أقدمت مجموعة من المغتصبين الصهاينة فجر اليوم الثلاثاء على إحراق أحد المساجد في مدينة الخليل الواقعة جنوب الضفة الغربية في جريمةٍ صهيونيةٍ جديدةٍ ضد المقدسات الإسلامية في الأراضي الفلسطينية. وأشارت الأنباء إلى أن عشرات المغتصبين قاموا بإحراق أحد المساجد في شارع السلة بالبلدة القديمة في الخليل. وكان رجال الإطفاء الفلسطينيون قد توجَّهوا إلى مكان الحادث لإخماد الحريق لكن المغتصبين تعرضوا لهم فقذفوهم بالحجارة مما دفع رجال الإطفاء إلى مطالبة جيش الحرب الصهيوني بالتدخُّل لوقف الاعتداءات فكان جواب جيش الاحتلال هو مطالبة رجال الإطفاء بإخماد الحريق!! ولا تُعَدُّ هذه هي المرة الأولى التي يتعرَّض فيها مسجدٌ أو أيٌّ من المقدَّسات الإسلامية للاعتداء على يد المغتصبين الصهاينة في الضفة حيث تعرَّض مسجد آخر قبل يومين للإحراق على يد مغتصبين أيضًا كما تعرضت العديد من المقابر الإسلامية- بعضها أثري- إلى التخريب على يد المغتصبين. ولم تقتصر الانتهاكات الصهيونية على المغتصبين حيث قامت قوات الاحتلال أمس باعتقال 15 فلسطينيًّا من المقرَّبين من حركة المقاومة الإسلامية حماس خلال حملة اعتقالات في قرية الشيوخ شمال مدينة الخليل أيضًا. وقالت النائبة سميرة الحلايقة- عضو كتلة التغيير والإصلاح البرلمانية التابعة لحماس- قولها إن عدد الجنود المشاركين في عملية الاعتقال كان بالمئات مشيرةً إلى أن المنطقة التي شملتها الاعتقالات تخضع لسيطرة صهيونية كاملة حيث حظر جيش الاحتلال على عناصر الأجهزة الأمنية الفلسطينية دخولها دون تنسيق مسبق!! كما أعلنت الإذاعة الصهيونية أن قوات الاحتلال العاملة في الضفة اعتقلت 13 مطلوبًا فلسطينيًّا من مدن نابلس وقرى رام الله وطولكرم في حملة اعتقالات بدأت الليلة الماضية واستمرت حتى فجر اليوم. وفي الضفة أيضًا ظهر دليل جديد على سيطرة التيار المتطرف داخل المؤسستَين السياسية والعسكرية الصهيونية عبر الكثير من القادة السياسيين والدينيين عن تأييدهم للجنود الذين يرفضون المشاركة في عمليات الإخلاء التي يقوم بها الجيش للمغتصبين الذين يتجهون للإقامة في عدد من المغتصبات التي سبق أن أخلاها الصهاينة لأنها "غير شرعية"!! وفي آخر أوجه لذلك الدعم أعرب زفي هاندل- النائب في الكنيست- عن دعمه الجنود الذين رفضوا المشاركة في عملية إخلاء بعض المغتصبين من منزلَين في الخليل فجر اليوم. وقال هاندل – بحسب هيئة الإذاعة البريطانية - أعتز بأن لدينا جنودًا يفكرون قبل أن يطيعوا أوامر غير قانونية ويرفضون المشاركة في لعبة سياسية. وقد وقعت اشتباكات بين المغتصبين والجيش الصهيوني حيث أصيب 4 جنود صهاينة خلال تلك المصادمات إلا أن الجيش الصهيوني- الذي شارك المئات من جنوده في العملية- لم يقم باعتقال أيٍّ من المغتصبين. وفي قطاع غزة أعلن أبو عبيدة- المتحدث باسم كتائب الشهيد عز الدين القسام - الجناح العسكري لحماس- أن الكتائب عثرت على وثائق تُثبت تورُّط أجهزة الأمن التابعة لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في البحث عن الجندي الصهيوني جلعاد شاليت الأسير لدى المقاومة منذ 25 يونيو من العام 2006م. وقال