نطالب بالاستمرار في مبادرة تعديل المواد الأساسية فى الدستور ومنح العلمانيين كافة ضمانات نزاهة الانتخابات الإخوان ستتحمل وزر الحكومة الضعيفة برئاسة هشام قنديل ..وعلى مرسي تشكيل حكومة جديدة
الفساد لازال " معشش " ف الوزارات ويجب تطهير كل مؤسسات الدولة منه وعلى رأسها " الداخلية "
الأولوية القصوى الآن لإعادة تشكيل السلطة القضائية وفقاً لمواد الدستور الجديد
يا شعب مصر العظيم
تمر ثورتنا المجيدة بمنعطف تاريخى، ويتعين علينا جميعا أن نحافظ على مكاسبها ونستمسك بها حتى تحقيق أهدافها الكبرى فى رفعة مصر وكرامة شعبها. وهذا يتوقف على حسن تشخيص اللحظة واقتراح المخرج أو الحل.
تشخيص الأزمة
أولا: غير صحيح أن ثورة 25 يناير لم يكن لها قيادة، بل كانت هناك قيادة مشتركة من التيار الإسلامى والتيارات العلمانية وكانت تسيطر على المنصات، وتتحدث للإعلام، وكان هناك توافق عام على التركيز على هدف الإطاحة بالمخلوع وعدم إثارة أى قضايا خلافية.
ثانيا: فتنة التفاوض مع عمر سليمان بعد تعيينه نائبا للرئيس اشترك فيها الإخوان وبعض العلمانيين، ولكن تم وأد هذه الفتنة.
ثالثا: تخلت قيادة الثورة من كافة التيارات عن فكرة المجلس الرئاسى المدنى أو المدنى العسكرى المشترك، وسلمت الحكم للمجلس العسكرى منفردا. ويتحمل الإخوان المسلمون المسئولية الأولى عن ذلك باعتبارهم التنظيم الأكبر. وكان حزب العمل قد اقترح "مجلس رئاسى مدنى" يغلب عليه قضاة تيار الاستقلال مع تمثيل عسكرى، وقدم هذا الاقتراح مكتوبا للإخوان المسلمين ولكن لم يؤخذ به.
رابعا: أدى ذلك إلى تسليم السلطة لأحد أجنحة النظام السابق: الجناح العسكرى والصف الثانى من الجناح السياسى والتنفيذى. أى أدى ذلك إلى استمرار نفس النظام بصورة معدلة، مع استمرار الثورة من أسفل، وهذا ما فرض على المجلس العسكرى اتخاذ قرارات لم تكن فى حسبانه كمحاكمة مبارك واعتقال بعض رموز النظام.
خامسا: أدت حالة التفاهم الخاص بين الإخوان والمجلس العسكرى إلى تعطيل عملية تطهير الدولة الفاسدة وبناء الدولة الجديدة. وعلى حين جرى الخلاف بين النخبة حول شعار الدستور أولا أم الانتخابات التشريعية أولا، وتم إسناد مهمة تعديل ثمان مواد في دستور 1971 إلى لجنة المستشار طارق البشري وهي ذات المواد التي أسندت من مبارك قبل رحيله إلى لجنة الدكتور يحيى الجمل!!!!!!!!
سادسا: تم إغفال أهم خطوة فى الثورة وهى: الاستيلاء على السلطة التنفيذية!! وهكذا تم إسناد رئاسة الحكومة إلى عصام شرف الذى مثل دور الانضمام للثورة دون أى موقف حقيقى، ثم بلغت الملهاة ذروتها بحكومة الجنزورى وكأن التاريخ يعود إلى الخلف. وهذا هو السبب الجوهرى فى عدم شعور الناس بأى تغيير بعد الثورة فى الأداء الحكومى، فقد كانت الأشخاص والسياسات هى هى.
سابعا: لم يتصرف الإخوان (أعنى القيادة بالأساس) باعتبارهم الأخ الأكبر للثورة ولكل التيارات ولحماية أهداف الثورة. بل كانت مهتمة أكثر بترتيب أوضاعها بالتفاهم مع المجلس العسكرى والأمريكان. وقد انعكس هذا على أداء مجلس الشعب فى الفترة القصيرة من عمره، وانعكس على أداء الإخوان بشكل عام.
