تعاني العائلات الفلسطينية من الاحتلال وتوابعه من كل أنواع الظلم، ولكنّ العام الدراسي الجديد يستدعي فوق ذلك مزيداً من المتاعب، بما له من كلفة اقتصادية تثقل كواهل الكثيرين. وتشكو بعض العائلات الفلسطينية في الضفة الغربية من ضيق فرص العيش بالنسبة إليها، فمع حلول العام الدراسي الجديد وجدت تلك العائلات نفسها عاجزة عن دفع الرسوم المدرسية لأبنائها، في حين بدأت إدارات المدارس بناء على تعليمات إدارة التربية والتعليم بمطالبة الطلبة بدفع الرسوم، بينما أعفت الحكومة الشرعية الفلسطينية ذوي التلاميذ في قطاع غزة من رسوم المدارس. عباس لا يستجيب وبرغم النداءات والمنشدات العديدة عبر البيانات ووسائل الإعلام المختلفة، التي أطلقتها النقابات واتحادات العمال، لرئيس السلطة محمود عباس، من أجل إعفاء أبناء العمال من الرسوم بسبب البطالة وعلى خلفية أوضاعهم المعيشية الصعبة، الناجمة عن طوق الاحتلال وحصاره الذي رفع معدلات البطالة لأرقام فإنّ كلّ ذلك لم يحرِّك ساكناً لدى عباس وفريقه، رغم تدفق الأموال السخية من الجانبين الأمريكي والصهيوني على إدارته تحت الشعار الذي نحته المراقبون "تسمين الضفة"، والذي لا يوافق بحال ذلك "الهزال" الذي يلمسه المواطنون في كل جانب من جوانب حياتهم. لقد أثار بعض النقابيين والمدافعين عن حقوق العمال هذه القضية، ووجهوا كتباً رسمية لعباس وتشكيلة سلام فياض غير الدستورية، شرحوا لهم فيها واقع البؤس والمعاناة التي يعيشها العمال وفقراء المواطنين، خاصة بعد ارتفاع أسعار السلع الرئيسة. وطالب هؤلاء في نداءاتهم بشكل واضح بإعفاء أبناء العمال العاطلين عن العمل من الرسوم المدرسية، وهو ما لم يلق آذاناً صاغية رغم مضي أيام على افتتاح المدارس وتراكم الاستحقاقات. صور من المعاناة ويقول المواطن الفلسطيني ناصر سليم إنّ الأمر يمثل "مأساة حقيقية، ولا ادري كيف أحلّها، لديّ ستة أبناء في المدرسة وقد وفّرت لهم الحقائب من إحدى الجمعيات الخيرية التي نفذت ذلك بالرغم من قرار فياض إغلاقها، بارك الله فيها وبالقائمين عليها". ويضيف الوالد المثقل بالأعباء "إنني عاجز عن دفع القسط، والمدرسة يومياً تطالب الطلبة بذلك، ولا يوجد لديّ إمكانية لدفع شيكل واحد، فمنذ طردي من العمل في تل أبيب (تل الربيع) قبل أربع سنوات وأنا أعاني من البطالة، وأحياناً أعمل بالمياومة (خدمة تعاقدية يومية)، وبالكاد أوفر لقمة أبنائي"، معرباً عن مشاعره بالقول "إنني أشعر بحزن لعجزي أمام أبنائي". وتنتاب التلاميذ والتلميذات حالة من الحرج والتململ إزاء المطالبات بالدفع، بما يصل إلى حد التشكي والبكاء أحياناً. ففاطمة، ابنة العشر سنوات، تبكي بحسرة ومرارة وهي تقول لوالدتها إنّ "المعلمة تخجلني وأشعر بالإهانة كلما طلبت مني الرسوم المدرسية، وقالت لن أذهب للمدرسة دون الرسوم". وفي واقع الأمر؛ فإنّ المعلمات والمعلمين مطالبون بالالتزام بقرار "التربية والتعليم" في الضفة الغربية، ويطلبن من التلاميذ والتلميذات إحضار الرسوم "وإلاّ ..". وبلغ الأمر أن قامت إحدى المعلمات بضرب بعض التلميذات لأنهن لم يحضرن الرسوم. العمال لا بواكي لهم ولم يصدر قرار عن فريق عباس بإعفاء عائلات العمال من الرسوم العالية في ظل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة الحالية، وهو ما تعلق المواطنة "أم أحمد" عليه بالقول "هناك من يقول إنّ الكل يبكي للموظفين إذا تأخرت رواتبهم، أما نحن فلا بواكي لنا". وقال العامل الفلسطيني خليل محمود، "في غزة قام الرئيس هنية بإلغاء الرسوم الدراسية، وهي (القطاع) التي تعاني من الفقر والقتل اليومي، أما عندنا فعلى ما يبدو أنّ السلطة غير شبعانة من الفلوس، والتخمة ضربتها ولا أحد يجرؤ على الكلام".