أبو عبيدة إن الكتائب تمتلك الأدلة الكافية التي تُثبت تورط الأجهزة في البحث عن شاليت وتُثبت نشاطها الكبير الذي فاق العملاء الذين جنَّدتهم دولة الاحتلال من أجل التجسُّس على المقاومة كما أوضح أن الأجهزة الأمنية كانت تقوم بدور التجسُّس والعِمالة بشكل رسمي ومنظَّم من أجل الوصول إلى معلومة عن شاليت. وفي هذه الأثناء أشارت وسائل الإعلام الصهيونية إلى أن المفاوضات غير المباشرة بين حماس والكيان الصهيوني لإطلاق الجندي قد عادَت عبر الوسَاطة المصرية بعد أن كانت قد توقَّفت لفترة من الوقت بعد أحداث غزة كما كانت قد مرَّت قبل ذلك بفترة من التعثُّر؛ لرفض الصهاينة منح الفلسطينيين الضمانات الكافية لإطلاق سراح الجندي. ويدور الحديث عن مطالبة المقاومة بالإفراج عن حوالي 1000 أسير فلسطيني مقابل إطلاق شاليت على أن يتم ذلك وفق 3 مراحل تتسلَّم مصر في أولاها شاليت ويتم إطلاق دفعة من الأسرى فيما يتوجه شاليت إلى الكيان في المرحلة الثانية مقابل دفعة جديدة على أن تكون المرحلة الثالثة عبارةً عن إطلاق باقي عدد الأسرى المتفَق عليه مع حماس. وفي سياق آخر شهدت منطقة أبراج الندى- الواقعة شمال قطاع غزة- اليوم انفجارًا غامضًا راح ضحيته طفلة وشقيقها دون أن ترِدَ أنباء عن أسباب وقوع ذلك الانفجار أو الحصر الكامل للخسائر التي سبَّبها. كما استشهد شاب فلسطيني إثر إصابته بنيران القوات الصهيونية فيما استشهدت سيدة مسنة جراء ممارسات الاحتلال التي تقيد تحركات المرضى الفلسطينيين. وقالت مصادر فلسطينية إن الشاب محمد عريب المالوخ توفي متأثرا بجروحه التي أصيب بها جراء إطلاق قوات الاحتلال النار عليه قبل أربعة أيام على حاجز عطارة شمال رام الله بالضفة الغربية. واستشهدت السيدة كاملة إبراهيم محمود كبها (65 عاما) في وقت متأخر أمس بعدما منعتها قوات الاحتلال من الخروج إلى مستشفى جنين الحكومي إثر إصابتها بجلطة مفاجئة، كما منعت سيارة الإسعاف من إنقاذها, ما أدى إلى وفاتها عند الحاجز.
من ناحية أخرى فقد انتهى اللقاء الذي جمع بين عباس ورئيس الحكومة الصهيونية إيهود أولمرت اليوم في مدينة أريحا بالضفة الغربية بلا أية نتائج تُذكر حيث تم الاتفاق بين الجانبين على الاجتماع من جديدٍ لبحث كيفية تأسيس دولة فلسطينية وهو البند الذي كان من المفترض مناقشته في ذلك الاجتماع والتوصل فيه إلى إعلان مبادئ بهذا الشأن. وعلى الرغم من أن أولمرت قال قبل بدء الاجتماع إنه يريد بحث "قضايا جوهرية" اليوم إلا أنه بعد انتهاء الاجتماع قال لعباس إنه يريد مناقشة ملف إقامة الدولة الفلسطينية "في أقرب وقتٍ ممكن" بينما امتنع الفلسطينيون عن التعليق عمَّا جاء في الاجتماع!!! وتتناقض هذه النتائج مع ما سبق أن أعلن عنه مسئولون فلسطينيون وصهاينة من أن اللقاء سوف يُركِّز على كيفية إقامة دولة فلسطينية والتحرك على طريق تخفيف القيود المفروضة على الفلسطينيين في الضفة الغربية وإزالة الحواجز العسكرية وهي نفس الوعود التي تلقاها عباس في لقاءاته مع أولمرت في السابق. وشكك الكثير من المراقبين في إمكانية قيام أولمرت بأية خطوات جوهرية نحو تسوية القضية الفلسطينية بصورة تستجيب