وزير التموين: استلام 2.4 مليون طن قمح من المزارعين حتى الآن    المقاومة تعلن استهداف 7 جنود للاحتلال من مسافة صفر بجباليا    الجنائية الدولية: نسعى لتطبيق خارطة الطريق الليبية ونركز على تعقب الهاربين    الدوري الإسباني.. موعد مباراة جيرونا ضد فياريال فى صراع الوصافة    ضبط مسجل خطر يُزور محررات رسمية بأسيوط    جلسة تصوير للجنة تحكيم المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي الدولي    وزيرة الهجرة: للمجتمع المدني دور فاعل في نجاح المبادرات القومية الكبرى    شعبة الأدوية: الشركات تتبع قوعد لاكتشاف غش الدواء وملزمة بسحبها حال الاكتشاف    «الزراعة»: مشروع مستقبل مصر تفكير خارج الصندوق لتحقيق التنمية    برلماني: مصر قادرة على الوصول ل50 مليون سائح سنويا بتوجيهات الرئيس    انعقاد برنامج البناء الثقافي للأئمة بمديرية أوقاف دمياط    وزير التعليم يفتتح الندوة الوطنية الأولى حول «مفاهيم تعليم الكبار»    الأسلحة الأمريكية لإسرائيل تثير أزمة داخل واشنطن.. والبيت الأبيض يرفض الإجبار    العراق يؤكد استمرار دعم وكالة «الأونروا» لتخفيف معاناة الفلسطينيين    نائب محافظ أسوان تتابع معدلات تنفيذ الصروح التعليمية الجديدة    سموحة يتقدم على الاتحاد السكندري في الشوط الأول    "أغلق تماما".. شوبير يكشف ردا صادما للأهلي بعد تدخل هذا الشخص في أزمة الشحات والشيبي    الشيبي يظهر في بلو كاست للرد على أزمة الشحات    تردد قناة سبيس تون للاطفال الجديد 2024 Spacetoon بجودة عالية    جامعة كفرالشيخ تتقدم 132 مركزا عالميا في التصنيف الدولي CWUR وتأتي ضمن الأفضل عالميا    مصرع شخص غرقاً فى مياه نهر النيل بأسوان    مصدر أمني: انتهاء المهلة الممنوحة للأجانب المعفيين من تراخيص الإقامة أول يوليو    هيئة الأرصاد الجوية تحذر من اضطراب الملاحة وسرعة الرياح في 3 مناطق غدا    «على قد الإيد».. أبرز الفسح والخروجات لقضاء «إجازة الويك اند»    ضاحي: منشآت التأمين الصحي قديمة وتحتاج إلي هيكلة    تعرف على القطع المميزة لشهر مايو بالمتاحف على مستوى الجمهورية | صور    بعد تصدرها التريند.. أعمال تنتظر نسرين طافش عرضها تعرف عليها    لماذا أصبح عادل إمام «نمبر 1» في الوطن العربي؟    1.6 مليون جنيه إيرادات الأفلام في السينما خلال يوم واحد    "العيد فرحة".. موعد عيد الأضحى 2024 المبارك وعدد أيام الاجازات الرسمية وفقًا لمجلس الوزراء    قبل البيرة ولا بعدها؟.. أول تعليق من علاء مبارك على تهديد يوسف زيدان بالانسحاب من "تكوين"    الحكومة: غداً.. بدء التشغيل لمحطات الجزء الثالث من الخط الثالث للمترو    يخدم 50 ألف نسمة.. كوبري قرية الحمام بأسيوط يتجاوز 60% من مراحل التنفيذ    مقبلات اليوم.. طريقة تحضير شوربة الدجاج بالمشروم    بالصور.. وزير الصحة يبحث مع "استرازنيكا" دعم مهارات الفرق الطبية وبرامج التطعيمات    طالب يضرب معلمًا بسبب الغش بالغربية.. والتعليم: إلغاء امتحانه واعتباره عام رسوب    القومي للمرأة يشارك في ورشة عمل بعنوان "القضية السكانية.. الواقع والرؤى المستقبلية"    تأجيل محاكمة المتهم بقتل زوجته بكفر الشيخ لجلسة الخميس المقبل    «الحرية ورحلة استعادة المجتمع».. رسائل عرضين بالموسم المسرحي بالفيوم    تصريحات كريم قاسم عن خوفه من الزواج تدفعه لصدارة التريند ..ما القصة؟    داعية إسلامي: يوضح ما يجب على الحاج فعله فور حصوله على التأشيرة    دعاء للميت في ذي القعدة.. تعرف على أفضل الصيغ له    رسميا مانشستر يونايتد يعلن رحيل نجم الفريق نهاية الموسم الحالي    مهرجان الإسكندرية يعلن تفاصيل المشاركة في مسابقة أفلام شباب مصر    وزير الدفاع البريطاني: لن نحاول إجبار أوكرانيا على قبول اتفاق سلام مع روسيا    «الداخلية»: ضبط 25 طن دقيق مدعم قبل بيعها في السوق السوداء    5 شروط لتملك رؤوس الأموال في البنوك، تعرف عليها    مفتي الجمهورية يتوجه إلى البرتغال للمشاركة في منتدى كايسيد للحوار العالمى..    نموذج RIBASIM لإدارة المياه.. سويلم: خطوة مهمة لتطوير منظومة توزيع المياه -تفاصيل    أبو الغيط: العدوان على غزة وصمة عار على جبين العالم بأسره    السيد عبد الباري: من يحج لأجل الوجاهة الاجتماعية نيته فاسدة.. فيديو    أحمد الطاهرى: فلسطين هي قضية العرب الأولى وباتت تمس الأمن الإقليمي بأكمله    مصر تدين الهجوم الإرهابى بمحافظة صلاح الدين بالعراق    فى أول نزال احترافى.. وفاة الملاكم البريطانى شريف لوال    "مقصود والزمالك كان مشارك".. ميدو يوجه تحية للخطيب بعد تحركه لحماية الأهلي    رئيس جامعة القاهرة: زيادة قيمة العلاج الشهري لأعضاء هيئة التدريس والعاملين 25%    "أسنان القناة" تستقبل زيارة الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد    الإسكان: الأحد المقبل.. بدء تسليم الأراضي السكنية بمشروع 263 فدانا بمدينة حدائق أكتوبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المقاومة الصومالية.. استشراف للنهوض في ظل مخاض موجع
نشر في الشعب يوم 13 - 01 - 2007

