شيخ الأزهر: ما يحدث في غزة جرائم وحشية لم نتخيل وقوعها حتى في القرون الوسطى    مدبولي: مراجعة صندوق النقد ستتم خلال أيام    باكستان تعطي الضوء الأخضر لجيشها للرد على الغارات الهندية    روسيا وأوكرانيا تتبادلان هجمات جوية على العاصمتين    ترامب يرفض خفض الرسوم الجمركية على الصين كوسيلة للضغط من أجل المفاوضات    انطلاق مباراة بي إس جي ضد أرسنال في دوري أبطال أوروبا    صاروخية رويز تمنح باريس هدف التقدم أمام آرسنال    السيطرة على حريق بمحل دواجن في مدينة بنها    بإطلالة طبيعية.. مي كساب تخطف الأنظار في أحدث ظهور لها    غادة إبراهيم تشن هجومًا لاذعًا على بوسي شلبي بعد نفي ابنائه استمرار زواجه منها    تشغيل وحدة علاجية لخدمة مرضى الثلاسيميا والهيموفيليا بمستشفى السنبلاوين العام بالدقهلية (صور)    بمشاركة حمدي فتحي.. الوكرة يسقط أمام أم صلال بكأس أمير قطر    غموض موقف مدافع مانشستر يونايتد من لقاء بلباو    مدير هيئة نظافة القاهرة: 20 ألف طن مخلفات تخرج من العاصمة يوميا    حريق هائل في كسارة بلاستيك بالغربية - صور    الآلاف يشيعون جثمان الطفل ضحية الطلق الناري من زملائه في كفر الشيخ    البغدادي تستعرض مع وفد جمهورية تشيلي استراتيجية تمكين المرأة    وزير الخارجية الألماني الجديد: على كل من في موسكو أن يعمل حسابا لنا    إيهاب فهمي: محمد سامي موهبة كبيرة.. ولا يعامل مي عمر معاملة خاصة    بطل قصة حياتي.. روجينا تتغزل في زوجها أشرف زكي بحفل زفاف رنا رئيس    مهرجان أسوان لأفلام المرأة يسدل الستار عن دورته التاسعة بإعلان الجوائز    أمين الفتوى: مفهوم الحجاب يشمل الرجل وليس مقصورًا على المرأة فقط    محافظ المنيا يوجه بتسريع وتيرة العمل في ملف التصالح وتقنين أراضي الدولة    أفضل من القهوة والشاي- 4 مشروبات صباحية تنقص الوزن    رئيس جامعة مطروح يشيد بالمعرض التطبيقي لطالبات كلية التربية للطفولة المبكرة    البابا تواضروس: نحن مواطنون مصريون نعيش مع إخوتنا المسلمين فى وطن واحد    الآلاف يشيعون جثمان الطفل "أدهم" ضحية أصدقائه في كفر الشيخ - فيديو وصور    خالد الجندى: الاحتمال وعدم الجزم من أداب القرآن ونحتاجه فى زمننا    أوس أوس يطلب من جمهوره الدعاء لوالدته: «ادعوا لها تقوم بالسلامة»    «منهم الحمل والأسد».. 4 أبراج تتحدث قبل أن تفكر وتندم    وزير التموين يكشف تفاصيل عن تطبيق رادار الأسعار    أبطال «نجوم الساحل» يكشفون كواليس العمل مع منى الشاذلي..غدا    «الزيت يكفي 3.7 شهر».. وزير التموين: الاحتياطي الاستراتيجي من السلع الأساسية آمن    مبيعات أجنبية تهبط بمؤشرات البورصة بختام جلسة اليوم.. فما الأسباب؟    