في خطوة من شأنها إضافة المزيد من التَّوتُّر على الوضع الإقليمي المحيط بالصومال على خلفية الأزمة المتفاقمة فيه أعلنت إريتريا انسحابها من الهيئة الحكوميَّة للتنمية ومكافحة التَّصحُّر لدول شرق إفريقيا (إيجاد) في ظلِّ الخلافات القائمة مع إثيوبيا وحكومة بيداوا الصوماليَّة المؤقتة. وقال بيان للحكومة الإريترية إن القرار أتى بسبب عددٍ من القرارات المتكررة وغير المسئولة التي تُقوِّض السلام والأمن الإقليميَّيْن تمَّ تبنِّيها تحت مظلة إيجاد. ونقلت وكالة (رويترز) للأنباء عن علي عبده- وزير الإعلام الإريتري- قوله إنَّه "انسحابٌ مؤقَّتٌ.. نشعر أنَّ البقاء في المنظمة لم يعُد عملاً مسئولاً مع اتخاذ قرارات غير مقبولة قانونيًّا وأخلاقيًّا"، وأضاف: "هناك قوى خارجية تتلاعب بالمنظمة"، في إشارةٍ ضمنيةٍ للولايات المتحدة. وكان اجتماع لوزراء خارجية إيجاد في كينيا عُقِد منذ أسبوعين قد تحوَّل إلى ساحةٍ لتبادُل الاتهامات بين إثيوبيا وإريتريا، وأصدر الاجتماع بيانًا أعرب فيه عن تقديره لما وصَفه بالتضحيات التي قدمتها إثيوبيا؛ من أجل تشجيع الموقف المشترك للإيجاد بشأن الصومال، في إشارةٍ للدعم العسكري الإثيوبي للحكومة الصومالية، وهو ما تعارضه إريتريا. يأتي ذلك بينما يستمر القتال المرير لليوم السادس على التوالي في شوارع العاصمة الصوماليَّة مقديشو حيث أدت هذه الموجة من موجات العنف في العاصمة إلى سقوط 230 قتيلاً منذ اندلاعها يوم الأربعاء الماضي فيما أُصيب المئاتُ واستمر فرارُ مئات الآلاف من مقديشو حيث وصلت نسبة النزوح إلى ما يزيد عن ال30% من تعداد سكان العاصمة الصوماليَّة. وتركزت المعارك العنيفة بين جيش الاحتلال والمقاومة دون مشاركة من جانب القوات الحكومية الصومالية – الموالية للاحتلال- . وكانت غالبية الاشتباكات في الأحياء الشمالية من مقديشو التي يعتقد أنها معقل المقاومة وقد قُتل أمس الأحد فقط 51 شخصًا مع استمرار القصف المدفعي والصاروخي وقال شاهد عيان إنَّ مدافع الدبابات الإثيوبيَّة تطلق قذائفها باتجاه مناطق المدنيين. وقد وصل القتال إلى مستوى وحشي؛ حيث شوهدت عشرات الجثث بعضها مقطَّع الأوصال بالشوارع، دون أنْ يتمكن السكان من سحبها بسبب إطلاق النار، فيما اكتظت المستشفيات بالجرحى، كما يواجه السكان صعوبةً في الوصول إلى جرحى آخرين في مناطق المواجهات، واضطُّرَّ العاملون بأحد المستشفيات لإقامة خيام مؤقتة بحديقة المستشفى لعلاج المصابين، وتوقَّعت منظمات حقوقية ارتفاع عدد الضحايا بعد الوصول للمناطق الخطرة والمعزولة. وفيما وُصفت بأنها أكبر عملية نزوح جماعي في الصومال أفادت آخر تقديرات المفوضية العليا لشئون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أن 321 ألف شخص فرُّوا من مقديشو منذ فبراير الماضي، ومعظم هؤلاء يقيمون في خيام مؤقتة أو في العراء تحت الأشجار خارج المدينة دون أي مُؤَن، ويعانون نقصًا شديدًا في الغذاء والدواء والمياه النقية، كما يواجه هؤلاء خطر الأوبئة؛ حيث سيفاقم موسم الأمطار خلال الصيف المقبل من معاناتهم لو استمروا في الوجود في هذه المناطق، وقالت المفوضية إن قتال الشوارع سوف يمثل خطرًا كبيرًا على الفارِّين أيضًا، وقال أحدهم أمس إن قذيفة هاون أصابت حافلةً صغيرةً كانت تقلُّ بعضهم.