في رده على السؤال : "هل انتهت المحاكم الإسلامية ؟" أجاب وزير الخارجية الجيبوتي، محمود علي يوسف، على الصحيفة العربية بقوله إن : "الأيام والأسابيع القليلة المقبلة، ستحمل إلينا إجابة على هذا السؤال". مضيفاً : إن الحملات العسكرية جربت في الصومال سابقاً ولم تنجح، ولم تأت إلا بمزيد من الدمار والخراب على الصوماليين.
وفي هذا الإطار، يؤكد متابعون لوتيرة الأحداث المتسارعة في الصومال، أن من السابق لأوانه الحديث عن هزيمة كاملة أو نهائية لحركة المحاكم الإسلامية في البلاد، معتبرين أن المعركة إنما هي في بداياتها، خاصة وأن الحركة التي تعرضت لهزيمة عسكرية مرحلية لازالت لم تهزم عقائدياً أو سياسياً، ومازالت فكرتها النهضوية التحررية بمنطلقاتها الإسلامية تحيا في قلوب أصحابها من الصوماليين، بل ربما نزلت بساحتهم الأزمة التي دائماً ما تساهم في تأجيج هذه العقيدة في نفوس معتنقيها، مما يخلق في هذه النفوس قوى ضاربة، لا سبيل لقوى الطغيان على مجابهتها مهما تعاظمت، وليست حركة "طالبان" الأفغانية وفصائل المقاومة العراقية عنا ببعيد.

فرغم الانتصار السريع الذي سجل حتى الآن لصالح الغزاة الإثيوبيين فوق التراب الصومالي، إلا أن المتابع لهذه المواجهة داخل الدولة الأفريقية العربية المسلمة، يلحظ شعوراً عاماً ربما يوحي بالثقة من قدرة الشعب الصومالي على النهوض ورد هذا العدوان المدعوم أمريكياً وإسرائيلياً والمسكوت عنه دولياً خاصة وأن هذا الشعب لازال التاريخ يحفظ له وقوفه في وجه المحتل (الأوروبي ، والإثيوبي ، والأمريكي) خلال حقب تاريخية سابقة مرت عليه.

