والد "سارة" السادس مكرر بالثانوية الأزهرية: متعاطف مع موقف شيخ الأزهر وربنا يفك كرب أهلنا بغزة    "حماة الوطن" يعقد مؤتمرًا جماهيريًا بالجيزة لدعم مرشحيه في انتخابات الشيوخ 2025    وزير الأوقاف: مواجهة الفكر المتطرف وكل تحديات شعب مصر هو مهمتنا الكبرى    الطائفة الإنجيلية: دور مصر تاريخى وراسخ في دعم القضية الفلسطينية    شاهد اجتماع الرئيس السيسي ووزير الداخلية (فيديو)    محافظ أسوان يتفقد نسب الإنجاز بمشروعات المياه والصرف ميدانيًا (صور)    مصلحة الضرائب تحدد موعد إصدار ايصالات ضريبية إلكترونية على بيئة التشغيل    أسوان تواصل توريد القمح بزيادة 82% عن العام الماضي (صور)    بعد فشل مفاوضات الدوحة..الإرهابى ترامب والمجرم نتنياهو يعلنان الحرب ضد الفلسطينيين    نائب الرئيس الإيراني: الهجوم في زاهدان بدعم مباشر من الأعداء بهدف زعزعة استقرار البلاد    الأونروا تحذّر: الإنزال الجوي للمساعدات قد يقتل المجوّعين بغزة    تايلاند وكمبوديا تتبادلان الاتهامات بشأن الهجمات الحدودية    ترامب وفون دير لاين يلتقيان قبل أيام من موعد فرض الرسوم الجمركية    بحضور وزير الرياضة.. اتحاد الجمباز يكرم أبطال العالم للفني والإيقاعي    هل اقترب انضمام محمد إسماعيل للزمالك؟.. مصدر يوضح    الحاصلة على المركز السادس بالثانوية الأزهرية تلغي الاحتفال بتفوقها بسبب وفاة أحد جيرانها    السيطرة على حريق مفاجئ في محول كهرباء بإحدى قرى بني سويف    إصابة سيدة في انهيار منزل قديم بقرية قرقارص في أسيوط    11 ألف متردد خلال 5 سنوات.. انطلاق فعاليات حفل تخريج 100 متعافٍ من «الإدمان» بمطروح    "خطر صامت".. الجيزة تحظر سير "الإسكوتر الكهربائي" لحماية الأطفال والمارة    لا تذبحوا مها الصغير إنها فعلت مثلما يفعل الآلاف منا؟!    الصحة تدعم البحيرة بأحدث تقنيات القسطرة القلبية ب46 مليون جنيه    ماذا تأكل صباحًا عند الاستيقاظ منتفخًا البطن؟    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 154 مخالفة عدم الالتزام بغلق المحلات في مواعيدها    إنتر ميامي يضم صديق ميسي    خالد الغندور: الزمالك يستعد للإعلان عن صفقة جديدة    مفاجأة مالية في صفقة انتقال وسام أبو علي إلى كولومبوس كرو الأمريكي    رسميًا إعلان نتيجة الثانوية الأزهرية 2025 بنسبة 53.99% (رابط بوابة الأزهر الإلكترونية)    ارتفاع جديد للطن.. سعر الحديد اليوم السبت 26 يوليو 2025 أرض المصنع    التموين خفض أسعار الدواجن المجمدة بالمجمعات الاستهلاكية من 125 جنيهًا ل 110 جنيهات    مقتل 4 أشخاص في روسيا وأوكرانيا مع استمرار الهجمات الجوية بين الدولتين    مصر تنفذ مشروعًا مائيًا لحل مشكلة انسداد مخرج بحيرة كيوجا في أوغندا ب«ورد النيل»    النيابة تقرر إعادة استجواب الطاقم الطبي لأطفال دلجا بالمنيا    ودعت أبنائها ورحلت.. مشهد وداع تحول إلى مأساة على رصيف محطة إسنا بالأقصر    فلكيا.. موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 في مصر    عرض أفلام تسجيلية وندوة ثقافية بنادي سينما أوبرا دمنهور ضمن فعاليات "تراثك ميراثك"    في ذكرى رحيله.. توفيق الحكيم رائد المسرح الذهني ومؤسس الأدب المسرحي الحديث