شكك حقوقيون أمريكيون في قرار تنفيذي وإداري أصدره الرئيس الأمريكي جورج بوش أمس الجمعة بحظر بعض أنواع تعذيب الأسرى في معتقل جوانتنامو. وقال الخبراء إن لبوش سجلٌ طويلٌ من التلاعب بالألفاظ وقوانين جرائم الحرب لإيجاد ثغرات لتنفيذ عمليات تعذيب رغم تصريحاته العلنيَّة التي تقول بعكس ذلك. وأوضح كريستوفر أندريس المستشار القانوني لاتحاد الحريات المدنية الأمريكي وهو أكبر منظمة مدنية تدافع عن الحقوق الدستورية في تصريحات إنه مع سجل بوش في اللعب بالكلمات خصوصًا فيما يتعلق بقوانين مناهضة التعذيب فإنَّه لم يعد لدينا نفس القدر من الثقة أنَّ التعذيب والإساءة قد توقفا ولن يعودا مرة أخرى. غير أنَّ الاتحاد قال إنَّ تصريحات بوش تحمل بعض الجوانب الإيجابية من الناحية النظرية حيث تحظر بشكلٍ واضحٍ ممارسات وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية مثل التأثير في درجة حرارة جسم الأسرى وتمنع أنواع معينة من أشكال الإهانة. ويقوم قرار الرئيس الأمريكي بفرض حظر أوسع على التعذيب والمعاملة غير الإنسانية المشابهة لقانون جرائم الحرب. غير أنَّ أندريس أصرَّ على القول بأنَّ القوانين والألفاظ ليست لها أهمية ما لم يقم منفذوا القانون بتنفيذها وإتباعها حقًا ودلل على ذلك بأنَّ معظم الرؤساء من الحزبَيْن الأمريكيَّيْن الرئيسيَّيْن؛ الديمقراطي أو الجمهوري، لم ينفذوا هذه القوانين. هذا وكانت منظمات حقوقية دولية مثل هيومان رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية ضمن منظماتٍ أخرى قد اتهمت إدارة بوش بتجاهُل حكم القانون حلال ستَّة سنوات مضت من ولايتَيْه الرئاسيَّتَيْن وأنَّها أقرت سياسات استجواب ظالمة واعتقالٍ سريٍّ مفتوحٍ وكذلك عملياتِ تسليم أسرى ومعتقلون لدولٍ عربيةٍ من أجل التعذيب، وهي ممارسات كانت واشنطن قد أدانتها بالكلية حينما كان يمارسها الآخرون. وحتى الآن لا يحق لغير الأمريكيين المصنفون بأنَّهم محاربون أعداء في ظل قانون التفويضات العسكرية لعام 2006م الوقوف أمام المحاكم الأمريكية بشكلٍ كاملٍ. هذا ولم تشمل تصريحات بوش أمس أيةِ قراراتٍ بمحاسبة المتورطين في انتهاك حقوق الأسرى حيث تقول منظمات حقوقية إن أكثر من 600 مدني وعسكري أمريكي متورِّطون في مئاتِ الحالات من انتهاك حقوق الأسرى من بينها ستِّ حالاتٍ أدَّت إلى وفاة أصحابها إلا أنه لم يحاكم سوى 11 من بين الستمائة فقط فضلاً عن أنَّ كل المُحاكمون هم من الرتب الدنيا حيث لا يوجد أحد من القيادة العليا في الإدارة أو في وزارة الحرب الأمريكية قد أُدين. هذا ولا تلبي تصريحات بوش كذلك مطالب الحقوقيين باحترام قوانين الحرب ممثلة في مواثيق جنيف وتعديل مصطلح محارب عدو خارج عن القانون بدلاً من محارب عدو الذي تستخدمه الولاياتالمتحدة لوصف المعتقلين كما لا يلغي قرارات بوش عمليات الاعتقال المفتوح بدون اتهامٍ، وهي السياسة التي تتبنها الإدارة الأمريكية منذ أحداث 11 سبتمبر 2001م. هذا وقد وصفت جمانة موسى، مديرة منظمة العفو الدولية في الولاياتالمتحدة، قرار بوش بأنَّه اسطوانة مشروخة وقالت: بمقدار ما يمكننا ملاحظة ما ينص عليه القرار التنفيذي فإنَّه وبنفس القدر يمكننا ملاحظة ما لا ينص عليه، فالقرار يمنع الاعتداء الجنسي والإهانة الجنسية وتحقير الدين، إلا أنَّ هناك صمت يصم الآذان حول أساليب تعذيب أخرى تمارسها الاستخبارات الأمريكية مثل التغطيس في الماء وغرف التبريد والحرمان من النوم، لا يكن للولايات المتحدة الاختباء خلف شبح الأمن القومي. وأضافت موسى أن المشكلة الأكبر مع هذا القرار هي أنَّه مبنيٌّ على النظرية الخاطئة التي تقول بأنَّ هناك حربٌ عالميةٌ على "الإرهاب"، وبهذا تمط إطار القانون ليشمل كل ركن في العالم، إنَّ سوء التصرف في القانون هذا تم استخدامه من قبل الإدارة من أجل تجنب حقوق الإنسان وتأكيد السلطة المطلقة للفرع التنفيذي في اعتقال واستجواب أي شخص يقول عنه الرئيس بوش إنه مقاتل غير قانوني.