عمر طلعت مصطفى: ننسق مع وزارة الشباب والرياضة للاستفادة من الفعاليات الكبيرة للترويج لسياحة الجولف    جوندوجان يأمل في بداية مسيرته التدريبية كمساعد لجوارديولا    جامعة كفر الشيخ تشارك في منتدى «اسمع واتكلم» بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف    عدوان الاحتلال الإسرائيلي على طولكرم ومخيميها يدخل يومه 101    محافظ قنا يشارك في احتفالية مستقبل وطن بعيد العمال ويشيد بدورهم في مسيرة التنمية    خلافات مالية تشعل مشاجرة بين مجموعة من الأشخاص بالوراق    رئيس "أزهرية الإسماعيلية" يشهد امتحانات النقل الإعدادى والابتدائى    وزير البترول: التوسع الخارجي لشركة "صان مصر"على رأس الأولويات خلال الفترة المقبلة    هل يجوز أن أصلي الفريضة خلف شخص يصلي السنة؟.. المفتي السابق يوضح    تعرف على وضع صلاح بين منافسيه في الدوري الإنجليزي بعد 35 جولة    ب12 هاتفًا.. عصابة تخترق حساب سيدة من ذوي الاحتياجات وتنهب أموالها    إطلاق صندوق لتحسين الخدمة في الصحة النفسية وعلاج الإدمان    حزنا على زواج عمتها.. طالبة تنهي حياتها شنقا في قنا    وزارة الأوقاف تعلن أسماء المقبولين لدخول التصفيات الأولية لمسابقة القرآن الكريم    المراجعات النهائية للشهادة الإعدادية بشمال سيناء    آخر تطورات مفاوضات الأهلي مع ربيعة حول التجديد    سحب 49 عينة سولار وبنزين من محطات الوقود بالإسكندرية لتحليلها    وائل غنيم في رسالة مطولة على فيسبوك: دخلت في عزلة لإصلاح نفسي وتوقفت عن تعاطي المخدرات    بدء اجتماع "محلية النواب" لمناقشة عدد من طلبات الإحاطة    «مستقبل التربية واعداد المعلم» في مؤتمر بجامعة جنوب الوادي    مصر ترحب باتفاق وقف إطلاق النار في اليمن مع الولايات المتحدة    بتكلفه 85 مليون جنيه.. افتتاح مبنى امتداد مركز الأورام الجديد للعلاج الإشعاعي بقنا    أحمد سليمان: ما حدث في أزمة القمة أساء لسمعة الكرة المصرية    اليوم.. الرئيس السيسي يتوجه إلى اليونان في زيارة رسمية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا وجود لقوات غربية فى ليبيا ولم نلتزم بفاتورة التحرير للناتو
نشر في الشعب يوم 08 - 04 - 2013

الشعب الليبى لم يجن ثمار الثورة لتفشى الفساد و«فوضى السلاح»
الانتهاكات والتعذيب حوادث فردية.. وزرت 90% من السجون وتأكدت من التزامها بمعايير حقوق الإنسان
لا وجود لقوات غربية فى ليبيا ولم نلتزم بفاتورة التحرير للناتو
أكد رئيس مؤسسة حقوق الإنسان الليبية مصطفى المجذوب، أن هناك مبادرة تقوم بها المنظمة للمصالحة الوطنية بين جميع الليبيين ما لم يكونوا مدانين فى قضايا عنف أو فساد مالى سواء فى الداخل أو الخارج، للمّ الشمل ووحدة الصف وطى صفحة الماضى.
وأشار المجذوب فى حواره مع «الشعب» -فى أثناء زيارته للقاهرة- إلى عدم وجود اتفاق بدفع فاتورة تحرير بلاده للغرب، وأعرب عن عدم معارضته دفع كلفة مشاركة حلف شمال الأطلسى «الناتو» فى إسقاط القذافى حال طلبه بذلك بشرط أن تكون الكلفة غير مبالغ فيها.