ولعل الأمة الإسلامية الآن باتت تجتر ذاكرة الأحداث، وقت أن شرع الأمريكيون وحلفاؤهم في دخول العراق، محققين نصراً سريعاً كنصر الإثيوبيين الحالي لم تكد الغشاوة تنجلي عن حقيقته سريعاً ليستيقظ العالم عما عرف فيما بعد ب (لعنة العراق) التي ظلت تطارد الأمريكيين وحلفائهم حيث كانوا، مخلفة صداعاً دائماً للغزاة لم ينته بعد.

النهوض من تحت الرماد
توعدت المحاكم الإسلامية "بالنهوض من تحت الرماد" وقال المتحدث باسم الحركة، عبد الرحيم علي موداي : "إن كان العالم يظن أننا متنا فليعلم أننا أحياء نرزق، وسننهض من تحت الرماد". ورأى محللون : أن الإسلاميين الذين يتراوح عددهم بين ثلاثة آلاف وأربعة آلاف مقاتل وإن كانوا في أضعف حالاتهم، على ما يبدو، إلا أن قوتهم لم تستهلك بعد، وسيعودون إلى الظهور وسيعيدون تشكيل أنفسهم من جديد، وعلى أديس أبابا فقط أن تنظر للتاريخ كي تدرك هذه الحقيقة.

فبين عامي 1992 و1998 قامت إثيوبيا بغزو البلاد لمهاجمة أعضاء جماعة "الاتحاد الإسلامي" ورغم أنها نجحت أيضاً مرحلياً في تفكيك الجماعة، إلا أن الشيخ حسن عويس قائد الجناح العسكري، عاد للظهور بعد عشر سنوات كزعيم لمجلس شورى اتحاد المحاكم الشرعية، ومن ثم رأى خبراء في الشأن الصومالي، أنه : "ليس هناك ما يدعو للاعتقاد بأن الشيخ عويس سيظل مختفياً إلى الأبد" مؤكدين أنه : "لن تكون هي المرة الأخيرة التي نرى فيها المحاكم الإسلامية".
وبالرغم من الخسارة السريعة والمرحلية لقوات المحاكم الإسلامية، يقول محللون ودبلوماسيون: إن الصراع ربما يكون بعيداً عن الانتهاء، مع إتجاه الأنظار نحو الإسلاميين الجهاديين الذين قد يكونون لجأوا إلى البلاد، للإنخراط في صفوف المقاومة ضد الغزو الإثيوبي.
وتشير تكهنات محللين إلى قيام مقاتلي المحاكم الذين خرجوا من المدن الكبيرة دون التعرض لخسائر فادحة بإعادة تنظيم صفوفهم ولملمة جراحهم لشن الهجمات على غرار ما يحدث في العراق وأفغانستان والشيشان، وذلك من مناطق نائية في جنوب البلاد، في مسعى لتحويل الصراع نحو حرب عصابات تبدأ في العاصمة "مقديشو" وتطال مناطق الجنوب. وهو ما أبان عنه الشيخ محمد إبراهيم بلال، قائلاً في تصريح له : "أؤكد لكم أن القوات الإسلامية موجدة في جميع إنحاء البلاد، وسترون تحركنا في الأيام القليلة المقبلة".
وكان وزير الداخلية في الحكومة الموالية للاحتلال، حسين عيديد، أشار إلى أن المحاكم لا تزال تمثل خطراً على قواته في العاصمة مقديشو، وفي مؤتمر صحفي، قال عيديد : "يوجد حوالي 3500 عنصر من الإسلاميين في مقديشو والمناطق المحيطة بها". وشدد على ضرورة "إنهاء المأزق السياسي"، محذراً من انه "إذا لم نتوصل إلى مصالحة معهم، فإنهم سيبدأون تمرداً كما حدث في العراق".
وفي ذلك، يقول (كين مينخوس) الخبير بشؤون القرن الإفريقي في كلية "ديفيدسون": "قد تكون هذه بداية لحرب جديدة من نوع آخر". مضيفاً : "حرب يقاتل فيها الإسلاميون بطريقتهم.. حرب غير نظامية تشمل أسلوب الهجمات الخاطفة في حرب العصابات وتفجير السيارات والاغتيالات، وربما كذلك أعمالاً (..) منتقاة في أجزاء أخرى من شرق إفريقيا".

