التنسيقية: تصويت المصريين بالخارج يشمل الجالية في جوبا بجنوب السودان    إدراج 29 جامعة مصرية في نسخة تصنيف QS للاستدامة    وزير الموارد المائية يتابع مشروع تطوير منظومة الري والصرف للحفاظ على التوازن البيئي في واحة سيوة    البيضاء تواصل الانخفاض، أسعار الفراخ اليوم الجمعة 21 نوفمبر 2025    أمين الأعلى للآثار: 350 بعثة محلية وأجنبية لاكتشاف وترميم الآثار المصرية    ألمانيا: خطة ترامب لإنهاء الحرب في أوكرانيا ليست نهائية    ارتفاع حصيلة وفيات الفيضانات والانهيارات الأرضية في فيتنام إلى 43 شخصا    تليجراف: ستارمر على وشك الموافقة على إنشاء سفارة صينية عملاقة جديدة فى لندن    طاقم تحكيم مباراة الزمالك وزيسكو في الكونفدرالية يصل القاهرة    جوارديولا: هالاند يستحق التواجد في كأس العالم    23 لاعبًا في قائمة الأردن النهائية لبطولة كأس العرب    وصول حكام مباراة الزمالك وزيسكو إلى القاهرة    في 4 مناطق.. الجيزة تبدأ تنفيذ خطة بديل التوكتوك بسيارات صغيرة «أكثر أمانا وحضارية»    انهيار عقار مكون من 4 طوابق في الإسكندرية.. صور    قائمة بنوك تتلقى رسوم حج القرعة 2026.. اعرف التفاصيل    ضبط محلات لم تلتزم بالإغلاق.. 118 مخالفة خلال 24 ساعة    من ذا فويس إلى أزمة نسب.. القصة الكاملة لاتهام شاب بادعاء صلة قرابة مع محمد فوزي    فى ندوة اغتراب.. المخرج مهدى هميلى: أهدى هذا الفيلم إلى روح أمى    جامعة القاهرة: أصداء إعلامية عالمية واسعة للزيارة التاريخية للرئيس الكوري الجنوبي    السفير ياسر شعبان: إقبال جيد من الجالية المصرية فى عُمان على تصويت الانتخابات    تعرف على سر سورة الكهف.. وفضل قراءة السورة يوم الجمعة❤️    أفضل وقت لقراءة سورة الكهف يوم الجمعة وفضلها العظيم    سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم" أذكار الجمعة التي تغيّر يومك للأفضل    وزير الصحة يتابع معدلات الإنجاز ل46 مشروعا صحيا في 11 محافظة    مبادرة "انت الحياة".. جامعة بنها و"حياة كريمة" ينظمان قوافل طبية وتوعوية بمنشأة ناصر    بورسعيد الأعلى، جدول تأخيرات السكة الحديد اليوم الجمعة    بقيادة ميسي.. إنتر ميامي يفتتح ملعبه الجديد بمواجهة أوستن    "المهن التمثيلية" تحذر من انتحال اسم صناع مسلسل "كلهم بيحبوا مودي"    فيرناندينيو قائد مانشستر سيتي السابق يعلق حذاءه    حملة مكبرة لإزالة الإشغالات وتعديات الباعة الجائلين بشوارع منفلوط فى أسيوط    في عيد ميلادها.. جارة القمر فيروز كما لم تعرفها من قبل.. تعتني بابنها المعاق وترفض إيداعه مصحة خاصة    النشرة المرورية.. سيولة بحركة السيارات بمحاور القاهرة والجيزة    فرنسا تطالب مواطنيها التأهب لحرب مع روسيا: استعدوا لخسارة الأبناء    فيديو| ضحايا ودمار هائل في باكستان إثر انفجار بمصنع كيميائي    "القومي لعلوم البحار" يشارك في وضع إعلان بليم للمحيط COP 30    إنشاء محطة الصب الجاف النظيف بميناء الدخيلة.. صور    الرئيس الفنزويلي يأمر بنشر أسلحة ثقيلة وصواريخ على سواحل الكاريبي ردا على تحركات عسكرية أمريكية    الجالية المصرية بالأردن تدلي بأصواتها في المرحلة الثانية لانتخابات النواب    شهيدان بنيران الاحتلال خلال اقتحام القوات بلدة كفر عقب شمال القدس المحتلة    مصادر: انتهاء استعدادات الداخلية لتأمين المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب 2025    أخبار مصر: مصير طعون إلغاء الانتخابات، تفاصيل اعتداء 4 عاملين بمدرسة دولية على 6 تلاميذ، أبرز بنود خطة السلام في أوكرانيا    بورصة وول ستريت تشهد تقلبات كبيرة    رئيس الطائفة الإنجيلية يشارك في الاحتفال بمرور 1700 على مجمع نيقية    خبيرة فرنسية: زيارة زيلينسكي إلى باريس ضارّة بمصالح فرنسا    تحذير جوي بشأن طقس اليوم الجمعة.. خد بالك من الطريق    الصحة العالمية: اللاجئون والنساء أكثر عُرضة للإصابة ب«سرطان عنق الرحم»    أستاذ طب الأطفال: فيروس الورم الحليمي مسؤول عن 95% من حالات المرض    بركات: هجوم غير مبرر على حسام حسن.. وتجارب المنتخب جزء من الاستعداد    زد يفاوض كهربا للعودة للدوري المصري عبر بوابته (خاص)    محمد منصور: عملت جرسونا وكنت أنتظر البقشيش لسداد ديوني.. واليوم أوظف 60 ألفا حول العالم    أوقاف القاهرة تنظّم ندوة توعوية بالحديقة الثقافية للأطفال بالسيدة زينب    رئيس مياه البحيرة يتابع الموقف التنفيذي لمشروعات «حياة كريمة»    المتحف المصري يفتح أبوابه لحوار بصري يجمع بين العراقة ورؤى التصميم المعاصر    خاص| عبد الله المغازي: تشدد تعليمات «الوطنية للانتخابات» يعزز الشفافية    التنسيقية: فتح باب التصويت للمصريين بالخارج في أستراليا بالمرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب    القرنفل.. طقس يومي صغير بفوائد كبيرة    هل التأمين على الحياة حلال أم حرام؟.. أمين الفتوى يجيب بقناة الناس    هل عدم زيارة المدينة يؤثر على صحة العمرة؟.. أمين الفتوى يوضح بقناة الناس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخوف على أردوغان
نشر في الشعب يوم 11 - 08 - 2007