وكشف رئيس مؤسسة حقوق الإنسان الليبية عن عدم رضا معظم الشعب الليبى عن الأوضاع الحالية، منتقدًا شيوع الفساد وغياب الشفافية، وانتشار السلاح فى أيدى الناس ما يهدد الأمن ويضطر معه الكثيرون لحمل السلاح دفاعًا عن أنفسهم، وأقر بوجود سلبيات تحكم تسيير المجلس الوطنى الانتقالى لشئون البلاد، ومنها تباطؤه فى دمج الثوار فى أجهزة الأمن، وعدم المضى قدمًا فى بناء جيش وطنى قوى، أو استعادة مؤسسات الدولة لدورها، وعدم الاهتمام الكافى بشئون ضحايا نظام القذافى، مطالبًا المواطنين الليبيين بالصبر على النظام الحالى لعام مقبل على الأكثر، فإن لم تتحسن الأوضاع بإمكانهم الثورة من جديد.
وأكد المجذوب أنهم يسعون لإقامة علاقات ندية مع دول الجوار تقوم على التقدير والاحترام المتبادل، مؤكدًا عدم وجود قواعد عسكرية غربية فى الأراضى الليبية، كاشفًا عن رفض مصر تسليم رجال القذافى غير المدانين فى قضايا دماء أو فساد.. وإلى نص الحوار:
* ماذا عن قضية تسليم أنصار القذافى وأركان نظامه وتأثيرها على دول الجوار؟
- أعتقد أن تطور العلاقات بين ليبيا وهذه البلدان ووجود لغة مصالح بين هذه الدول، كفيل بتسوية هذا الملف، لا سيما مع التزام ليبيا بتوفير محاكمة عادلة لجميع رموز النظام السابق، ناهيك عن وجود رغبة ليبية فى تسوية الخلافات بين دول الجوار، ووضع العلاقات معها على الطريق الصحيح.
وأذكر هنا أن مصر أكدت أنها لن تسلم أحدًا من القيادات السابقة فى نظام القذافى إلا بعد تقديم الجانب الليبى للأدلة التى تثبت بما لا يدع مجالًا للشك إدانتهم، مع وجود ضمانات بتقديمهم لمحاكمة عادلة.
* وماذا عن الصراعات الداخلية فى ليبيا؟
- نسعى لتدشين مبادرة للمصالحة الوطنية بين كل الليبيين فى الداخل والخارج، سواء كانوا فى صفوف القذافى أو معارضيه، ونهدف منها للمّ الشمل وتوحيد صف الشعب الليبى بأسره لكى ننهض ببلدنا ونزيل الخلافات والنزاعات والأحقاد ويشارك الجميع فى بناء بلدهم، وبحمد الله هناك سعى كبير لإتمام المصالحة الوطنية، ففى النهاية الجميع مواطنون ليبيون سينطبق عليهم قانون المصالحة، باستثناء من أراقوا الدماء الليبية أو نهبوا المال العام أو تورطوا فى جرائم الشرف، وباستثناء هؤلاء فإن إجراءات المصالحة ستطبق على الجميع بشكل شفاف ومنهجى ومؤسس.
* وما شروط المصالحة؟
- ألا يكون مدانًا فى قضايا قتل مباشرة وليس أثناء المعركة، ويعهد لجهات التحقيق بالتثبت من ذلك ودراسة كل حالة على حدة لتحديد مسئوليته، والسعى كذلك لدفع الدية إذا رضى أهل القتيل وكان القتل فى ظروف ملتبسة وليس فيه إصرار أو تعمد بما لا يخالف الشرع أو القانون ويوافق عليه الجميع.
* وماذا عن الفاسدين والمدانين فى قضايا مالية؟
- لا مانع من التصالح معهم بشرط رد الأموال، والعقاب إذا كان ترتبت على ذلك أضرار بالوطن أو المواطنين، وندعو الجميع لإعلاء لغة التسامح والتصالح ونبذ الفرقة والخلاف وطى صفحة الماضى قدر المستطاع.
سيف الإسلام
* وما موقف سيف الإسلام القذافى من هذه المصالحة؟
- سيف الإسلام لا بد أن يخضع لمحاكمة عادلة أمام قضاة منصفين فى الداخل، لتتم محاكمته عما ارتكب من أفعال، وهذا هو العدل بعينه دون ظلم أو إهدار للحقوق.
