محافظ القليوبية يعتمد تنسيق القبول بالصف الأول الثانوي العام    طلاب جامعة الإسكندرية يستقبلون عميد كلية الأعمال بممر شرفي (فيديو وصور )    تباين أسعار العملات الأجنبية في بداية تعاملات اليوم الخميس 13 يونيو    تراجع كبير في أسعار الذهب عالميا بعد قرار الفيدرالي الأمريكي    البريد يصدر طابعا تذكاريا لمرور 90 عاما على إنشاء الإذاعة المصرية    حزب الله: استهدفنا موقع الراهب الإسرائيلي بقذائف المدفعية    الناتو: فرنسا ستظل حليفا قويا ومهما لنا بغض النظر عن حكومتها المقبلة    استبعاد لاعب بيرو من كوبا أمريكا بسبب طلب غريب    تشكيل بيراميدز المتوقع أمام سموحة بالدوري المصري    انطلاق ماراثون الدراجات الهوائية بكفر الشيخ    ضبط شخص تخصص في تزوير المحررات مقابل مبالغ مالية    سلمى أبو ضيف تنشر صور عقد قرانها على إدريس عبد العزيز    هاجر أحمد تكشف عن صعوبات تصوير فيلم «أهل الكهف»    محافظ كفر الشيخ يكلف بالإسراع في إنهاء ترميم مسجد «أبو غنام» الأثري    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 13-6-2024    أستاذ طب نفسى: اكتئابك مش بسبب الصراعات.. إصابتك بالأمراض النفسية استعداد وراثى    حظر وضع أسماء الدول على العلامات التجارية لشركات التدريب المهني    التعليم العالي تعلن صدور قرارات جمهورية بتعيين قيادات جامعية جديدة    ضياء السيد: طلب كولر بشأن تمديد عقد موديست منطقي    «عنيف ومش في صالحه».. شوبير يرد على بيان بيراميدز بشأن أزمة رمضان صبحي    محافظ القليوبية يقود حملة لإزالة التعديات على 2300 م2 أرض زراعية بالخانكة    بدء تصعيد حجاج القرعة فجر غد للوقوف بعرفات لأداء الركن الأعظم    تأجيل محاكمة 4 متهمين شرعوا في قتل مزارع بكرداسة إلى 11 سبتمبر    انتشار الحملات المرورية لرصد المخالفات بمحاور القاهرة والجيزة    الحبس سنة لعصابة سرقة الشقق السكنية بالسلام    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى العجوزة دون إصابات    بعد قليل.. النطق بالحكم على 16 متهمًا بتهريب المهاجرين إلى أمريكا    بمشاركة عربية وأفريقية.. انطلاق قمة مجموعة ال7 في إيطاليا    حريق ضخم بالخرطوم بحري.. ومجلس الأمن يعتزم التصويت لوقف حصار الفاشر (تفاصيل)    وسائل إعلام عبرية: دوي 3 انفجارات في ميناء حيفا ومحيطه    اليوم.. موعد عرض فيلم "الصف الأخير" ل شريف محسن على نتفليكس    السفير بوريسينكو يؤكد سعادة موسكو بانضمام مصر لبريكس    يوم عرفة.. إليك أهم العبادات وأفضل الأدعية    5 أعمال لها ثواب الحج والعمرة.. إنفوجراف    "سويلم": روابط مستخدمي المياه تمثل منصة تشاركية للمزارعين للتعبير عن مطالبهم    أخصائية تغذية تحذر من منتجات غذائية شائعة تزيد من خطر الإصابة بالسرطان    نصائح صحية لتقوية مناعة طلاب الثانوية العامة خلال فترة الامتحانات    المشاط تبحث مع مسئولي الوكالة الصينية للتعاون الإنمائي تفعيل مذكرة التفاهم حول مبادلة الديون    الدول العربية تعلن إجازة عيد الأضحى.. مصر الأطول ب9 أيام ولبنان الأقصر ب«يومين»    هاني سري الدين: تنسيقية شباب الأحزاب عمل مؤسسي جامع وتتميز بالتنوع    "عودة الدوري وقمة في السلة".. جدول مباريات اليوم الخميس والقنوات الناقلة    «معلومات الوزراء»: 73% من مستخدمي الخدمات الحكومية الإلكترونية راضون عنها    رئيس جامعة المنيا يفتتح الملتقى التوظيفي الأول للخريجين    وزيرة الهجرة تشيد بتشغيل الطيران ل3 خطوط مباشرة