للقرارات الدولية حيث يمر أولمرت في الفترة الراهنة بظروفٍ سياسية عسيرة بسبب صدور تقرير "لجنة فينوجراد" الخاص بالحرب على لبنان والذي وجه له اتهامات قوية بالتقصير مما يعني أنه حتى في حالة رغبة أولمرت القيام بأية خطوات إيجابية على طريق التسوية فإنه لن يكون قادرًا على القيام ب"مغامرات سياسية" من وجهة النظر الصهيونية لأن ذلك قد يودي به إلى خارج منصبه!! وقد أسفر الاجتماع عن الاتفاق- وفق بعض المصادر الفلسطينية والصهيونية- على عقد لقاءات قادمة والموافقة الصهيونية على عودة الفلسطينيين المبعدين من الضفة الغربية إلى قطاع غزة والدول الأوروبية إلى ديارهم في الضفة إلى جانب الاتفاق على زيادة التعاون الأمني بين الجانبين، وهو ما يعني "العمل المشترك" بين السلطة والكيان ضد المقاومة. وبذلك يكون الاجتماع قد انتهى دون أية نتائج؛ حيث لم يتم التوصل إلى إعلان مبادئ أو أية نقاط أخرى من التي كانت السلطة تطالب بها مثل العودة إلى أوضاع ما قبل انتفاضة الأقصى في أكتوبر من العام 2000م بحيث تنسحب قوات الاحتلال من المناطق التي دخلتها بعد اندلاع الانتفاضة، كما وضح أن عباس فشل في دفع أولمرت لمناقشة قضايا الحدود واللاجئين والقدس، وهي القضايا التي يُطْلَق عليها قضايا "الوضع النهائي"؛ حيث كان الصهاينة قد شددوا على أنهم لن يناقشوا تلك القضايا في اجتماع اليوم. وقد وجهت العديد من الأطراف الفلسطينية انتقاداتٍ حادة إلى الاجتماع؛ حيث أكد رئيس حكومة الوحدة الفلسطينية إسماعيل هنية أن اللقاءات الفلسطينية الصهيونية تتم وفق خطة أمريكية لتصفية القضية الفلسطينية. وقال هنية في مؤتمرٍ صحفي في غزة: إن "اللقاءات التي تجري بين المسئولين الفلسطينيين والمسئولين الصهاينة هي خطة أمريكية قاضية بتحشيد المنطقة العربية وإغلاق الملف الفلسطيني؛ وذلك لصالح شن حروب أو معارك جديدة على دول إسلامية أو دول جديدة في هذه المنطقة". وأضاف أن هذا المخطط الأمريكي هو "شرك خطير"، محذرًا من الانزلاق فيه، كما أوضح أنه "نعتقد أنه لا أثمان سياسية من وراء هذه الاجتماعات، وأنَّ الخطوط الحمر الإسرائيلية ما زالت نافذةً أمامنا"، مشددًا على أن الوحدة السياسية الفلسطينية هي الطريق الوحيد لاستعادة الحقوق الفلسطينية. كما قال عزت الرشق- عضو المكتب السياسي لحركة حماس-: إن تلك اللقاءات هدفها عزل الحركة، مشيرًا إلى أن أمثال ذلك الاجتماع تعقد بغطاء أمريكي لتمرير اتفاق مؤقت وليس نهائيًّا، وأكد الرشق أن مجريات الأمور توضح أن عباس رضخ للمخططات الصهيونية والأمريكية. من جانبها كان رد حركة الجهاد الإسلامي ميدانيًّا حيث قصفت مغتصبة سديروت بصاروخين من طراز "قدس 3" ردًّا على اتفاق أولمرت وعباس على تفعيل التعاون الأمني بين الجانبين. هذا وقد أكد عدد من الخبراء والمتخصصين في الشأن الفلسطيني أن الأزمة الأخيرة التي شهدتها الساحة سياسية بالدرجة الأولى وأنه تمَّ اتخاذ القانون مطيةً لها حيث أُسيء استخدامه بل وتجاوز مبادئ القانون الأساسي من جانب عباس . أوضح محمد فرج الغول رئيس اللجنة القانونية بالمجلس التشريعي الفلسطيني- خلال ندوةٍ بنقابة محامي مصر- أن ما أحدثه ترزية