* وما آخر أخبار محاكمته؟
- هناك غموض فى مسألة تسليمه من قبل قبائل الزنتان التى تحتفظ به لديها منذ أن ألقت هذه القبائل القبض عليه.
* ما أوضاع حقوق الإنسان فى الداخل؟
- أؤكد أننا نسعى لترسيخ ثقافة احترام حقوق الإنسان للجميع سواء كانوا ثوارا أو موالين للقذافى، وأحرص على عدم تعرض أحد للإهانة أو التعذيب، وللعلم أنا زرت 90% من السجون الليبية، وبحمد الله لم أجد فيها أى تعذيب أو انتهاك لحقوق الإنسان، وسأواصل فى الأيام المقبلة تفقد باقى السجون.
* لكن سمعنا وشاهدنا فى فيديوهات وقوع حالات انتقام عقب نجاح الثورة وسقوط القذافي؟
- هذه كانت استثناءات ولم تكن القاعدة، وقد أكد السيد مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الانتقالى بنفسه عقب نجاح الثورة أنه لن يسمح بالانتقام أو التعذيب أو ارتكاب ما يخالف الشريعة أو ينتهك حقوق الإنسان، وقد شجعنى هذا الرجل الفاضل وساندنى كثيرًا فى أداء عملى وهو قيمة وطنية ليبية كبرى، واتصل بى عقب انتهاء ولاية المجلس وطالبنى بالاستمرار فى الحفاظ على كرامة وحقوق الإنسان، مما يؤكد اهتمامه بهذه القضية المهمة والحيوية.
* وماذا عن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية؟
- للأسف الشديد المواطن الليبى لم يجن ثمار الثورة فى الناحيتين الاقتصادية والأمنية والمعيشية حتى الآن، حيث نسمع عن وقائع فساد كثيرة، كما أن السلاح منتشر بشدة فى يد الجميع، وللأسف ما زالت تبعات حكم القذافى مستمرة حيث يرجع السبب الرئيس لانتشار السلاح للنظام السابق، وذلك لوجود ميليشيات كانت مدججة بالسلاح تابعة له، وعندما سقط النظام البائد تم توزيع هذه الأسلحة بالإضافة إلى السلاح الذى كان فى حوزة الثوار، وهناك إحصائية أظهرت أن عدد قطع السلاح تفوق ستة أضعاف عدد الشعب الليبى، بمعنى أن نصيب كل فرد ست قطع سلاح، وهو ما يضطر معه الجميع لحمل السلاح دفاعًا عن نفسه حيث لا يعقل أن يكون جيرانه مدججين بالأسلحة الآلية ويبقى هو أعزل وعرضةً للاعتداء من قبل المسلحين عند نشوب أى خلاف.
* وكيف ترى عدم تحقيق الإسلاميين للأغلبية فى انتخابات المجلس الوطنى التى تمت مؤخرًا.. على النقيض من نتائج الانتخابات التى تمت فى مصر وتونس؟
- السبب الرئيس لذلك هو جهل الشعب الليبى بالممارسات الديمقراطية والعملية السياسية، قياسًا بمصر وتونس، حيث تمتلك مصر تراثًا وخبرة كبيرة فى العمل السياسى وتوجد أحزاب قبل ثورة يوليو، وكذلك فى سبعينيات القرن الماضى بعدما أعاد السادات الأحزاب للعمل السياسى، وكذلك تونس يمارس شعبها السياسة منذ عقود بينما نظام القذافى قضى على كل أشكال الممارسة السياسية، ونحتاج إلى عشرات السنين حتى تتكون ثقافة الممارسة السياسية لشعبنا، وتكتسب الأحزاب والنشطاء الخبرة الكافية.
