تواصلت اعترافات جيش الاحتلال الأمريكي في العراق بخسائره البشرية والعسكرية حيث أعلن في بيان اليوم الثلاثاء أن ثلاثة من جنوده لقوا مصرعهم أمس الاثنين في مدينتي كركوك والأنبار . وقال بيان الاحتلال إن جنديا أمريكيا لقي مصرعه في تفجير شاحنة نفذها أحد عناصر المقاومة العراقية في كركوك استهدف مديرية التحقيقات الجنائية العراقية فيما أصابت العملية جنديين آخرين بجروح . وأوضح جيش الاحتلال في بيان آخر أن جنديين آخرين قتلا أمس أيضا أحدهما أثناء عملية قتالية في محافظة الأنبار غربي بغداد والآخر بانفجار عبوة ناسفة قرب عربته خلال عملية عسكرية في الفليحات في المحافظة نفسها. وتأتي العمليات الثلاثة بعد يوم واحد من اعتراف الاحتلال بمقتل ستة من جنوده في العراق خلال اليومين الماضيين فيما أعلنت وزارة الحرب البريطانية عن مقتل جندي بريطاني في البصرة في الوقت الذي أشارت فيه تقديرات الحكومة العراقية – العميلة – إلى زيادة عدد القتلى المدنيين بنسبة 15% خلال الشهر الماضي. كما يتزامن وقوع هذه العمليات بعد يومٍ واحد من قيام السيناتور الجمهوري جون ماكين المرشح لانتخابات الرئاسة الأمريكيَّة المقبلة بزيارةٍ خضعت لحراسةٍ مُشدَّدة لإحدى أسواق بغداد. وقال ماكين- وهو من الجمهوريين الجدد المتعصِّبين للرئيس جورج بوش الصغير وسياساته الجديدة في العراق- إنَّ الإعلام يَحمِل مسئولية تغطية الجوانب الإيجابيَّة والسَّلبيَّة للحرب التي يزداد استياء الرَّأي العام الأمريكي منها- على حد قوله - وفي تطورات أخرى فقد منح خاطفو الألمانيين ماريان غيب كراواس (61 عاما) المتزوجة من طبيب عراقي وابنها سنان كاظم (20 عاما) عشرة أيام إضافية لألمانيا كي تسحب قواتها من أفغانستان قبل إعدامهما . ونشرت جماعة سهام الحق أيضا شريط فيديو تظهر فيه كراوس وهي تحث ألمانيا على تلبية مطالب الخاطفين. أما أمريكيا فقد تصاعدت حدة الخلاف فيما بين الرئيس الأمريكي جورج بوش والديمقراطيين الذين يسيطرون على الكونجرس إلى حد تزايد احتمالات وقوع أزمة دستورية وسياسيَّة واسعة النِّطاق بعد أنْ قرَّر الدِّيمقراطيُّون زيادة ضغوطهم على إدارة بوش بشأن مطالبتهم بانسحاب تدريجي من العراق ومهدِّدين بإلغاءِ قسمٍ من الأموال المُخصَّصة للحربِ على العراقِ بعد شهر مارس من العام 2008م القادم. كما قدم زعيما الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ الأمريكي السيناتور هاري ريد والسيناتور روس فاينجولد مشروع قانون ينص على أنَّه في حالة أنَّه لم يتم سحب القسم الأكبر من القوات الأمريكية المُقاتلة في العراق قبل 31 مارس 2008م فإنَّ الأموال التي سوف يصوِّت عليها الكونجرس في خصوص الحرب في العراق لن تسمح إلا بتمويل العمليات ضد تنظيم القاعدة وتدريب القوات العراقية وحماية الطواقم والمنشآت الأمريكية العاملة في العراق. وأوضح ريد وفاينجولد أن اقتراح القانون يهدف إلى التصدِّي للفيتو الذي هدَّد الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن باستخدامه ضد مشروعات قوانين وقراراتٍ تبنَّاها