في مصر    حتى الآن.. ريستارت ل تامر حسني، يحقق يقترب من 93 مليون جنيه بما يعادل 717 ألف تذكرة    تقارير: إيفرتون يقترب من الانضمام إلى بيراميدز    كريم فؤاد يرد على شائعات إصابته بالرباط الصليبي: "اتقِ الله يا أخي"    المعز علي: مونديال الناشئين 2025 حافز قوي لصناعة جيل جديد من النجوم    مصر تستعرض تجربتها في مبادرة «العناية بصحة الأم والجنين» خلال مؤتمر إفريقي    كم مرة يجب تغيير «ملاية السرير»؟.. عادة بسيطة تنقذك من مشكلات صحية خطيرة    وزير الثقافة ناعيًا الفنان اللبناني زياد الرحباني: رحيل قامة فنية أثرت الوجدان العربي    الاتحاد الإفريقي يرحب بإعلان ماكرون نيته الاعتراف بدولة فلسطين    جيش الظلم يعلن مسئوليته عن هجوم المحكمة في إيران.. و5 قتلى كحصيلة أولية    يوم الخالات والعمات.. أبراج تقدم الدعم والحب غير المشروط لأبناء أشقائها    إعلام فلسطينى: الاحتلال يستهدف منزلا غرب مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة    30 يوليو.. انطلاق الملتقى العلمي الأول لمعهد بحوث الصناعات الغذائية    أسامة قابيل: من يُحلل الحشيش يُخادع الناس.. فهل يرضى أن يشربه أولاده وأحفاده؟    أعرف التفاصيل .. فرص عمل بالأردن بمرتبات تصل إلى 35 ألف جنيه    ليلة أسطورية..عمرو دياب يشعل حفل الرياض بأغاني ألبومه الجديد (صور)    بعد ظهور نتيجة الثانوية 2025.. وزارة التعليم: لا يوجد تحسين مجموع للناجحين    "الحشيش حرام" الأوقاف والإفتاء تحسمان الجدل بعد موجة لغط على السوشيال ميديا    أجندة البورصة بنهاية يوليو.. عمومية ل"دايس" لسداد 135 مليون جنيه لناجى توما    دعاء الفجر.. اللهم إنا نسألك فى فجر هذا اليوم أن تيسر لنا أمورنا وتشرح صدورنا    الأوقاف تعقد 27 ندوة بعنوان "ما عال من اقتصد.. ترشيد الطاقة نموذجًا" الأحد    بعد «أزمة الحشيش».. 4 تصريحات ل سعاد صالح أثارت الجدل منها «رؤية المخطوبة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الربيع العربي من المد إلى الجزر
نشر في الشعب يوم 19 - 06 - 2012

إلى ظهر الخميس الماضي 14 يونيو/حزيران، كنت أعرف إلى أين نحن ذاهبون. إلا أنه منذ ذلك الحين، وبعد إعلان الانقلاب الذي هز الساحة السياسية في مصر، صرت عاجزا عن الإجابة على السؤال، لأنني لم أعد أرى إلا نفقا مظلما وأسئلة مؤرقة.
(1)
لي صديق لم يكن مطمئنا إلى ما يجري في مصر منذ سقوط النظام السابق. وظللت أتلقى منه رسائل على هاتفي المحمول بين الحين والآخر، يردد فيها عبارة واحدة تشير إلى أن ما يحدث يفتقد إلى البراءة، وأنه بمثابة "فيلم هندي". وطوال الأشهر الماضية كنت أقاوم فكرته تلك، مرجحا احتمال سوء التقدير فيما حل بنا من نوازل، ومستبعدا سوء النية. لكني بعد صدمة الخميس ما عاد بمقدوري أن أرد به على ملاحظته، وإنما صار السؤال الذي يشغلني هو: هل هو حقا فيلم هندي، أم أميركي؟! ذلك أن ما جرى يفتح الباب واسعا لإساءة الظن بالأطراف التي تقف وراءه. فضلا على أنه يهدي أنصار فكرة المؤامرة نقطة ثمينة لصالحهم، ناهيك عن أنه يكشف لنا عن أن ثمة خطرا حقيقيا يهدد الثورة المصرية، الأمر الذي لا أشك في أنه سيكون له صداه السلبي على مختلف تجليات الربيع العربي.
