مستقبل وطن بالأقصر يقيم مخيمات لخدمة طلاب الثانوية العامة 2025    وزير التعليم العالي والسفير الفرنسي يتفقدان إنشاءات الحرم الجديد للجامعة الفرنسية    «إعلام القاهرة» تنظم مؤتمر «إيجيكا 2025».. ومطالب بإضافة برامج ل«الإعلام العلمي»    هل تصل للفصل؟.. تعرف على عقوبة حيازة الهاتف في لجان الثانوية العامة    وصول 1912 حاجًا و49 باص من حجاج البر إلى ميناء نويبع    نص مشروع قانون تنظيم ملكية الدولة في الشركات المملوكة لها بعد موافقة "النواب"    وزيرة التخطيط: 15.6مليار دولار تمويلات ميسرة من شركاء التنمية للقطاع الخاص منذ 2020    بالأرقام.. إزالة 841 حالة تعدٍ على أراضي الدولة والزراعة ببني سويف ضمن الموجة ال26    التموين تنتهى من صرف مقررات يونيو بنسبة 65%    رئيس مجلس النواب يحيل عدد من الاتفاقيات الدولية للجان المختصة    الرئيس السيسى يؤكد لنظيره القبرصى رفض مصر التام توسيع دائرة الصراع في المنطقة وأهمية وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية على مختلف الجبهات الإقليمية.. ويحذر: استمرار النهج الحالي ستكون له أضراره جسيمة على الجميع    "لا للملوك": شعار الاحتجاجات الرافضة لترامب بالتزامن مع احتفال ذكرى تأسيس الجيش الأمريكي    مصطفى بكري: مصر لن تقف في خندق واحد مع إسرائيل مهما كانت الخلافات المذهبية مع إيران    البريميرليج يحتفي بمحمد صلاح فى عيد ميلاده ال33: "بطل الدوري الإنجليزي"    إمام عاشور يجري جراحة عاجلة في الكتف قبل الالتحاق ببعثة الأهلي إلى نيو جيرسي    مجلس الزمالك يجتمع اليوم لحسم ملفات فريق الكرة    بسبب أعمال شغب.. إحالة 4 طلاب بالثانوية العامة للتحقيق بكفر شكر    المشدد 7 سنوات لمتعاطي حشيش وشابو في قنا    فرحة على وجوه طلاب الثانوية العامة ببورسعيد بعد امتحانات اليوم الأول.. فيديو    مدحت العدل ومحمد الشرنوبى يشاركان فى تشييع جنازة نجل صلاح الشرنوبى    تجاوزت ال 186 مليون جنيه.. تعرف على إجمالي إيرادات فيلم سيكو سيكو في مصر    حياة جديدة.. العرافة البلغارية بابا فانجا تتنبأ ب مصير أصحاب هذه الأبراج الثلاثة قبل نهاية 2025    الجبهة الداخلية الإسرائيلية: نواجه حدثا لم نشهد مثله فى بات يام جراء هجمات إيران    «توبة».. تفاصيل ألبوم «أبو» الجديد صيف 2025... 6 أغاني تُطرح تباعًا    روبي تتألق بالأحمر في أخر حفلاتها.. وفستانها يثير الجدل    شكوك حول مشاركة محمد فضل شاكر بحفل ختام مهرجان موازين.. أواخر يونيو    100 ألف جنيه مكافأة.. إطلاق موعد جوائز "للمبدعين الشباب" بمكتبة الإسكندرية    انعقاد المؤتمر السنوي السابع عشر لمعهد البحوث الطبية والدراسات الإكلينيكية 17 يونيو    10 فوائد لتناول الشوفان.. يعالج الالتهاب بالجسم والإمساك ويخفض وزنك    طهران تؤكد استمرار الهجمات على إسرائيل وتصفها ب"الرد المشروع"    الداخلية تضبط 6 ملايين جنيه من تجار العملة    محمد صلاح يحتفل بعيد ميلاده ال33 ب "تورتة صغيرة"    "برغوث بلا أنياب".. ميسي يفشل في فك عقدة الأهلي.. ما القصة؟    