وجَّهت العديد من الأطراف الفلسطينية انتقاداتٍ حادَّةً إلى المحاولات التي تقوم بها الولاياتالمتحدة والكيان الصهيوني من أجل دفع الدول العربية إلى التطبيع مع الكيان. وحذرت حركة المقاومة الإسلامية حماس الدول العربية من الانسياق وراء المحاولات الصهيونية للتطبيع باستغلال الحديث القائم حول المبادرة العربية للتسوية. وقالت الحركة- في بيان صدر عن المتحدث باسمها في الضفة الغربية-: "إن الكيان الصهيوني يُخفي نوايا خبيثةً من وراء ضبابيته في الإعلان عن موقفه الرسمي من المبادرة العربية، ويحاول بذلك مخادعة الدول العربية، وجرَّها لدائرة التطبيع مع الاحتلال بلا مقابل"، مضيفًا أن الموقف الصهيوني من المبادرة العربية معروفٌ منذ أن وصفها رئيس الحكومة الصهيونية السابق أرييل شارون بأنها "لا تساوي الحبر الذي كُتِبَتْ به". وأوضح البيان أن رئيس الحكومة الصهيونية إيهود أولمرت يريد خداعَ العرب ودفعَهم نحو التطبيع، من خلال القيام بمناوراتٍ سياسيةٍ تحقق الأهداف الصهيونية دون إلزامهم بالمبادرة، مشيرًا إلى أن شارون قام بشنِّ عدوان "السور الواقي" في الضفة الغربية عام 2002م بعد يوم واحد من إقرار القمة العربية في بيروت لتلك المبادرة، في إشارةٍ صريحةٍ للموقف الصهيوني منها. يُذكر أن أولمرت كان قد أعلن استعداده للتفاوض مع الدول العربية حول المبادرة العربية للتسوية التي جدَّدت القمةُ العربيةُ الأخيرةُ في الرياض تأكيدَ التزام العرب بها، وتنص المبادرة على تطبيع الدول العربية العلاقات مع الكيان مقابل انسحابه من الأراضي العربية المحتلة عام 1967م وإعلان دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشريف على أراضي ال67 وحق لاجئي ال48 في العودة إلى ديارهم، ويريد الصهاينة أن يقوم العرب بالتطبيع قبل الانسحاب كما يريدون إسقاط حق العودة. وفي سياق متصل أكد الشيخ نافذ عزام- القيادي في حركة الجهاد الإسلامي- رفْضَ الحركة ما تسمى ب"رؤية بوش" جملةً وتفصيلاً؛ باعتبارها "استمرارًا للمشاريع والحلول التي تجيء لتكريس الهيمنة الصهيونية في المنطقة". و"رؤية بوش" هذه تتركَّز في المخطط الذي طرحه الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن لإعلان دولتَين فلسطينية وصهيونية انطلاقًا من خطة خريطة الطريق، وهي الخطة التي يرفض الصهاينة العديد من بنودها التي تنص بعضها على ضرورة وقف الفلسطينيين المقاومةَ ووقف الصهاينة بناءَ المغتصبات في الضفة الغربية، ويطالب الأمريكيون الفلسطينيين بتنفيذ البنود الخاصة بوقف المقاومة، ولا يتحدثون مع الصهاينة عن النشاطات الصهيونية في بناء وتوسيع المغتصبات في الضفة الغربية!! ونقل موقع (فلسطين اليوم)- التابع للجهاد الإسلامي- عن عزام قوله إن الحديث مرةً أخرى عن "رؤية بوش" إنما هو استهزاءٌ بنا كفلسطينيين واستهتارٌ بمشاعرنا وبكرامة الأمة كلها، مشيرًا أن المشروع الأمريكي يُمعن في إثارة الفتنة وممارسة الضغط علينا وعلى العرب والمسلمين من خلال عرضه لما تسمى "رؤية بوش". وفيما يتعلق بالحصار الصهيوني المفروض على الفلسطينيين ذكرت دراسة أشرف المركز الفلسطيني لاستطلاع الرأي على إعدادها لصالح منظمة أوكسفام الدولية أن أكثر من 80% من الأُسَر الفلسطينية تعاني من انخفاض في دخلها، فيما فقد نصف الأسر أكثر من 50% من دخله بسبب استمرار الحصار. وقال جيرمي هوبس- المدير التنفيذي لمؤسسة أوكسفام- إن استمرار الحصار الاقتصادي المفروض على الشعب الفلسطيني وفقدان السلطة الفلسطينية نحوَ 60% من دخلها خلال عام 2006م سيدفعان باتجاه المزيد من الفقر والحرمان وتزايد حدَّة المعاناة والجرائم والانفلات، وأضاف في تصريحات لقناة (الجزيرة) أن الآلية الأوروبية لتقديم المساعدات للفلسطينيين بعيدًا عن الحكومة لم تؤدِّ إلى أية نتائج وحقَّقت فشلاً كبيرًا في تحسين أحوال الفلسطينيين. يُذكر أن المنظمة كانت قد دعت الأوروبيين إلى التعامل مع الحكومة الفلسطينية مباشرةً من أجل إنقاذ الاقتصاد الفلسطيني المتردِّي؛ بسبب الحصار الذي يفرضه الغرب والكيان الصهيوني على الفلسطينيين منذ تشكيل حركة حماس للحكومة الفلسطينية السابقة لدفعها إلى الاعتراف بالكيان الصهيوني. إلا أن حركة حماس رفضت ذلك وتمَّ تشكيل حكومة وحدة وطنية لا تعترف بالكيان، الأمر الذي أدَّى إلى تفكُّك الحصار بإعلان بعض الدول الأوروبية التعامل المباشر مع الحكومة الفلسطينية واتفاق الدول العربية والإسلامية على كسر الحصار على الفلسطينيين.