جديدة لدول إفريقية    بالتعاون مع المتحدة.. «قصور الثقافة»: تذكرة أفلام عيد الأضحى ب40 جنيهاً    وزيرة التخطيط تلتقي وزير العمل لبحث آليات تطبيق الحد الأدنى للأجور    حريق هائل في مصفاة نفط ببلدة الكوير جنوب غرب أربيل بالعراق | فيديو    "الله أكبر كبيرا.. صدق وعده ونصر عبده".. أشهر صيغ تكبيرات عيد الأضحى    فطيرة اللحمة الاقتصادية اللذيذة بخطوات سهلة وسريعة    قرار عاجل من فيفا في قضية «الشيبي».. مفاجأة لاتحاد الكرة    حظك اليوم برج الأسد الخميس 13-6-2024 مهنيا وعاطفيا    لأول مرة.. هشام عاشور يكشف سبب انفصاله عن نيللي كريم: «هتفضل حبيبتي»    عيد الأضحى 2024.. هل يجوز التوكيل في ذبح الأضحية؟    الوكيل: تركيب مصيدة قلب مفاعل الوحدة النووية ال3 و4 بالضبعة في 6 أكتوبر و19 نوفمبر    مدرب بروكسيي: اتحاد الكرة تجاهل طلباتنا لأننا لسنا الأهلي أو الزمالك    حزب الله يعرض مشاهد لعملية استهداف مقر إسرائيلي    حازم عمر ل«الشاهد»: 25 يناير كانت متوقعة وكنت أميل إلى التسليم الهادئ للسلطة    مدحت صالح يمتع حضور حفل صوت السينما بمجموعة من أغانى الأفلام الكلاسيكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خواطر عربية "اختراع الشعب اليهودي" ينسف مطالب نتنياهو
نشر في الجمهورية يوم 25 - 11 - 2010

في هذه الفترة من الضعف والتراجع العربيين. وفي حين يتكرر مطلب بنيامين نتنياهو وحكومته وحزبه واليمين الصهيوني المتطرف.. مطلب الاعتراف بإسرائيل "دولة يهودية" أو "دولة الشعب اليهودي". يأتي هذا الكتاب ليوجه ضربة وصفعة قوية لكل من يردد هذه الادعاءات. وينسف من الأساس كل البنيان الفكري والتاريخي والسياسي الذي قامت عليه الصهيونية منذ أواخر القرن التاسع عشر. إنه كتاب "اختراع الشعب اليهودي".
وهو ليس بالكتاب الجديد تماماً. الجديد هو صدور ترجمته العربية. بعد أن صدر بالعبرية في إسرائيل في 2008 أي في العام السابق مباشرة علي عودة نتنياهو إلي الحكم. وأثار صدوره ردود فعل واسعة في داخل إسرائيل. واحتل لمدة 19 أسبوعاً صدارة قائمة أكثر الكتب مبيعاً. وانتقلت ردود الفعل الواسعة إلي الأوساط الثقافية والسياسية في بريطانيا وأمريكا وفرنسا حين تمت ترجمة الكتاب إلي اللغتين الإنجليزية والفرنسية في العام الماضي. أي 2009. حيث وصف الكتاب بأنه من أكثر الدراسات المثيرة. إن لم يكن الأكثر إثارة في تاريخ اليهود". علماً بأن الموضوع الأساسي للكتاب ليس جديداً إذ سبق أن تناولته كتب ودراسات عديدة. سواء في إسرائيل أو في خارجها. واتفقت جميعها علي أن "القومية اليهودية خرافة" تم تصنيعها أساساً مع قيام الصهيونية فكرة وحركة. يكفي هنا أن نذكر -علي سبيل المثال لا أكثر- كتاب عالمي الآثار "إسرائيل فلنكشتاين" وآشر سيلبرمان عن "كشف الغطاء عن التوراة". وكتاب "بوعز عنرون" بعنوان "الحساب القومي" الذي صدر في 1988. وكتاب "كيث ويتلام" عن "اختلاق إسرائيل القديمة". وغيرها وغيرها. كل واحد من هذه الكتب هز إسرائيل هزة عميقة. وصدرت حوله كتابات تجاوزت حجمه الحقيقي عدة مرات. وربما عشرات المرات.. ولم يكن المفكر العربي بعامة بعيداً عن متابعة هذا كله ورصد ردود أفعاله في داخل إسرائيل وفي الدوائر الصهيونية واليهودية.. وعلي سبيل المثال. فإن كتاب "الحساب القومي" تمت ترجمته في القاهرة. وصدر عن مركز الدراسات الشرقية بكلية الآداب في جامعة القاهرة في 1995. وقام بترجمته الأستاذ الدكتور محمد محمود أبوغدير رئيس قسم اللغة العبرية