المشروع يحتاج إلى إنشاء 10 مصانع ومركز بحوث بتكلفة 12 مليار جنيه.. ويمتاز عن "وادى السيليكون" الأمريكى بنقاء الخامة المصرية مصر ستنافس بهذا المشروع الدول التى تقدمت الآن مثل ماليزيا وتركيا والهند مصر تصدر طن الرمال البيضاء ب 20 دولار.. والغرب يحوله ل"وحدة بلورة" ب 100 ألف دولار للطن د. محمود الشريف: المشروع يركز على مجالات الطاقة والإلكترونيات والاتصالات.. وكفاءته تكتمل خلال 10 سنوات نعيمة محب: المشروع يقع على مساحة 16500 فدان.. وأنهينا المرحلة العاجلة بتكلفة 53 مليون جنيه. فى القطاع الأوسط من سيناء، وعلى بعد 14 كيلومترًا شرق الإسماعيلية، يقع "وادى التكنولوجيا" أو Silicon valley كما يسمى بالعربية "وادى السيليكون" فى أمريكا، المشروع يستهدف إقامة مجتمع عمرانى تكنولوجى وصناعى جديد، و يعد أحد أهم الأقطاب التنموية الرئيسة، الذى تقول دراساته على أنه يستهدف إضافة 12 مليار جنيه للدخل القومى سنويًّا، وإيجاد 40 ألف فرصة عمل، ويجعل مصر نهرًا إفريقيًّا تكنولوجيًّا لو قدر له أن يرى النور. فالرمال البيضاء المصرية تصدر إلى دول العالم بسعر 20 دولارًا للطن, ثم يصنع فى الدول الغربية والصين ليتراوح سعره بين 100 و200 دولار للطن, وعند تحويله إلى سيليكون نقى تصبح قيمة الطن 10000 دولار، وهو ما يستخدم فى تصنيع الخلايا الشمسية ليتحول إلى سيليكون، وهى وحدة البلورة وفى هذه الحال تصبح سعره 100 ألف دولار للطن؛ إذ يستخدم فى تصنيع الرقائق الإلكترونية. هناك فى قلب صحراء سيناء، يرتفع مبنى هرمى من "ثلاثة طوابق" يمتد من طابقه الأوسط جسر يقف عليه زوار الموقع لمشاهدة الوادى الفسيح، وبضع شجيرات تزين المبنى ذا الواجهات الزجاجية والجرانيت المصرى الذى يغطى حوائطه. المهندسة نعيمة محمد محب مدير عام مشروع "وادى التكنولوجيا"، ومعها عدد قليل من العمالة بالوادى لا يزيد عددهم على 25 فردًا، قالت إن المشروع بدأ العمل به عام 1995-أى منذ 17 عامًا- ويهدف إلى خلق منطقة صناعات تكنولوجية عالية التقنية، وما يتبعها من صناعات مكملة ومعامل أبحاث ومراكز تدريب، ويساهم فى زيادة فرص استثمار مناطق التنمية ومحاورها بإقليم القناة وسيناء وجذب رءوس الأموال والاستثمارات الأجنبية، كما أكدت أن المشروع يع قطبًا تنمويًّا رئيسيًّا فى القطاع الأوسط فى سيناء على خط التنمية الرئيسى؛ الإسماعيلية شرق. وأشارت "محب" إلى أن مشروع وادى التكنولوجيا يقع على الضفة الشرقية لقناة السويس عند المدخل الشمالى الغربى لشبه جزيرة سيناء على مساحة 16500 فدان، ويتم تنفيذه على أربعة مراحل بتكلفة استثمارية قدرها 21 مليار دولار، وقد تم البدء فى تنفيذ المرحلة الأولى على مساحة 512 فدانًا، ويتميز الموقع بشبكة مواصلات برية (طريق الإسماعيلية العوجة – طريق الشط الدولى – كوبرى السلام – كوبرى الفردان السكة الحديد) وقالت مدير وادى التكنولوجيا إن المرحلة العاجلة تم الانتهاء منها وهى على مساحة 215 فدانًا، وتشمل البنية التحتية للمشروع متمثلة فى شبكة الكهرباء وشبكة الطرق ومحطة المياه بتكلفة 53 مليون جنيه، ويتبقى الانتهاء من محطة معالجة الصرف الصحى، كما تم الانتهاء من إنشاء المجمع الخدمى والعيادة الخارجية ومركز إطفاء، بالإضافة إلى فرع البنك الأهلى المصرى بالوادى. من جانبه، قال د.