الياس حرفوش
لا اعتقد أن الخوف مبرَّر من النجاح الكبير الذي حققه رجب طيب اردوغان وحزبه في الانتخابات التركية. لكن الخوف مبرر جداً على اردوغان وتجربته، تجربة الحكم الاسلامي المعتدل القادر على التعايش مع انظمة بلد طغت عليه احكام علمانية متشددة، على مدى ثمانية عقود.

كُتب الكثير عن هذه التجربة وعن مدى اختلاف اردوغان عن اسلافه في الحركات الاسلامية التركية، خصوصاً عن معلمه ووالده الروحي نجم الدين اربكان، الذي انتهى الى الاصطدام بالجيش وبباقي الاحزاب والقيادات السياسية، وبتشقق حركته وانقسامها على نفسها. وساد هذه التعليقات «تفاؤل» باختلاف «العدالة والتنمية» عن «رفاقه» في العالم العربي، الذين يسعون الى تسلق سلم الديموقراطية، وصولاً الى السيطرة الشاملة على كل المقدرات. لكن الاندفاع الذي اظهره اردوغان نحو اعتبار الاصوات التي حصل عليها والنسبة التي كسبها (47 في المئة) بمثابة تفويض من الناخبين للسيطرة على كل المؤسسات بدءاً من رئاسة الجمهورية، يجعل التخوف من خيبة الامل في محله. فاذا كان اردوغان حريصاً فعلاً على تجنب الاصطدامات السياسية وعلى الاسس العلمانية للدولة وعلى متابعة برنامجه الاصلاحي الاقتصادي الذي يلاقي استحساناً في الداخل والخارج، فليس هناك ما يبرر اصراره على خوض المعركة الرئاسية بمرشح الحزب عبدالله غل، في الوقت الذي يتمتع رئيس الحكومة بصلاحيات واسعة، بينما منصب رئيس الجمهورية هو منصب تشريفي، دوره الاساسي حماية المؤسسات وصون قيمها العلمانية... الا اذا كانت عين اردوغان وحزبه على هذه القيم بالذات، الامر الذي سيدفعه الى مواجهة شبه أكيدة مع مؤسسات المجتمع المدني ومع سائر الاحزاب، فضلاً عن قيادات الجيش التي لم تخف امتعاضها من فوز اردوغان.