بكلية الدراسات الإنسانية بجامعة الأزهر الذي كتب مقدمة للترجمة العربية. اهتم فيها بإبراز ردود الفعل الإسرائيلية علي الكتاب. ومن أسف أن هذه الترجمة الرصينة لم تلق الاهتمام الذي كانت تستحقه مصرياً وعربياً. وربما لم يسمع كثيرون إلي الآن عن مركز الدراساات الشرقية في آداب القاهرة. مع أنه واحد من أهم المراكز البحثية في بلادنا في شئون "المشرق" بعامة وليس في الشئون الإسرائيلية فقط. علماً بأن كتاب "الحساب القومي" ركز أساساً علي القضية التي تناولها كتاب "اختراع الشعب اليهودي" الذي كتبه "شلومو ساند" وهو كاتب ومؤرخ إسرائيلي. وأستاذ التاريخ بجامعة تل أبيب. وقد صدرت ترجمته العربية منذ أسابيع قليلة في طبعتين إحداهما في مدينة رام الله في فلسطين عن "المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية- مدار" والثانية المكتبة "الأهلية" في العاصمة الأردنية عمان. وقام بالترجمة العبرية مترجم فلسطيني معروف هو سعيد عياش. ووثق الترجمة أسعد زعبي. وراجعها وقدم لها كاتب فلسطيني آخر معروف هو انطوان شلحت. وكتب "شلومو ساند" مقدمة خاصة للطبعة العربية أشار فيها إلي الشاعر الراحل محمود درويش الذي ذهب البعض إلي أنه كتب قصيدته "جندي يحلم با لزنابق البيضاء" عن "شلومو ساند" هذا. والذي رآه بعد عدوان .1967 ويقول درويش في هذه القصيدة: "بحلم بالزنابق البيضاء.. بغصن زيتون. قال لي إن الوطن أن أحتسي قهوة أمي.. أن أعود في المساء.. سألته: والأرض؟ قال: لا أعرفها ولا أحس أنها جلدي ونبضي".
علي أية حال "اختراع الشعب اليهودي" هو عنوان هذا الكتاب في الترجمة العربية. وكذلك في الترجمة الإنجليزية. في حين أنه في الترجمة الفرنسية: "كيف تم اختراع الشعب اليهودي؟". ويبدو أن هذا هو العنوان الأصلي في اللغة العبرية. ولكن أياً من العنوانين لم يؤثر في مضمون الكتاب الذي ترجع أهميته إلي ظروف توقيت صدوره في 2008. وفي ظروف توقيت ترجمته إلي العربية من ناحية. كما ترجع إلي أن "شلومو ساند" استجمع بمنهج تاريخي جميع الكتابات التي تناولت الموضوع الذي طرقه. ثم نسج هذا الموضوع نسجاً جديداً لم يسبقه إليه أحد في شجاعته وصراحته. علماً بأنه يعلن ويعترف أنه ليس معادياً لإسرائيل. وأحيانا يحاول أن ينفي عداءه للصهيونية. ولكنه ينتقد إسرائيل بشدة ويراها كياناً عنصرياً منغلقاً علي ذاته. ويقول: "ليس هناك وجود لإسرائيل كدولة يهودية". من الناحية التاريخية. وهذه فكرة تنسف الصهيونية من أساسها. بكل ما ترتب وما يترتب عليها. بما في ذلك الكيان الصهيوني الذي يذهب "شلومو ساند" إلي أنه لا يدعو إلي القضاء عليه. هل في هذا الموقف ضرب من التناقض؟
رداً علي سؤال مباشر: هل أنت ضد الصهيونية؟ قال ساند: "كلا. لأن المرء إذا عرَّف نفسه بكونه ضد الصهيونية. سيُحمل علي أنه ضد إسرائيل. غير أني أدافع عن وجود دولة إسرائيل. لأني أقبل ثمرة المشروع والتاريخ الصهيونيين: المجتمع الإسرائيلي. ومع ذلك. لست صهيونياً. لأن الذي يبرر وجودي هنا "أي في إسرائيل" هو كوني ديمقراطيا. ذلك يعني أن الدولة ينبغي أن تكون تعبيراً عن جسمها الاجتماعي لا تعبيراً عن يهود العالم بأكمله". ويضيف "ساند" -في الحوار نفسه الذي اقتبسنا منه هذا الجواب- أنه يقف ضد "الدولة الواحدة لشعبين" لماذا؟ لأنه ستكون الأغلبية فيها للعرب". ويمضي في هذا الحوار قائلاً:
** أدعو الإسرائيليين إلي التراجع فوراً وبأسرع وقت ممكن إلي حدود 1967. والقصد هو المحافظة علي الأغلبية اليهودية- الإسرائيلية.