يسري جبر يوضح تفسير الرؤيا في تعذيب العصاة    عراقجي: الهجوم الإسرائيلي ما كان ليحدث لولا الضوء الأخضر والدعم الأمريكي    رئيس النواب يفتتح الجلسة العامة لمناقشة مشروع الموازنة العامة للدولة    لأول مرة عالميًا.. استخدام تقنية جديدة للكشف عن فقر الدم المنجلي بطب القاهرة    «الزناتي» يفتتح أول دورة تدريبية في الأمن السيبراني للمعلمين    ترقب وقلق.. الأهالي ينتظرون أبناءهم في أول أيام امتحانات الثانوية العامة| شاهد    ضبط أكثر من 5 أطنان دقيق في حملات ضد التلاعب بأسعار الخبز    ضبط 59804 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة في حملات مكثفة على الطرق والمحاور    تحرير 146 مخالفة للمحلات لعدم الالتزام بقرار ترشيد استهلاك الكهرباء    الأنبا إيلاريون أسقفا لإيبارشية البحيرة وتوابعها    البابا تواضروس يترأس قداس الأحد في العلمين    أسعار مواد البناء اليوم الأحد 15 يونيو 2025    اعتماد النظام الأساسى لاتحاد شركات التأمين المصرية    الأردن يعلن إعادة فتح مجاله الجوي بعد إجراء تقييم للمخاطر    أشرف داري: الحظ حرمنا من الفوز على إنتر ميامي    «فين بن شرقي؟».. شوبير يثير الجدل بشأن غياب نجم الأهلي أمام إنتر ميامي    محافظ أسيوط يفتتح وحدتي فصل مشتقات الدم والأشعة المقطعية بمستشفى الإيمان العام    توافد طلاب الدقهلية لدخول اللجان وانطلاق ماراثون الثانوية العامة.. فيديو    متى تبدأ السنة الهجرية؟ هذا موعد أول أيام شهر محرم 1447 هجريًا    الغارات الإسرائيلية على طهران تستهدف مستودعا للنفط    اليوم.. الأزهر الشريف يفتح باب التقديم "لمسابقة السنة النبوية"    أصل التقويم الهجري.. لماذا بدأ من الهجرة النبوية؟    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 15-6-2025 في محافظة قنا    هاني رمزي: خبرات لاعبي الأهلي كلمة السر أمام إنتر ميامي    موعد مباراة الأهلي وإنتر ميامي والقنوات الناقلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف يسيطر الغرب على العالم ..وكيف حصل البرادعي على نوبل؟
نشر في الشعب يوم 03 - 05 - 2013

الغرب يخصص ميزانيات للإطاحة بالحكومات المعارضة له عن طريق معارضة مصطنعة
المنظمات الدولية وسيلة للسيطرة على الدول لتغريبها
السياسة المُفرقة المُخربة هي السبيل الوحيد للغرب في التعامل مع دول العالم
جائزة نوبل تمنح لغير الغربيين الذين ينفذون بدقة سياسات الغرب في بلادهم
الغرب يفرض أجهزته العسكرية مستخدماً قنوات مختلفة علي الدول التي تقبل نهج "التغريب" وتودع الفكر عملياً
محمد البرادعي حصل علي جائزة نوبل للسلام في ليلة وضحاها نظراً لتنفيذه أوامر الغرب
هذه قراءة متأنية في استراتيجيات الغرب في التغريب بصفة عامة وسياساته تجاه إيران بصفة خاصة، ويذكر حميد رضا يوسفي مؤلف كتاب: شرح سياسات الغرب تجاه إيران في الفصل الأول أن كلمة الغرب المستخدمة في كتابه المقصود بها محور: الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا، وهو المحور الذي يتمتع بسلطات سياسية واقتصادية وعسكرية كبيرة، كما يتمتع بنفوذ كبير في الدول الأوروبية وغير الأوروبية، وهو المحور الذي يتخذ من دول مثل: ألمانيا - إيطاليا - هولندا - كندا - إسرائيل - المملكة العربية السعودية - مصر - الأردن، حلفاءً وجسوراً سياسية، وهو المحور الذي يتصدر المشهد السياسي تحت عنوان: المجتمع الدولي.
