أدى تساقط الثلوج المستمر في الجزائر إلى عزل العديد من محافظاتها، كما تسبب في العديد من حوادث السير وحالات الاختناق بالغاز، وهي وضعية دفعت حركة النهضة المعارضة إلى شنّ هجوم على الحكومة، التي اتهمتها بالفاشلة، لعجزها عن احتواء الوضع وإنهاء معاناة المواطنين. ورغم الجهود المكثفة، التي تقوم بها فرق التدخل، إلا أنها لم تتمكن من احتواء الأزمة بشكل تام، بسبب نقص الوسائل، مثل كاسحات الثلوج، وهو ما خلق أزمة خانقة لغاز البوتان في العديد من المناطق. هذا الوضع انتقدته بشدة حركة النهضة المعارضة، في بيان لها, وصفت فيه الحكومة ب "الفاشلة" لعجزها عن احتواء الوضع، وإنهاء معاناة المواطنين. ورغم نشرات مصالح الأرصاد الجوية، التي أفادت بأن البلاد ستشهد منخفضًا جوياً قوياً، ترافقه كميات هائلة من الثلوج على المرتفعات، التي يزيد علوها على مائة متر، وهبوط درجة الحرارة إلى 10 تحت الصفر، إلا أن المصالح المعنية لم تستعد فيما يبدو بالشكل الكافي لمواجهة هذه الاضطرابات القوية. وحسب بيان صادر من خلية الإعلام للدرك الوطني، فإنه تم "إعلان حالة الطوارئ في31 ولاية/ محافظة داخل الأراضي الجزائرية، بعد تسبب الثلوج في غلق وتوقيف حركة المرور عبر 178 طريق وطني وولائي وبلدي، إلى جانب نقاط عبر الطريق السيار، ويتعلق الأمر بالمقطع الرابط بين الأخضرية في البويرة وبرج بوعريريج من الجهة الشرقية، وعلى مستوى خميس مليانة في عين الدفلى في الجهة الغربية. كما تسببت الثلوج في شلّ كل رحلات القطارات، من العاصمة الجزائرية نحو الشرق والغرب، في حين حاصرت الثلوج المئات من أصحاب المركبات الذين غامروا بالسفر". على مستوى النقل الجوي، أفاد السيد "ع، أرزقي" مدير العمليات الأرضية في شركة الخطوط الجوية الجزائرية أن "غالبية الرحلات الآتية بشكل خاص من دول أوروبية قد تم إلغاؤها، كما تم تحويل مسار بعض الرحلات الآتية من لندن وإيطاليا وبريطانيا وباريس نحو إسبانيا". هذه الثلوج المتراكمة منذ نحو أربعة أيام تسببت في تسجيل العديد من حوادث المرور والاختناقات بالغاز. وأعلنت الحماية المدنية في الجزائر الثلاثاء أن 25 شخصا لقوا حتفهم بسبب سوء الأحوال الجوية التي شهدتها مناطق شمال شرق ووسط البلاد منذ ثلاثة أيام. وقتل 15 شخصا اختناقا بغاز اوكسيد الكربون المنبعث من وسائل التدفئة بينما قضى عشرة أشخاص في حوادث سير متفرقة، بحسب المصدر نفسه. في سياق متصل، أشارت حصيلة للدرك الوطني إلى "تسجيل 48 حادث مرور، تسببت هذه الحوادث في وفاة 10 أشخاص وجرح 122". وفي مناطق أخرى متفرقة، وصل سمك الثلوج إلى أكثر من متر، مما استدعى الأمر تدخل وحدات الجيش الشعبي الوطني، على غرار ما حدث في ولاية بجايةوجيجل، وقد تكفلت وحدات الجيش بإيواء أشخاص عالقين، وفتح العديد من المسالك والطرق الوعرة. حول تداعيات هذه التطورات، تشير تقارير متطابقة أن هنالك معاناة كبيرة لسكان المناطق المعزولة، وقد تحولت الإذاعات المحلية إلى منابر استغاثة لمواطنين يطالبون بالتدخل العاجل لفك الحصار عنهم، وتزويدهم بالمؤونة، وخاصة غاز البوتان، الذي بات نادرًا في مراكز التوزيع، بسبب عمليات التخزين، التي يقوم بها المواطنون بشكل عام، ومربو الدواجن بشكل خاص، الأمر الذي تسبب في ارتفاع سعر القارورة الواحدة إلى نحو 700 دينار في بعض المناطق، في حين نجد أن سعرها الحقيقي لا يتجاوز 200 دينارًا جزائريًا، هذا إلى جانب انقطاع التيار الكهربائي الذي مسّ نحو 20 بلدية على المستوى الوطني. وحسب تصريح المدير العام لشركة توزيع الكهرباء والغاز للشرق لوكالة الأنباء الجزائرية، فإن "الانقطاعات في التيار الكهربائي شملت، منذ الخميس الماضي، مدنًا عدة في ولايات الشرق الجزائريكجيجل، وسطيف، وميلة، وبجاية، وسكيكدة". وأضاف بأن "إعادة التيار الكهربائي إلى الولايات المعنية انطلق بشكل تدريجي بداية من يوم أمس، مؤكدًا على أن فرق سونلغاز تعمل من دون توقف وحتى ساعة متأخرة من الليل، لتصليح الخلل، الذي شمل 20 بلدية، موزعة على خمس ولايات في شرق البلاد، عرفت انقطاعًا في التيار الكهربائي، بسبب الاضطرابات الجوية، موضحًا أن الفرق وجدت صعوبة في الوصول إلى هذه المناطق، بسبب الطرق المقطوعة بالثلوج، وهذا سيؤدي إلى تأخر نسبي في عودة التيار الكهربائي إلى بعض المناطق". أما في الوسط فقد حدثت الانقطاعات في ولايات عدة، مثل "المدية، والبليدة، وتيزي وزو، والبويرة، وبومرداس والعاصمة، هذه الأخيرة التي شهدت مدن عدة فيها انقطاعات متكررة". تداعيات هذه الاضطرابات الجوية مسّت أيضًا الدراسة، حيث أعلن العديد من مديريات التربية في مختلف مناطق الجزائر، مثل "جيجل، والمدية، وتيزي وزو وسطيف" عن تعليق الدراسة، وتأجيل الامتحانات، التي كانت مبرمجة خلال هذا الأسبوع، بالنسبة إلى الجامعات. وحذر الناشط الحقوقي فاروق قسنطيني رئيس اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان في الجزائر من "تداعيات موجة البرد القارس على صحة وسلامة مئات المشردين، الذين ليس لديهم مأوى"، وطالب "بضرورة إيجاد ملاجئ خاصة لهذه الفئة، مثل المدارس، التي تتوافر على وسائل التدفئة". وشدد قسنطيني على أن تدخل الدولة في هذا الجانب "يحول دون تسجيل حالات وفاة كبيرة لهذه الفئة"، مؤكدًا في الوقت نفسه أن هذا الأمر هو "واجب على الحكومة". من جانبها أصدرت حركة النهضة المعارضة بيانًا جاء فيه أن "الحكومة الجزائرية أثبتت مرة أخرى عجزها وفشلها في امتحان صنعته الأحوال الجوية، "وتؤكد الحركة في بيانها أنه "في الوقت الذي كانت تعلم فيه بحدوث التقلبات الجوية، لم تتخذ أدنى الإجراءات لضمان الحد الأدنى من الخدمات، ورفع المعاناة عن المواطن، وتمكينه من حقوقه الدنيا في التمتع بقارورة غاز، وتوفير المؤونة، وفتح الطرقات الوطنية الرئيسة، ناهيك عن المسالك الداخلية والمحلية". وحسب ما جاء في البيان، ف "المواطنون وأسرهم وأطفالهم شاهدوا في الطريق الوطني السيار شرق غرب معاناة حقيقية في وسط الثلوج المتساقطة والمتراكمة في طوابير ولساعات طويلة ابتداء من بداية الليلة الماضية من دون أثر لكاسحات الثلوج وفرق الإنقاذ وتقديم الإسعافات الأولية، باستثناء شاحنة واحدة للحماية المدنية، لا تمتلك أدنى الوسائل للتعامل مع الثلوج المتساقطة". وتضيف "كما سجلت الحركة الطوابير طويلة للحصول على قارورة الغاز ونفادها في غالبية المناطق، بما فيها العاصمة، مما يثبت أن سياسة تغطية المواطن وتموينه بالغاز الطبيعي مجرد دعايات إعلامية في بلد مصدر للغاز الطبيعي إلى الخارج، ويضاف إلى هذا توقف شبكات الاتصال وتذبذبها بالنسبة إلى مختلف المتعاملين، وهو ما يطرح تساؤل حول جدية الخدمات، التي تقدم إلى المواطن من قبل المتعاملين مع مختلف الشبكات، وغياب الرقابة وحماية حقوق المواطن، وهو ما يعني ضعف تكفل المواطن وإسعافهم وتقديم المساعدات اللازمة في هده الظروف المناخية الطبيعية". بالمناسبة حيّت الحركة "تضامن الجزائريين في ما بينهم، ومد يد العون إلى من انقطعت بهم السبل، "لكنها في المقابل "تدعو رئيس الجمهورية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لتخفيف معاناة المواطنين، بسبب التقلبات المناخية، وخاصة في القرى والأماكن المعزولة، وتجنيد فرق للإنقاذ والتكفل لمن انقطعت بهم السبل في مختلف الطرق الوطنية والمسالك الداخلية".