محمود الشريف رئيس ومؤسس مركز البحوث المتطورة فى الليزر بولاية بنسلفانيا الأمريكية: إن مشروع الوادى التكنولوجى يقوم على إنشاء 10 مصانع على ثلاثة مجالات، هى: الطاقة والإلكترونيات والاتصالات، الجزء الأول منها يختص بتصنيع الطاقة، وتم التركيز على الطاقة أولًا، وستستغرق فى المتوسط 3 سنوات، وتكتمل كفاءة المشروع خلال 10 سنوات، وبنهايته نستطيع منافسة الدول التى سبقتنا كسنغافورة وماليزيا، هذه هى الخطة التى نريد تنفيذها، مضيفًا أن الطاقة تبدأ بتنقية الرمال (السيلكا) وعمل الرقائق الخاصة باستقبال الطاقة الشمسية، ثم بناء الأجهزة الخاصة بالطاقة الشمسية، لتوليد طاقة حتى 200 ميجاوات كل سنة للتصدير أو لاستخدامها فى مزارع أخرى، وستستمر هذه المصانع فى الإنتاج، ويتم إنشاء مصنع كل سنة، ليتم الانتهاء من 3 مصانع خلال 3 سنوات. مصر ستنافس ماليزيا وتركيا والهند وأشار"الشريف" إلى أن المجموعة الثانية من المصانع تختص بالاتصالات الضوئية، وعلى رأسها كابلات الألياف الضوئية وجهاز الإرسال والاستقبال الضوئى، الذى سيصنع لكون الاتصالات كلها ستكون ب"الأوبتكس" وليس المايكروويف أو "RS"، فالألياف البصرية هى مستقبل الاتصالات والمعلومات فى العالم، وكل ما سنقوم به هو إنشاء مصنع لإنشاء الألياف، فى السنة الثالثة، وبعد بداية إنتاجه، نبدأ المصنع الثانى وهو الذى يقوم بإنشاء المكونات والأجزاء المكملة للاتصالات، مثل الكابلات وغيرها، والمصنع الثالث ينتج ال"ترانسريسيفر"؛ وهى أجهزة الإرسال والاستقبال التى تعتمد على الليزر، لأن المستقبل بالاتصالات هو استخدام الليزر بدلًا من تليميكروويف، وهذا يستغرق حوالى 5 سنوات منذ بداية المشروع من البداية. وأضاف أن المجموعة الأخيرة من المصانع العشرة تختص بالإلكترونيات وتنقية الرمال إلى درجة عالية جدًّا لتصنيع "الويفر" أو الشرائح التى تستخدم فى تصنيع الإلكترونيات، وهى تحتاج إلى التنقية العالية جدًّا ل"السيلكا" لإنتاج مصانع الإلكترونيات، ومصنع للميكرون والنانو إلكترونيكس، ومصنع فى الميمز، وهى التى تدخل فى الأشياء الميكانيكية والإلكترونية، كالجيروسكوب الذى يقوم بتحديد الاتجاهات، وهو أمر مطلوب لأمور عديدة كالسيارات والتليفونات وغيرها، والخطة تستكمل خلال 7 سنوات تزيد أو تقل عامًا، أى كل 9 أشهر يتم إنشاء وتجهيز مصنع وتسليمه لإدارته، ثم تتفرغ الشركة الأم للعمل والبحث عن الشركاء من الخارج. والاستقرار فى الشارع المصرى مطلوب ويجب توفيره حتى تأتى الشركات الأجنبية لتضع التكنولوجيا التى تمتلكها، كذلك يتم إنشاء مركز بحوث متقدم ومتميز لتطوير هذه المصانع، ليكون بعد فترة بسيطة وبعد رحيل الشريك الأجنبى، يكون المركز قد أنتج براءات اختراعات لتطوير وتحديث هذه المصانع وتطوير الإنتاج، ونظرًا لأن كل هذه التكنولوجيا مرتبطة بتكنولوجيا السيلكا، ومصر بهذا المشروع ستنافس الدول التى تقدمت الآن مثل ماليزيا وتركيا والهند. وكشف "الشريف" عن أن المشروع سيتكلف حوالى 12 مليار جنيه مصرى، أى ما يعادل مليارى دولار، وأنه سيبدأ بالشركة الأم التى ستبدأ خلال أسابيع برأسمال مرخص "مليار و500 مليون" وهى مصرية خالصة، والحكومة أحد المؤسسين للشركة الأم. و قال د.علاء السيسى رئيس شعبة الكهرباء بالنقابة العامة للمهندسين: إن مشروع وادى السيليكون يتكون من خمس مراحل؛ المرحلة الأولى هى استيراد الأجهزة من الخارج، وفى المرحلة الثانية سيتم تدريب العمالة المصرية على صنع هذه الأجهزة مع استيراد المكونات، والمرحلة الثالثة تتضمن صناعة هذه المكونات، وفى المرحلة الرابعة يتم تجهيز الويفر الخاص بالسيليكون، وهو خام السيليكون الذى يخضع لعمليات انتقالية ليدخل فى المرحلة الخامسة؛ وهى استخراج السيليكون من الرمال المصرية، وهى أصعب المراحل وأكثرها تكلفة، لأنها ستتكلف مليارات. وأكد السيسى أنه مع بدء المرحلة الرابعة ستبدأ مصر فى حصد العديد من مزايا هذا المشروع، فمصر ستكون من الدول المصدرة للسيليكون، وهى دول معدودة خاصة أن الخامة المصرية متميزة جدًّا، والسيليكون تقوم عليه كافة الصناعات الإلكترونية وسنكون منتجين للسيليكون من الألف إلى الياء بعكس مشروع وادى السيليكون المقام فى كاليفورنيا الذى يفقتد الرمال البيضاء الموجودة فى مصر، والمشروع سيتم تطبيقه فى أقل من 10 سنوات. وأضاف أن مصر ستلجأ إلى خبرات أجنبية وإن كانت الكوادر التى ستعمل فى هذا المشروع مصرية مقيمة فى الخارج، ومن هذه الخبرات د.