مصدر التخوف الآخر على تجربة اردوغان يعود الى طبيعة التحالفات التي سينسجها لتحقيق هدفه. فقد فشل في الفوز بمنصب الرئاسة مع نهاية ولاية الرئيس الحالي أحمد نجدت سيزر، لأنه كان يفتقر الى نسبة الثلثين الضرورية للنصاب القانوني لجلسة الانتخاب. ومع أنه لا يزال يفتقر الى هذه النسبة في المجلس الجديد، فإن العرض الذي جاءه من الحزب اليميني (الحركة القومية)، الذي له 70 نائباً، بالاستعداد لحضور الجلسة وتوفير النصاب، يطرح اسئلة لها مبرراتها في حال قبل اردوغان بهذا العرض. ما هو مدى التزامه بالمبادئ في العمل السياسي، عندما يرضى بالتحالف الانتخابي مع حزب هو الاكثر تطرفاً على الساحة التركية، من اجل ايصال مرشحه الى الرئاسة؟ وما هو الثمن الذي سيدفعه من اجل ذلك؟ لقد حصد هذا الحزب اليميني، شبه الفاشي، نسبة استثنائية من الاصوات، (14 في المئة)، على اساس برنامج انتخابي ألقى الذعر بين مؤيديه من اتجاه حزب اردوغان الى «اسلمة» تركيا. كما أنه يدعو الى قطع المفاوضات مع اوروبا واعادة الامجاد السالفة عبر استعادة «الامة التركية» لأراض تعيش فيها اقليات تركية في آسيا الوسطى ومناطق القوقاز وشمال غربي ايران وصولاً الى الصين، الى «الوطن الام». كيف سيوفق اردوغان بين هذه المواقف وخطابه المتكرر عن احترام الديموقراطية وسعيه الى ربط تركيا بالاتحاد الاوروبي، فضلاً عن التصاقه بقواعده الاسلامية التي لم تحسم نهائياً مسألة الولاء الى «الامة التركية» على حساب محيطها وتراثها الاسلاميين؟

يدفع هذا الى التخوف الثالث على اردوغان «الديموقراطي». فهو اذ يسعى الى حل مأزق التعايش مع العلمانية يقدم نفسه بثوب الحريص على الحريات الشخصية والعامة. فهو ينظر الى القوانين التي سنتها الحكومات «الاتاتوركية» المتعاقبة، والمتعلقة بالشعائر الدينية والاختلاط ومنع الحجاب وما الى ذلك، باعتبارها اعتداء على حريات الافراد في ممارسة ما ينسجم مع قناعتهم واختياراتهم الفردية. ويشكو مثلاً أنه بسبب منع الطالبات من متابعة دروسهن في الجامعات التركية اذا كن يرتدين الحجاب، اضطر الى ارسال بناته لمتابعة دراستهن في الخارج. غير أن سجل علاقة اردوغان بالحريات الشخصية واحترام حق الآخرين في الاختلاف، عندما كان رئيساً لبلدية اسطنبول، ليس سجلاً ناصعاً. صحيح أنه اعطى تلك المدينة الجميلة حلة اكثر اشراقاً، فأشرف على تنظيف وتوسيع حدائقها العامة ونفذ مشاريع عمرانية متطورة فيها. لكنه الى جانب ذلك، حد من الكثير من النشاطات التي كانت تحفل بها اسطنبول والتي لا تتفق مع الافكار والمبادئ الاسلامية لحزبه. وقد يقال إن الرجل منسجم مع نفسه في إدخال تلك القوانين، لكن بين ذلك وقوله باحترام الحريات الشخصية مسافة لا بأس بها.

الخوف على تجربة اردوغان مبرَّر. انها التجربة الاسلامية الناصعة شبه الوحيدة بين ما يحيط بنا من تجارب مأسوية. واذا لم يثبت الرجل نضجاً في التعاطي مع الوضع التركي والحساسيات التي تحيط به، فإنها معرضة للانهيار، ومعها الرصيد الذي بنته تركيا، وبفضل اردوغان، في العالم العربي والاسلامي. اما العلاقة بأوروبا فستؤول حتماً الى الانهيار اذا وقع الانقلاب الذي يتخوف منه كثيرون على العملية الديموقراطية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.