ويؤكد المؤلف علي أن الغرب يعلن في صراحة أنه من أجل الإطاحة بالحكومات المعارضة له، يخصص ميزانيات، ويصنع المعارضات، ويساند معارضي الدول المعارضة في الداخل ضد النظام الحاكم، ويطلق علي حكام هذه الدول في أدبياته السياسية وفي أجهزته الإعلامية والدبلوماسية اسم: "الديكتاتور" و"المستبد"، حتى تكون هذه الدول خطراً علي السلام العالمي، وقامت هذه الدول الثلاث بتشكيل منظمات وآليات ضخمة تديرها بنفسها، من أجل تنفيذ أيديولوجياتها التي تهدف إلي تغريب وتبعية الدول غير الأوروبية تبعية مطلقة. وهذه المنظمات وهذه الآليات هي: منظمة الأمم المتحدة - منظمة التجارة العالمية - صندوق النقد الدولي - البنك الدولي ومجلس الأمن مع حق الفيتو (الاعتراض)، وهي وسائل الضغط التي تسيء هذه الدول الثلاث استخدامها للسيطرة والهيمنة المباشرة وغير المباشرة علي العالم. أما الذراع العسكري لهذه المنظمات فهو: حلف شمال الأطلنطي (الناتو)، الذي أسسته وتديره هذه الدول. وعلي سبيل المثال، فإن القوات الأمريكية حاصرت إيران حصاراً كاملاً بإقامة أكثر من ثلاث عشرة قاعدة عسكرية في الدول المجاورة لإيران، ففضلاً عن أوزبكستان - كازاخستان - تاجيكستان - قيرغيزيا، والأساطيل الأمريكية الموجودة في الخليج العربي، يمكن ذكر أسماء دول مثل: أفغانستان - باكستان - أذربيجان - أرمينيا - جورجيا - تركمنستان - المملكة العربية السعودية - العراق - تركيا. ونظراً لأن الغرب يحكم سيطرته علي المنظمات سالفة الذكر، فإنه لا يهتم بالبروتوكولات الدولية التي يضعها بنفسه، وذلك من أجل تحقيق أهدافه وخططه السياسية، ونظراً لأن مقر منظمة الأمم المتحدة موجود في أمريكا، فإن هذه الدولة مكلفة بإصدار تأشيرات دخول رؤساء دول العالم ومرافقيهم بسرعة وبدون أي تقصير أو تذرع. لكن المسئولين الأمريكيين يمنحون التأشيرات لرؤساء الدول التي تعارض سياساتهم في اللحظات الأخيرة، وبعد ضغوط شتي لأسباب واهية ومختلفة.
ثم يتحدث المؤلف عن أن تبعية وتغريب الدول غير الغربية هي أحد استراتيجيات الغرب التي لها جذور استعمارية عميقة. ويقول إن اصطلاح "التغريب" يضم تحت جناحيه سياسات دول أوروبا الوسطي والولايات المتحدة الأمريكية، وإن دول هذا المحور تهدف إلي أمركة وأوربة العالم كله. فالغرب يري في نفسه أنه نقطة ارتكاز العلاقات الدولية، وأن معاييره هي الأصل بوصفها: المعايير الدولية، وأن تغريب الدول غير الغربية هو أحد أهم أهدافه، وأن عملية التغريب تشتمل علي العديد من أبعاد الحياة الجماعية والتنظيمات السياسية والاقتصادية والعلمية التي توجد علي رأسها الأفكار والمقاييس الغربية، ففي المجالات السياسية يحدد الغرب "ألف باء" العلاقات، وفي المجالات الاقتصادية تقول مجموعات الشركات والدول الغربية الكلمة الأخيرة، وفي مجالات التكنولوجيا الغرب هو الذي ينتج، والدول غير الغربية هي التي تستهلك، وهي التي تصدر المواد الخام بثمن زهيد، وتستورد السلع النفطية بثمن مرتفع.
ثم يتحدث المؤلف عن إيران، ويقول إن إيران واحدة من الدول التي حررت نفسها في السنوات الثلاثين الماضية من التبعية للغرب، وتحملت صدمات شديدة طوال مسيرة استقلالها، وذلك لأنها لم تكن بعد الثورة الإسلامية علي استعداد للانصياع لأهداف الغرب وتوصياته المطلقة، وذلك علي الرغم من إنه يجب الاعتراف بحقيقة أن ظلال الأفكار الغربية في مجتمعنا غير قابلة للإنكار. وعلي الرغم من ذلك، فإن الضربة التي وجهها الغرب مستخدماً جماعات الضغط في المائة عام الماضية إلي عملية صياغة الأحداث التقدمية في إيران ضربة موجعة للغاية، وكانت اللعبة السياسية التي لعبتها بريطانيا وروسيا لمواجهة الثورة الدستورية (1906 - 1909م)، والقضاء علي بدايات الفكر ومضامين الديمقراطية في إيران، جزءاً من ملف السياسة المزدوجة للغرب وروسيا تجاه إيران.

والغرب اليوم يتحرك في اتجاه نفس السياسة المُفرقة المُخربة، وعزلت الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا محمد مصدق بعد تأميم صناعة النفط في إيران بمساعدتهما نظام الشاه الغربي، وهكذا تمت التضحية - للمرة الثانية - بعملية الديمقراطية في إيران في خمسينيات القرن الماضي. وبعد أن استيقظ الشعب الإيراني مرة أخري أثناء تيار الثورة الإسلامية والإطاحة بنظام الشاه التابع للغرب، دخلت الظروف الإقليمية وعلاقات الغرب بإيران مرحلة جديدة، وثار الشعب ضد التبعية المطلقة، ولخص شعاره المحوري في عبارة: (لا شرقية ولا غربية، جمهورية إسلامية). ونظراً لأن الإمام الخميني (1979 - 1989م) لم يكن مستعداً لارتداء عباءة التبعية والإذعان للسياسات المهيمنة علي العالم، اتخذ الغرب إستراتيجية جديدة لتركيع إيران وشعبها، وفرض علي إيران في عام (1980م) حرباً استمرت ثماني سنوات مما كبد إيران خسائر قُدرت بالمليارات، وحوالي مليون قتيل ومعوق، وهي الحرب التي حصل أحد مهندسيها وهو الرئيس الأمريكي "جيمي كارتر" علي جائزة نوبل للسلام، ومن استراتيجيات الغرب المثيرة للأزمات الأخرى: إيجاد قلاقل وإضرابات عن طريق أجهزة إعلامه، وإيجاد اختلافات بين الأحزاب المختلفة، وتسييس البرنامج النووي الإيراني، فالبرنامج النووي الإيراني ولعبة القط والفار التي يلعبها الغرب وروسيا يثبتان أن سياسة هذين القطبين تجاه إيران ليست ثابتة، ولم تكن ثابتة في أي وقت من الأوقات. ولا نكن مبالغين إذا قلنا إن صداقة الروس لإيران كانت دائماً صداقة الجاهل أو صداقة ضارة، وإن سياسة الغرب المزدوجة كانت دائماً تجلب لإيران مشكلات عديدة، فالغرب وروسيا استفادا لسنوات طويلة من ورقة إيران في اللعب مع بعضهما البعض، وبعد حصولهما علي الحد الأقصى من الامتيازات من بعضهما البعض كانا يصوتان ضد إيران. وقد أثبتت روسيا بتأخرها في تشغيل مفاعل "بوشهر" أنها لم ولن تكن حليفاً يمكن أن تعتمد عليه إيران وتثق به. ومن الممكن أن تكون سياسة روسيا تجاه إيران بعد التشغيل الوشيك لمفاعل " بوشهر" سياسة قابلة للتوقع ومطمئنة، وبناء علي هذا يجب ألا نضع بيضنا كله في سله واحدة.
هذا ويوجد طريقان للنجاة وتجاوز هذه الأزمة الخطيرة والشديدة: إما الانصياع لرغبات الغرب والألاعيب والصراعات السياسية الروسية، أو التحرك صوب الاكتفاء الذاتي. ومن البديهي أن إيران اختارت الطريق الثاني، وهو طريق مشروع ومنطقي.