محمود الشريف أحد أفضل الكوادر المصرية فى هذا المجال، وأحد الذين تبنوا هذا المشروع وهو فى طريقه إلى إنشاء شركة مصرية مساهمة برأسمال 10 مليارات جنيه، ويصل سعر السهم فيها إلى 1000 جنيه. صناعة السيليكون والتكنولوجيا وقال د. بهى الدين عرجون الأستاذ بكلية الهندسة جامعة القاهرة: إن الموضوع الذى نتكلم عنه فى مصر ليس اسمه وادى السيليكون، ولكن نحن نتحدث عن إنشاء صناعة السيليكون، وكلمة وادى السيليكون -وأحيانا تسمى وادى التكنولوجيا- هو تعبير صيغ فى الولاياتالمتحدة وتحديدًا فى كاليفورنيا عندما تجمعت شركات عديدة تعمل فى صناعة الحاسبات والبرمجيات أو تكنولوجيا المعلومات فى أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات من القرن الماضى فى منطقة واحدة سميت وادى السيليكون، لكون السيليكون هو المادة التى تُصنّع منها المكونات الرئيسية للحاسبات؛ وهى الرقائق الإلكترونية. أما صناعة السيليكون فنحن نتحدث عن صناعة ذات مراحل متعددة تهدف إلى إنتاج الرقائق الإلكترونية والخلايا الشمسية والألياف الضوئية من خام السيليكون، وهو المعروف بالرمال البيضاء. وأضاف عرجون أن ميزة مصر النسبية فى هذا الموضوع هى وجود جبال من الرمال البيضاء ذات درجة نقاء عالية جدًّا، وهى غير موجودة بهذا النقاء فى مناطق أخرى من العالم -ولا تعادلها إلا الخامات الموجودة فى بلجيكا- وهذا يجعل المستثمرين فى هذه الصناعة يقبلون على إنشاء هذه الصناعة فى مصر. وأشار أستاذ الهندسة إلى أن هذه الصناعة تقوم على صهر خام السيليكا الموجود فى الرمال البيضاء فى أفران خاصة ودرجات حرارة هائلة وتنقية المادة المنصهرة لتخرج منها المواد المطلوبة على مراحل مختلفة؛ المرحلة الأولى تنتج الرقائق الصالحة للخلايا الشمسية؛ وفى مرحلة أعلى من النقاء تنتج الألياف الضوئية؛ وفى أعلى مرحلة وهى بدرجة نقاء تعادل مائة ضعف المرحلة السابقة لها، تنتج الرقائق الإلكترونية وهى أساس صناعة الإلكترونيات والحاسبة والأجهزة عالية الدقة. وقال عرجون إن هذه التكنولوجيا ليست عندنا، وإن كان عندنا مصنع يعمل فى تكنولوجيا قريبة منها وهو مصنع الفيروسيليكون والموجود على تخوم مدينة إدفو بأسوان. وهذا المصنع ينتج مادة الفيروسيليكون وهى سبائك معدنية تستخدم فى صناعة الحديد والصلب وصناعة السيارات. وهى مرحلة أولية من صناعة السيليكون، وفى كل مرحلة ودرجة نقاء يتم إنتاج عدة مواد وسبائك لها تطبيقات عديدة، فهى صناعة متشعبة، لكن غايتها النهائية إنتاج رقائق السيليكون فائق النقاء. وأضاف أن تكنولوجيا السيليكون الفائقة موجودة فى عدة دول صناعية متقدمة من أبرزها الصين وألمانيا واليابان، ورؤيتنا تعتمد على الشراكة بين مالك التكنولوجيا ومالك المادة الخام والمستثمر، على أن تتم عملية نقل هذه التكنولوجيا المتقدمة إلى مصر عن طريق هذه الشراكة التكنولوجية. وأكد عرجون أن السوق لمنتجات السيليكون فى العالم موجودة وهائلة طالما العالم يتوسع فى استخدام الحاسبات والرقائق الإلكترونية، وعندنا فى مصر يمكن لهذه الصناعة أن تخدم صناعة الطاقة الشمسية؛ بتصنيع الخلايا الشمسية بكميات كبيرة لتغطية احتياجات المزارع الشمسية التى سوف نحتاج إلى بنائها متى اتخذنا مسار الطاقة الشمسية لتغطية احتياجاتنا من الطاقة للتنمية والإنطلاق نحو النهضة.