نزع اتحاد المحاكم الإسلامية بالصومال أسلحة المئات من رجال الميليشيات في مدينة كيسمايو الساحلية؛ وذلك في خطوة تستهدف إحلال الأمن في المدينة الإستراتيجية التي سيطروا عليها الإثنين الماضي. وفي ساحة مفتوحة بالمدينة الواقعة جنوبي البلاد، تجمع مسئولون من "تحالف وادي جوبا" لتسليم أسلحتهم. وهذا التحالف هو الهيئة المستقلة التي كانت تسيطر على المنطقة المحيطة بكيسمايو قبل أن تسيطر عليها قوات المحاكم.
وأبدى يوسف مير محمود، عضو البرلمان ونائب زعيم الميليشيا الذي كان يسيطر على المنطقة، ارتياحه بشأن تواجد الإسلاميين في المدينة قائلا: "إنه شيء يبعث على الارتياح الشديد بالنسبة لي". وأضاف في تصريحات لوكالة رويترز للأنباء: "أنا رجل حر الآن، يمكنني أن أفعل ما أريد أو أن أذهب حيثما أريد".
كما أشار محمود خلال تواجده في الساحة، حيث كان الإسلاميون يختبرون الأسلحة، إلى أنه سلم 18 شاحنة صغيرة مزودة بمدافع رشاشة وأسلحة أخرى.
من جهته، أفاد إبراهيم شكري -المسئول في اتحاد المحاكم- بأن مسئولي "تحالف وادي جوبا" المتبقين في كيسمايو أحرار في البقاء في المدينة ما داموا لا يخلون بالأمن. وقال شكري: "يمكنهم البقاء إذا أرادوا، لكنهم لم يعودوا جزءا من الإدارة هنا".
كما أشار مسئول المحاكم إلى أن رجال الميليشيا الذين سلموا أسلحتهم مؤيدون للإسلاميين، وأنه سيجري نقلهم إلى مركز "لإعادة التأهيل"؛ حيث يتلقون العلاج من إدمان نبات القات المخدر وأشياء أخرى.
وأعرب بعض أعضاء الميليشيا السابقة في كيسمايو عن سعادتهم للانضمام إلى اتحاد المحاكم. أحد هؤلاء يدعى محمود عبدي يقول: "لا توجد عندي مشكلة في الانضمام لهم... في الواقع إنني سعيد جدا".
من ناحية أخرى، قالت مصادر من اتحاد المحاكم، طلبت عدم نشر أسمائها: إن القوات الإسلامية اعتقلت أحد أفرادها كان قد نكس علما صوماليا الإثنين 26-9-2006 بعد لحظات من السيطرة على كيسمايو.
وتسبب تنكيس العلم في اندلاع احتجاجات عنيفة ضد المحاكم شهدت مقتل صبي في أثناء محاولة الميليشيا الإسلامية تفريقها.
وكانت قوات المحاكم قد تمكنت فجر الإثنين من إحكام السيطرة على كيسمايو، ثالث كبرى المدن الصومالية، دون قتال؛ وذلك في خطوة اعتبرها مراقبون محاولة لصد رغبة تجمع دول شرق إفريقيا (الإيجاد) إرسال قوات إفريقية إلى الصومال عبر ميناء هذه المدينة.
وفي تطور لاحق من شأنه تأجيج التوترات، أعلنت أوغندا أنها مستعدة لنشر ألف جندي من قواتها في الصومال في إطار خطة حفظ السلام التي اقترحتها الحكومة الصومالية المؤقتة، ويعارضها اتحاد المحاكم الذي يسيطر على أجزاء كبيرة من البلاد، وتعهد بقتال أي قوات أجنبية.
وفي تصريح لرويترز، قال الميجور فليكس كولايجي المتحدث باسم الجيش الأوغندي: "أحصينا ألف جندي لنشرهم.. هذا ليس مجرد اقتراح.. إنهم جاهزون للذهاب".
لكنه استطرد بالإشارة إلى أن الخطة الرامية لنشر قوة لحفظ السلام تتوقف على الحصول على موافقة جميع أطراف الصراع.
وفي سياق متصل، أفاد سكان بمدينة بيداوا، التي تتخذ منها الحكومة المؤقتة مقرا لها، بأن إثيوبيا المجاورة، وهي أقوى دولة في المنطقة، أرسلت مزيدا من القوات عبر الحدود لدعم الحكومة المؤقتة الضعيفة عسكريا والموالية لها.
وأوضح شهود أنهم شاهدوا شاحنتين عسكريتين إثيوبيتين في بيداوا، في الوقت الذي كشفت مصادر من مطار المدينة عن أن طائرة شحن نقلت عربتين مدرعتين للرئيس الصومالي عبد الله يوسف.
ويعارض اتحاد المحاكم بشدة دخول قوات أجنبية إلى الصومال، وخاصة القوات الإثيوبية؛ وهو ما أدى إلى نشوب خلاف مع الحكومة المؤقتة التي تفتقر إلى الأموال التي تمكنها من نشر جيش قوي للسيطرة على البلاد.
وفي شهر أغسطس الماضي، هدد اتحاد المحاكم الإسلامية بشن حرب شاملة على إثيوبيا ما لم تسحب القوات التي تدفع بها داخل الأراضي الصومالية لمساندة الحكومة الانتقالية الضعيفة. ونفت إثيوبيا إرسالها قوات إلى الصومال.
يشار إلى أن اتحاد المحاكم والحكومة الانتقالية وقعا اتفاق سلام مبدئيًّا يوم 4-8-2006 خلال مفاوضات بالعاصمة السودانية الخرطوم، ويدعو الاتفاق بشكل خاص إلى تشكيل جيش مشترك وقوة للشرطة.
كما اتفق الطرفان على الالتقاء مجددًا يوم 30 أكتوبر المقبل؛ لبحث مسألة تقاسم السلطة في المسائل الأمنية والسياسية.
وبرز اتحاد المحاكم في يونيو الماضي كقوة سياسية وعسكرية جديدة بالصومال بعد أن أنزلت قواته الهزيمة بزعماء ميليشيات تساندهم الولاياتالمتحدة، وسيطرت على مقديشو ومناطق إستراتيجية أخرى بوسط وجنوب البلاد.