في ذلك اليوم الحزين -الخميس- حلت بمصر أربع كوارث لم تخطر على البال. هذا الكلام ليس لي، ولكنه رأي المستشار سمير حافظ رئيس محكمة الاستئناف السابق، الذي عرض تلك الكوارث على النحو التالي:

"
حكم المحكمة الدستورية العليا أبطل في المنطوق انتخاب ثلث أعضاء مجلس الشعب، لكنه وسع الدائرة في الأسباب، وقرر بطلان كل المجلس. في تميز وتعسف ظاهرين
"
* الأولى تمثلت في قرار وزير العدل إعطاء ضباط الجيش سلطة الضبطية القضائية، بالمخالفة لصريح القانون. ذلك أن نص قانون الإجراءات الجنائية (المادة 23) يخول وزير العدال حق التفويض لممارسة تلك السلطة بالنسبة لبعض الموظفين في حالة الجرائم التي تدخل في اختصاصهم وتتعلق بأعمال وظائفهم. بمعنى أن التفويض مقيد بشرط وقوع الجرائم في دائرة اختصاص الموظف، كما هو الحال بالنسبة لمفتشي العمل ومفتشي الأغذية ومأموري الجمارك. ولما كان ضباط الجيش لهم وظيفة أصلية لا علاقة لها بما يجري في الشوارع والميادين، فإن الاستثناء لا يشملهم. وبالتالي فإن قرار وزير العدل يصبح باطلا لمخالفته النص الصريح في هذا الصدد.
* الكارثة الثانية أن المستشار حاتم بجاتو -عضو لجنة الانتخابات- رفض تسليم بيانات الناخبين لمرشحي الرئاسة بحجة أن ذلك يشكل مساسا بالأمن القومي للبلاد، فضلا على أن قانون انتخابات الرئاسة لا ينص على ذلك. وذكر أن تلك البيانات توزع على مرشحي الانتخابات البرلمانية لأن القانون يسمح بذلك. وهو منطق معوج، لأن البيانات اعتبرت من قبيل الأمن القومي في الانتخابات الرئاسية حين لم ينص عليها القانون، في حين أنها ذاتها لم تعد كذلك حين نص عليها القانون في الانتخابات البرلمانية.
* الثالثة أن حكم المحكمة الدستورية العليا أبطل في المنطوق انتخاب ثلث أعضاء مجلس الشعب، لكنه وسع الدائرة في الأسباب، وقرر بطلان كل المجلس، في تميز وتعسف ظاهرين. علما بأن الحجية في الحكم للمنطوق وحده، ولا حجية لما يترتب عليه من نتائج ترد في الأسباب، خصوصا أن الأحكام القضائية تقوم على اليقين القانوني ولا تقوم على الاحتمالات الواقعية.
* الكارثة الرابعة تتصل بقانون العزل، لأن ثمة خطأ قانونيا جسيما في إحالته إلى المحكمة الدستورية. ذلك لأن القضية الأصلية التي كانت طعنا من جانب أحد المرشحين المستقلين أمام محكمة ابتدائية، كان ينبغي أن تحال إلى دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا، ولكنها أحيلت لسبب غامض ومريب إلى المحكمة الدستورية العليا، واتخذت ذريعة لتهديد مجلس الشعب بالحل، ثم أصبحت ذريعة لحله كما رأينا.
(ملحوظة: هذا الكلام قيل قبل ظهور الكارثة الخامسة المتمثلة فيما سمي بالإعلان الدستوري المكمل الذي كرس سلطة المجلس العسكري حتى مع وجود رئيس منتخب للجمهورية).
(2)
في رأي المستشار أحمد مكي نائب رئيس محكمة النقض السابق أن كل ما أعلن يوم الخميس من قرارات وأحكام مجرحة قانونا، وباب المنازعة فيها أمام المحاكم مفتوح على مصراعيه، وأن مرجعية السياسة وتأثيرها عليها أقوى من مرجعية القانون. الأمر الذي لا يثير فقط علامات استفهام كبيرة حول الهدف من كل ذلك في التوقيت الراهن، وإنما أيضا يستدعي فتح ملف استقلال السلطة القضائية وتحصينها ضد مظان الغواية والاختراق من جانب السلطة التنفيذية.
