وجهت العديد من الأطراف الفلسطينية انتقاداتٍ حادةً للزيارة التي قام بها وزيرا الخارجية المصري أحمد أبو الغيط والأردني عبد الإله الخطيب للكيان الصهيوني والتي بحثا خلالها ما يسمى بالمبادرةَ العربيةَ للتسوية. وقال عزت الرشق- عضو المكتب السياسي لحركة حماس إن تلك الزيارة تضر بالمصلحة الوطنية الفلسطينية ولا تخدم مصالح الأمة العربية مؤكدًا أن تلك الزيارة تصبُ في مصلحة الكيان الصهيوني. وأشار إلى أن الكيان الصهيوني لا يعطي فكرةَ التوصل إلى تسوية أية أولوية موضحًا أن أية تصريحات صهيونية حول التسوية هي محاولة لتضليل الرأي العام العالمي وكسب الوقت لمواصلة احتلالها وعملياتها العدوانية في الضفة الغربية وقطاع غزة وتهويد القدس. وشدد الرشق على أن المطلوب من العرب في هذه المرحلة تحديدًا هو التحرك من أجل رأب الصدع بين أبناء الشعب الفلسطيني ورعاية حوار وطني فلسطيني شامل لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي على قواعد تمكن شعبنا من تعزيز صموده ومواصلة مقاومته. من جانبها قالت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين إن زيارة أبو الغيط والخطيب للكيان ولقاءهما مع المسئولين الصهاينة في مدينة القدسالمحتلة تأتي لتصب في مصلحة الكيان الصهيوني بالمطلق. وأكدت الحركة أن هذا العدو الذي يستغل حالة الانقسام في الساحة الفلسطينية ليقوم بحملة علاقات عامة للتغطية على جرائمه وتهيئة الرأي العام لغض الطرف عن تصعيد صهيوني جديد للنيل من شعبنا وتضييق الخناق عليه مضيفةً أن هذه التحركات تتزامن مع زيارات عربية للكيان وكأن آمال وتطلعات الشعوب العربية قد تحققت وبات ترتيب العلاقة مع الاحتلال هو شغلها الشاغل. وشددت الحركة على أن مثل هذه الزيارة واللقاءات المتكررة بين العرب والمسئولين الصهاينة تنسجم مع المطامع الصهيونية الهادفة إلى تطبيع العلاقات مع الدول العربية مشيرةً إلى أن ذلك يعني أن كل ما يردده القادة السياسيون في الكيان الصهيوني حول إعلان دولة فلسطينية والرغبة في التوصل إلى تسوية هي مجرد خدع كلامية الهدف منها إغراء العرب وسحبهم للقبول بالوجود الصهيوني على أرض فلسطين. وكان أبو الغيط والخطيب قد قاما أمس بزيارةٍ إلى الكيان الصهيوني لمناقشة المبادرة العربية للتسوية وهي المبادرة التي جددت القمة العربية في الرياض التمسك بها. وقد اعتبر الصهاينة تلك الزيارة أول اتصالٍ مباشرٍ من جامعة الدول العربية مع الكيان لأنها تأتي من جانب طرفين مشاركين في اللجنة المكلفة من الجامعة للترويج للمبادرة حول العالم على الرغم من نفي الجامعة وأبو الغيط لذلك. وقد التقى أبو الغيط والخطيب مع عددٍ من المسئولين الصهاينة والقيادات السياسية ومن بينهم تسيبي ليفني وزيرة الخارجية وإيهود باراك وزير الحرب الذي يقود حزب العمل وبنيامين نتنياهو زعيم حزب الليكود . وأعرب أبو الغيط عن ارتياحه لما سمعه من تصريحاتٍ صهيونيةٍ قائلاً إنه لمس فيها نية الكيان الصهيوني القيام بخطواتٍ إيجابية نحو الفلسطينيين فيما وجَّه الخطيب دعوةً للكيان للقيام بتحركاتٍ إيجابيةٍ تجاه الشعب الفلسطيني!! من جهته أكد الخطيب أن المبادرة العربية للسلام تشكل فرصة تاريخية حث الاحتلال على عدم إضاعتها