ثامنا: عندما جاء مرسى للحكم بمساعدة ائتلاف القوى الثورية من كل التيارات، كان الناس عطشى للتغيير. ولكن الإخوان فاجئوا الأمة برئيس وزراء باهت، تكنوقراط فى مجال الرى بل كان مدير مكتب وزير الرى. وجاءوا بوزارة منكسرة نصفها من وزارة الجنزورى، واستبقوا معظم المحافظين. وفى التعديل الثانى تمسكوا بقنديل رغم تواضع أدائه، ولم يحدثوا تغييرا جذريا فى قوام المجلس. وكان لا بد للإخوان أن يرشحوا أقوى ما عندهم، لأن الناس قد أرهقت بعد عام ونصف من الاضطرابات دون تحقيق تقدم. ولأن التحديات كبيرة بالفعل، والصعوبة تكون فى البدايات. (العدالة والتنمية التركى دفع بأهم قائدين له منذ الوهلة الأولى لتسلم الحكم: جول وأردوجان). ولكن منطق التدرج إلى حد المبالغة فى البطء يكون كارثة فى زمن الثورات.
تاسعا: أدى تسلسل الأحداث إلى أن جهاز الدولة التنفيذى لم يتم تطهيره بكل ما فيه من فساد، ولم يتغير أدائه إلا قليلا. عدم تطهير القضاء وعدم تحصين قرارات الثورة وتشريعاتها بسبب التفاهمات مع المجلس العسكرى الذى كان يرفض ذلك بشدة، أدى فى النهاية إلى تدمير كل إنجازات العام الأول للثورة وإهدار أصوات عشرات الملايين من الشعب بحل مجلس الشعب وحل الجمعية التأسيسية الأولى ثم الاتجاه مرة أخرى إلى حل الجمعية التأسيسية الثانية والشورى، بل من المثير للدهشة أن الأمر لا يزال مطروحا على المحكمة الدستورية حتى الآن (وهى المحكمة التى كان يتعين وقف عملها بسبب وقف العمل بالدستور!). الإنجاز الوحيد المهم فى هذا المجال هو عزل مرسى للمجلس العسكرى وإنهاء شبح الحكم العسكرى للبلاد أو استمرار ازدواج السلطة. وكان عزل النائب العام خطوة صحيحة ولكن متأخرة وغير مصحوبة بقرارات مساندة فى إصلاح القضاء ولم يسبقها التمهيد اللازم لدى الشعب بضرورتها. فقد كان وضع السلطة القضائية - ولا يزال - شاذا؛ ففيما عدا النائب العام ووزير العدل، فكل شيء كما هو. نحن أمام السلطة القضائية لنظام المخلوع بكل ما أصابها فى عهده. فى حين تم تغيير فى السلطة التنفيذية وتغيير تام فى السلطة التشريعية، بل وحتى تغيير لا بأس به فى قيادة القوات المسلحة جددت دماءها بعد طول جمود.
عاشرا: المشكلة ليست فيما يسمى الأخونة أو الاستحواذ، بل المشكلة أن الإخوان لم يمارسوا السلطة بوضوح ليبرهنوا على جدارتهم فى إدارة البلاد كما أنهم لم يختاروا العناصر الأجدر منهم إذ غلبوا الثقة على الكفاءة ، وكانت سبعة شهور كافية رغم المعوقات والمؤمرات لإنجاز شىء ما يتناسب مع هذا الزمن، إنجاز فى التطهير (الهدم) وإنجاز ما فى البناء والعدالة، وكان هذا أهم من الدستور، ولا يتعارض معه.
حادي عشر: وهي النقطة الأكثر أهمية إن النخبة بأسرها ظلت -ولا تزال- تتجاهل محور مشكلة مصر، وهى حالة التبعية للولايات المتحدة والغرب، وأن سوءة نظام مبارك الأساسية أنه حول مصر إلى مستعمرة صهيونية أمريكية. وأن هذا هو أساس البلاء الذى نزل بالشعب المصرى فى ذلك العهد ولا يزال مستمرا. ويستوى فى ذلك موقف الإخوان وموقف جبهة الإنقاذ. بحيث أصبح الطرفان يتحاكمان للأمريكان، ما حدث خلال زيارة ماكين الصهيونى كان آخر الأمثلة. ولكن الأساس أن الإخوان لا يرون حلا لمشكلات مصر بعيدا عن صندوق النقد وقروض الاتحاد الأوروبى والاستثمار الغربى.
