيجاد الفوضى في الدول غير الغربية. وتوجد الآن أكثر من (65) قناة فضائية ناطقة بالفارسية في الغرب تهاجم إيران ثقافياً وإعلامياً من زوايا مختلفة. 3- الإستراتيجية العلمية: فالغرب ينثر بذور معاييره وأفكاره في هيئات المجتمع ومؤسساته المختلفة عن طريق نشر العلوم الإنسانية، وذلك لتطبيق سياساته وممارسة نفوذه علي نطاق واسع. ويعمق الغرب ركائز نفوذه في المجتمعات غير الغربية بالترويج للعلوم الإنسانية والإيحاء بأن الإنسان الغربي والفكر الغربي هو الأعلى والأفضل. 4- الإستراتيجية الاقتصادية: حيث إن التبعية التي تمثل الإستراتيجية الاقتصادية إحدى ركائزها الرئيسية هي استهلاكية المجتمع. ويمكن مشاهدة القبض والبسط الاقتصادي بصورة ملموسة في جميع الدول الإسلامية التي تمتلك حقول نفط وغاز. 5- الاستراتيجية العسكرية: حيث يفرض الغرب أجهزته العسكرية مستخدماً قنوات مختلفة علي الدول التي وقعت في حبائل الاستراتيجيات السياسية والاجتماعية والعلمية والاقتصادية، وهو يضمن نفوذه وهيمنته لمدة طويلة، وهذا ينطبق علي دول إسلامية وأفريقية وعلي أمريكا اللاتينية، وهي الدول التي تقبل نهج "التغريب" وتودع الفكر عملياً، وقد شاهدنا في عام 2009م أن جورج دبليو بوش - الرئيس الأمريكي السابق - باع أسلحة للحكومات العميلة لأمريكا في منطقة الشرق الأوسط بما تزيد قيمته عن (30) مليار دولار بذريعة خطورة البرنامج النووي الإيراني علي الشرق الأوسط والعالم كله، كما أن الغرب يفرض عقوبات جماعية علي الدول المعارضة له، وتعد إيران مثالاً بارزاً علي هذه العقوبات، فنظراً لأن إيران لم تكن مستعدة لمواصلة سياسة التبعية للغرب بعد قيام الثورة الإسلامية في عام 1979م، فقد وصفها الغرب بأنها دولة مارقة، وقرر إجبارها علي الانصياع والإذعان لسياساته عن طريق المقاطعة وفرض العقوبات الشديدة عليها، وهي مقاطعة سياسية واقتصادية وعسكرية وعلمية، أما المقاطعة السياسية فتتمثل في قطع العلاقات الدبلوماسية الغربية عن طريق حث الدول العميلة للغرب لكي تكون محاور ضغط جانبي علي الدول المعارضة. والهدف من هذه الإستراتيجية هو تهميش وعزل المعارضين علي المستوي الدولي، وهذا ملموس في علاقات الغرب مع العديد من الدول الأفريقية والأسيوية والشرقية وأمريكا اللاتينية. ثم يتحدث المؤلف عن جائزة نوبل، وعن أن الغرب يشتري في العديد من المواقف الشخصيات السياسية وشبه السياسية بشكل مباشر أو غير مباشر بإهدائهم جائزة نوبل، ويقول إنه بعد دراسة تاريخ هذه الجائزة، يتضح أنه كان لها ولا يزال طابع سياسي في كثير من المواقف، لأن هذه الجائزة تُمنح للباحثين والأدباء والسياسيين الأوروبيين والأمريكيين أو إلي الأفراد غير الغربيين الذين ينفذون بدقة سياسات الغرب في دولهم. وفي إيران يحول الغرب عن طريق أداة حقوق الإنسان أن يخلق المجال المناسب لممارسة الضغط علي إيران، كما أنه يقوم بجذب نخب الدول المعارضة، وذلك بأن يقترح عليهم منحهم البطاقة الخضراء (في الولاياتالمتحدةالأمريكية) أو البطاقة الزرقاء في أوروبا (مؤخراً)، كما أنه يستقبل المعارضة الخاصة بالدول غير الغربية في بلاده، ويقف إلي جانبهم باسم حقوق الإنسان وحرية الرأي. ونحن نري أن العديد من النخب الإيرانية والصينية واليتنامية والأفريقية ونخبة أمريكا اللاتينية يتقلدون وظائف في مراكز الدراسات والبحوث الأمريكية والأوروبية. وتسمي هذه السياسة سياسة "خطف النخبة"، وهي تثبت عدم حسن النية في سلوك وأفعال وظنون الغرب تجاه دول مثل إيران. ولقد رأينا ماذا فعلت الولاياتالمتحدةالأمريكية في العراق وأفغانستان، وكيف ديست حقوق الإنسان بالأقدام بعد احتلالهما بحجة دمقرطة هذين البلدين، ورأينا الجرائم العسكرية التي ارتكبت فيهما، ورأينا السجون المتعددة الموجودة في هذين البلدين، ورأينا معتقل "جوانتانامو" في أراضي كوباالمحتلة، وهو المعتقل التي تطبق فيه قوانين العصر الحجري، ورأينا أن الغرب يعتقد أن تواجده في أفغانستان والعراق ضروري من أجل صيانة الحريات والحيلولة دون ارتكاب عمليات إرهابية في أوروبا