بدأت أول مجموعة من الجنوبيين السودانيين العالقين في مدينة كوستيجنوبالخرطوم رحلة العودة إلى دولة جنوب السودان، حيث تم نقل حوالي 400 شخص، من حوالي 1500، بالحافلات من كوستي إلى الخرطوم حيث سيتم نقلهم بعد ذلك بالطائرات إلى جوبا عاصمة جنوب السودان. وكانت سلطات ولاية النيل الأبيض، التي تقع فيها كوستي، أعلنت في ابريل الماضي أن المعسكر الذي يقيم فيه النازحون الجنوبيين يشكل مصدر تهديد أمني. وأمهلت السلطات النازحون الجنوبيون فترة سماح لترحيلهم إلى جنوب السودان، لكنها تخلت فيما بعد عن التقيد بمهلة محددة. يذكر أن اولئك الجنوبيين فقدوا الحق في الحصول على الجنسية السودانية عقب انفصال جنوب السودان في يوليو 2011. وحصل الجنوب على حق الانفصال بموجب استفتاء على حق تقرير المصير نصت عليه اتفاقية السلام الشامل الموقعة بين الجانبين عام 2005. وعلى الرغم من أن اتفاقية السلام الشامل أنهت أكثر من عقدين من الحرب الأهلية بين شمال السودان وجنوبه عندما كانا دولة واحدة، إلا أن العديد من القضايا لا تزال عالقة بين الدولتين أبرزها ترسيم الحدود ورسوم عبور النفط من الجنوب إلى الشمال. وكان الجانبان خاضا حربا محدودة في ابريل/ نيسان الماضي، عندما احتلت قوات جنوب السودان منطقة هجليج النفطية، لكن القوات السودانية استعادتها في 20 من ابريل. ويأتي البدء في ترحيل الجنوبيين العالقين في كوستي بعد يوم من انتقادات وجهتها مسؤولة بارزة في الأممالمتحدة إلى السودان بشأن قصف أراضي جنوب السودان. قالت المفوضة العليا لحقوق الانسان في الأممالمتحدة نافي بيلاي إن "الغارات الجوية العشوائية" التي شنتها القوات السودانية على مناطق في جنوب السودان قد تعتبر "جرائم دولية". ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن جيل هيلكي رئيسة منظمة الهجرة الدولية قولها إن النازحين الجنوبيين سينقلون جوا من الخرطوم في وقت مبكر من يوم الأحد، بعد أن يقضوا ليلتهم في مركز ترحيل حكومي. وأضافت المنظمة أن النازحين ظلوا عالقين في كوستي لما يقرب من عام بعد أن عطلت حركة الملاحة النهرية بين البلدين بسبب القتال الذي شهدته المنطقة الحدودية. وظل آلاف النازحين يعيشون في ملاجىء مؤقتة ويعتمدون بصورة كاملة على ما تقدمه لهم منظمات الإغاثة انتظارا لترحيلهم إلى بلادهم. وقالت هيلكي لبي بي سي إن جزءا من المشكلة هو أنه لم تكن هناك ترتيبات لتقنين إقامة هؤلاء الجنوبيين في دولة السودان منذ انفصال جنوب السودان. واعربت هيلكي عن اعتقادها بأن اولئك الاشخاص الذين تعود أصولهم إلى جنوب السودان كان يجب أن يمنحوا الخيار بين الرحيل أو تقنين إقامتهم في السودان. وأضافت "وهكذا، فإن انعدام الخيارات أمام العديد من هؤلاء جعلههم يقررون أن العودة إلى جنوب السودان هي خيارهم الوحيد". ويقول مراسلون إن العديد من اولئك الجنوبيين لم يذهبوا إلى جنوب السودان من قبل، ولذلك فإن اقامتهم هناك ستكون بمثابة تحد. لكن منظمة الهجرة تقول إن العديد من هؤلاء لديهم أقارب في جنوب السودان وسيقدم لهم العون من قبل بعض المنظمات الانسانية. يذكر أن مئات الآلاف من الجنوبيين غادروا السودان عقب انفصال جنوب السودان، لكن لا يزال حوالي 350 ألف جنوبي باقين في السودان.