*****
الخروج من المأزق واستكمال تحقيق أهداف الثورة
أولا: إنهاء حرب الشوارع والاستعداد للانتخابات القادمة، وأن يحصل التيار العلمانى على كل الضمانات التى يريدها لنزاهة الانتخابات.
ثانيا: استمرار مبادرة تعديل المواد الأساسية فى الدستور التى تطالب المعارضة بها.
ثالثا: التأكيد على أن مشكلة مصر الأساسية ليست قانونية ولا دستورية؛ ولكن فى استمرار حالة المراوحة فى المكان منذ عامين، وهو الأمر الذى يعنى التدهور الشامل، وتفاقم حالة الإحباط. وهذا يتطلب مجلس وزراء جديدا وقويا وسياسيا يقوم الرئيس مرسى بتشكيله فورا لأن الأمر لايحتمل الانتظار حتى الانتخابات . أو ليتحمل الإخوان وزر الحكومة الحالية على أن يسرعوا بالانتخابات.
رابعا: تطهير جهاز الدولة من أوكار الفساد المعششة المتغلغل فيه والمتمكن منه وإلغاء السياسات واللوائح والقرارات الفاسدة. مع إعطاء أهمية وأولوية خاصة لتطهير وزارة الداخلية خاصة من عناصر أمن الدولة التى ما تزال تمارس مهامها من مواقع مختلفة بالوزارة.
خامسا: إعادة تشكيل السلطة القضائية وفقا لمواد الدستور الجديد والتشريعات الجديدة المطلوبة لذلك، ولهذا الأمر أولوية قصوى.
سادسا:تشكيل مجلس تخطيط للتنمية الاقتصادية تكون له صلاحيات ملزمة يتكون من أرفع وأعلى الخبرات الاقتصادية والعلمية فى البلاد. ويتبنى هذا المجلس سياسة الاعتماد على الذات وتعبئة الموارد الوطنية، ثم التعاون العربى والإسلامى. ونبذ سياسة مد اليد إلى صندوق النقد الدولى أو البنك الدولى أو أى جهة غربية، لأن مثل هذه القروض والمنح تكون مشروطة سياسيا واقتصاديا.
سابعا: مصر مابعد الثورة غير ملزمة بالضرورة بكل اتفاقات العهد البائد، ولابد من مراجعة أى اتفاق يتعارض مع مصلحة مصر، كالكويز أو التسهيلات العسكرية للأمريكان أو تقييد حركة القوات المسلحة فى سيناء أو اتفاقات استخراج البترول والغاز واختيار الوقت المناسب لمراجعة اتفاقية كامب ديفيد أو إلغائها عند تغير موازين القوى. ولابد من تجسيد حقيقة استقلال مصر بالأفعال والسياسات قبل الأقوال.
ثامنا: أن الانفتاح الواسع على الدول العربية والإسلامية محور أساسى لحل مشكلات مصر الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وبغض النظر عن الخلافات مع الأنظمة قدر الإمكان، مع التركيز على الجيران المباشرين: السودان، ليبيا، غزةفلسطين. ثم يلى ذلك إعطاء أولوية للتعاون مع الدول الآسيوية وفى مقدمتها الصين والهند وماليزيا، وافريقيا خاصة دول حوض النيل وجنوب افريقيا ودول أمريكا اللاتينية. ولابد من إحياء مشروع السوق العربى المشترك، والسوق الإسلامى المشترك استنادا لدول ال 8 الكبار وهى مجموعة قائمة بالفعل.