* تعد قضية الإخفاق فى دمج الثوار فى المؤسسات الأمنية من القضايا الشائكة داخل الساحة الليبية؟
لا أوافق على وصف الأمر بالإخفاق، بل إنه لا يتجاوز كونه نوعًا من التباطؤ فى تنفيذ هذا التوجه الإستراتيجى للدولة الليبية الجديدة، ولكن هذه الانتقادات يجب ألا تتجاهل أن الدولة الليبية تبنى نفسها من تحت الصفر بفعل التخريب الذى كان جاريًا على قدم وساق طوال عهد النظام المقبور، ولكن ومع هذا يحتاج الأمر إلى إجراءات سريعة من قبل المجلس الانتقالى لاستيعاب الثوار وتقديم حلول لكل الأزمات، والعمل على إعادة بناء جميع مؤسسات الدولة، مع أهمية تضافر جميع أبناء الشعب الليبى لإنجاز هذه الإجراءات، وانطلاقًا من دمج الثوار وإعادة بناء المؤسسات، والذى يعد توجهًا استراتيجيًا للدولة الليبية.
* كيف تقيم داء المجلس الانتقالى؟
- هناك الكثير من الأمور السلبية، فالمجلس أخفق دون شك فى الإسراع فى بناء مؤسسات الدولة، وتسوية عدد من المشكلات التى تواجه البلاد، ودمج الثوار فى الأجهزة الأمنية. صحيح أن هناك دمجًا ولكن بوتيرة بطيئة للغاية كما أوضحت، فضلًا عن عدم المضى قدمًا فى تأسيس جيش وطنى محترف، وهو ما تكرر فيما يتعلق بالمؤسسات التعليمية والصحية والخدمية، ناهيك عن أن تعامله جاء بشكل غير لائق مع هموم ضحايا مسيرة الخلاص الدامية من حكم العقيد، وفى مقدمتهم الجرحى، فى ظل معاناة عدد كبير، منهم من فقد أطرافه ويحتاج إلى تأهيل وأجهزة تعويضية، وهناك جهود من قبل المجلس الانتقالى لتبنى زمام المبادرة، واتخاذ قرار عاجل وسريع لصرف الدعم المطلوب لهؤلاء الجرحى، وفى هذا السياق أيضًا تقفز مشكلة الأداء الهزيل للسفارات الليبية فى الخارج، وعدم قيامها بالدور المنوط بها، سواء فى خدمة الرعايا الليبيين من المرضى والطلاب والمقيمين والأشقاء العرب، فيما يخص استيعاب العمالة وتأشيرات العمل، بعد اكتشاف تزوير عشرات الآلاف من التأشيرات، فضلًا عن إخفاقها التام فى تسوية ملف فلول النظام السابق المقيمين، وإقناع البلدان المقيمين فيها بتسليمهم للعدالة الليبية.
* ذكرت سلبيات أداء المجلس الانتقالى، فماذا عن النقاط الإيجابية الخاصة بهذا المجلس؟
حتى نكون منصفين، يجدر بنا التأكيد على أن المجلس الانتقالى الأول له عدة مزايا، منها أنه استطاع ملء فراغ النظام المقبور، ولم تعان البلاد من هزات عنيفة، أى أنه أبقى البلاد بعيدة عن الفراغ الدستورى، ناهيك عن أنه نجح فى تأمين الاحتياجات الأساسية للشعب الليبى، خصوصًا من السلع الأساسية، من وقود وسلع تموينية، بالإضافة لابتعاده بالبلاد عن أى من الخيارات الصعبة، مثل التقسيم أو المعاناة من الحرب الأهلية وغيرها، أو تفشى الاضطراب الأمنى فى البلاد، رغم فوضى السلاح، وهو أمر سنأخذ على عاتقنا إصلاحه، ومن هنا ندعو المجلس الانتقالى إلى إنجاز سريع يجنب البلاد المزالق الخطيرة، وبالنسبة للمجلس الحالى رغم التباطؤ ننتظر منه سرعة الإنجاز وتحقيق مطالب الليبيين لكى لا يثور الشعب من جديد.