الآلية التي يستخدمها الغرب لتكريس تبعية الدول غير الغربية له، وتأثير هذه الدول ثقافياً بالغرب:
يتبع الغرب سياسة الإحلال الثقافي، ولعل أوضح مثال علي ذلك: ما فعلته بريطانيا في الهند عندما أرسلت سفينة محملة بمؤلفات كتاب الغرب البارزين وبخاصة الكُتاب البريطانيين إلي الهند، ونقلت المخطوطات الهندية القديمة إلي إنجلترا، وذلك لتفريغ الثقافة الهندية القديمة من الداخل، وكذلك قام المستشرقون في الغرب بترجمة ونقد المؤلفات المتعلقة بالتاريخ الإيراني القديم، وقاموا بعمل أبحاث ودراسات عن الآثار الإيرانية، وعرضوا علينا تاريخ إيران في مؤلفاتهم بالشكل الذي يريدونه هم، ولهذا السبب لم يرد أي ذكر للمؤرخين الإيرانيين في مؤلفاتهم، ولم ولن يهتموا بنتائج أبحاث هؤلاء المؤرخين ودراساتهم.
ويمكن تقسيم إستراتيجية التغريب إلي خمس استراتيجيات متشابكة:
1- الاستراتيجية السياسية: وهدفها جمع وتنظيم الهيئات السياسية المختلفة من أجل التدخل السافر في السياسات الداخلية والخارجية للدول. والهدف الأساسي لهذه الاستراتيجيات هو: نشر الأفكار والمعايير الثقافية الغربية عن طريق روافد مختلفة.
2- الاستراتيجية الاجتماعية: حيث يحاول الغرب الترغيب في نوع الملابس وفي تغريب السلوك الاجتماعي وأسلوب التحدث، مع استخدام الاصطلاحات الغربية عن طريق القنوات المختلفة (الإذاعة والتليفزيون والإنترنت)، فقنوات الإنترنت وأجهزة الإعلام تستخدم الآن في تلويث السمعة وإيجاد الفوضى في الدول غير الغربية. وتوجد الآن أكثر من (65) قناة فضائية ناطقة بالفارسية في الغرب تهاجم إيران ثقافياً وإعلامياً من زوايا مختلفة.
3- الإستراتيجية العلمية: فالغرب ينثر بذور معاييره وأفكاره في هيئات المجتمع ومؤسساته المختلفة عن طريق نشر العلوم الإنسانية، وذلك لتطبيق سياساته وممارسة نفوذه علي نطاق واسع. ويعمق الغرب ركائز نفوذه في المجتمعات غير الغربية بالترويج للعلوم الإنسانية والإيحاء بأن الإنسان الغربي والفكر الغربي هو الأعلى والأفضل.
4- الإستراتيجية الاقتصادية: حيث إن التبعية التي تمثل الإستراتيجية الاقتصادية إحدى ركائزها الرئيسية هي استهلاكية المجتمع. ويمكن مشاهدة القبض والبسط الاقتصادي بصورة ملموسة في جميع الدول الإسلامية التي تمتلك حقول نفط وغاز.
5- الاستراتيجية العسكرية: حيث يفرض الغرب أجهزته العسكرية مستخدماً قنوات مختلفة علي الدول التي وقعت في حبائل الاستراتيجيات السياسية والاجتماعية والعلمية والاقتصادية، وهو يضمن نفوذه وهيمنته لمدة طويلة، وهذا ينطبق علي دول إسلامية وأفريقية وعلي أمريكا اللاتينية، وهي الدول التي تقبل نهج "التغريب" وتودع الفكر عملياً، وقد شاهدنا في عام 2009م أن جورج دبليو بوش - الرئيس الأمريكي السابق - باع أسلحة للحكومات العميلة لأمريكا في منطقة الشرق الأوسط بما تزيد قيمته عن (30) مليار دولار بذريعة خطورة البرنامج النووي الإيراني علي الشرق الأوسط والعالم كله، كما أن الغرب يفرض عقوبات جماعية علي الدول المعارضة له، وتعد إيران مثالاً بارزاً علي هذه العقوبات، فنظراً لأن إيران لم تكن مستعدة لمواصلة سياسة التبعية للغرب بعد قيام الثورة الإسلامية في عام 1979م، فقد وصفها الغرب بأنها دولة مارقة، وقرر إجبارها علي الانصياع والإذعان لسياساته عن طريق المقاطعة وفرض العقوبات الشديدة عليها، وهي مقاطعة سياسية واقتصادية وعسكرية وعلمية، أما المقاطعة السياسية فتتمثل في قطع العلاقات الدبلوماسية الغربية عن طريق حث الدول العميلة للغرب لكي تكون محاور ضغط جانبي علي الدول المعارضة. والهدف من هذه الإستراتيجية هو تهميش وعزل المعارضين علي المستوي الدولي، وهذا ملموس في علاقات الغرب مع العديد من الدول الأفريقية والأسيوية والشرقية وأمريكا اللاتينية.
ثم يتحدث المؤلف عن جائزة نوبل، وعن أن الغرب يشتري في العديد من المواقف الشخصيات السياسية وشبه السياسية بشكل مباشر أو غير مباشر بإهدائهم جائزة نوبل، ويقول إنه بعد دراسة تاريخ هذه الجائزة، يتضح أنه كان لها ولا يزال طابع سياسي في كثير من المواقف، لأن هذه الجائزة تُمنح للباحثين والأدباء والسياسيين الأوروبيين والأمريكيين أو إلي الأفراد غير الغربيين الذين ينفذون بدقة سياسات الغرب في دولهم. وفي إيران يحول الغرب عن طريق أداة حقوق الإنسان أن يخلق المجال المناسب لممارسة الضغط علي إيران، كما أنه يقوم بجذب نخب الدول المعارضة، وذلك بأن يقترح عليهم منحهم البطاقة الخضراء (في الولايات المتحدة الأمريكية) أو البطاقة الزرقاء في أوروبا (مؤخراً)، كما أنه يستقبل المعارضة الخاصة بالدول غير الغربية في بلاده، ويقف إلي جانبهم باسم حقوق الإنسان وحرية الرأي. ونحن نري أن العديد من النخب الإيرانية والصينية واليتنامية والأفريقية ونخبة أمريكا اللاتينية يتقلدون وظائف في مراكز الدراسات والبحوث الأمريكية والأوروبية. وتسمي هذه السياسة سياسة "خطف النخبة"، وهي تثبت عدم حسن النية في سلوك وأفعال وظنون الغرب تجاه دول مثل إيران.
ولقد رأينا ماذا فعلت الولايات المتحدة الأمريكية في العراق وأفغانستان، وكيف ديست حقوق الإنسان بالأقدام بعد احتلالهما بحجة دمقرطة هذين البلدين، ورأينا الجرائم العسكرية التي ارتكبت فيهما، ورأينا السجون المتعددة الموجودة في هذين البلدين، ورأينا معتقل "جوانتانامو" في أراضي كوبا المحتلة، وهو المعتقل التي تطبق فيه قوانين العصر الحجري، ورأينا أن الغرب يعتقد أن تواجده في أفغانستان والعراق ضروري من أجل صيانة الحريات والحيلولة دون ارتكاب عمليات إرهابية في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.
أن المقاطعة الاقتصادية تهدف إلي إيجاد تضخم وبطالة وفقر مدقع، وإلي ثورة المواطنين في النهاية ضد الحكومات التي تتصدي لأيديولوجية الغرب. وهدف الغرب من هذه المقاطعة الجماعية التي تمارس ضد إيران هو اندلاع ثورة وتغيير النظام الحاكم، والجدير بالتأمل هنا أن الغرب يشن هجوماً علي الدولة التي تتعامل اقتصادياً أو في أي مجال آخر مع دول فُرضت عليها عقوبات مثل إيران بدون الحصول علي موافقة الغرب الذي يعتبر نفسه البوليس الدولي.
الجميع يعلم اليوم أن الغرب يتبع سياسة الكيل بمكيالين تجاه الدول المعارضة له، وأنه يقوم بأي عمل لكي ينزع خطورة أعدائه، من الخداع بالوعود المبالغ فيها، وحتى المقاطعة الجماعية والهجوم العسكري ونشر الشائعات والأخبار التي تسبب أزمات. ومما لاشك فيه أن سياسة الكيل بمكيالين التي يتبعها الغرب توجه ضربات ساحقة إلي حوار الحضارات وإلي العلاقات الدولية.
والجميع يعلم أن الغرب يطبق باستمرار سياسة العصا والجزرة من أجل إيقاف البرنامج النووي الإيراني، وأنه يعتبر إيران أحد الموانع الرئيسية التي تواجه تنفيذ أهداف سياساته في الشرق الأوسط، ولهذا السبب، فإن أي عمل تقوم به إيران، يعتبره الغرب عملاً استفزازياً وغير صحيح. والغرب يعتبر إدعاء صنع قنبلة ذرية في إيران دليلاً كافياً لممارسة الضغط الشديد علي إيران، ومن هذا المنطلق يعترض بشدة علي أي تقنية تكون خارجة عن نطاق سيطرة الغرب، ولهذا السبب سيس الغرب البرنامج النووي الإيراني، في حين أن المؤسسة الوحيدة المنوط بها بحث الملف النووي الإيراني هي: الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهذه الوكالة أداة من أدوات منظمة الأمم المتحدة التي هي - في الأساس - تحت سيطرة الولايات المتحدة الأمريكية والقوي العظمي، ووجود أفراد مثل محمد البرادعي الذي حصل علي جائزة نوبل للسلام في ليلة وضحاها نظراً لتنفيذه أوامر الغرب، دليل علي أن الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية يملي تقارير هذه الوكالة. ولو أن إيران اليوم انصاعت وأذعنت لإرادة الغرب، وسلمت مفاتيح البلاد وسياستها الداخلية والخارجية للغرب مثلما فعل الشاه محمد رضا بهلوي (1941 - 1979م) لحُلت جميع مشكلات إيران في ليلة وضحاها، ونظراً لأن إيران لن تنصاع لهذه السياسة، سيواصل الغرب سياسة الإطاحة بها، مستخدماً أيديولوجية الضغوط السياسية والاجتماعية والصحفية والعلمية والاقتصادية والعسكرية، متذرعاً بحصول إيران علي الأسلحة الذرية، وبمقولة محو إسرائيل، وذريعة مساندة الإرهاب الدولي.
إذا تحملت الدول المعاقبة المقاطعة، وقامت بتطوير نفسها علمياً وتكنولوجياً من أجل تقدم مجتمعها واستقلاله، يضع الغرب العراقيل في طريقها، ويعرقل جميع مشروعاتها يؤجلها، عن طريق إيجاد الحيل وتجميد أرصدتها في البنوك.
ويقول المؤلف في خاتمة الكتاب إن الغرب ليس بوسعه أن يمد يده بخضوع نحو إيران، وأن يسمي ذلك حواراً، وتشكل أيديولوجية العصا والجزرة القاعدة الأساسية لهذه السياسة، وهي سياسة مرفوضة تماماً. لكن إذا طرحنا هذا السؤال في النهاية: لماذا لا تفتح إيران أبواب المجتمع الإيراني في وجه الغرب؟ فإننا نقول: إن الدولة التي تحاصرها أكثر من (13) قاعدة عسكرية أمريكية. وقوطعت مقاطعة اقتصادية وسياسية وعسكرية وعلمية من جانب الغرب أكثر من ثلاثين عاماً، لا يمكن ولا يجب أن تفتح أبوابها ونوافذها في وجه ضيوف غير مرغوب فيهم، فهذا العمل يحتاج إلي بناء ثقة جديد. وبناء علي هذا، فإن علاقة الغرب مع إيران من الممكن أن تستأنف، إذا أعاد الغرب النظر في سلوكه وأفعاله وأفكاره تجاه إيران، وأن يغير سياساته بشكل جذري. اليوم يسير كل شيء في اتجاه العولمة، لذا فإن اللجوء إلي مباحثات متكافئة يعد مبدأ لا يمكن تجاهله، وهذا هو الطريق الوحيد الذي يمكن الوصول عن طريقة إلي قواعد وفرص جديدة في اللعبة الدولية، واتخاذ أساليب حل بناءة وناجحة.
نقلاً عن مجلة " مختارات إيرانية " الصادرة عن مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.