احتفى الإعلام المصري مؤخرا بتوجيه عبدالفتاح السيسي، رئيس النظام، بإجراء تحليل مخدرات لكل العاملين بالدولة وفصل من يثبت تعاطيه المخدرات، ضمن مساعي النظام لتحميل حادث قطار رمسيس لسائق الجرار. وعلى الفور، بدأت أجهزة الدولة تحركات واسعة للكشف عن المتعاطين، منها ما قام به مجلس الوزراء قبل أيام، بمناقشة تعديلات تشريعية لتشديد عقوبة التعاطي وتطبيقها على جميع العاملين بالدولة وكذلك الإجراءات التى اتخذتها وزارة التضامن بتكثيف حملات الكشف عن المتعاطين وبالإضافة إلى إعلان وزارة الأوقاف عن إنهاء خدمة من يثبت تعاطيه المخدرات .
البرلمان يستجيب للسيسي
مجلس النواب بدوره تلقف توجيه السيسي، وتقدمت النائبة منى منير، عضو مجلس النواب، بأول قانون بشأن فصل الموظف العام حال ثبوت تعاطيه المخدرات، وأوضحت أنها أجرت تعديلات تضاف إلى المادة 69 من القانون بند "11". وينص التعديل المقترح على الآتي: "تنتهي خدمة الموظف لأحد الأسباب الآتية: من ثبت تعاطيه للمخدرات بكافة أنواعها والمثبتة بقرارات وزارة الصحة، بناءً على كشف طبي يحدد تفصيلا باللائحة التنفيذية". وأضافت: "أصبح تحليل المخدرات معممًا داخل القطاع الإداري للدولة وذلك تطبيقا لنص المادة 177 من اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية، والتي نصت على إجراء التحليل الطبية الخاصة بكشف متعاطي ومدمني المخدرات من موظفي الجهاز الإداري للدولة. وانتقدت عدم تطرق القانون لنقطة تعاطي الموظف العام للمخدرات، وإنما فقط اكتفى بالفصل نتاج إدمان الموظف، ولم يتعرض لحال الموظف المتعاطي والذي لم يصل إلى درجة الإدمان. وأشارت منير إلى أن الصيغة الحالية لقانون الخدمة المدنية جعلت عقوبة إنهاء خدمة الموظف قاصرة على من يثبت عدم لياقته الصحية لإدمانه المخدرات من قبل المجلس الطبي، لكنها لم تتطرق إلى الدرجات المختلفة من تعاطي المخدرات والتي قد لا تصل إلى حد الإدمان. وتابعت: "كما أن الموظف المسئول عن أرواح المواطنين، ولا بد أن يكون على درجة عاليه من التزام وعدم الانسياق رواء المخدرات التي تعاطيها ممكن يؤدي إلى كوارث، مثل ما حدث في قطار محطة مصر". وقالت إن هذا القانون يعمل على تطهير قطاع الدولة من السلبيات والمشاكل التي تعتريه والتي يسببها في العادة من يتعاطى المخدرات، ويدمنها لأنه يكون إنسان غير سوي ويوجد لديه مشاكل تتعلق بالانضباط وإنهاء العمل على النحو المطلوب هذا علاوة على ضعف وقلة الإنتاج. واستكملت: وجود إجراءات تنفيذية واضحة للتعامل الرادع مع متعاطي المخدرات في الجهاز الحكومي، يعمل على الحفاظ على المواطنين ومنع تكرار الأخطاء الفردية التي تؤذي الكثير. وأردفت عضو البرلمان أن فئة كبيرة من المواطنين يتعاملون مع المواد المخدرة على أنها ماد منبهة، وعلى غرار ذلك نرى حوادث كارثية تؤدي بهلاك أشخاص ليس لهم أي ذنب، خاصة من يعتمدون على الترامادول والاستروكس. وشددت على وضع إجراءات تنفيذية واضحة للتعامل الرادع مع متعاطي المخدرات في الجهاز الحكومي، منعا لتكرار الخطأ الفردي الذي حدث في حادث قطار محطة رمسيس، وتسبب في حالة حزن عند جميع المصريين. وشددت على ضرورة ألا تأخذنا الشفقة والرحمة بأي شخص داخل مؤسسات الدولة يثبُت تعاطيه للمخدرات أيًّا كان نوعها، بعد إجراء الفحوصات والتحاليل اللازمة لكشف تعاطي المواد المخدرة على العاملين بالوزارات المختلفة، والمضي فورا في اتخاذ إجراءات الفصل. وأضافت: كم من حوادث تحدث نتاج أن الموظف العام يتعاطي المخدرات، ويزهق الأرواح نتاج رعونته وعدم اكتراثه بأروح المواطنين؟ فأقل عقاب له هو الفصل من الخدمة، وهذا هو هدف مشروع القانون المقدم.
رجال الجيش والشرطة والقضاء
من اهم الأسباب التي جعلت الإعلام يحتفي بتوجيه السيسي بإجراء تحليل مخدرات للعاملين بالدولة، هو أن من يتعاطى المخدرات سيكون أداوه الوظيفي محدود جدا، وقد يتسبب في كوارث كبرى، مثل حادث قطار محطة مصر. لا جدال في هذا السبب بالطبع، لكن، السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل ينطبق ذلك السبب على جميع العاملين بالدولة؟ وهل يتم إجراء تحليل المخدرات لكل العاملين بالدولة؟ وخاصة الجهزة التي تتطلب انتباها وتركيزا شديدا، وعلى رأسها المؤسسات العسكرية والشرطية والقضائية؟ هل سيخضع رجال الجيش والشرطة والقضاء إلى إجراء تحليل المخدرات؟ وهل سيتم فصل كل من يثبت تعاطيه المخدرات من رجال هذه المؤسسات؟ وإذا كانت المخدرات تؤثر على تركيز وانتباه موظف أرشيف أو كاتب في وزارة أو عامل في مصنع أو مدرس في مدرسة، فهل لا تملك ذات التأثير على رجال الجيش والشرطة والقضاء؟ ومن الأجدر بأن يكون في قمة انتباهه وتركيزه؟ كاتب وموظف في وزارة أو جهاز إداري؟ أم ضابط جيش أو شرطة أو رجل قضاء؟ فالأول والثاني منوط بهما حمياة الأمن في مصر في ظل ما يردده السيسي ليل نهار عن ألإرهاب ومخاطره، والثالث مهمته هي الحكم بين بالعدل، ما قد يجعله يكون سببا في إنهاء حياة إنسان، فمن الأولى بالتركيز؟ فهل سيخضع هؤلاء إلى تحليل المخدرات؟ وفي حالة ثبت تعاطي ضابط جيش أو ضابط شرطة أو رجل قضاء للمخدرات، هل سيتم فصله؟ أم أن القانون في مصر مفصل على مقاس أشخاص بيعنهم؟