* لكن هناك تخوفات من إمكانية انزلاق ليبيا للحرب الأهلية فى ضوء المشهد السياسى المرتبك؟
- طبيعة المجتمع الليبى تلفظ مثل هذه الخيارات، فهناك مجموعات كبيرة من أهالى بنغازى مثلًا ينحدرون من الغرب الليبى، وهناك تجمعات فى سبها يعود أصلها إلى المنطقة الشرقية، لذا فلا أعتقد أن هناك مخاطر تقود البلاد لمواجهة مثل هذا السيناريو.
* ما حقيقة التزام ليبيا بدفع فاتورة مساعدة ال«ناتو» فى الأعمال العسكرية التى أطاحت بالرئيس السابق معمر القذافى ونظامه؟
- لم نسمع عن ذلك، ولا توجد أى معلومات عن هذه القضية، ولكن بافتراض صحة ذلك، إذا طلبت هذه الدول تكلفة ما أنفقته فى الحرب فلا مانع فهذا حقها، ولكن بشروط أن تكون الكلفة الحقيقية وألا يصحبها أى تدخل فى الشأن الليبى أو تأثير على القرارات أو السياسات الداخلية أو الخارجية.
* لكن تثار من آنٍ لآخر أخبار أو مقولات عن الوجود العسكرى الغربى فى ليبيا، ومطالب بعض القوى الغربية ببناء قواعد عسكرية فى شرق البلاد تحديدًا، فهل هذا صحيح؟
- أؤكد أنه لا توجد قوات غربية أو قواعد عسكرية فى ليبيا تابعة للبلدان التى ساعدت ليبيا فى الخلاص من نظام القذافى، بحسب القرار الصادر عن الأمم المتحدة برقم 1973، ولم تفاتحنا دولة فى هذا الأمر، أو بالأدق لم نستجب لأى مطالب، ومن هنا أؤكد أن القصف القوى للعقيد وميليشياته وكتائبه كانت تتم عبر الطيران والقصف الصاروخى، حيث لم تحطّ هذه القوات أقدامها فى الأراضى الليبية، إلا فيما يتعلق بوصول مدربين من الجيوش الأوروبية قادرين على تأهيل الجيش الليبى عبر فرق التدريب المسموح لها بالحضور دون أن يعنى هذا قبولًا بمثل هذا الوجود.
* لكن دولا عربية أثارت غضبها إزاء هذا الأمر أمام القيادة الليبية، معلنة رفضها لأى وجود عسكرى غربى فى ليبيا؟
- هناك توافق تام بين ليبيا وكل من مصر وتونس والسودان، على تبنى مواقف موحدة من كافة القضايا، فيكفى أن الزيارات لا تتوقف من جانب مسئولين ليبيين رفيعى المستوى (وزراء دفاع وخارجية وداخلية، فضلًا عن رؤساء الأركان)، وهذا يعنى عدم وجود خلافات حول وجود عسكرى أجنبى فى ليبيا بأى شكل من الأشكال.
كعكة الإعمار
* محاولتك التقليل من أهمية هذا الأمر لا ينفى أن هناك أزمة شهدتها العلاقات المصرية الليبية فيما يتعلق بهذا الملف؟
- لا توجد أزمة بين القاهرة وليبيا فيما يتعلق بهذا الملف، فالعلاقات المصرية الليبية تمر بوضعية ممتازة، وليس أدل على هذا من الاجتماع الثلاثى الذى جمع وزراء خارجية مصر وليبيا وتونس، والمساعى لتطوير علاقات البلدان الثلاثة ومعهم السودان، لتجمع عربى قوى سياسى واقتصادى، بل إننى أؤكد أن العلاقات المصرية الليبية تسير فى وتيرة ممتازة، من قيام وزير الخارجية الليبى بأربع زيارات لمصر خلال فترة قصيرة، وكذلك قيام وزير الدفاع ورئيس الأركان الليبى بزيارة القاهرة لإجراء مباحثات، فضلًا عن أن الشركات والعمالة المصرية ستحصل على نصيب كبير من كعكة الإعمار فى ليبيا.