والولاياتالمتحدةالأمريكية. أن المقاطعة الاقتصادية تهدف إلي إيجاد تضخم وبطالة وفقر مدقع، وإلي ثورة المواطنين في النهاية ضد الحكومات التي تتصدي لأيديولوجية الغرب. وهدف الغرب من هذه المقاطعة الجماعية التي تمارس ضد إيران هو اندلاع ثورة وتغيير النظام الحاكم، والجدير بالتأمل هنا أن الغرب يشن هجوماً علي الدولة التي تتعامل اقتصادياً أو في أي مجال آخر مع دول فُرضت عليها عقوبات مثل إيران بدون الحصول علي موافقة الغرب الذي يعتبر نفسه البوليس الدولي. الجميع يعلم اليوم أن الغرب يتبع سياسة الكيل بمكيالين تجاه الدول المعارضة له، وأنه يقوم بأي عمل لكي ينزع خطورة أعدائه، من الخداع بالوعود المبالغ فيها، وحتى المقاطعة الجماعية والهجوم العسكري ونشر الشائعات والأخبار التي تسبب أزمات. ومما لاشك فيه أن سياسة الكيل بمكيالين التي يتبعها الغرب توجه ضربات ساحقة إلي حوار الحضارات وإلي العلاقات الدولية. والجميع يعلم أن الغرب يطبق باستمرار سياسة العصا والجزرة من أجل إيقاف البرنامج النووي الإيراني، وأنه يعتبر إيران أحد الموانع الرئيسية التي تواجه تنفيذ أهداف سياساته في الشرق الأوسط، ولهذا السبب، فإن أي عمل تقوم به إيران، يعتبره الغرب عملاً استفزازياً وغير صحيح. والغرب يعتبر إدعاء صنع قنبلة ذرية في إيران دليلاً كافياً لممارسة الضغط الشديد علي إيران، ومن هذا المنطلق يعترض بشدة علي أي تقنية تكون خارجة عن نطاق سيطرة الغرب، ولهذا السبب سيس الغرب البرنامج النووي الإيراني، في حين أن المؤسسة الوحيدة المنوط بها بحث الملف النووي الإيراني هي: الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهذه الوكالة أداة من أدوات منظمة الأممالمتحدة التي هي - في الأساس - تحت سيطرة الولاياتالمتحدةالأمريكية والقوي العظمي، ووجود أفراد مثل محمد البرادعي الذي حصل علي جائزة نوبل للسلام في ليلة وضحاها نظراً لتنفيذه أوامر الغرب، دليل علي أن الغرب بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية يملي تقارير هذه الوكالة. ولو أن إيران اليوم انصاعت وأذعنت لإرادة الغرب، وسلمت مفاتيح البلاد وسياستها الداخلية والخارجية للغرب مثلما فعل الشاه محمد رضا بهلوي (1941 - 1979م) لحُلت جميع مشكلات إيران في ليلة وضحاها، ونظراً لأن إيران لن تنصاع لهذه السياسة، سيواصل الغرب سياسة الإطاحة بها، مستخدماً أيديولوجية الضغوط السياسية والاجتماعية والصحفية والعلمية والاقتصادية والعسكرية، متذرعاً بحصول إيران علي الأسلحة الذرية، وبمقولة محو إسرائيل، وذريعة مساندة الإرهاب الدولي. إذا تحملت الدول المعاقبة المقاطعة، وقامت بتطوير نفسها علمياً وتكنولوجياً من أجل تقدم مجتمعها واستقلاله، يضع الغرب العراقيل في طريقها، ويعرقل جميع مشروعاتها يؤجلها، عن طريق إيجاد الحيل وتجميد أرصدتها في البنوك. ويقول المؤلف في خاتمة الكتاب إن الغرب ليس بوسعه أن يمد يده بخضوع نحو إيران، وأن يسمي ذلك حواراً، وتشكل أيديولوجية العصا والجزرة القاعدة الأساسية لهذه السياسة، وهي سياسة مرفوضة تماماً. لكن إذا طرحنا هذا السؤال في النهاية: لماذا لا تفتح إيران أبواب المجتمع الإيراني في وجه الغرب؟ فإننا نقول: إن الدولة التي تحاصرها أكثر من (13) قاعدة عسكرية أمريكية. وقوطعت مقاطعة اقتصادية وسياسية وعسكرية وعلمية من جانب الغرب أكثر من ثلاثين عاماً، لا يمكن ولا يجب أن تفتح أبوابها ونوافذها في وجه ضيوف غير مرغوب فيهم، فهذا العمل يحتاج إلي بناء ثقة جديد. وبناء علي هذا، فإن علاقة الغرب مع إيران من الممكن أن تستأنف، إذا أعاد الغرب النظر في سلوكه وأفعاله وأفكاره تجاه إيران، وأن يغير سياساته بشكل جذري. اليوم يسير كل شيء في اتجاه العولمة، لذا فإن اللجوء إلي مباحثات متكافئة يعد مبدأ لا يمكن تجاهله، وهذا هو الطريق الوحيد الذي يمكن الوصول عن طريقة إلي قواعد وفرص جديدة في اللعبة الدولية، واتخاذ أساليب حل بناءة وناجحة. نقلاً عن مجلة " مختارات إيرانية " الصادرة عن مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية