في واحدة من أكثر القضايا الجنائية إثارة للجدل في السنوات الأخيرة، أمرت النيابة العامة بإحالة المحامي "ن.ا"، المعروف إعلاميًا ب "سفاح المعمورة"، إلى محكمة الجنايات المختصة محبوسًا، وذلك بعد سلسلة من التحقيقات كشفت تورطه في ثلاث جرائم قتل عمد مع سبق الإصرار، إلى جانب الخطف والسرقة وإخفاء الجثث داخل شقق مستأجرة في الإسكندرية. وكشفت التحقيقات عن أسلوب إجرامي معقد انتهجه المتهم، حيث استدرج ضحاياه تحت مظلة العلاقات المهنية والصداقات، قبل أن يُقدم على قتلهم لأسباب تتراوح بين التخلص منهم خشية افتضاح أمره أو الاستيلاء على ممتلكاتهم. القضية التي سبق الكشف عنها بلاغات عن اختفاء أشخاص تحولت إلى لغز جنائي متشابك، لتتكشف تفاصيلها تدريجيًا حتى اللحظة الفاصلة بإحالته للمحاكمة، ويرصد مصراوي في التقرير التالي القصة الكاملة في تسلسل زمني. البداية.. أصوات عالية تكشف أول جريمة في مساء ليلة شتوية مطلع فبراير الماضي، سمع سكان شارع مدرسة مي زيادة بمنطقة المعمورة البلد أصوات مشاحنات وأصوات عالية من إحدى الشقق، حيث يقيم المستأجر الجديد، المحامي "ن.ا"، منذ عدة أشهر. وبحسب أقوال نجل مالك المنزل، سمع يوم الواقعة أصوات عالية وصراخ مصدرها شقة الطابق الأرضي التي يستأجرها "ن.أ" محامي في العقد الخامس من العمر منذ شهر أكتوبر الماضي وأضاف المذكور أنه نزل على الفور لمعرفة سبب الصراخ فوجد المحامي رفقته رجلين وسيدتين وتظهر عليهم علامات القلق والارتباك فطلب منه إخلاء الشقة ومغادرتها فورًا. وتبين أن إحدى السيدات رفقة المتهم انتاباها الفضول تجاه غرفة حذرها المتهم من فتحها لتفاجئ بوجود جثة مدفونة بأرضية الشقة ما أثار لديها حالة من الرعب ودفعها للصراخ. وأضاف نجل مالك العقار أنه طلب من المتهم فتح الغرفة المغلقة إلا أن المتهم تهرّب مدعيًا أن المفتاح ضاع، لكن مع ضغط الجيران تم كسر باب الغرفة المغلقة، ليُكشف عن مشهد مروع، حفرة في أرضية الغرفة، البلاط مخلوع، وجثتان مدفونتان تحتها. عقب ذلك تم إبلاغ قسم شرطة المنتزه ثان، وانتقلت قوة أمنية إلى الموقع، حيث تم استخراج الجثتين، ليبدأ فصل جديد في التحقيقات. المفاجأة الثانية.. جثة ثالثة في شقة أخرى مع انتشار أخبار اكتشاف الجريمة، بدأ سكان منطقة العصافرة بالإبلاغ عن معلومات جديدة، مؤكدين أن المتهم كان يسكن شقة أخرى في شارع 7، متفرع من شارع 45، لكنه غادرها فجأة قبل سنوات ولكنه مستمر في سداد قيمة إيجارها. وبالفحص والتفتيش داخل تلك الشقة، كانت الصدمة الثانية، حيث عثرت قوات الشرطة والبحث الجنائي على جثة ثالثة لرجل مدفونة في أرضية الغرفة، بحالة تحلل شديد داخل كيسين بلاستيكيين. تحليل DNA يكشف عن هويات الضحايا بعد استخراج الجثث الثلاثة، قررت النيابة العامة إحالتها إلى الطب الشرعي لإجراء تحليل البصمة الوراثية، وجاءت نتائج تحليل DNA إيجابية، مؤكدة أن الجثتين في شقة المعمورة تعودان إلى تركية عبد العزيز (موكلة المتهم) و جثة أخرى لزوجته بعقد عرفي. بينما تبين أن الجثة الثالثة التي عُثر عليها في شقة العصافرة تعود إلى المهندس محمد إبراهيم، الذي كانت أسرته قد أبلغت عن اختفائه قبل ثلاث سنوات، وكان موكلا لدى المتهم. إعادة تمثيل الجرائم.. كيف نفذ المتهم خطته؟ مع تطور الأحداث أُحضر المتهم من محبسه إلى مواقع ارتكاب الجرائم لإعادة تمثيل الوقائع، وسط إجراءات أمنية مشددة ومتابعة دقيقة من جهات التحقيق. بهدوء لافت ودون أي انفعال، سرد المتهم كيف قتل زوجته خنقًا داخل شقة المعمورة، بعد أن واجهته بشكوكها حول سلوكه، وأفاد في الواقعة الثانية كيف استدرج موكلته تركية عبد العزيز، مستغلًا حاجتها للمساعدة القانونية، ثم قتلها بطعنة نافذة في البطن بعد أن استولى على أموالها ومدخراتها. أما الجريمة الثالثة، فقد كشف أنه نقل المهندس محمد إبراهيم داخل صندوق خشبي قبل دفنه في شقته السابقة بالعصافرة، في محاولة لإخفاء أي أثر للجريمة، فيما تم مضاهاة اعترافات المتهم مع نتائج المعاينات الجنائية، وتبين تطابقها مع الأدلة المادية. تورط 5 متهمين آخرين.. هل كان هناك شركاء للمتهم؟ كشفت التحقيقات عن وجود خمسة أشخاص آخرين، بينهم ثلاث سيدات ورجلان مشتبه في تورطهم في القضية، حيث أظهرت التحريات وجود علاقات بين هؤلاء المتهمين والضحايا، مما أثار شبهات حول مشاركتهم في الجرائم أو على الأقل التستر عليها. كما كشفت التحقيقات عن تورط بعضهم في سحب أموال الضحايا بعد وفاتهم والتصرف بممتلكاتهم دون أي سند قانوني، وقررت الجهات المختصة توسيع التحقيقات لمعرفة مدى تورطهم في تنفيذ عمليات القتل أو تسهيلها. إحالة المتهم إلى الجنايات.. بداية المحاكمة بعد جمع الأدلة والتأكد من تورط المتهم الرئيسي في جرائم القتل والخطف والسرقة، قررت النيابة العامة إحالته محبوسًا إلى محكمة الجنايات المختصة، حيث يواجه عقوبات قد تصل إلى الإعدام. وجاء في بيان رسمي للنيابة العامة أنه تقرر إحالة متهم، يبلغ من العمر 52 سنة، ويعمل محاميًا، المعروف إعلاميًا ب «سفاح المعمورة»، محبوسًا، إلى محكمة الجنايات المختصة، لاتهامه بارتكاب واقعتي قتل عمد مع سبق الإصرار، مقترنتين بجنايتي خطف بطريقي التحايل والإكراه، وذلك بقصد تسهيل ارتكاب واقعتي سرقة، فضلا عن ارتكابه واقعة قتل زوجته المجني عليها عمدا مع سبق الإصرار. وأسفرت تحقيقات النيابة العامة - وفقا لإقرار المتهم، وتحريات جهات البحث الجنائي، وتقارير الصفة التشريحية عن صحة ارتكابه لواقعة خطف موكله المجني عليه الأول، بطريقي التحايل والإكراه، وقتله عمدا مع سبق الإصرار باستخدام سكين، وذلك بقصد تسهيل سرقة بعض المنقولات والمبالغ المالية التي كانت بحوزته، نظرا لمروره بضائقة مالية. كما كشفت التحقيقات عن قيام المتهم بقتل زوجته المجني عليها الثانية خنقًا، خشية افتضاح أمره، إثر تكرارها مواجهته بشأن شكوكها حول سلوكه، بينما أقدم على خطف موكلته المجني عليها الثالثة بطريقي التحايل والإكراه، وذلك على إثر خلافات متعلقة بالعمل بينهما، ومن ثم قتلها عمدا مع سبق الإصرار باستخدام سكين، وبقصد تسهيل سرقة بعض المنقولات والمبالغ المالية التي كانت بحوزتها. وقد أسفرت معاينة النيابة العامة عن قيام المتهم بإخفاء جثمان المجني عليه الأول، بدفنه داخل إحدى غرف مسكنه المستأجر، فضلا عن إخفائه جثماني زوجته والمجني عليها الثالثة بدفنهما في مسكن آخر قام باستئجاره لهذا الغرض. اقرأ أيضًا: سفاح المعمورة" يمثل جريمته في الإسكندرية تفتيش شقة أخرى ل "سفاح المعمورة" بالإسكندرية.. وتجديد حبسه 15 يومًا| صور