كما انه تم مؤخرًا اجتماعات بين مسئولين مصريين وليبيين بشأن مساهمة مصر فى الإعمار وإعطاء أولوية للشركات المصرية، وكذلك مساهمة لبيبا بمليارى دولار كوديعة فى البنك المركزى المصرى، والاتفاق أيضًا على تصدير نفط ليبى للقاهرة.. كل ذلك يؤكد سعى ليبيا للتعاون مع مصر والدول العربية أكثر من الغرب.
* كلما تفجرت أزمة فى ليبيا تم توجيه أصابع الاتهام لبلدان عربية وإفريقية؟
- لا أظن أن الدول الإفريقية يمكن أن تتآمر على وحدة ليبيا، ولكن هناك أمر يجب التشديد عليه، وهو أن معمر القذافى أسهم عبر تركته الثقيلة فى تسميم العلاقات الليبية الإفريقية، وأسس لنوع من العلاقات ابتعد بها عن جادة الصواب، بل إنه وعبر هذا النهج نجح فى إبعاد ليبيا عن محيطها العربى والإسلامى. وسأضرب لك مثالًا على كيفية تبديد العقيد القذافى للأموال الليبية، حيث أنفق ما يقرب من نصف مليار دولار على مشروع القمر الصناعى الإفريقى، بما يتساوى مع إسهام ما يقرب من 53 دولة إفريقية، وهو ما شكل عبئًا على ليبيا.
* إذن كيف ستتجاوزون هذه الأزمة؟
- سنسعى لبناء علاقات مع البلدان الإفريقية تقوم على الندية والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة وعلاقات الشراكة الاقتصادية، حتى لا تتحمل دولة واحدة كل هذا العبء، فى وقت لا يستفيد الاقتصاد الليبى من علاقات ليبيا بمحيطها الإفريقى، فنحن لن نظل نتحمل فواتير الأوضاع الاقتصادية المتعثرة لهذه البلدان، ومع هذا فإن هذا الأمر يحتاج لسنوات قبل أن نعيد العلاقات الليبية الإفريقية لمسارها الصحيح.
* وماذا عن العلاقة ملتبسة مع الجزائر؟
- علاقاتنا بالجزائر شهدت مأزقًا شديدًا منذ سقوط النظام السابق، رغم أن المجلس الانتقالى سعى للقضاء على هذه الهوة، إلا أن هذه الجهود لم تؤت ثمارًا حتى الآن، ونأمل أن تسهم الرؤية العقلانية من جانب الإخوة فى الجزائر لإعادة هذه العلاقات لمسارها الصحيح، فى ظل الصلات التاريخية والدينية، وأواصر الجوار التى تربط البلدين، لا سيما أن الحدود تفصل القبيلة الواحدة بين البلدين، ما يستوجب تطبيع هذه العلاقات بشكل فورى أو فى أقرب وقت.
* تعد قضية رفع الحظر عن الأموال الليبية المجمدة فى الخارج من الاختبارات الصعبة التى واجهت المجلس الانتقالى.. كيف ترى هذا الأمر؟
- هناك مئات المليارات من الأموال الليبية مجمدة فى الخارج، وهناك مبالغ طائلة رفع عنها هذا التجميد، غير أن الأموال التى عادت إلى ليبيا لم يتم التعامل معها بشكل شفاف، سواء من جهة إنفاقها أو البلدان التى أعادتها، ناهيك عن غياب النهج الإستراتيجى فى التعامل مع الاستثمارات الليبية فى الخارج، سواء فى القارة الإفريقية أو الدول العربية الشقيقة أو فى البلدان الأوروبية، فضلًا عن عدم التصدى لتهريب مليارات الدولارات من ليبيا، والتى سيصعب تتبعها وإعادتها لليبيا مرة أخرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.