تنبأ كاتبان بلجيكيان متخصصان بالشان الصهيونى زوال الكيان في غضون عقدين، معتبرين ان مستقبله على المدى القريب والمتوسط يدور حوله شك. وساق الكاتبان ريشار لاوب، وأوليفيا بركوفيتش، جملة عوامل داخلية وخارجية لتنبؤهما بزوال الكيان الصهيونى في كتاب مشترك صدر مؤخرا بعنوان "اسرائيل مستقبل يكتنفه الشكوك" ويخلص الى ان مستقبل إسرائيل على المدى القريب والمتوسط في موضع شك، وأن وجودها ككيان سياسي أو ك "دولة" غير مضمون بعد 10- 20 عاما بسبب جملة عوامل داخلية وخارجية. وعرض موقع " عرب 48 " على الانترنت هذا الكتاب للباحثين البلجيكيين المتخصصين بالشؤون الصهيونيه، وصدر بالعبرية هذا الاسبوع عن دار "ريسلينغ"، وترجمه عن الفرنسية أفنير لاهف، وقد لقي نشره في اسرائيل أصداء واسعة خصوصا في الاوساط الأكاديمية. وتطرق الكتاب لجملة اسباب وعوامل تجعل مستقبل الكيان في موضع شك، حيث يرى الكاتبان البلجيكيان أن وجود الكيان في الشرق الأوسط مهدد بالزوال إذا لم يُحسن قادتها التعامل مع العوامل الخارجية والداخلية التي تحدد مستقبلها وتؤثر على وجودها، ويعددان ثمانية عوامل تؤثر على وجود الكيان الصهيونى مستقبلا، ويخصصان فصلا لكل واحد منها . ففي الفصل الاول تحت عنوان " العداء لإسرائيل" يرى الكاتبان أن ما يسمى بتنامي العداء للسامية والصهيونية له تأثير على وجود الكيان الصهيونى ، معتبرين أن هذا العداء هو ليس وليد الإرث الديني والثقافي للغرب فحسب، بل متأثر أيضا بسياسات الكيان المشوهة، وتوظيف المحرقة لأهداف سياسية، واستمرار اضطهاد الشعب الفلسطيني في المناطق المحتلة عام 1967. وفي الفصل الثاني بعنوان " صعود القوى الإسلامية في الدول المحيطة" يتطرق الكتاب الى صعود القوى الإسلامية في دول الجوار، التي تنظر إلى الكيان الصهيونى ك امتداد للإمبريالية الغربية البشعة ووليدة لها ، ويتوقع الكاتبان أن تتنامى هذه الظاهرة مستقبلا وأن تمهد لمعارك أيدلوجية وديبلوماسية وعسكرية ضد الكيان. اما الفصل الثالث الذي خصص للثورات العربية او "الربيع العربي" فان الكتاب يتطرق للتغييرات داخل الدول المعادية للكيان الصهيونى واستمرار حالة عدم الاستقرار (الثورات العربية). ويرى الكاتبان أن التغييرات في الدول العربية لن تترجم لسياسة إقليمية تتقبل وجود الكيان، بل على العكس تمامًا، مشيرين إلى أنه في حال استتباب الاستقرار في تلك الدول، المتحاربة فيما بينها، فإن ذلك سيؤدي إلى توحيد قواها ضد الكيان الصهيونى. وفي الفصل الرابع من الكتاب بعنوان " محدودية القوة " يتحدث الكاتبان عن الحروب الحديثة، ويقولان إن التكنولوجيا الحديثة وفرت أدوات جديدة ومن ضمنها إمكانية شن هجمات مدمرة عن بعد. ويشير الكاتبان إلى أن الكيان لن يتمكن مستقبلا من إدارة المعارك في أراضي العدو فقط، وسيكون عرضة للهجمات، لا سيما الشريط الساحلي. يرى الكاتبان في الفصل الخامس بعنوان "تراجع التاييد" ان تراجع التاييد الدولي للكيان الصهيونى هو العامل الخامس المؤثر على وجوده مستقبلا، ويشير الكاتبان إلى أن تراجع هذا التاييد- لا سيما دعم الولاياتالمتحدة، له الأثر البالغ على مستقبل الكيان . ويفسر الكاتبان سبب هذا التراجع بظهور جيل جديد في أوروبا والولاياتالمتحدة لا يشعر بالذنب جراء وقوع المحرقة، (فضلا عن استخدام الكيان الصهيونى للمحرقة لأهداف سياسية)، هذا إلى جانب التغييرات الواسعة في سياسات الغرب الخارجية في ضوء صعود قوى عالمية جديدة (كالصين والهند والبرازيل)، وعلى ضوء الاهتمام العالمي بالحصول على المواد الخام غير المتوفرة في الكيان الصهيونى. اما العامل السادس بحسب الكتاب، فهو الرأي العام العالمي، الذي يقول الكاتبان انه سيرد بعدائية إذا ما تبين له أن النوايا الحقيقية للكيان الصهيونى هي ضم الأراضي المحتلة عام 1967 وإقصاء وتهميش الفلسطينيين. ويشير الكاتبان إلى أن هذا التوجه سيتعزز إذا ما واصل يهود العالم تمويل العدوانية الصهيونية في هذا المجال (مجال تمويل البناء الاستيطاني). والعامل الآخر الذي يؤثر على وجود الكيان على المدى المتوسط بحسب الكتاب هو العامل الجغرافي، اذ يشير الكاتبان إلى أن الكيان دولة صغيرة وضيقة، وفي حال تعرضها لهجوم منظم بوسائل تكنولوجية متقدمة، فإن ضرب مواقعها الاستراتيجية أمر لا يمكن منعه. اما العامل الاخير فهو الصراعات الداخلية والتصدعات داخل المجتمع الصهيونى، اذ يشدد الكاتبان البلجيكيان على أن التصدعات والصراعات تضعف الكيان من الداخل. وأن النمو الديموغرافي يلعب لصالح قوى غير صهيونية مناهضة للدولة - يقصد بها هنا فلسطينيي الداخل في اراضي العام 1948 -، كما يلعب لصالح الجماعات الاستيطانية التي باتت تتبوأ مراكز مهمة في التركيبة السياسية وفي الجيش. ويشير الكاتبان إلى أنه في هذه الحالة، أي هيمنة الجماعات الاستيطانية على المفاصل السياسية والعسكرية فإن النظام السياسي يفقد فاعليته، وتصبح القرارات خاضعة لأهواء واعتبارات تفتقر للموضوعية. ويتطرق الكاتبان البلجيكيان إلى "الأقلية الفلسطينية" في الداخل ونسبتهم من سكان الكيان، ويصفانهم بأنهم أقلية قومية كبيرة تثري التعددية الثقافية - دون أن يتطرقا الى ذكر نكبة فلسطين وتهجير اهلها -. ويصف الكاتبان الديمقراطية الإسرائيلية بأنها ديمقراطية إثنية، ويريان أن الحل الأمثل هو تحولها لديمقراطية ليبرالية مشيرين إلى أن مواصلة تل ابيب التمسك بخيار الديمقراطية الإثنية يعني إقصاء متعمد للأقلية الفلسطينية.