ويؤكد خبراء عسكريون أن المحاكم سوف تعتمد في الفترة المقبلة على مجموعة المقاتلين المتدرِّبين على عمليات القنص واستخدام العبوات المتفجرة، بدلاً من أساليب القتال المباشر التي أثبتت عدم فاعليتها في التصدي لقوات الغزو الإثيوبية؛ نظرًا لفارق القوة الكبير بين الجانبَين؛ حيث يتلقَّى جيش الاحتلال الإثيوبي دعمًا ماليًّا وفنيًّا من الولايات المتحدة تقدَّر قيمته بملايين الدولارات سنويًّا وفق المصادر الأمريكية نفسها.
ويرى مراقبون أنه سيتعين على الإسلاميين دراسة الأخطاء التي أدت إلى هزيمتهم المرحلية سريعاً، وتقديم خطط جديدة لإستعادة الأمور. ومن مصلحتهم أن الحكومة الموالية لأديس أبابا ضعيفة عسكرياً وسياسياً وتعتمد بشكل كامل على إثيوبيا العدو القديم التقليدي للبلاد.
ولعل مما سيحفزهم بقوة على القتال الشريط المنسوب لأيمن الظواهري، الرجل الثاني في تنظيم القاعدة، الذي حث فيه المقاتلين الإسلاميين على شن حملة تفجيرات، وهجمات مباغتة على قوات الاحتلال الإثيوبية، على غرار ما يحدث في العراق. حيث قال الظواهرى فى رسالته، عليكم بالكمائن، والألغام، والإغارات، والحملات الاستشهادية حتى تفترسوهم كما تفترس الأسود طرائدها. وأضاف كما حدث فى افغانستان والعراق حيث انهزمت أقوى قوة فى العالم أمام العصابات المؤمنة المقبلة على الجنة، فإن عبيدها سينهزمون على أرض الصومال المسلم المجاهد.
وعلق جلال إسماعيل، مدير مركز القدس الإعلامي في باكستان على شريط الرجل الثاني في تنظيم "القاعدة" قائلاً : " لا أشك في أن هناك تياراً مؤيداً للظواهري وسيسعى للوصول إلى الأراضي الصومالية". ورغم أنه يقر ب "وجود مخاطر ومحاذير ومعوقات بسبب المحيط الجغرافي"، إلا أنه يعتبر أن "المراقبة (الأمريكية) في البحر لن تمنع عمليات التسلل وإمكانيات الإختراق" أمام المجاهدين.
كما تعهدت المحاكم من جانبها الالتزام بدعوة الظواهري، وقال أحد مقاتليها حسبما نقلت عنه وكالة "الأسوشيتد برس" : "أنا ملتزم بالموت من أجلي ديني، وكلمة الظواهري شجعتني للمضي قدماً في الجهاد". في حين قال آخر إن : "دعوة الظواهري تستند إلى العقيدة التي نحن ملتزمون بها.. وليس هناك خيار". وتشير المقابلات التي أجرتها الوكالة مع مقاتلي المحاكم، أنه بالرغم من تمزق الحركة وافتقادها القيادات العسكرية إلا أنها مصممة على مواصلة القتال، وينذر تواري مقاتليها بحرب عصابات موازية لتلك التي يشهدها العراق وأفغانستان.
وإضافة إلى بيان العلماء ال14 الصادر من المملكة العربية السعودية بشأن "اجتياح إثيوبيا لبلاد الصومال العربية المسلمة" والداعي إلى نصرتها. أصدر الشيخ سلمان بن فهد العودة بياناً حول الأحداث جاء فيه : إن ما يجري من عدوان إثيوبيا علي دولة الصومال الإسلامية، هو جريمة نكراء بكل المقاييس.
وتساءل : إلي متي تظل البلاد الإسلامية مجالاً للمغامرة، وممارسة التسلط والعدوان بمأمن عن ردود الأفعال. وقال الشيخ العودة : إن واجب المسلمين شعوباً وحكومات وعلماء وجمعيات خيرية وإنسانية، يحتم عليهم أن يسارعوا لتطويق الموقف، وحفظ خيار الشعب الصومالي المسلم ودعمه ومساندته بكل الاحتياجات.
مضيفاً : أن الواقع أثبت أن المسلمين مهما ضعفوا فهم أقوياء في الممانعة والمقاومة، والمطاولة لعدوهم، وهم أصبر وأطول نفساً وأجدر بالتضحية وأوثق بالنصر.. ولتعلمن نبأه بعد حين، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