** يجب علي الجمهورية الإسرائيلية أن تكون علمانية وديمقراطية.
.. في عالمي الخيالي. تبقي الدولة الواحدة ذات القوميتين أعدل الحلول.
** الحياة في الشرق الأدني لا تكون إلا عبر التعايش مع الثقافة العربية. بل أتمني كونفدرالية إسرائيلية - فلسطينية فورية بعد أن تنسحب إسرائيل إلي حدود .1967
** من الغباء العنصري أن نقول مثل "عاموس عوز" -كاتب وروائي إسرائيلي- إنه يجب تطليق العرب.
في حالة السلام سنصير عرباً بشكل ما. مثلما صار الفرنسيون أوروبيين بنفس القدر.
إن جوهر كتاب "اختراع الشعب الإسرائيلي" هو نسف "الأساطير المؤسسة لشعب إسرائيل العائد إلي أرضه من رحلة التيه" والشتات. فكيف يستقيم هذا مع تبرير "شلومو ساند" لوجود وبقاء إسرائيل؟ سؤال تم طرحه عليه في جامعة القدس الفلسطينية. وأجاب عليه بطريقة مأساوية. وهي الإجابة نفسها التي وردت في كتابه. وهي إن طفلاً جاء إلي الدنيا من عملية اغتصاب له الحق في الحياة "إن إنشاء إسرائيل من قبل يهودي- الكثير منهم كانوا من الناجين من معسكرات الإبادة- هو عملية اغتصاب ضد السكان العرب في فلسطين. هذا الاغتصاب انشأ المجتمع الإسرائيلي الذي تشكل علي مدي سبعين عاما ونمَّي ثقافته. لا نعالج مأساة بخلق مأساة أخري. لهذا الطفل الحق في الوجود علي أن نعلِّمه كي لا يستعيد صنيع أبيه. لو كنا قبل ثلاثين سنة. لما قلت. ربما. هذا الكلام. ولكن العالم العربي اعترف بإسرائيل. كذلك. فعلت منظمة التحرير الفلسطينية بعد نصف الا نتصار الذي حققته الانتفاضة "الأولي". لنعطي حماس فرصة أيضاً. ودون أن نبحث عن أعذار لها. لا ننسي أن الذين يطلقون صواريخهم علي عسقلان يعرفون أنها بنيت علي أنقاض قرية عربية كبيرة في المجدل طرد منها آباؤهم في 1950".
كلمات "شلومو ساند" هذه أدلي بها بعد عام تقريباً من نشر كتابه بالعبرية. وبعد أيام من وقف عجلة العدوان الإسرائيلي علي غزة. وهي تلقي أضواء علي فكر صاحب "اختراع الشعب اليهودي". وهو فكر جدير بوضعه في الاعتبار عند قراءة هذا الكتاب. دون أن يؤثر هذا في أهمية الكتاب. سواء من حيث مضمونه أو من حيث توقيت صدوره. في وقت يتعالي فيه صراخ اليمين الصهيوني الحاكم للاعتراف بإسرائيل "دولة يهودية" أو "دولة للشعب اليهودي". وهنا يتصدي مؤرخ وكاتب يهودي بشجاعة لهذا الإفك ليعلن أن الروايات التاريخية التي بنيت عليها فكرة الشعب اليهودي الواحد روايات ملفقة ومغالطات متعمدة ترجع أساساً إلي القرن التاسع عشرة وقد نسج "شلومو ساند" رؤيته بكفاءة واقتدار مسترجعاً جذور "الكتابة اليهودية" تفصيلاً. وهي تفصيلات تحتاج إلي مجال آخر. "تقع الترجمة العربية في أكثر من 400 صفحة".