مشيرا إلى ضرورة إطلاق مفاوضات فلسطينية صهيونية جدية ترمي إلى إقامة دولة فلسطينية في إطار زمني محدد. وأوضح أنه لابد من توفير البيئة المناسبة لإنجاحها مطالبا بأن تتخذ دولة الاحتلال خطوات بتغيير الوضع على الأرض من خلال رفع الحصار والإغلاقات والانسحاب من المناطق الفلسطينية التي أعادت احتلالها بعد عام 2000. ولم تشر وزيرة الخارجية الصهيونية ولا نظيراها المصري والأردني إلى البنود التي تتحفظ عليها دولة الاحتلال في المبادرة. وخلال اجتماع بالوزيرين أكد رئيس الوزراء الصهيوني إيهود أولمرت ضرورة تبادل الأفكار حتى يمكن تحقيق تقدم مشيرا إلى أنه بدأ مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس خطوات يفترض أن تقود إلى إقامة دولة فلسطينية. وصرح أولمرت عقب لقاء مع الرئيس الصهيوني شمعون بيريز بأن هذه المحادثات ستستمر بوتيرة تم الاتفاق عليها حتى تثمر نتائج ملموسة. مشيرا إلى وجود ما أسماه بمبادرات من الجانب الصهيوني لدعم هذه المفاوضات. وفي استمرارٍ للتصريحات الاستفزازية من مسئولي فتح حذَّر اللواء جبريل الرجوب- عضو المجلس الثوري لحركة فتح والمستشار الأمني القومي الأسبق لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس- الأمريكيين من أي انسحابٍ لقوات الاحتلال الصهيونية من الضفة الغربية. ونقلت وسائل الإعلام الصهيونية عن الرجوب قوله لوفدٍ أمريكي إن حركة حماس "ستسيطر خلال أسابيع على كل الضفة إذا انسحب جيش الاحتلال منها"!! وجاءت هذه التصريحات بعد قليلٍ من إعلان رئيس الحكومة إيهود أولمرت أنه يريد الانسحاب من بعض الأراضي في الضفة الغربية. ونقلت جريدة (هاآرتس) الصهيونية في عددها أمس عن أولمرت أنه يريد إعلان دولة فلسطينية على 90% من أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة. ولا تعتبر تلك المرة الأولى التي يلجأ فيها التيار الانقلابي في فتح إلى الكيان الصهيوني لدعمه أمام حركة حماس حيث تلقى ذلك التيار كميات من الأسلحة لاستخدامها ضد عناصر حماس الأمر الذي قاد إلى الأحداث الأخيرة في قطاع غزة والتي انتهت بسيطرة حماس على القطاع. في هذه الأثناء تواصلت أزمة العالقين الفلسطينيين على معبر رفح بين مصر وقطاع غزة وهي الأزمة المستمرة منذ أكثر من شهر نتيجة إغلاق المعبر بعد رحيل المراقبين الأوروبيين عنه إثر مطالباتٍ صهيونيةٍ لهم بذلك وتشير الأرقام إلى أن حوالي 31 فلسطينيًّا قد توفوا بسبب سوء الأوضاع على المعبر. وفي محاولةٍ لحل الأزمة قدمت رابطة علماء فلسطين مبادرة من ثلاثة نقاطٍ لحل الأزمة وقال الدكتور مروان أبو راس إن المبادرة تتكون من ثلاث نقاط الأولى تولي الشرطة الفلسطينية إدارة المعبر والثانية عودة المراقبين الأوروبيين والثالثة إشراف المجلس التشريعي الفلسطيني على المعبر موضحًا في هذا الإطار أن هناك لجنتين في التشريعي لهما علاقة واضحة بهذا الأمر هما لجنة الداخلية والأمن ولجنة الرقابة. وطالب أبو راس بإيجاد حلول لهذه الأزمة العالقة مناشدًا الجميع وقف هذه الجريمة التي تتواصل بحق أبناء الشعب الفلسطيني مستنكرًا الصمت العربي الرسمي إزاء ما يجري على المعبر وتساءل عن مصير الأزمة إذا كانت تتعلق باحتجازٍ صهيوني على أحد المعابر العربية!!