هل من بشائر لمقاومة صومالية؟
قد تكون المقاومة المنتظرة من مقاتلي المحاكم الشرعية، ومؤيديهم من الصوماليين، والإسلاميين العرب، وغيرهم من الجهاديين في أفريقيا وغيرها، أشرس ما تكون باعتبار أن ثمة قطاعاً واسعاً من الشعب الصومالي يرفض وقوع بلاده في شرك الهيمنة الإثيوبية الصليبية المدعومة صهيوأمريكياً، فضلاً عن العرب والمسلمين.
ولعل في الإعلان الذي أصدرته "جبهة المقاومة الوطنية لتحرير الصومال"‏ ما يبعث على استشراف هذه المقاومة، حيث قال متحدث باسم القوى الوطنية في البلاد، في تصريحات صحفية : إن الجبهة تضم جميع شرائح الشعب الصومالي، بجميع توجهاته الدينية والفكرية والعشائرية‏,‏ وإن هدف الجبهة هو إجلاء القوات الإثيوبية من جميع الأراضي الصومالية‏.‏ وحذرت القوى المعادية لإرادة الشعب من التمادي في دعم أو مساندة أو موالاة العدوان الإثيوبي الغاشم، وتوعدت قوات الاحتلال بأنها ستوجه إليها ضربات موجعة، وتلحق بها هزيمة نكراء‏، مطالبة الشعب الصومالي بالتوحد ورص الصفوف والصمود والمثابرة.
ومن جهته، أكد رئيس البرلمان شريف حسن شيخ آدم، أن الشعب الصومالي لن يستسلم ولن يخضع أبداً للاستعمار الإثيوبي، مهما كانت قوته وعدده وعتاده، ومهما كان الدعم والمساندة الأمريكية له والصمت والتواطؤ الدولي، وقال في مقابلة مع صحيفة "الأهرام" القاهرية : إن الشعب الصومالي سيقاوم ويكافح حتي يحرر كل شبر من أراضيه، كما فعل ذلك في السابق ضد الإستعمار الأوروبي‏.‏
وأضاف أن قوات الإحتلال الأثيوبي قد تكسب معركة أومعارك لكنها لن تكسب الحرب وستهزم عاجلاً أم آجلاً بإرادة الشعب الصومالي.
وبعبارة أخرى، فإن أغلب الخبراء والمراقبين، يؤكدون على أن المشهد العراقي والأفغاني والشيشاني حتماً سيلهم المقاومة الإسلامية في الصومال، وأن مصير الغزاة الإثيوبيين لن يختلف كثيراً عن المصير الذي تواجهه القوات الأمريكية في العراق، والقوات الغربية في أفغانستان أو الروسية في الشيشان.
وفي إطار الرفض العام للوجود الإثيوبي، في الداخل والخارج، أعلنت السلطات الكينية أنها بصدد طرد 5 من أعضاء البرلمان الصومالي المؤقت، بعد عقدهم مؤتمراً صحفياً في العاصمة نيروبي نددوا خلاله بالعمليات العدوانية للقوات الإثيوبية في الصومال.
كما انتقد ضاهر عابدي كولامي، زعيم قبيلة "الهوية" أكبر القبائل في جنوب الصومال، الدعم العسكري الإثيوبي للحكومة المؤقتة، قائلاً إنه سيأتي بنتائج معاكسة. وأشار قائلاً : "منذ وصول القوات الإثيوبية والشعب قلق ويتساءل عن الخطوة المقبلة.. هذا مؤشر على مشاكل مقبلة في الصومال". ومن جانبه، تساءل وزير الخارجية الجيبوتي قائلاً : ما هي الخطة التي ستضعها الحكومة الانتقالية لإعادة الأمن والاستقرار والسلام في الصومال.. هل الوجود العسكري الإثيوبي سيساعد في ذلك، نحن لا ندري؟ هذا السؤال مطروح.. ونعتقد عن يقين أن المسألة بدأت تأخذ منحنى خطيراً جداً.
وصفت جيبوتي الوضع الراهن في الصومال بأنه معقد للغاية، وأعربت على لسان وزير خارجيتها محمود علي يوسف عن تشاؤمها وقلقها من تداعيات هذا الوضع على الأمن والاستقرار في منطقة القرن الأفريقي. وأكد الوزير أن بلاده لن تقبل باستمرار الاحتلال العسكري الإثيوبي للصومال، داعيا إلى انسحاب القوات الأجنبية فوراً وإتاحة المجال للشعب الصومالي لكي يقرر بنفسه مستقبله.