القوانين من خروقاتٍ كان مجزرةً كبيرةً ضد القانون الأساسي. وفنَّد أوجه تجاوز القانون الأساسي من جانب أبو مازن والخروقات التي ارتكبها في المراسيم الأخيرة من إقالة حكومة الوحدة وتعيين حكومة طوارئ والدعوة لانتخاباتٍ مبكرة، فضلاً عن تضييق الخناق على قطاع غزة وحصار حركة حماس عبر التمييز بين المواطنين الفلسطينيين في الضفة والقطاع في الرواتب والضرائب لصالح سكان القطاع، وعلى حساب سكان غزة، مؤكدًا أن الموضوعَ سياسيٌّ وليس قانونيًّا. وقال: إن شياطين القانون أرادوا تجاوز القانون الأساسي ونسفوه نسفًا لدرجة أنهم ارتكبوا مجزرةً عندما تجرَّأ الرئيس أبو مازن على تعليق مواد القانون الأساسي 65 و66و67 و79، مشيرًا إلى أنه يلمس المؤامرة على القضية الفلسطينية من خلال الاعتراف بحكومة الطوارئ برئاسة سلام فياض. وأضاف د. عبد الحميد الغزالي- أستاذ الاقتصاد الإسلامي- أنه لا يجب أن ننظر للأزمة الفلسطينية من منطلق الهوى أو الانتماء السياسي، إلا أنه لا يمكن التخلص من الهوى تجاه القضية الفلسطينية، مشيرًا إلى أننا أمام مفترق طرق، وأنه كم من الجرائم تُرتكب باسم المشروعية المزيفة، موضحًا أنَّ ما حدث يُمثِّل عدمَ اكتراثٍ بالمرةِ بالقانون أو الدستور؛ لأن كل القرارات التي اتخذها أبو مازن غير شرعية، مؤكدًا أن الحل يكمن في الحوار مع العقلانيين من حركة فتح على أساس احترام الشرعية والدستورية القانونية، بالإضافة إلغاء كل القرارات التي اتخذت أثناء الأزمة. وأكد د. أحمد أبو بركة- عضو الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين- أنه بالرغم من أن الأزمة سياسية إلا أن القانون كان مطيةً لها رغم أن المشروعية الداخلية في فلسطين منذ صدور القانون الأساسي كانت محل اتفاقٍ كاملٍ حتى في حالة الصراع بين الفصائل، موضحًا أن القانون الأساسي يؤسس لمبدأ سيادة القانون والشعب. وقال إن المربع صفر في القضية هو الفلتان الأمني الذي كان مُفجرًا للأحداث، كاشفًا النقاب عن أن هناك اختصاصًا أصيلاً بمسئولية الحكومة وليس السلطة التنفيذية في حفظ النظام العام والأمن الداخلي، كما جاء في نص المادة 69 من القانون أيضًا إنشاء وإلغاء كافة السلطات والهيئات من اختصاص الحكومة وليس الرئيس حتى أمن الرئاسة فيما يتعلق بالإدارة والمراقبة والإنشاء والإشراف من اختصاص رئيس الوزراء وليس الرئيس، مشيرًا إلى التوازن والتلازم الذي أحدثته المادتان 74 و74 من مساءلة رئيس الحكومة أمام الرئيس من منطلق مبدأ توزيع السلطات. وأشار د. محمد البلتاجي- الأمين العام للكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين- إلى أنَّ ما حدث في قطاع غزة في الفترة الأخيرة جزءٌ من حركة تصحيح، مؤكدًا أن الأزمة في الوطن العربي كله؛ حيث أصبح هناك مشروعان.. إما الانبطاح للمشروع الصهيوأمريكي، وهو المشروع الذي تتبناه الأنظمة العربية التي لا ترى حلاًّ ولا أملاً إلا من خلال العمل كموظفين للإدارة الأمريكية في المنطقة، وإما البقاء في خندق المقاومة، وهو ما اختارته الشعوب التي رفضت المشروع الصهيوأمريكي، مشيرًا إلى أن الحل يكمن في ضخِّ وتفعيل زخم مشروع الأمة والشعوب.