يكفي أن مؤرخاً يهودياً يعيش في إسرائيل يسجل ويؤرخ ويؤكد أن ما يسمي "طرد الشعب اليهودي من أرضه" لم يحدث أبداً من ناحية عملية. وأن رواية الطرد والتشريد كانت ضرورية لبناء ذاكرة للمدي البعيد تم فيها وضع شعب عرقي متخيل ومنفي باعتباره استمراراً مباشراً للشعب التوراتي القديم. وبصريح العبارة يقول شلومو ساند: "شرعت بالتفتيش عن كتب تبحث في طرد اليهود من البلاد وعن سبب أو عن حدث مؤسسي في التاريخ اليهودي. كالمحرقة النازية تقريبا. لكنني فوجئت حين تبين لي أنه لا وجود لكتب أو أدبيات توثق مثل هذا الحدث. والسبب بسيط وهو أنه لم يقم أحد علي الاطلاق بطرد شعب البلاد. فالرومانيون لم يطردوا شعوبا "عقب احتلالهم". وما كان في إمكانهم القيام بذلك حتي لو رغبوا فيه. إذ لم تتوفر لديهم قطارات أو شاحنات من أجل ترحيل أو نفي شعوب أو مجموعات سكانية بأكملها".
ولو جاز إيجاز هذا الكتاب المهم في جملة واحدة لأمكن القول: يري ساند أن الحركة الصهيونية استفادت من ركام أبحاث مفبركة. من فكرة "الشعب اليهودي الواحد". بهدف اختلاق قومية جديدة وبهدف شحنها بغايات استعمار فلسطين. وبقليل من التفصيل: إن الرواية التاريخية القائلة إن "الشعب اليهودي" قائم منذ نزول التوراة في سيناء. وان الإسرائيليات والإسرائيليين من ذوي الأصل اليهودي هم ذراري ذلك الشعب. الذي "خرج" من مصر واحتل أرض إسرائيل واستوطن فيها لكونها "الأرض الموعودة" من طرف الرب. وأقام من ثم مملكتي داود وسليمان وبعد ذلك انقسم علي نفسه وانشأ ملكوت يهودا وملكوت إسرائيل. وإن هذا الشعب تشرد نحو ألفي عام في الدياسبورا "الشتات" بعد دمار الهيكل الثاني. ولكنه علي الرغم من ذلك لم يذب في الشعوب "الأغيار" التي عاش بين ظهرانيها. هي رواية غير موثوق فيها علي الاطلاق. بل إنها انتفت تماماً ولم يكن لها أي أنصار أو أي مريدين حتي نهاية القرن التاسع عشر. وفي ذلك الوقت فقط. نضجت الظروف التي أوجدت فرصة ذهبية نادرة استفاق فيها هذا الشائخ من غفوته الطويلة وأضحي في امكانه أن يعد العدة كي يستعيد صباه ويجدد عودته إلي "وطنه" القديم- الجديد.
وهذه الرؤية تنسف بالكامل سياسة نتنياهو وكل من لف لفه وتحدث ويتحدث عن "دولة الشعب اليهودي" التي اخترع لها مكان بين الأمم علي حساب شعب فلسطين وأرضه. أقول وأكتب هذا وأنا بريء -والحمدلله- من أي عداء لليهود. وهذا ما تزيده عمقاً قراءة هذا العمل الجاد.
هذا الكتاب بين مكتبة الأسرة والبريد:
قرأت هذا الكتاب استعارة من صديق. بعد أن احتجزت هيئة البريد دون حق أو مبرر نسخة واردة لي من دمشق منذ 25 أكتوبر الماضي. وهذه عملية سطو في وضح النهار لا يوجد لها أي سند من القانون إلا قانون العدوان والافتئات علي الحقوق.. التي يمكن أن يكون القضاء ساحة لاستردادها.
من ناحية أخري. إن هذا الكتاب يستحق أن ينشر في مكتبة الأسرة ليصل إلي أوسع دائرة من القراء.
لقد أتحفتنا المكتبة منذ أسابيع بكتاب مهم للعلامة ناعوم تشومسكي.. وكتاب "اختراع الشعب اليهودي" لا يقل أهمية. ونشره ليست فيه شبهة تطبيع. بأية حال من الأحوال. لأن حقوق النشر يمكن الحصول عليها من الناشر العربي. والشكر مقدماً للقائمين علي مكتبة الأسرة إن أقدموا علي هذه الخطوة. ولا عزاء للبريد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.