ومن جانبها، قالت الحكومة الإريترية : إن الصومال سيصبح بمثابة "مستنقع" لملس زيناوي الذي وصفته بأنه : "مرتزق يعمل لحساب الولايات المتحدة". وقال وزير الإعلام الإريتري علي عبده في أسمرة : " ما سنشهده في الصومال سيكون مستنقعا". ووصف الوزير الإريتري رئيس الوزراء الإثيوبي ملس زيناوي بأنه "كاذب مهووس، وهو لا يسيطر على التدخل العسكري في الصومال لأنه تحرك بأمر من القوى العظمى وخصوصا الولايات المتحدة". وأضاف الوزير "انه (زيناوي) يتصرف كمرتزق للولايات المتحدة، ولا يعلم ما هي التعليمات التي سيتلقاها من مرؤوسيه".
وإزاء ذلك، تظل فرضية اتساع نطاق الصراع ليتحول إلى حرب إقليمية، في منطقة القرن الأفريقي، قائمة بقوة، حيث لا يوجد ما يمنع القتال من أن يمتد ليطال إريتريا ذات الميراث العدائي مع إثيوبيا ليظل مجال تصفية الحسابات مفتوح على كل الاحتمالات، كما أن الاستقطاب السياسي بين الأطراف المتنازعة إقليمياً سيزداد ضراوة، حسب محللين. فضلاً عن احتمالات تجدد الاقتتال الداخلي في ظل عودة الحمية القبلية وميليشيات الحرب والعصابات الإجرامية والمهربين.

بشائر الهجمات المرتدة
فتح مسلح يعتقد أنه تابع للمحاكم الإسلامية النار على جنود إثيوبيين في مدينة "جلب" الواقعة على بعد 100 كلم شمال ميناء كيسمايو جنوب الصومال، مما أدى إلى مقتل جنديين إثيوبيين وإصابة ضابط بجروح خطيرة.
وفي ثاني يوم من أيام المقاومة المسلحة التي تتصدى للوجود الإثيوبي، شن مقاتلون في مقديشيو يرجح أنهم من قوات المحاكم هجوماً على معسكر يأوي الجنود الإثيوبيين، وقال شهود عيان إنه جرى تبادل مكثف لإطلاق النار بين الطرفين، وقال رجل يسكن قريباً من موقع الهجوم : إن القتال الضارى استمر لمدة 15 دقيقة، حيث سمع دوى أصوات الرشاشات الثقيلة، مؤكداً أن القتال كان عنيفاً لدرجة أنه أضاء المنطقة كلها.
وكان مسلحون قد هاجموا بالقنابل اليدوية قوة إثيوبية أخرى في العاصمة الصومالية، مما أدى لإصابة جندي صومالي على الأقل بجراح. وقال مصدر عسكري صومالي، وشهود عيان : إن المسلحين هاجموا القوة الإثيوبية على بعد ميلين ونصف من المطار.

وللغزاة مقام لن يطول
من جهة أخرى، يرى المحللون العسكريون، أن انتصار الحكومة الموالية للاحتلال الإثيوبي أمر ليس مؤكداً بأي حال، وأن الصراع قد يأخذ منحى جديداً في الأيام المقبلة إن طال بالمحتلين المقام في البلاد. يقول (روس هيربرت) المحلل في المعهد الجنوب أفريقي للشؤون الدولية إن : "ثمة دول كثيرة تأمل في أن تنشر إثيوبيا السلام في الصومال، لكنني اعتقد أن هذا من باب التمنيات"، مرجحاً عودة الإسلاميين إلى الظهور فضلاً عن ميليشيات الحرب السابقة.
وأبلغ ميليس زيناوي البرلمان الإثيوبي، أن قواته ستنسحب من الصومال في غضون أسابيع، قائلاً لأعضاء البرلمان : إن بقاءها (القوات الإثيوبية) في الصومال ستترتب عليه تكاليف باهظة.

الأوضاع الأمنية في الصومال الجديد
يسود التوتر جميع أنحاء مقديشو، منذ دخلت الحكومة الموالية للغزاة على متن الدبابات الإثيوبية، ويقول المراسلون : إن المدينة تشهد انتشاراً واسعاً للسلاح..