"
قرار المحكمة الدستورية الذي أبطل مجلس الشعب دون حاجة إلى إجراء آخر، لا مثل له في تاريخ القضاء المصري, وهو يفتح الباب لتداعيات سلبية كثيرة
"
أضاف المستشار مكي أن قرار المحكمة الدستورية الذي أبطل مجلس الشعب دون حاجة إلى إجراء آخر، لا مثل له في تاريخ القضاء المصري، وهو يفتح الباب لتداعيات سلبية كثيرة. لأن المجلس الذي انتخبه الشعب لا تحله المحكمة الدستورية أو أية جهة قضائية أو تنفيذية أخرى. وحين تم ذلك في السابق، في عامي 84 و87، فإن حل المجلس تمَّ بعد الاستفتاء على ذلك، بمعنى أن الشعب الذي انتخب المجلس هو الذي تم الرجوع إليه في حله.
وقد نص دستور عام 1971 في المادة 136 على أن الحل لا يكون إلا عند الضرورة، ويجب أن يشمل قرار الحل دعوة الناخبين لإجراء انتخابات جديدة لمجلس الشعب في موعد لا يتجاوز ستين يوما، وهو ما لم يحدث.
إزاء ذلك فإن منطوق الحكم حين أعفي المجلس العسكري من اتخاذ أي إجراء لحل المجلس اكتفاء بما ورد في المنطوق، فإنه ترك الأمر معلقا وقادنا إلى مستقبل مجهول حافل بجميع الاحتمالات والشرور.
(3)
الوضع كله مرتبك من الناحيتين القانونية والسياسية، الأمر الذي يضع مصير الثورة في مهب الريح. فالمؤسسة الشرعية الوحيدة التي تم انتخابها في ظل النظام الجديد (مجلس الشعب) أطاح به حكم الدستورية. وليس معروفا مصير الطعن في طريقة تنفيذه، وهل سيشمل الحل ثلث المجلس فقط، كما قال منطوق الحكم أم أنه سيشمل المجلس كله، كما ذكرت الحيثيات.
وفي رأي المستشار طارق البشري فإن المجلس العسكري لا يملك سلطة حل المجلس، كما أنه لا يملك حق إصدار إعلان دستوري مكمّل، فضلا عن أنه لا يستطيع أن يدعي استرداد سلطة التشريع في غياب مجلس الشعب، لأنه لم يكن أصيلا في ممارسة تلك السلطة، التي انتقلت إلى البرلمان بمجرد انتخابه، وصار هو الطرف الأصيل في الموضوع.
لا أعرف إلى أي مدى ستؤثر نتائج الانتخابات الرئاسية على ذلك الوضع المرتبك (لاحظ أن المقال كتب قبل الإعلان الرسمي للنتائج). لكن هناك عدة أمور جديدة بالملاحظة في هذا الصدد في مقدمتها ما يلي:
* إن ثمة علامات استفهام حائرة ومحيرة يثيرها تتابع تلك العواصف قبل 48 ساعة من انتخابات الرئاسة، وقبل نحو أسبوعين من تسليم السلطة للمدنيين، الذي يفترض أن يتم يوم 30 يونيو/حزيران، حسب الوعد الذي أعلنه المشير طنطاوي. فإذا كان النظر في قانون العزل مفهوما لتحديد موقف أحد المرشحين قبل التصويت، فليس مفهوما أن يحل مجلس الشعب في نفس الوقت، بما يرتبه ذلك من ارتباك وفراغ تشريعي.
* إن هناك انطباعات متواترة تذهب إلى أن الأمر كان مرتبا من جانب الدولة العميقة التي استثمرت إلى مدى بعيد أخطاء الإخوان ورصيدهم المتراجع، كما استثمرت حالة الضيق بالثورة التي أعربت عنها بعض الدوائر التي تأثرت مصالحها بالمليونيات والاعتصامات والإضرابات.
"
العصف بالجمعية التأسيسية للدستور بعد حل البرلمان، سوف يسترضي بقية القوى السياسية الأخرى المعارضة للإخوان، ويمكّنها من صياغة الدستور على النحو الذي تشتهيه
"
* إن حل مجلس الشعب قبل إجراء الانتخابات الرئاسية استهدف تعزيز موقف المجلس العسكري في مواجهة الرئيس الجديد. فإذا كان الفريق شفيق فإنه سيصبح جزءا متجانسا مع المجلس الحاكم، لن يستطيع أن يقاوم ضغوطه أو يرفض طلباته. أما إذا كان الدكتور مرسي فإنه سيصبح رئيسا ضعيفا، لا يتكئ على أي قوة برلمانية أو سياسية. وإذا سارت الأمور كما يشتهي آخرون، وتم حل جماعة الإخوان والحزب المتفرع عنها، استجابة للدعوى التي يفترض أن ينظرها القضاء اليوم (الثلاثاء) فإن ذلك سيحول الدكتور مرسي في هذه الحالة إلى موظف لدى المجلس العسكري بدرجة رئيس.
