أصبح من شبه المؤكد أن يصبح عبد الله جول وزير الخارجية التركي رئيسا للبلاد الاسبوع القادم لتكتمل بذلك هيمنة حزب العدالة والتنمية ذي الجذور الإسلامية على كل المناصب الرئيسية في الدولة رغم المعارضة القوية التي لقيها من جنرالات الجيش التركي القوي. ودخلت تركيا التي تسعى للحصول على عضوية الاتحاد الاوروبي في محنة سياسية منذ ابريل نيسان الماضي منذ ان رشح حزب العدالة والتنمية الحاكم جول وهو دبلوماسي يحظى باحترام لشغل منصب الرئيس. وكتب محمد علي بيراند الصحفي التركي البارز يقول "انتخابه رئيسا شيء جيد ومضمون. في الاسبوع القادم (يوم 28 اغسطس) سيحصل على الاصوات المطلوبة وسيؤدي اليمين الدستورية بسرعة البرق في نفس اليوم." وعارض الجيش التركي القوي الذي أطاح بأربع حكومات منذ عام 1960 وأيضا النخبة العلمانية القوية جول بسبب ماضيه الاسلامي ولان زوجته محجبة وهو شيء يستفز العلمانيين. وتركيا التي يعيش فيها 74 مليونا غالبيتهم مسلمون تطبق دستورا علمانيا. ويتهم العلمانيون حزب العدالة والتنمية بمحاولة انهاء الفصل القائم بين الدين والدولة والمطبق منذ قيام الجمهورية عقب انهيار الامبراطورية العثمانية. وينفي الحزب الحاكم الذي يتزعمه رجب طيب اردوغان رئيس الوزراء ذلك. ونجحت النخبة العلمانية التي تضم جنرالات الجيش الاقوياء والقضاة ورؤساء الجامعات ومسؤولين اخرين في تعطيل انتخابات الرئاسة في ابريل نيسان ورد أردوغان على ذلك بالدعوة لاجراء انتخابات مبكرة يوم 22 يوليو تموز والتي فاز فيها بسلاسة حزب العدالة والتنمية وهو حزب يمين وسط تدعم سياسته قطاع الاعمال. وبعد الانتخابات بدأ البرلمان الجديد المنتخب جولة جديدة لانتخاب رئيس للبلاد من بين ثلاثة مرشحين يتصدرهم جول ليحل الرئيس الجديد محل الرئيس التركي الحالي أحمد نجدت سيزر وهو علماني. وفشل البرلمان في انتخاب جول من الجولة الاولى التي جرت يوم 20 أغسطس ويجري البرلمان اليوم 24 اغسطس اب الجولة الثانية من التصويت لكن من غير المرجح فوز جول قبل الجولة الثالثة التي تجري يوم 28 اغسطس والتي يحتاج فيها لاغلبية بسيطة ليفوز بالمنصب.. ويشغل حزب العدالة والتنمية الحاكم 341 مقعدا من مقاعد البرلمان التركي وعددها 550 . وفي حالة فوز جول كما هو متوقع ستكون هذه هي المرة الاولى في تاريخ تركيا الحديث التي يذهب فيها منصب الرئيس لاسلامي سابق. وفي تركيا تمسك الحكومة بزمام معظم خيوط السلطة لكن الرئيس يمكنه استخدام حق النقض (الفيتو) لابطال القوانين وابطال تعيين مسؤوليين كما يقوم بتعيين القضاة. ولمنصب رئيس تركيا ثقلا معنويا خاصا لان أول من شغله كان مصطفى كمال اتاتورك الزعيم العلماني ومؤسس تركيا الحديثة، ويتخوف العلمانيون من فكرة مجيء زعيم له ماض اسلامي ليصبح رئيس الدولة ورئيس هيئة الاركان لثاني أكبر جيش في منظمة حلف شمال الاطلسي. ويقول جول ان على الناس ان يحكموا على سجله العملي حيث ساهم في دخول تركيا في محادثات مع الاتحاد الاوروبي لحصولها على عضويته كما حسن سجل تركيا في مجال حقوق الانسان. وتعهد جول بان يكون رئيسا لكل الاتراك وأعلن انه سينسحب من عضوية حزب العدالة والتنمية في حالة انتخابه رئيسا للبلاد. ويتوقع المحللون ان يراقب الجيش التركي والعلمانيون عن كثب اداء جول في المنصب الجديد وما اذا كانت زوجته سترتدي الحجاب في المناسبات العامة. وتحظر تركيا ارتداء الحجاب في المكاتب العامة والجامعات وأيضا ظهوره غير معتاد في حفلات الاستقبال التي تقام في قصر الرئاسة التركي. كما ان اداء جول كرئيس قد يؤثر أيضا على الجدل الدائر بين الذين يريدون ابقاء الفصل بين الدين والدولة وبين الطبقة الوسطى الاكثر ميلا الى ادخال الدين في الحياة العامة والتي ترعرت تحت قيادة حزب العدالة والتنمية وتريد ارخاء القيود المفروضة على الرموز الدينية. وكتب بيراند يقول "على جول ان يهرول جيئة وذهابا بين جانبين مختلفين... اي انه سيكون عليه حرفيا ان يسير على حبل مشدود." وتراقب أوروبا ومنطقة الشرق الاوسط انتخابات الرئاسة التركية عن كثب لدور تركيا الاستراتيجي في المنطقة المضطربة. وقال انور ابراهيم وهو سياسي ماليزي بارز من المعارضة لصحيفة تودايز زمان "اذا تدخل الجيش (التركي) ستكون الرسالة للعالم الاسلامي واضحة...طريق الديمقراطية طريق مسدود."