وعلى الرغم من دخول القوات الحكومية مقديشو مدعومة بالقوات الإثيوبية منذ أكثر من أسبوع، إلا أنها لم تتخذ حتى الآن أي خطوات عملية لملء الفراغ الذي تركته المحاكم الشرعية. وفي إشارة تلمح إلى مستقبل الأوضاع الأمنية في البلاد، رفض سكان مقديشيو دعوات الحكومة لهم بتسليم الأسلحة التي في حوزتهم، وانتهت المهلة التي حددتها الحكومة دون أي استجابة من المواطنين.. حيث تتخوف القبائل من أن عملية نزع السلاح تعتبر فقد للهوية فى مقديشو، بينما لم يتم نزع سلاح القبائل الأخرى. ونقلت وكالة فرانس برس للأنباء عن عبيدي بيلي قوله : " لا نريد نزعاً للسلاح من جانب واحد.. لا نحتاج لوجود الإثيوبيين بين ظهرانينا.. عليهم أن يرحلوا عن بلادنا".

ومع إحجام المقديشيين عن تسليم أسلحتهم، تشهد سوق الأسلحة في العاصمة حركة بيع وشراء نشطة، وأشارت وكالات الأنباء إلى هبوط أسعار الأسلحة الفردية إلى أرقام قياسية، مع تدفق كميات كبيرة من الأسلحة الخفيفة والثقيلة إلى جناح "رماة السماء" أو جناح الأسلحة والذخيرة في سوق "البكارو" بوسط مقديشو.. وسط إقبال كبير من التجار وزعماء المليشيات السابقة على شراء الأسلحة من المواطنين. ففي الوقت الذي تسعى فيه الحكومة إلى نزع أسلحة المواطنين، فإن شريحة أخرى من تجار السلاح يقومون بشراء الأسلحة منهم وبأثمان رخيصة، أملا في بيعها بأسعار مرتفعة كبيرة إذا سنحت الفرصة أو تحول الشأن السياسي المتقلب في الصومال إلى حرب طويلة الأمد، حيث تشير التقارير إلى تكالب شديد من قبل زعماء المليشيات على شراء السلاح.

وقد عاد عدد من أمراء الحرب إلى العاصمة مع دخول قوات الاحتلال، وتمركزوا في معاقلهم السابقة في مقديشيو وإن كانوا أقل قوة من الماضي، ولا يزال عدد من أمراء الحرب يحتفظون بعضويتهم في البرلمان على الرغم من إقالتهم من مناصبهم الوزارية في الحكومة بعد أن اختلفوا مع الرئيس ورئيس الوزراء. وقد جددت عودة أمراء الحرب المخاوف من عودة الوضع في العاصمة وجنوب الصومال إلى ما كان عليه قبل مجيء المحاكم الإسلامية، حيث كانت العاصمة مقسمة إلى "كنتونات" صغيرة يتحكم فيها 11 زعيم حرب لكل منهم ميليشياته الخاصة ونظامه الخاص، كما كان الحال أيضا في جنوب البلاد.

ونقلت مصادر صحفية أن رجال مليشيا أطلقوا صاروخاً على شاحنة نقط، قرب مقديشو ما أدى إلى سقوط عدد من المصابين في أول هجوم من قبل هذه الميليشيات. وأوضح المصدر أن رجال المليشيا أرادوا نهب أموال من كانوا بالشاحنة، التي كانت تحمل عشرات الركاب. ويقول المحللون : إن العودة السريعة لظهور أمراء الحرب تكشف سهولة إنزلاق الصومال إلى حالة الفوضى العارمة، التى كانت تسودها منذ الاطاحة بالرئيس محمد سياد برى عام1991.

وفي مشاهد تعيد للأذهان الفوضى التي ارتبطت بمقديشو، والتي توقفت إلى حد بعيد خلال حكم الإسلاميين للعاصمة، ألقت حشود الحجارة وأشعلت النيران في اطارات السيارات للتظاهر ضد القوات الإثيوبية. وذكر شهود عيان أن ثلاثة أشخاص قتلوا عندما تبادلت القوات المحتلة والمحتجون اطلاق النيران.. حيث سار فى الشوارع عدة مجموعات من عشرات الأشخاص التى تضم النساء والأطفال وهم يرددون عبارة "تسقط إثيوبيا".