تاسعا: تتولى الحكومة الجديدة سواء باختيار مرسى فورا أو بعد الانتخابات من قبل الأغلبية ملف الأموال المنهوبة، وهى الكارثة التى يتحمل الفشل فيها المجلس العسكرى وكل الحكومات المتوالية بعد الثورة وانضم إليها حكم الإخوان منذ سبعة شهور. والأموال المنهوبة فى الخارج لم يتم استعادة فلس واحد منها، بينما يتم تكريم اللصوص والمفسدين وإخراجهم تباعا من السجون، والحديث عن المصالحات مقابل ملاليم. بينما الأموال المنهوبة لاتقل عن 200 مليار دولار فى أقل التقديرات. ولابد من تحميل السلطات الغربية المسئولية لأنها تعلم يقينا أين توجد هذه الأموال وبأى كمية، ولكن من مصلحتها أن تستولى عليها، ومن مصلحتها عدم دعم اقتصاد مصر وإجبارها على الاقتراض.
عاشرا: العدالة الاجتماعية ترتبط أولا بوفرة الانتاج، وهذا يرتبط ببداية التنمية الحقيقية، من خلال خطط واضحة كما ذكرنا، كما تتطلب سرعة إصدار التشريع الخاص بالحد الأدنى والأقصى للأجور دون إضافة أي أعباء إضافية على الموازنة - التي لم يراجعها مجلس الشعب - بتقليص الأجور الفلكية وتقليص أعداد المستشارين وأجورهم لحساب الأجور الدنيا، ولابد من الاعلان الصريح عن الحالة الاقتصادية ومكاشفة الشعب بالحقائق والمتسببين فى المشكلات. ويجب عدم الإسراف فى الوعود، شريطة أن يقدم الحكام القدوة فى التقشف. نعم البلاد بعد 30 سنة من التيه لن تنعم سريعا، بل لابد من فترة ضاعت منها سنتين سدى، لاستجماع القوى من أجل القفزة الكبرى إلى الأمام. ولابد فى المقابل من خطوات تؤكد السير فى طريق التنمية والمستقلة، وخطوات تطمئن الناس على السير فى الطريق الصحيح، لا طريق التسول من الأجنبى ولا حتى من الشقيق. كان لابد أن يرى الشعب بعض أموال المفسدين المصادرة وقد تحولت إلى مشروعات خدمية أو زيادة فى الأجور، وأن يرى الشعب توقف عن صرف الأموال الطائلة للمستشارين بالوزارات، وأن يرى الاستخدام الفورى لأموال الصناديق وهى بالمليارات لصالحه الخ كان لابد من قدر من المسكنات لآلام الشعب فى مجال الفقر والمرض والبطالة وأزمة السكن. وهى مسكنات لاتغنى عن الحلول المتوسطة والطويلة الأمد ولكنها تكشف عن النوايا والسياسات وتشف صدور قوم مؤمنين. ولكن حكم الإخوان لم يقدم شيئا مريحا للناس فى هذا الصدد. وكان لابد لحكم الإخوان أن يكشف من يعوقون مسيرته وأن يستدعى الشعب للوقوف معه، ولكنه لم يفعل بل أخذ يساوم مع الفلول ويروج لما يسمى العدالة الانتقالية بدون استرجاع حقيقى لأموال الشعب. ولم يعلن للشعب عن المعوقات الخارجية لكى يستدعيه معه للدفاع عن الوطن والثورة، بل آثر التفاهم فى الكواليس مع الأمريكان والأنظمة العربية المعادية، وهو أسلوب فاشل فى مواجهة مبدئية كبرى.
الإخوان لم يفهموا ولم يطرحوا للشعب أن التنمية معركة كبرى تستدعى توحيد القوى وتعبئة الموارد الوطنية، والدخول فى معترك مشروعات تنموية انتاجية حقيقية بسواعد المصريين وأموال مدخراتهم فى الداخل والخارج.
كل النقاط السابقة ليست دعوة للإخوان كى يقتنعوا بها فقد يئسنا من قيادتهم الحالية، ولكنها العمود الفقرى لبرنامج سياسى ندعو إليه كافة القوى الوطنية والإسلامية فى جبهة عريضة، ترفض المأزق الثنائى فى الاختيار بين الإخوان وبين الانقاذ ( جبهة الفلول والثورة المضادة والقوى العلمانية التى ارتضت هذا التحالف البائس ). هذا أساس برنامجنا فى الانتخابات وغير الانتخابات، وهذه دعوتنا لاستكمال الثورة بهذه النقاط العشر. الموقع غير مسئول قانونا عن التعليقات المنشورة