* إن العصف بالجمعية التأسيسية للدستور بعد حل البرلمان، الذي دعا إليه البعض، سوف يسترضي بقية القوى السياسية الأخرى المعارضة للإخوان، ويمكنها من صياغة الدستور على النحو الذي تشتهيه، دون أي مقاومة أو إزعاج من جانب ممثلي التيار الإسلامي. ولأن التشكيل الحالي للجمعية ينبغي ألا يتأثر بحل المجلس، على فرض استمراره، باعتبار أن التشكيل كان صحيحا وصدر به قرار من المجلس حسب الإعلان الدستوري، فضلا عن أن الحكم ببطلان المجلس لا يستصحب بطلان ما صدر عنه من أعمال، فالمعلومات المتوافرة تقول إن ثمة التفافا ماكرا يجري لحل الجمعية التأسيسية، ويتمثل ذلك الالتفاف في تكثيف الضغوط على الأعضاء لتوسيع نطاق الانسحاب من الجمعية، بحيث يؤدي ذلك إلى انحلالها بما يجنب اللجوء إلى حلها.
(4)
أهم ما ينبغي أن تلاحظه أن أهداف الثورة ومصيرها ليست واردة في السياق، كما أن القطيعة مع النظام السابق لم تعد مطروحة، ولكن المطروح بقوة هو استمرار دور المجلس العسكري واستنساخ النظام القديم مع إدخال بعض التعديلات التجميلية عليه، أما محور الصراع الدائر فلم يكن سوى حصص المتصارعين من السلطة والنفوذ، الأمر الذي يعني أن ملف الثورة جرت تنحيته من على الطاولة. وأن الكلام عنها -إذا صار- فإنه لم يعد يتجاوز صرف تعويضات أسر الشهداء وعلاج المصابين، كأننا بصدد الدخول في مرحلة إزالة آثار الثورة. (لاحظ أن أحد أهم وعود الفريق شفيق إعادة انضباط المرور في القاهرة، الذي أفسدته المليونيات).
المسألة لم تعد نفقا مظلما دخلته الثورة وسط حفاوة نفر من محترفي السياسة والثقافة وأعوان النظام السابق، لكنها نقطة تحول في مسار الربيع العربي كله. وأحسب أنني لست الوحيد الذي تلقى تعليقات الدهشة والقلق التي انتابت أوساط النشطاء العرب حين صدمتهم أخبار الانقلاب الذي حدث في مصر يوم الخميس.
"
تلقيت رسالة على هاتفي من صديق تونسي يقول: كنا روادا في الثورة ولا نريد لمصر أن تكون رائدة في انتكاستها
"
ومن المصادفات ذات الدلالة في هذا السياق أنه في اليوم الذي بدأ فيه التصويت بين مرشحي الرئاسة في مصر، أعلن في تونس عن تشكيل حزب جديد لفلول النظام السابق باسم "حركة نداء تونس"، وقد أسسه الباجي قائد السبسي (85 سنة) الذي كان بدوره رئيسا سابقا للوزراء(!!)، في حين أطلق النشطاء مظاهرة مضادة له ظلت تهتف: لا رجوع.. لا رجوع لعصابة المخلوع.
سأدع التعليق لك. لكني تلقيت رسالة على هاتفي من صديق تونسي يقول: كنا روادا في الثورة ولا نريد لمصر أن تكون رائدة في انتكاستها. وإذا وضعت هذه الخلفية جنبا إلى جنب مع التزوير الفاضح الذي تم في انتخابات الجزائر التشريعية، وباركته الدوائر الغربية، والاضطرابات التي تحدث في ليبيا والقلق المتنامي على ثورة اليمن، فلعلك تتفق معي أن الربيع العربي تجاوز مرحلة المد ويُراد له أن يدخل في مرحلة الجزر. وهي نبوءة سوداء أتمنى أن تكذبها الأيام.

الموقع غير مسئول قانونا عن التعليقات المنشورة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.