مجلسا الشيوخ والنواب الأمريكيَّان مؤخرًا وتربط بين تمويل الحرب في العراق بجدولٍ زمني لسحب القوات الأمريكية المقاتلة هناك. ويتضمن مشروع القانون الذي وافق عليه مجلس الشيوخ في قراءته الأولى ميزانيَّةً تُقدَّر بنحو 122 مليار دولار تخصص لتمويل العمليات العسكرية في العراق وأفغانستان للعام الجاري. من جانبه وفي أول رد فعل للبيت الأبيض على هذه التَّحرُّكات ندَّد نائب الرئيس الأمريكي ريتشارد تشيني بما وصفه ب"مكائد الدِّيمقراطيِّين". وقال تشيني إنَّ الولاياتالمتحدة سوف تخسر الحرب في العراق في حال حدَّدت جدولاً زمنيًّا للانسحاب. وأضاف تشيني لقد آن الأوان كي يفهم الذين نصَّبوا أنفسهم استراتيجيين في الكابيتول (مقر الكونجرس) هذا المفهوم البسيط، لا يمكنكم أنْ تربحوا الحرب إذا قلتم لعدوِّكم متى سترحلون. وأوضح نائب الرئيس الأمريكي أن الوسيلة الوحيدة كي نخسر هي الرحيل ولكنه ليس خيارًا.. سوف نُنهي المهمَّة، وسننتصر- على حد زعمه. وكان تشيني قد انتقد أمس الكونجرس واستراتيجيته الساعية لفرض الانسحاب الأمريكي من العراق مكررا تهديد الرئيس جورج بوش باستخدام حق النقض "الفيتو" للحيلولة دون تمرير إجراءات تربط مبلغ تمويل الحرب الإضافي وقدره 100 مليار دولار بسحب القوات الأمريكية في موعد أقصاه العام 2008. وقال تشيني في حفل أقامه السيناتور الجمهوري جيف سيشنس في ألاباما لجمع تبرعات لحزبه إن دور قيادة الجيش الأمريكي هو إبلاغ الرئيس بهذه الخطط وليس الكونجرس. وأوضح تشيني أن النواب الديمقراطيين يسعون إلى الضغط على بوش لقبول قيود غير حكيمة وغير مناسبة تفرض على قادتنا. من جهته ردّ زعيم الأغلبية في مجلس النواب الأمريكي النائب الديمقراطي ستيني هويار على تشيني بالقول إن تصريحاته تظهر أن الإدارة الأمريكية منقطعة عن وجهة نظر الشعب الأمريكي الذي يطالب بتغيير المسار وبسياسة مصممة للنجاح. وفي سياق متصل فقد قررت وزارة الحرب الأمريكية إبقاء التعزيزات التي أرسلت إلى العراق وعددها 30 ألف جندي حتى نهاية أغسطس المقبل على أقل تقدير. وقال المتحدث باسم البنتاجون براين ويتمان إن قرارا اتخذ بنشر تسعة آلاف جندي سيحلون محل الوحدات التي أنهت خدمتها موضحا أن هذا القرار سيسمح بإبقاء التعزيزات حتى نهاية أغسطس القادم. وفي هذه الأثناء وعلى الصعيد السياسي أكد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي – الموالي للاحتلال - للرئيس الأمريكي جورج بوش حرصه الشديد على مواصلة ما أسماه ب " الإصلاحات السياسية" للمساهمة في تعزيز المصالحة الوطنية وتحقيق الأمن والاستقرار في البلاد. وقال بيان حكومي إن المالكي وبوش اتفقا في اتصال عبر دائرة تلفزيونية مغلقة مساء أمس على ضرورة الاستمرار في دعم ما يسمى ب " خطة أمن بغداد" حتى تحقيق النصر الكامل على جميع الخارجين عن القانون – بحسب زعمه- كما شددا على أهمية عقد مؤتمر وزاري إقليمي حول العراق دون تحديد موعد لانعقاده. وأوضح المتحدث باسم البيت الأبيض غوردون جوندرو أن بوش جدد خلال الاتصال دعمه للحكومة العراقية.