كما شهدت مدينة "بلدوين" كبرى مدن وسط الصومال (340 كم شمال مقديشو) احتجاجات مماثلة يوم الأحد، إثر اعتقال قوات الاحتلال الإثيوبية قائد عسكري حكومي رفض تسليم أحد عناصر المحاكم الإسلامية، ووقعت أعمال شغب أثناء الاحتجاجات أسفرت عن مقتل أحد الأشخاص. وأثار اعتقال (العقيد أفرح) غضب السكان في المدينة، الذين خرجوا إلى الشوارع للاحتجاج على اعتقاله، وحدثت مواجهات بين المتظاهرين والقوات الحكومية التي نشرت علي نطاق واسع في شوارع المدينة، مما أدى إلى فتح الجنود الحكوميين النار على المتظاهرين وأدى ذلك الى مقتل شاب في السادسة والعشرين من عمره.

ونتيجة لتدهور الأوضاع الأمنية، ألغت مساعدة وزيرة الخارجية الأمريكية للشئون الأفريقية، جينداى فرايزر، الأحد 7/1/2007م زيارتها لمقديشو إثر كشف وسائل الإعلام عن الرحلة، وكان من المقرر وصول فرايزر على متن طائرة نقل عسكرية أمريكية لتكون أول زيارة لمسئول امريكى رفيع منذ الانسحاب العسكرى الأمريكى من الصومال عقب اسقاط البلاك هوك عام 1994، وتقرر استبدال عملية انتقال فرايزر على متن طائرة تابعة للأمم المتحدة قبيل الإعلان عن إلغاء الرحلة.

أين توجد قوات المحاكم؟
وفيما يتعلق بالمكان الذي لجأت إليه قوات المحاكم الشرعية، تجمع الآراء والتصريحات التي تأتي من هنا وهناك على وجودهم بمنطقة قريبة من الحدود الكينية. بينما لا يزال المكان الذي يتواجد فيه قادة الحركة مجهولاً ، ويعتقد أنهم لجأوا إلى مناطق واقعة بالقرب من الغابات الإستوائية الوعرة بأقصى جنوب الصومال، حيث كانت في السابق معقلاً لبعض القادة العسكريين للمحاكم، وهي مناطق معروفة بأحراشها وحيواناتها المفترسة ووعورتها.
ويقول محللون صوماليون : إن المقاتلين الإسلاميين قد يحاولون تأسيس مركز للقيادة في "رأس كامبوني" الاستراتيجية ذات التضاريس الجبلية والقاعدة السابقة للاتحاد الإسلامي وينشرون من هناك مجموعات من القناصة والمفجرين الماهرين.
ورغم اهتمام أديس أبابا وواشنطن باعتقال كبار زعماء مجلس المحاكم الإسلامية، إلا أن المحللين يشككون تماماً في فرص تمكنهم من هذا المسعى. وكانت واشنطن قد فشلت في اعتقال ثلاثة أشخاص تزعم ضلوعهم في تفجير سفارتيها في كينيا وتنزانيا في عام 1998 وتتهم مجلس المحاكم بتوفير ملاذ آمن لهم. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية "أ ف ب" عن مصدر حكومي قوله : إن عمليات المطاردة التي بدأتها السلطات للعثور على زعماء المحاكم الإسلامية، لم تؤد إلى إلقاء القبض على أي منهم. وقال وزير الإعلام علي جامع : "لم نلق القبض على أي منهم". وأضاف : " لا نعرف موقعهم بالتحديد، لكن نظن أنهم يختبئون في الغابة عند الحدود" الصومالية الكينية.

وبشكل خاص، لم يعرف بعد مصير الشيخ حسن طاهر أويس رئيس تنظيم المحاكم، ولا الشيخ شريف شيخ أحمد رئيس المجلس التنفيذي للحركة ورجلها الثاني، فيما تقول مصادر حكومية إنهما لا يزالا داخل البلاد، ولم يغادرا منطقة الأحراش عبر الحدود الكينية. وكان وزير الخارجية اليمني قد كشف عن أن عددًا من قيادات المحاكم موجودون حالياً في اليمن، لإجراء محادثات مع السياسيين اليمنيين. وقال أبو بكر القربي لصحفية "الخليج الإماراتية" الجمعة 5/1/2007: "وصلت إلى اليمن بعض قيادات المحاكم الصومالية، وسيتيح وجودها هنا فرصة للبحث في التوافق بينها وبين الحكومة الانتقالية في الصومال".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.